الاثنين، 20 مايو 2024

حكاوي القهاوي يحكيها لكم : د/علوي القاضي

 ٠ (#)٠ {حكاوي القهاوي} ٠ (#) ٠ (1)

أحكيها لكم : د/علوي القاضي.
... ( القهوة عالم بحاله قايم ، فيه اللي قاعد جنب اللي هايم ، وفيه تلاهي ، وفيه عبر ، وفيه تلاقي كل البشر ، وإن كنت ناوي ، وإن كنت غاوي ، تشوف وتسمع ع القهاوي ، قرب ، وجرب ، ولوحكاية من حكاوي القهاوي )
... كلمات لاتنسي لبرنامج ( حكاوي القهاوي ) ، مازال رنينها يتردد في آذاننا ، تلك الكلمات التي يعقبها التتر المميز ، الذي كان يذاع في شهر رمضان أول التسعينات ويذكرنا بأيام الدفء والسكينة
... والقهاوي تعتبر منتدي متعدد الأنشطة للمرتادين ولكل منهم مأرب ، وتضم القاهرة العديد من المقاهي التاريخية ، التي صنعت التاريخ ، وخلدها الأدباء في كتاباتهم ، كما فعل نجيب محفوظ مع الحرافيش ، وبينهم مقاهي فرضت نفسها في ظروف تاريخية ، كما حدث مع مقهى ( متاتيا ) ، التي خرج منها أول شرارة لثورة 1919 ، كما كانت نواة لنشر العلم والأدب ، بفضل روادها ، هذا المقهى الذي ضمت مجالسه ( رواد ) في كل المجالات ، مثل سعد باشا زغلول ، جمال الدين الأفغاني ، عبد الله النديم ، محمود سامي البارودي ، والشيخ محمد عبده ، وأمير الشعراء أحمد شوقي ، والشاعر حافظ إبراهيم ، وعباس محمود العقاد ، وغيرهم من رواد الأدب العربي ، وتعد قهوة ( متاتيا ) أشهر أحد المقاهي في القاهرة ، مع مقهي ( الشيشة ) ، ومقهي ( التجارة ) ، ومقهى ( الكتبخانة ) ، ويعود الإسم نسبة للمهندس الإيطالي ( متاتيا ) ، فالمقهى كان أسفل عمارة المهندس الإيطالي ( متاتيا ) أشهر معالم ميدان العتبة ، تحول المقهى بعد ذلك لمكان أدباء وزعماء ومشاهير من المصريين والبلدان العربية ، واتخذوا منه مكانا يلتقون فيه بأصدقائهم ، ويمارسون أنشطتهم الثقافية والتنويرية
... وارتبط اسم مقهى ( متاتيا ) باسم المناضل والمصلح الكبير جمال الدين الأفغاني وسعد باشا زغلول فكان تجمعًا هامًا لمناقشة العديد من القضايا فى الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية المصرية
... وتعتبر المقاهي من الأماكن الرئيسية في القاهرة والتي يقصدها أفراد كل الطبقات والتجار ، وتزدحم بهم خاصة في الأعياد الدينية
... وترتبط المقاهى فى أذهان المصريين بالعديد من الذكريات ، لما لها من روح وطابع خاص لدى أهلها ، وتنوع مرتادوها ، وتعتبر ( ذاكرة للوطن ) لأنها شاهدة على أحداث سياسية وثقافية واجتماعية هامة فى تاريخ البلاد
... والمقاهي قديما تختلف عن اليوم ، حيث أنها كانت مخصصة لرواية قصص السيرة الشعبية والملاحم ، من أمثال قصص ( أبي زيد الهلالي ) و ( الأميرة ذات الهمة ) و ( الظاهر بيبرس ) ، وكانت تقدم بها مشروبات ك ( القرفة والكركديه والحلبة والزنجبيل ) ، إلى أن أضيفت إليها القهوة
... وكانت للمشايخ وطلبة الأزهر مقاهيهم الخاصة في حي الحسين وأشهرها ( قهوة شعبان ) وكان من زبائنها المطرب محمد الكحلاوي
... بينما كان للمجاذيب والصعاليك وأرباب الطرق الصوفية مقاهى خاصة بهم ، وكان من أشهرها مقهى ( على نيابة )
... وظلت المقاهي مقر للأدباء قديما ، وملجأ للشباب حديثا ، وهي ليست مجرد ملتقى شعبي في أي منطقة ، بل إن روح المكان واختلاف طوائف الجالسين ، يجعل منها مكانًا مختلفًا عن غيره ، حيث أن أغلب المقاهي كانت مفضلة لدى المثقفين والأدباء والشباب
... قهوة ( ريش ) تعد أهم مقاهي المثقفين والأدباء في مصر ، منذ 1908، وكانت مقصدا لكبار الكتاب والفنانين والصحفيين ، وكان يتم إعداد جلسات نجيب محفوظ الأدبية مع ندوات العقاد ، وتوفيق الحكيم ، وتتزين حوائط المكان حتى الآن بصور هؤلاء المشاهير
... قهوة ( زهرة البستان ) كانت ملتقى الأدباء حتى أن المكان ظل مكتوب عليه ( ملتقى الأدباء والفنانين ) وكان نجيب محفوظ قديمًا يعقد ندواته هناك
... مقهى ( الحرية ) إشتهرت بصور البيرة ، والديكور العتيق المميز ، إذأنها تسمح بشربها في أماكن خاصة بداخلها ، وكان يتردد عليها الضباط الأحرار ، والفنان أحمد رمزي ورشدي أباظة وشكري سرحان
... قهوة ( التكعيبة ) يرتادها فئة خاصة من الكتاب والمخرجين والفنانين التشكيليين ، نظرا لوقوعها بين قاعات الفن التشكيلي
... قهوة ( غزال ) أحد أقدم المقاهي الشعبية ، منذ أكثر من 40 عامًا ، وتجذب الصحفيين والمحامين نظرًا لقربها من نقابتيهما ، وصاحبها ( عم غزال الناصري ) ، وكان يشتهر بنشاطه السياسي
... قهوة ( السد ) روادها أكثرهم من موظفين أومحامين ، نظرًا لقربه من دار القضاء العالي
... قهاوي ( الألفي ) وهي تشبه ( مقاهي البورصة ) بشارع الألفي بعد تطويره
... ومن الثابت أن مقاهي مصر التاريخية قبل تقديم ( الشاي ) و ( المذياع ) و ( مصارعة الديوك ) و ( رواة السير الشعبية ) كانت جدران وأعمدة فقط ، تضمّ داخلها زبائن يتسامرون متجاذبين أطراف الحديث ، ويترامون بالكلمات والنكات التي تشرح صدورهم ، وتعكس سعادة ممتزجة بحزن وتجهّم يعيشوها بحياتهم ، تلك الجدران خير شاهدًا على أزمنة وعصور مرّت بها مصر
... ومن المقاهي المثيرة للجدل قهوة ( الحرامية ) بالمنيا ، والسبب أن بعض الحرامية كانوا يجلسون على هذه المقهى لمراقبة الضحية قبل سرقته
... وانتشرت مقاهي علي غرار قهوة الحراميه مثل قهوة ( الخباصين ) وقهوة ( شهود الزور ) وقهوة ( بعرة ) وكانت قهوة شهود الزور دائما أمام المحاكم والتي يرتادها شهود الزور لتأجيرهم من قبل المحامين
... و ( القهوة البلدي ) التي كانت منتشرة بالأرياف ولها طابع خاص من الشكل والنشاط والمرتادون ، ويصطدم الزائر أول الأمر برائحة ( القهوة ) ، وأدخنة ( النرجيلة ) وهي( الشيشة ) الٱن ، وتتراص داخل الحجرة الصغيرة المطلة على الشارع وتكسو أرضها الحصير ، ومقاعدها الخشبية العتيقة ( الدكة )
... واعتبرت المقاهي مأوي للكثيرين مثل الباعة الجائلين والهاربين من القانون والصبية أنفسهم كانوا يبيتون فيها ، ومصدر الترفيه في حياتهم ، ولأهميتها أخذت أعدادها تتزايد إلى أن إكتظت بها شوارع مصر ، ووصلت أعدادها إلى ألٱلاف ، وتزدحم بالمرتادين في أوقات الظهيرة والمساء ، أما زبائنها الدائمين فهم البسطاء والتجار
... وقبل أن تحمل المقاهي اسم شراب ( القهوة ) قبل دخول القهوة إلى مِصر كانت تقدّم المشروبات مثل ( الحلبة والزنجبيل والقرفة والكركديه ) والدخان لم يكن معروفا ، وكانت تستوعب الرجال للقضاء على مشاعر الوحدة وعقد الصفقات وغيرها
... مقهى ( نوبار ) كان ملجأ للفنانين ، الفنان عبده الحامولي ، كان يقض أغلب أوقاته هناك ، ويستمتع بلقاء أصدقائه ، وظل المكان مقرّ للإبداع والترفيه
... مقهى ( السنترال ) ، كان يُعرَف باسم ( كازينو الأوبرا ) ، واشتُهر بندواته الأدبية ، التي كان يُدُيرها نجيب محفوظ ، فبمجرد دخولك المقهى يوم الجُمُعَة ، تجد ( محفوظ ) يلازم المقهى ، قائدًا لإحدى ندواته الأدبية ، ويبعث رسالة إلى المجتمعين بكلمات تمتزج بالحكمة
... مقهى ( التجارة ) ، من أقدم المقاهي ، وكان من رواد المقهى الموسيقيين العاملين بفرقة ( حسب الله ) ، وهي أول فرقة موسيقية تصاحب الأفراح والجنازات
... مقهى ( سي عبده ) فقد فكر البعض في إنشاءها تحت الأرض بالقرب من مقهى الفيشاوي ، وهذا المكان الذي ذكره نجيب في محفوظ في روايته ( الثلاثية )
... مقهي ( عرابي ) من المقاهي الشهيرة في القاهرة ، نسبة إلى ( عرابي ) أحد الفتوات في أيامها
... مقهى ( القزاز ) وكان زبائنه من الأرياف ، الذين يجلسون فيها ويتأملون المارة ، أثناء شراء إحتياجاتهن من شارع الموسكي ، وكان يأتي إليه العساكر القدامى الذين حاربوا مع أحمد عرابي بل وشُهد بعضهم حرب الحبشة ، وكان المرتادين من رجال الحرب المتقاعدين يجلسون متبادلين الذكريات في هذا المقهى
... مقهى ( الكتبخانة ) ، وكان من رواده حافظ إبراهيم ، والشاعر عبد المطلب ، والشيخ عبد العزيز البشري ، وكان أمام دار الكتب
... مقهى ( شارع محمد علي ) وكان مقهى بلدي يعشق صاحبة مصارعة الديوك ، وكان الأثرياء يأتون لمشاهدة العروض التي يقدمها
... مقهى ( عكاشة ) أُنشئ في الأربعينيات ، كان يحوي أجهزة إستماع للموسيقى ، لأن مؤسسيه أولاد عكاشة محبوا الموسيقى ، وكانوا أصحاب فرق مسرحية وقتذاك ، وكان زبونها عاشق للطرب ، وكان كل زبون يجلس إلى المنضدة ويضع سماعات الأذنين ويطلب سماع أي أسطوانة يفضلها
... مقهى ( الفيشاوي ) عمره يزيد عن 100 عام ، كان للمكان واجهة أنيقة ودهليز طويل حوله مقاصير صغيرة وموائد رخامية ومقاعد خشبية ، واُشتهر المكان بالشاي الأخضر والأحمر ، ويُقبِل بكثره رواده إليه في شهر رمضان ، وكان يتميز بالهدوء والتحف العربية داخله تصنع طابعًا مميزًا ، أما صاحب المقهى ( الفيشاوي ) يدخن الشيشة خارج المقهى ، وأمامه خيله العربي الأصيل ، وكان الأديب نجيب محفوظ ، الذي عشق المكان ، يمر بالمقهى وكان يعتبره مكانًا هادئا يعبق بالتاريخ ، فكان يوميًا يجلس بداخله خلال عمله في وزارة الأوقاف
... قهوة ( الفن ) مواجهه لمسرح رمسيس ( مسرح الريحاني ) ، كانت تضم الفنانين الصغار والكومبارس والنساء ، ومن بينها ( مار منصور ، وزينب صدقي ، ودولت أبيض ، وأمينة رزق ، وعزيز عيد ، وفاطمة رشدي ) وغيرهم ،،،
... وفي فترة الأربعينيات ، انتشرت المقاهي في روض الفرج ، وفي كلّ من تلك المقاهي عدد من فناني شارع محمد علي ، يقدمون الفقرات الغنائية والمونولوج ، ويقود بعضها ( حسين ونعمات المليجي ولهلوبه وزينب فلفل ) وغيرهم
... كما سيطرت فكرة المقاهي المتخصصة ، التي تضم أرباب وظائف بعينها ، ففي شارع محمد علي آنذاك مقهى ( المنجدين ) وفي باب الشعرية مقهى ( عمّال الأفران ) ، وبجوار سينما كايرو في القاهرة مقهى ( البكم ) ومقهى للكومبارسات ( بعرة )
... وفي فترة الخمسينيات مقهي ( أنديانا ) في الدقي ، وكان مقرًا لندوات أدبية يومية للناقد الراحل ( أنور المعداوي ، ورجاء النقاش ، وسليمان فياض ، ومحمد أبوالمعاطي أبو النجا )
... مقهى ( الندوة الثقافية ) يلتقي فيه المثقفون والأدباء والصحفيون بصورة غير منتظمه ، ويشتُهِر بالشيشة بخلاف المقاهي الأخرى
... وللأسف كل المقاهي الأدبية الثقافية بدأت تتلاشى تدريجيًا ، رغم تطوّر الخدمات التي يقدمها المقهى إلا أن العروض الفنية والندوات ودورها كصالون للأدب وغيرها من سبل الثقافة تقلصت وباتت مكانا ترفيهيا وفقط
... ومن الملاحظ أن ممارسات هذه المقاهي الثقافية فترة ماقبل ( المذياع ) ، وقبل دخول ( الشاي ) إليها ، كان المصريون يقضون أوقاتهم مستمعين إلى قصص تاريخية من السير الشعبية والملاحم ، كان أصحاب المقاهي يأتون برواةٍ للقصص وكان لهؤلاء الرواة تخصصات ، من بينها رواة ( الهلالية ) وكانوا يتخصصون في سيرة أبوزيد الهلالي و ( الظاهرية ) وكانوا يروون سيرة الظاهر بيبرس ، و ( ألف ليلة وليلة ) ، وسيرة ( عنترة العبسي ) و ( سيف ابن ذي يزن ) ، وكذلك كان للمنشدين دور والذين أدخلوا الآلات الموسيقية ك ( الربابة والعود ) إلى المقاهي ، وكانت القهوة تستهلك أوقات الناس ، ولكن بالصحبة والتجمع والسمر وسماع الأغانى مع لعبة بسيطة ، ولغة للحوار
... الٱن مع الإعتذار للتسمية ( القهوة عالم ) فالوضع إختلف وتغير لل ( السوشيال ميديا قاتل للأوقات فيه اللى عاطل جنب اللى فاشل )
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق