**لست أكبر من حياتي**
عالق بين جذعي الأعرج
وجذع نخلة حلقت رأسها
لم ترقها تلك الخيوط المنتحرة على أعتاب بقايا خريف
أنت أشدّ فتكا من الوباء!!
بل أنت جميع المعاصي
ومخطّط أشرس المآسي
لماذا تترك آثار جراحك في كل مكان؟
لماذا تسكنني خيباتك المتكرّرة؟
صرتُ كسمكة تئنّ بوطأة اليابسة
لم تزرْها
ولكنّها حلمت بأنّها على أكتافها كابسة
الماء صار زئبقيا ثقيلا
استنهضَ دوّاماته الجامحة
واستنجد بخرائط الحروب القديمة
أتحدّاك
وأعلم انّي فداك
ولن أخسر حربي
أسواري المدمّرة عنقاء بألف روح
ومدني حصينة رغم الطوب المهشّم في كلّ الزّوايا
ولوحات الإشهار فقدت جاذبيّتها
مجرّد خردة تسكنها القوارض
ورغم الغبار الذي عفّر بقايا أحذية دفن أصحابها وأدا
ورغم الوجوه التي فقدت ملامحها
فأضحت لوحات سرياليّة قابلة لألف تأويل
مازلت أحيا
واتنفّس بحشرجة الشهيق
وألملم شتاتي المبعثر في فقاقيع الماء
الزّبد يغطّيني في لحظة اندهاش
لن أموت اختناقا
ولن أذرف دمعي اشتياقا
ولن أذوب كالجمر حرقة وعناقا
أنا أتنفّس في اللّغة وباللّغة
تكتبني ولا أكتبها
وحين تنتابني رعشة الخلق
أنهض على عكّاز أيوب
ولدت في خضمّ المعارك
انا من رحم العناد
صلب العزيمة
قليل العتاد
يا زمني الأغبر
عن مقارعة دسائسك لن أتوب
سأنشر فضائحك على حبل غسيل
واكتب تفاصيلك السّمجة في قصيد بلا نهاية
حين تعانقني اللّغة في لحظة وجد
يسكنني الكون
وأرى عوراتك في نظرات طفل جائع
وفي انكسار امرأة بلا سند
وفي خيام تشدّها الريح بلا عمد
ولكنّك قزم بحجم عود ثقاب
تخاف حتى نيّة الاشتعال
ولن تبقى حرّا طليقا بلا عقاب
عقارب الساعة هجرتك
فانت لست أكبر من حياتي
ولا مسؤولا عن مماتي
بقلم: الأستاذ عبد الستار الخديمي -تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق