اخترت لكم قصة زواج فاطمة وعلي... نموذجا افتقدناه في عاداتنا....
فجأةً تغير الحال، فقد جاءت عائشة إلى بيت النبي (ص) وحصل محمد (ص)، لأول مرة في عمره، وآخر مرة، على زوجة شابة تطفح بالحماس واللهفة للحياة الجديدة.
وتشعر فاطمة، بالتدريج، بأن هذه الزوجة الشابة، ستكون خليفةً لخديجة، وخليفةً لها، لا في قلب أبيها، ولكن -بلا ريب- في بيته.
ويشعر علي أيضاً، بوصول اللحظة التي قررها له القدر. ولكنه لا يملك شيئاً.
فالصبي الذي ترعرع صغيراً في بيت محمد، وأمضى كل شبابه في طريق الجهاد والعقيدة، ولم يجد فرصة لإدخار شيء ما، أو الحصول على شيء ما. هذا الفتى، لا يملك من دنياه شيئاً سوى التضحيات التي بذلها في سبيل محمد (ص) وإيمان محمد (ص). رأسمال؟ كلا! بل حتى أثاث بيت متوسط. أثاث حياة فقيرة. لا شيء.
ولكننا نراه، رغم ذلك، يُقبل نحو النبي (ص) ويجلس إلى جانبه، خافضاً رأسه، يتحدث بخجل وحياءٍ جميل.
- ماذا وراءك يا ابن أبي طالب؟
يذكر اسم فاطمة، بلحن ناعم، لطيف، هادىء من فرط الحياء.
يجيب النبي (ص) مرحباً وأهلاً.
ثم يسأله غداً في المسجد:
- هل تملك شيئاً؟
- لا شيء يا رسول الله.
- أين الدرع الذي أعطيتكه في بدر؟
- هو عندي، يا رسول الله!
- يكفي، هاته!
أسرع علي، وجاء بالدرع إلى النبي (ص)، فأمره ببيعه في السوق، وتأسيس حياة جديدة بثمنه.
اشترى عثمان الدرع بسبعة وأربعين درهماً...
ثم دعا النبي أصحابه وقرأ صيغة العقد: "فاطمة بنت النبي، بأربعمئة مثقالٍ من الفضة...".
ثم دعا لهما بالذرية الصالحة، عندها جاءوا بأطباق التمر، وكان هذا هو حفل الزفاف، أما جهاز فاطمة فهو:
رحى صغيرة، إناء خشبي، فراش.
وفي غرة محرم الحرام، في العام الثاني للهجرة، عثر علي على بيت خارج المدينة، جنب مسجد قبا، وأخذ الزهراء إليه.
الحمزة، عم النبي وعلي، سيد الشهداء، وبطل المجاهدين العظيم، ذبح ناقتين، ودعا كل أهل المدينة.
طلب النبي (ص) من أم سلمة مرافقة العروس حتى بيت زوجها، ثم أذّن بلال لصلاة العشاء، وذهب النبي (ص) بعد صلاة العشاء إلى بيت علي (ع)، طلب وعاء ماءٍ، وبينما كان يقرأ عليه آيات من القرآن، أمر العروسين بالشرب منه، ثم توضأ هو به، ورش على رأسيهما منه. أراد أن يعود فبكت فاطمة بشدة، إنها تفارق أباها لأول مرة.
هدأها النبي قائلاً:
- لقد أوكلتك لأقوى الناس إيماناً وأكثرهم علماً وأفضلهم أخلاقاً وأسماهم روحاً.
،
الدكتور علي شريعتي.