====وسقط المنديل ===
قبل مضيي الربع الأخير من الكرامة ...
ألفيته يلوح بالمنديل ...
وقد تناثر البوح هطلا وارتسم في القصيد
حين كان يشيع الشهيد بالأهازيج ...
فتقرع أصوات الأجراس الأذون
وترد عليه روحه وسط ذلك الجمع المهيب
فيهلل مع الجمع الغفير
إنني أغادر وعلى شفتايا بسمة
وعلى الوجنتين تفتحت الزهرة من سخاء التكبير ...
وحين تسقينا حناجركم بالرحمة
فتغمرني العزة وأستسلم للأمل من جديد
مظللا بأ كاليل الياسمين
المتوددة لعناق جذور الزيتون ...
متعطرة بزيتونة محتمية بموسيقاه
حين تمر الرياح مداعبة حباته ...
وهي تزف بشرى قدومي
لأهالي القبور الملتحفين بالقضية...
فيمجدون قدومي ويطيلون في الغناء
فينبعث الدفء في جميع الرفات ...
ويرددون في ترحيب :
إننا نرقد جميعا ولسنا بنيام...
فتتأجج الغيرة في التراب ...
فتعيد علينا أرواحنا الزكية ...
ونشد على قلوبنا بأياديكم الندية
حين شيعتنا بحرقة
وعادت ممسكة بالهوية...
فتهتف من تحت الثرى جمعا ...
ألا دثروني بحرارة هتافاتكم
وذكروا بأسمائنا في جل تحركاتكم ...
ولا تنسوا أرواحا تكابد العناء في السجون
وأسقطوا من قاموسكم أشباه قوم يرمونكم " بالثورجية "
فنحن أيضا متهمون في خنوعهم أننا فرطنا ...
في الحياة
وما علموا أننا غادرناهم شرفاء
وقرأنا أيات العزاء على سجلات تدويناتهم ...
المترعة بالأنانية:
لنكتفي نحن أولا ...
لنشتغل نحن أولا ...
لنتعلم نحن أولا...
لنسكن نحن أولا...
لنسافر نحن أولا...
لنكتفي نحن أولا ...وثانيا وثالثا...!!
فتضخمت البطون وما اكتفوا...
وتكلست العقول وما نجوا...
فبكت حروف بين الأنامل
وعزت ما نطقت به الشفاه في حياء
ونام وجع الشهيد على رصيف الخذلان
وسقط المنديل في بكاء
فبلل بحرقته الثرى
حين فتحت في الأجواء طرقات
عكرت مرقده بأصوات الماجنين ...
فنامت في الحلق صيحة الفزع
ألا أغيثوني إنني في ضريحي أتوجع
لتيه الأرض الكاملة على حلم ينبض في الخلايا
كدقات قلب تنكرت لمسارها الصحيح...
بقلم نعيمة مناعي
تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق