السبت، 24 يوليو 2021

قراءة في المجموعة القصصية " هاجرة ليل" === ==== للقاصة نجوى العريبي ==== بقلم الاستاذة نجاة نوار

 تتحفنا هذا الصباح الاستاذة نجاة نوار...بقراءة في المجموعة القصصية " هاجرة ليل" ===

==== للقاصة نجوى العريبي ====
"أكتب عن القضايا التي تزعجك جدّا تلك هي الأمور التي تستحق أن تكتب عنها"
الكاتب الأمريكي "تشاك بولانيك"
لئن كتب دوستويفسكي مؤلّفه الأول " فقراء النّاس " أو " المساكين" من خلال الدّموع ومنذ ذلك اليوم أصبح كلّ عمل عنده أزمة و مرض.. فإن هذه المحنة رافقت الاستاذة نجوى العريبي وهي تؤلّف أقاصيص مجموعتها الأولى " هاجرة ليل" ..
فسيفساء من الحكايا قامت على صور وأفكار وارواح تتمايز حينا و تتّحد أحيانا ..لا تختلف إلاّ لتتشابه و لا تتفرّق إلاّ لتجتمع..غائصة بعمق الذات الفرد تلتقط أوجاعها و أحلامها..تيهها وانكساراتها تمرّدها وانهزامها .. راسمة ظلال مجتمع استفحل داؤه ..يئن اذ تمزّقه نيوب الفقر والمرض وتنهشه البطالة فتطحن رحاه القاسية الأطفال وتدمي أحلامهم الغضة وترميها في أودية العدم ويبقى سؤال " فرح - جامعة قوارير البلاستيك الصغيرة - معلّقا ينتظر الإجابة :" أمي هل يموت الأطفال؟ وكيف سأمضي وأنا لم أحقق شيئا من أحلامي بعد؟؟" و بينما يغوص جسدها الصغير في البالوعة المكشوفة كانت عيناها معلّقتان بالسماء تبحثان عن نجمة عالية ... صورة فرح يجسّدها " باسم " في نصّ "حضن السّراب" وهو يتنقل بين العربات يبيع خبزه للمارة وفي غمرة نشوته ببيع مافي سلّته بورقة مالية لم يحلم بأن يحصل يوما عليها ؛ تغيّبه يد المنون اذ تدهسه سيارة عابثة.....كما تفرم مكنة هذا المجتمع بلا رحمة أرواح النساء و أجسادهن وتمضع احلامهن وآمالهنّ فيغدر " مخلص" بأمل " وصال " في ايجاد فارس احلام ..و لم يكن سوى ذئب مسعور غادر " الكوّة الزرقاء " ليبدّد وهم الافتراض وزيفه ..زيف آخر يتوضّح بكثير من الألم وخداع تكتشفه المرأة بمرارة إذ تسقط الأقنعة عن وجه الزّوج والأخ في " هاجرة ليل" / " الطريق الجديد"/" كُفّ " رجلُ سلّمته مفاتيح قلبها و بيتها ومالها يخون رباط الزواج وينكث العهد ويستولي على عرقها ويدوس بلا رفق قلبها ..وجع النساء مضاعف بنصوص أخرى حيث تواجه " ولاّدة " العاقر الموت - موت زوجها ورفيقها - وحيدة لا طفل يؤنسها ..ألم مشابه يستشعره البطل في نص آخر وقد حُرم " فاكهة الدنيا" ويستشعر فراغا مفزعا وخواء قاتلا...هذا الوجع يتضاعف بنص " كما البطيخة" حين يرزق الزوجان بطفل مشوّه ....لعبة التضادّ في الأسماء أعطى للنصوص مجالا لتأمّل المفارقات ف" فرح " تقضي بطريقة تعيسة و " باسم " يغادر الحياة حزينا و " مخلص" الغادر يلقّن وصالا درسا في عواقب الطيبة والسذاجة.....لوحات ترتسم بفنّ ودراية لتحتفي بالإنسان في كدحه الأزلي ضد الفقر والمرض والتهميش و الإرهاب و العنصرية ..كما ارتحلت اللّوحة في " نشيد الألوان" حاملة قضية وطن وأرض " لأجل كلّ عيون الأطفال الحزانى والأمهات الثكالى .." فالقلم كما الرّيشة حمّال قضية و سلاح اخير بيد المبدع ..
لامست الكاتبة أوتار أنفس متورّمة فكان العزف أنينا موجعا وشكّل النزف نصوصا هي نقاط استفهام و أصابع إتهام تُوَجّهُ..فهل من صدى ؟؟
نجاة نوّار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق