** كأنّها الاَخرة **
كانت أمّي ماهرة في صنع الأمل...
وبارعة في رسم البسمة على شفاه
حزينة...
كانت أمّي في البيت تتقن نسج الفرح
وكانت تجيد رسم الأمنيات
على الجدران...
كانت أمّي عصيّة على الزّمن...
شديدة عند المحن...
كانت تنفذ إلى داخلي...
فتذيب حزني...
وتجفف في عيوني منابع
الدّمع...
وتنتزع من قلبي كل الوجع...
كانت أمّي بين النّساء إمرأة
نادرة...
بصدقها...بروحها...بحسّها...
كانت ساحرة...
للقلوب اَسرة...
إذا مرّت بأرض صارت مزهرة....
والسّماء مستبشرة...
لكن الحياة كانت غادرة...
لم يكن موعد الرّحيل لحظة
عابرة...
فكأن الدّنيا انتهت...
وحلّت مكانها الآخرة...
اهتزّت الأرض وصارت الشّمس
فاترة...
وجنّت الطّبيعة وصارت
ثائرة...
أمّي...
كيف لا نكون في نفس الفضاء...
كيف أكون في الأرض وتكونين
في السّماء...
كيف لا نتنفّس نفس
الهواء...
ألم تخبرك روحي عن اشتياقي
إلى العناق...
ألم تعلمي أنه بعد الفراق
قد اختفى النّور وامتزج الصّبح
بالمساء...
مذ رحلت...
بدأ العالم من حولي بالاختزال...
وبدأ جمال الصّور بالزّوال....
مذ رحلت...
صار امتداد الكون أصغر...
حتى تقويم الزّمان تغيّر...
تاريخ الحياة...
وتاريخ الوفاة...
وتاريخ لا شىء فيه يذكر
غير سجلّ الذّكريات...
سلوى السّوسي/تونس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق