محمود البقلوطي
قراءة نقدية في قصيدة الشاعرة السورية
تغريد عارف إبراهيم
انت من احب
الحب هو اللمسة المعبّرة في لحظة شوق .. الحب يعلمنا كيف نحيا، وكيف نتنفس وكيف نتجدد أمام وهج عينيه... الحب هو شروق الشمس وهي تدق باب القلب و هو إشتعال قناديل الليل لتضيء درب المُحب ..الحب من دون ألم وارق وقلق حالة باهتة لا حب فيها.. الحب نار سحرية لا رماد لها وهو يعبر عن جمال تلك الروح التي تحيط بنا حرصاً وشغفاً واهتماماً.
.... القراءة....
كلمات تناجي الروح ودواخل الذات لتستحضر الحنين وتقف على مسافات الغياب لحبيب ساكن شغاف القلب ولحاف الوجدان (انت من احب) تلامس الذكريات لتعبر عن عذابات الروح والقلب من فعل البعد والغياب اللذان يشعلان الحنين والاشتياق..
قصيدة وجدانية يملاها وجع بعد الحبيب تتحدث عنه في متن القصيدة لتستحضر طيفه والذكريات. فقد كان يملأ حياتها كلها.
نسافر الان في تفاصيل القصيدة ونبدأ بعتبة العنوان (انت من أحب)
العنوان جلي في معناه ودلالاته مركب من "انت " ضمير المخاطبة و
"من" اسم موصول يرمز للانسان الذي أحبت وهذا يتضح ويتاكد بفعل مضارع"أحب" يدل على أن الحب متواصل في الزمن الاني والمستقبلي....
تبدا الشاعرة قصيدتها باسم إشارة "هناك.. " حيث ترقد.. لتحيلنا الشاعرة على أن الحبيب بعيد عنها وتردف المقطع الأول من القصيدة باستعمال حرف" قد" عدة مرات مصحوبا بافعال مضارع ( قد يكون المكان دافئا.. قد يتقن الياسمين... قد تفرح وقد تضحك، قد تعتقد انك تحررت.. قد تكون جالسا تدخن.. وانت تعيد ذكرياتك اوتجبر نفسك على نسيانها
قد تصبح اميرا.....)
كل هذه الجمل المصحوبة ب قد تدل على الشك وغياب اليقين عند الشاعرة وهذا مفهوم لان هذا الحبيب بعيد عنها ولم تراه وتحدثه منذ فترة طويلة فهي لا تعرف منحي تفكيره والحوالات التي طرات على مشاعره وواحاسيسه.
واذا الشاعرة تستدرك باستعمالها
"لكن.. عندما..
مخاطبة هذا الحبيب البعيد لتنبهه
" عندما يشتكي الشتاء الى زجاج النافذة ستكتشف انك وحيد.. "
وتواصل في خطابها مستعملة كلمة ربما عدة مرات مرفوقة بافعال قام بها وممكن ان يقوم بافعال اخري يسنحصر فيها بعض الذكريات فتتعمق وحدته..
واذا بالشاعرة تذكره وتعود للحديت عن نفسها( ربما احاول احيانا عدم السباح في البحر أشتهي الغرق فبه) ولكنها تجاوزت. هذه" الربما" لتحسم أمرها فتقول
"لكنني الآن.. برغم هدوبي.. ورغم الشتاء.. ورغم احتراق... ورغم انكسار.... ورغم البكاء.. أقول لك...
انت من أحب
انت من أحب."
نستطيع في الأخير ان القصيدة تحمل نوع من التيه والشك عند الشاعرة في مشاعر هذا الحبيب البعيد رغم انها أعلنت عن حبها له بكل جراة ووضوح انت من أحب
وهذا ما جعلها تكثر من حرف" قد" وم صيغة" ربما" وهذا ممكن ان يفتح باب السؤال للمتلقي... هل هو حب من جانب واحد؟؟
قصيدة رغم ما تحمله من تيه َضياع وشك كلماتها رقراقة شفيفة فاحت معانيها ودلالاتها في متن قوافيها المكتضة بنور الحب والشوق والحنين. لحبيب حاضر غائب.
دام نورك وبهاء حضورك الإبداعي الجميل المائز والمتميز الشاعرة تغريد عارف إبراهيم.
القصيدة
أَنْتِ مِنْ أَحَبّ "
هُنَاكَ ...
حَيْثُ تَرْقُد
قَدْ يَكُونُ الْمَكَانُ دَافِئا
قَدْ يُتْقِنْ الْيَاسَمِين كُلُّ اللُّغَاتِ
قَدْ تَفْرَح...وَقَدْ تَضْحَك
قَدْ تَعْتَقِدُ أَنَّك تَحَرَّرَتْ ..
قَدْ تَكُونُ جَالِسًا تَدْخُن سَيَجِارَتِك
وَأَنْتَ تُعِيد ذِكْرَيَاتِك ....
أَوْ تُجْبَرُ نَفْسَك عَلَى نِسْيَانِهَا
قَدْ تُصْبِحُ أَمِيرًا...
سَيِّدًا....مِلْكًا
لَكِنْ...
عِنْدَمَا ...
يَشْتَكِي الشِّتَاءِالي زُجَاجٍ النَّافِذَة
سَتَكُتشف إِنَّكَ وَحِيد.....
هُنَاك
قَرُب سُرَيْرك
الَّذِي رَغِبْت بِكَسْرِه يَوْمًا
رُبَّمَا تَتَنَاوَل فِنْجَان قَهْوَتك السَّادَة...
وَتَرَدَّد أَغْنَيْتُك الْمُفَضَّلَة...
رُبَّمَا تَعْبَثْ بِحَبَّات الْمُسَبِّحَة
وَأَوْرَاقِك الْمُبَعْثِرَة ...
وَزُهَوري الَّذِابِلُه
رُبَّمَا أَيُّهَا الشَّرْقِىّ الْمَشَاعِر وَالتَّفْكِير
تُضْطَرَّ إِلَى النَّوْمِ بِدُون جُفُون
رُبَّمَا....
تَقْرَأ كَلِمَاتِي
عَلَى ضَوْءِ الشُّمُوع
رُبَّمَا تَلْبَسْ كُلُّ كَلِمَةٍ ...أَنْفَاسَا كَانَفَاسِيّ
وَأَصَابِعِ كَأَصَابِعِيّ...وَثِيَابُ كَثِيابي ...
وَخَصَّلات شِعْرُ ..كَشِعْرِي...
وَتُصْبِح رَجُلًا...
رُبَّمَا....
كُرِّرَتْ لَك
كَرَرْت لَك كَثِيرًا
كَلِمَات بِدُون مَعْنَى
وَكَلِمَات بِأَلْف مَعْنَى
رُبَّمَا...
أُحَاوِل أَحْيَانًا
عَدَم السِّبَاحَةِ فِي بَحْر
اشْتَهَى الْغَرَق فِيه...
لَكِنَّنِي الْان...
بِرَغْم هُدُويي....
وَرَغْمَ الشِّتَاء...
وَرَغْم احْتِرَاقِيّ...
وَرَغْمَ انْكِسَارِى....
وَرَغْمَ الْبُكَاء..
أَقُول لَكَ.....
أَنْتَ مِنْ أَحَبِّ
أَنْتَ مِنْ أَحَبِّ
تغريد عارف إبراهيم Taghreed Aref Ibrahim
Voir la traduction
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق