أحلام محطمة ..
.
ـ إلى الذين يقرؤون ما بين السطور
.
سلام عليك..
سلام إليك ..
سلام على كل ربع تعطّر يوما
بأنفاس فاتنة سعّرت في الحنايا حنيني
سلام على زهرة منك عبّت شذاها
تُسابق مأتى الربيع و شوق الغصونِ
سلام على هرّة قفزت ذات ليل
على صدرك الغض ولهى ..
تنال الذي لم أنله ..
وتحظى بغفو العيونِ
سلام تعطر بالشوق منّي شفيفا ..
تعطّر بالفل والياسمينِ ..
وبعد:
دعيني أمارس طيشي ..
دعيني أمارس في مقلتيك جنوني
دعيني أخفّف بعض شجوني ..
دعيني أحلّق فوق مهاوي انكساري
ألاحق أحلاميَّ الشاردات ..
دعيني ..
دعيني أعيش الطفولة في مقلتيك ..
فما ذقت طعم الطفولة يوما ..
وما عشت أيامها الحالمات بريئا ..
بطهر نبيّ تربّع فوق عروش اليقين
أنا ما ركضت وراء الفراش ..
و لم اقتن الأنجم الزّاهرات ..
و لم أصغ ليلا بأحضان سيّدة تحتويني
لعذب الحكايا ..
أحلّق في هدأة الليل صوب عوالم عشق
تهدهد أوان الهزيع جفوني ..
رجاء حبيبة قلبي افهميني ..
لقد صيّروني قبيل الصّبا رجلا يدمن الصّمت ..
جلمود صخر تفرّد بين المتونِ ..
و يقرأ في أعين الآخرين كلام العيون
يلبّي أوامرهم ومض برق ..
لكم سفها أرهقوني ..
لقد كنت آتي بها صاغرا
دون سؤْل يخفّف وخز ظنوني ..
و قال أبي ناصحا ذات بادرة يصطفيني :
" على مضض قبّل الكلب في فمه
إن أردتَ بلوغ المآرب
وارقص لقرد هزيل مشين "
هو الحذق في الزّمن العربي الهجين !!
دعيني أمارس طيشي رجاء ..
دعيني أخفف بعض شجوني
لقد كان لي في الصّبا ألف حلم جميل
و كنت أراها تموت تباعا ..
و تهوي ..
و شيخ القبيلة منتشيّا بانكسارات طفل ..
يموت التياعا للمسة حبّ .. لقبلة عيد .. لبسمة أم ..
لكوب عصير يبدّد في ليل تموز لفحي
و يرجع للنفس نبض يقيني
دعيني أخفف بعض شجوني
أنا مذ درجت ..
رآني أبي أكبر الطائشينْ
فكم مرة كان يسعى ..
يكسّر نايي ..
يراضي بفعلته الصالحينْ
و كنت إذا ما سعيتُ أدندن ينهرني ..
مستعيذا بربّ الورى من فسوقي
و من فعليّ الهمجيّ اللعينْ
و إمّا سعيتُ أصفّر بشرا فتلك مزامير جنّ
بها قد أصاب بنوبات صرع .. بمسّ ..
عصيّ على العارفين جنوني ..
دعيني أمارس طيشي ..
أخفف بعض شجوني ..
لكاهن معبدنا الهمجيّ ـ حبيبة قلبي ـ ألوف الحكايا
تعالي انظري مشتلات الندوب بصدري ..
بساعد مضناك .. لمّا تزل شاهدات
على الجرم في حق طفل بريء
أبى أن يكون ذلولا ..
يردّد كالببغاء ورود المساء
و يحفظ أشعار أسياده السابقين
و كنت أرى ما يقوله زيفا و مينا
و كنت أرى الله مثلي ..
يحبّ الطفولة ..
يرحم أبناءه الطيّبين
و يدخلهم جنّة الخلد يوم اللقا أجمعين
دعيني أمارس طيشي ..
دعيني أخفف بعض شجوني ..
و قولي: ترى ما الأبوّة ..
ما شكلها ..
ما تراها تكون ؟؟
أنا لم أذق طعمها أبدا ..
صدّقيني ..
فحبّ أبي مات قبيل انتحالي
و كان و ربّك كاللات ..
يسعده أن يراني كسيرا ذليلا
أنوح .. وأذرف دمع المعاصي مزيجا بدمعي الهتون
يحطّم ما شاده الله يومَ براني
و يصنع منيَّ مسخا غريبا
له ألف شكل و لونِ
يمارس فيَّ انكساراته السابقات
و ينفث من غير وعي
مآسيّ ماض شقيّ حزين
دعيني أمارس في مقلتيك جنوني
دعيني أخفف بعض شجوني
لقد كنتُ منذ الطفولة
أحلم أن أعتلي المجد صقرا
أصدّ الأعاديّ عن وطني العربيّ الكبير
و أقصم كل مريب خؤون
و كان لأحمد منّي حنين و أيّ حنين
لكم كنتُ تيها أراني عليّا
أراني الحسين
لـ ( ناصرَ ) كان ولائي ..
و كنت أراه امتدادا لأحلى القرون
و منه اعتنقت العروبة دينا
و كان لوحدتنا في الفؤاد فتون وأي فتون ..
يثير بليلي المواجع ..
يذكي شجوني
أنا مذ درجتُ تمنّيت تقبيل ( ناصرَ ) حبّا ..
تمنّيت شربة ماء من النّيل ..
تطفئ حرّ الحنين
و كم كنت أهفو للقياك ساع الغروب
على ضفّتي دجلة الخير ..
أشدو لحوني ..
و كنت أراك هنالك في الشّام فاتنة
تستبيني ..
تحنّ إلى القدس ..
نصغي .. و فيروز صادحة للمسيح
لمسرى النبيّ الأمين ..
لكم كنتُ أرسمك خلسة
حين تزحف كسلى سدوف الظلام
على الرمل سيّدة تحتويني
ضفائرها عتمات تغطّي الجزيرة ..
تمتدّ شرقا و غربا ..
ترفّ على وطني العربي الكبير سلاما
و أرسم وجهك شمسا تضيء ربوعي
تجلي الحوالك ..
تجلي الضباب الـ .. تراكم فوق الحزون
و أرسم صدرك عاصمة لبلادي ..
هناك أرمّم كلّ انكسارات ذاتي ..
ألملم شعث جراحي ..
أعود اليَّ ..
فيبدأ عمري ..
ألاقي سنيني ..
أعانق أحلامي المنهكات
و قد أمنتْ عاديات الكلاب التي طاردتها ..
تُراضي بمصرعها ملكا ..
لم يزل يشتهي آهتي و أنيني
و يرشف من أدمعي نخب عاهرة نصّبته سفاحا
ولمّا يزل رأس يحي لديها نديّا
فقد جبلت منذ نوح على الرقص
في حفلات المنون
دعيني أغنّي مواويل عشق
لصنعاء الخطى الحالمات
فمنها و ربّك بدء الحكاية ..
بدء ابتسام الصباح..
حبيبة قلبي رجاء
دعيني ..
.
د. محمد جقاوة
ذات خطفة ذكرى في: 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق