الأربعاء، 17 مايو 2023

مرتــاحة الـبــا ل ــــــــــ رجاء بوستة


 مرتــاحة الـبــا ل

لأجل حبّ الله أنسى غضـبـــــــي
مالي وما للناس صدّوا رَغَـبـــــي
ما كنت يوما حيّة لادِغــــــــــــــة
أو كان من طبعي دهاء الثعلـــــب
إنّي أحيّي "إيليا" ذا القائـــــــــــــل
بين القوافي في تقىً للمذنـــــــــب
"يأبى فؤادي أن يميل إلى الأذى"
"حبّ الأذيّة من طباع العقـــرب"
لكن أحارب من يريد إدانـتـــــــي
حين تكون على الصفاء مرا غبي
بالرّغم منّي حين غيظي أفصِـــح
في عِزّة النفس نداءُ الواجـــــــبِ
لكن هدوئي واحترامي رايـتـــي
من قال يوما فاجأته مخالبــــــي؟
إنّي لأكبَر من ظنون الحاقــــــــد
فالصفح كنز من هِبات الواهــــب
إنّي إذا ما الليل مدّ ســدولـَــــــــه
بالأمن ألقي الهدْب فوق الهُـــدُب
مرتاحة لو قلت : ربّي أشهـــد...
ما همّـني أن يسهر النمّـام بــــــي
إنّي لأومِن بالتنـازل عمّ لــــــــي
خوف انفصام الودّ عند الصّاحـب
أو عندما في الصلح يُخذل خاطري
إنّي لأومن بالتعالي عن غــبــــــي
إنّي لأطمسها الذمـــــــــوم إذا أتت
من دون خلق الله فظٍّ عَصَبـــــِـــي (رجاء بوستة)

قراءة في قصيدة الشاعر محمود مطر ـــــــــــ محمود البقلوطي


 محمود البقلوطي

قراءة في قصيدة الشاعر
محمود مطر
كيف لا تعشق ساحات الرقص اوتار المطر" وهي تدري أن هناك من يعشق مغازلة تلك القطرات المتبعثرة على نوتات الحرف الذي يلحن الحنين ويعزف أشواق الغياب فيولدُ الجنونُ تحتَ المطرِ من بيابي القهرِ من زنودِ الكبتِ المدفونِ فينا، تُوقَدُ جَذْوَةُ الحنينِ شَطْرَ جهةِ الصدرِ
اليُسرى. وماأجملَهُ من جنونٍ حينما نمتلأ بطوفانِ من الكلمات فنستحضر طيف الحبيبة ونتمادى في التحليقِ فوق اسطرِ القصيد ونسافر في الأحلام ونفقدُ تَمَوضُعَنا الحِسِيَّ وتتشبثَ أجسادِنا بتلابيب الزمانِ والمكان الاسطوريين فيتعانقُ إيقاعُ الرقصِ الخُرافيُّ مع زخات المطر وأصوات كلمات القصيد. فنسمع رد الصدى لنداء الشاعر لطيف حبيبته تعالي.. تعالي.. تعالي.. ودعيني.. دعيني.. دعيني...
/عندما قرأت القصيدة ووقفت على ما تضمنته كلماتها من معنى ودلالات استنتجت ان الشاعر عاشق اضناه الحنين،قلبه يراقب ويترقب الغياب، عيناه تملؤها اللهفة، تنتظر عودة الحبيب، مشتاق لاطلالة قمره الغائب حتى ينير حياته ويبعث في نفسه البهجة والفرح ويروي عطشه ويَملا دنياه.. طال الغياب وارتفع منسوب الآشتياق والحنين حلم واستحضر طيفها في مطلغ القصيدة (ساحلم اني احضن طيفك تحت زخات مطر) ليعبر عن اشتياقه وحنينه فابحر في قول جميل الكلام
مستعملا أفعال امر ترمز للحظة التي يعيشها مع طيف الحبيبة.. دعني اتنفس صبحك.. تعالي نتشابك بالاصابع..... تعالي اوسدك ذراعي ونرغي معا حتى الفجر...
تعالي نحلم..... تعالي اطارحك غرامي.. تعالي نستلقي ونشاكس.... تعالي اجعلك انشودة.....
ويطلب منها ان تتركه يفعل بها ما يريد.. مستعملا فعل امر دعيني...
دعيني اتنفس صبحك...دعيني ابحر في عينيك واتوه.... دعيني الهب خديك قبلا...
قفل القصيدة ليكث كل ماباح به في متن القصيدة .. اريد ان اغيب فيك... احبك من كل قلبي.. فقلبي نابضة كمرجل قد هدر
قصيدة حب وغرام استحضرها فيها الشاعر طيف حبيبته وسافر في الخيال ليعبر ويبوح لها بكلمات رقراقة شفيفة ملأى باللهفة والشوق والحنين ساكنة في كينونة ذاته
دمتم ببهاء الحرف والق الإبداع
محمود البقلوطي /تونس
(
(خربشة ابن مطر)
الشاعرمحمود مطر
سأحلم أني أحضن طيفك تحت زخات المطر
فدعني اتنفس صبحك مع أول نسمة للفجر
فلتحيي في وشبابي و عمرا مني قد غبر
تعالي نتشابك بالأصابع و نبحر سويافي سفر
وألف و سطك بقلبي في دنيا الناس ولاخفر
راقصيني و أثمليني أمام مدفأة في ليل السمر
تعالي اوسدك ذراعي و نرغي و أنت للفجر
دعيني أبحر في عينيك و أتوه لآخر أيام العمر
دعيني ألهب . خديك قبلا فتصبح كالجمر
أسدلي شعرك. علي. وداعبيني في الصدر
و تعالي نحلم. تكوني. عروسي إذاطل القمر
تعالي. أطارحك. غرامي. حتى طلات السحر
تعالي نستلقي و تشاكس قدمي رجلك للعصر
ويأخذنا السبات . لا يهم إن عمرنامناقدعبر
أريد أن أغيب فيك كما. لو غصت في البحر
تعالي. أجعلك. أنشودة. تتغنى مني والبشر
أحبك من كل قلبي فقلبي نابض كمرجل قدهدر

يا غزّة الصّمود ــــــــــ نجوى عزالدين تونس


 يا غزّة الصّمود..

يا موطن البواسل والأسود...
ثوري...
تمرَّدي...
وقيدكِ اكسري..
لا الظُّلمُ باق..
وإن طالتِ العهودُ...
والجَوْرُ مَا حَجَبَ عنْ سَمَائكِ النُّورَ...
شامخةً تواجهين رياحَ الغَدْرِ...
مَا أحْنَتِ الويْلاتُ هامَتَكِ...
وما كَسَرَ العدوُّ الغاشمُ...
مجاديفَ عزمكِ والإباءَ... ْ
يا موطنا كفرَ بأبجديّاتِ الخُنوعِ...
تاجُكِ العزَّةُ والكرامَهْ...
وإنْ جرّعوكِ مرارةَالحنظلِ ...
وإنْ حاصرتكِ جَحَافلُ الدَّيْجُورِ
وإنْ ألجَمُوا بالعَسْفِ صَوتكِ..
وإنْ قطعوا عنكِ...
القوتَ والماءَ...
وجنّدَ الخذلانُ أعْتَى جُيُوشِهِ...
سَتَدُقُّ طبولُ الهزائمِ...
على رؤوسِ الخفافيشِ...
يا منْ أَبَيْتِ حياةَ المهانةِ...
و الذُلِّ..
بالعزِّ دُسْتِ على الجَمْرِ...
يا ساكنةَ الوجدانِ والمُقْلَةِ..
دماءُ شهدائكِ ما جَفّتْ..
يَنْبُوعُ حُبٍّ رَقْراقٍ...
وعشقُ الأرْضِ ما انْدَثرَ...
كالزّرعِ فينا قدْ غُرِسَ...
والتَّوقُ للحريّةِ ما تلاشى...
يا جُرحًابجَسَدِ العُرْبِ أدْمَانا...
وإنْ مالَ بعْضُنا عنِ الحقِّ..
بالكفاحِ كتبتِ آياتَ النّصْرِ...
وبالدَّمِ تحيكينَ كُلَّ يَوْمٍ..
وِشاحَ الصُّمُودِ والفَخْرِ..
ما سَكنتِ الخَيْباتُ رُبُوعَكِ..
ما انتصرَ اليأسُ على الأمَلِ...
ما اغْتالَ الوجعُ عِطْرَ وُرُودَكِ
ما ضاعتْ دماءُ الشُّهداءِ هباءً
وَفَجْرُكِ الوليدُ لا محَالةَ آتٍ..
بقلمي✍️ نجوى عزالدين تونس

صهوة غزل ــــــــــ زينة شريف


 صهوة

غزل
ببلاغة نبض
وعطر أنفاس
يلتهم خاطرة
الخيال
وجمرة اشعلتها
ذاكرة الغرام
ورقصة غجرية
تذيب دهشة
النداء
فوق شفاه
متيمة
وشغف همسات
تنال انفاس
الوصال
بغيث أحلام
سرمدية فوق غدي
وتستكين مشاعري
على همس الوتر
لتبدا حضارتي
بحرف متيم
على أجفان
المساء
ناجية من
غواية نبض
الغياب
بقلمي (قِطر الندى)
زينة شريف

صدى البلابل ـــــــــــــــــــ عيسى نجيب حداد


 صدى البلابل

يغانجني الرحيل
يجتز باقات من العمر
يعزف الحان الوداع للمضي
باسفار التقهقر عبر المسافات تلك
لنساكن لحيظات الغروب عبر انفاق موهرة
تعصف بنا قوانين الطبيعة ولا ترحمنا الاستعطاف
لتقول ثمة فواصل مرصعة بمشيئته ستجبرون لها
فلا عتب ولا عتاب هي الأقدار الموسومة بوداعات
تضاجع توابيت النهايات كلما ترهلنا شيب الضنون
لتقول أنا الكلم المحبوس باقفاص الصدور لا تكن
إن المواجع قهرها الاحزان تتجدول شبهات ماضي
يصرخ فيه أفعال من حشرجات تنوح بقفص صدى
بلابل مأسورة تتهازجها النواح على طلبيات العزف
كلما مرها موكب لجنائز مقيدة باقفال من ذهبيات
تترنم المسامع هدير القول ولا عزاء بالاستقبال هنا
الكل ممغوص من وجع الخوف اللاهث بنغم عزف
ترن الاجراس مع عزف الاوتار يكثر السماسرة تملك
ايها المسافرين على متن الغروب لا تتوقفوا برجاء
لان امل الاهتزاز محزوز العنق مذبوح يوازي الالم
معلن من الآن أن الصدح يجوح بالحناجر للاجوف
على قارعة طريق الاغلاق طفل العمر ينوح لقطاف
أقيموا صلاة الغائب إن قطار العمر اجهز على متعة
رسمت على بوابة ايام بضحكة انتهت ببكاء صارخ
الكل سيتجرع هذا الكاس والجميع هناك يدونون
من له لياخذ من نصيبي ومن عليه فليدفع حساب
إنا كوكب بسماء الحرف أنزف بدمي علاج للغاوين
كلما نقشني حرف القصيد ساتجدد مع عزف البلابل
المفكر العربي
عيسى نجيب حداد
موسوعة نورمنيات العشق

بركان الحنين ـــــــــــ عبدالرؤوف بن سالمة


 "بركان الحنين"

رؤوف بن سالمة/تونس
ذاكَ المُتَربِّصُ على وِهَادِ الْحَنِينْ..
وَيرمُقُ الذِّكْرَى بزَفْرَةٍ وَأنِينْ..
طَافَ سَيْلُ حَبْل صُورِ السِّنينْ..
واجتباه بخمرة وازْدادَ تَمْكِينْ
سَطّرَ الْأََقْدارَْ..
وَخَاض الُّدّنْيَاَ غِمَارْ..
وَازْورّ وثَارَْ..
هَمْسَةٌ أَيْنَعتْ ..
وَسدَّتْ قِفَارْ..
وَرجْعْ الصَّوتِ أَلَمٌ مُسْتَِبينْ ..
وطَرْفُ الشَّوْقِ مَا كَانَ ضَنِينْ..
فَأَضْنَتْهُ اللَّوْعَةْ مُهْطَعِينْ ..
لِجُلاَسِهِ بِالأََمْسِ عِزِينْ..
قَالَ شَارِدٌ منَ الذِهْنِ حَذَارْ..
لَيحْطِمَنَّكَ عَاذِلٌ مِهْذَارْ..
فَالْبَوحُ كَسْرُ قَيْدِ الْأَسْرَارْ..
وَإِنْ غَالَبَكَ فَكُنْ لَهُ إِنْزَارْ...
ونَاحَتْ تَأَوُّهًَا مُدْنَفينْ..
رُوحٌ وَلْبٌّ وَوِجْدَانٌ آسِينْ..
ما عاد للماضي لزم كل حينْ..
وَالحَيْنُ يُمْسِي ذِكْرَى وَحَنِينْ..
كَمْ طَافتْ بِنَا الأَشْوَاقْ
وعَرَجَتْ بنا الرُّوح دِيَارْ..
وتَاهَتْ مَراسِينَا في لُجِّ البِحَارْ..
وَزَاخِرُ الصُّوَرِ آثاَرُ غْبَارْ..
بقلمي : عبدالرؤوف بن سالمة

عندما ـــــــــــــــ فردوس المذبوح


 عندما...

عندما تنزل غيمة من السماء
تلفّها في شرائط حريريّة
وتقدّمها لي هديّة..
عندما تحيك من خيوط العزم إزارا
تسدله على كتفيّ
تدثّرني به
فيرحل الخوف إلى مدن قصيّة..
عندما تجمع لي ألوان الرّبيع في باقة
وتنثرها في الفضاء
إلى أن تعانق السّماء
ثمّ تتهاوى كمطر سخيّة..
عندماتكسر جدران وحدتي
وتلقيني في يمّ الضّجيج
فأسبح فيه بلا ارتواء
وأعبّ من الصّخب المشتهى
ذخيرة لأيّام شقيّة.
عندما تنثر من حولي آمالا
تزيح ظلمة نفسي
وتخفق برّاقة في خلوتي
كأقمار موغلة في سماء ورديّة..
عندما ترسم لي أحلاما
إذا نسجها الليل لا يمحوها النّهار
وإذا لمستها تجسّمت بعصا سحريّة..
حينها سألملم شتات جسدي المرهق
سأتحدّى أشواك دروبي
وأعطّر بالورد كلّ شجوني
سأمضي إليك موشّحة بحمرة الشّفق
وأطلق حنيني من سجون ضلوعي
وأتلو عليك فصولا من ترانيمي الأبيّة..
فردوس المذبوح (2\5\2023)

بقايا شتاء ـــــــــــ فاطمة بركون/ تونس


 بقايا شتاء

بعد بعض الكلمات الذابلة
تحت بقايا النور الخافت،الذي ترسله شمعة اللقاء الأخير المشتعلة فقط بخيط أبيض يسبح في سائل الشمع المحترق
المدفأة تحتضر برمادها الهامد المرتعش
هم بالوقوف، ترك يدها الشاحبة تنفلت مستسلمة للوداع الأخير ووجهها المظلم مازال متعلقا بقفل الباب لا يصدق أنه سيوصد بعد قليل،
أما هو فقد وقف جبارا كعادته في كل وداع
لا يبالي باللحظات الأخيرة، هو لا تتعبه ترهات الوداع أبدا، هو لا يرجف مثلها، لا يشحب مثلها هو كعادته لا يهمه البقاء و لا تغريه لحظات اللقاء الجميلة ....
رمقها بنظرة الوداع واعدا بلقاء لم يبح بزمانه و لا مكانه هو فقط يعد باللقاء
و اتجه نحو الباب و ما كاد يفتحه حتى أرعدت و أبرقت و بدأت حبات المطر تنقر حقيبته السوداء و خصلات شعره المنسدلة على جبينه المقطب، المكفهر
و بدأ الثلج يغطي أشجار الصنوبر كعادته،
عادت الريح تولول و عاد البرد يلسع الأبدان اليائسة فغير وجهته و عاد إلى المدفأة يحير رمادها ليبعث فيها الحياة و اتجهت هي نحو الشمعة الهامدة و رممتها و سوت خيطها و أشعلتها ثم اتجهت نحو النافذة مرحة و هي تردد:"بقايا شتاء! إنها بقايا شتاء".
فاطمة بركون/ تونس

سَبَقَ القَدَر ــــــــــــ محمد التوني


 سَبَقَ القَدَر

وما مِنْ القَدَرِ مَفَرّ
غَابَ النَّظَر
وكُلُّ غِيَابِهِ مُحْتَضَر
ذَابَ العُمُر
وما بَعْدَ ذَوَبَانِهِ مَطَر
وَجَبَ السَّفَر
كي تَرَىٰ الرُّوحُ القَمَر
محمد التوني

نبضة ـــــــــــــ هدى الشرجبي


 نبضة....

ريشة تخط النبض ..
ولوحة ...
ستكون مخطوطة
بألوان الحب والجنون
والسكون مغمورة..
تعيد للذاكرة عشق أسطورة ..
أدون بها إما نهاية
أو اجدد فيها كل بدايه.......
لأنني. ..........
أجيد العزف عليها بخنجر صاب الفؤاد
ذو حدين ..
مسموم ....
إن. خنتني....
ونسيت عهدك والحروف.........
والشهد ..
إن اغرقتني في بحر حبك ...
سأجعلها بين أناملي زهرة من عطر
و آلة موسيقى لأغنية
راقصت نبضة أنثى في هواك غارقه
عاشقة من لذة حبك ثاملة مسحورة ..
اعزف عليها من الروح وهدوء البوح...
وريشة بلون الحب تبوح
من سويداء القلب
ترسم حكاية عشق الروح .
فأنا وأنت ولوحة الحب ..
كشاطيء يحتضن المد والجزر
واختر انت الموجة تلك
كي تتقبل لوحتى وحكايتي
وخاطرتي المطروحة هدى الشرجبي


الاثنين، 15 مايو 2023

دور الأدب في تفعيل الوعي القومي..والإرتقاء بمشاعر الإنسان إلى مرتبة الوعي والتحدي بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 دور الأدب في تفعيل الوعي القومي..والإرتقاء بمشاعر الإنسان إلى مرتبة الوعي والتحدي

تصدير :-كان الأدب سبّاقا في سبر أغوار الأمة وفهم تداعياتها في حالتي الإنتصار والإنكسار بما من شأنه أن يشخّص الهموم ويحدّد ملامح المستقبل المنظور ويرتقي بمشاعر الإنسان إلى مرتبة الوعي والتحدي..(الكاتب)
-الأدب الواقعي العظيم منذ هوميروسو مرورا بشكسبير وبلزاك وغوته ومكسيم غوركي.وعبر مساره،كان يضع في أولويات توجهه الدفاع عن مشاعر الإنسان،وعن القيم الفاضلة للإنسانية (الكاتب)
إنّ الوحدة القومية للأمّة العربية يدعمها تراث زاخر من القيم الروحية والأخلاقية،صيغت إبان إشراقات النهضة العربية،تلك القيم تشكّل رافدا روحيا تتوحّد في ظلّه الأمة العربية،فتراثنا الحضاري وأخلاقنا العربية وقيمنا العليا التي ورثناها عبر العصور،هي من أقوى الروافد للأمة العربية،وتشكّل في جوهرها مادة خصبة تصلح لأن تكون موضوع مادة دراسة يتناولها الأدب بأسلوب مستساغ ينبّّه فيه الميول لتلك القيم والمثل العليا،فصياغة مشاهد من حياة المجتمع العربي قديمه وحديثه،والتقاط حوادث مهمة من التاريخ وتقديمها بصيغة أدبية هادفة،تنقل بصورة لا شعورية الإحساس المشترك بوحدة التاريخ وتغذي الشعور الوحدوي،ذلك أنّ تاريخنا العربي حافل بالإبداع ومفعم بالإرهاصات الأولى لقوميتنا العربية وهو بالتالي معين لم يغرف منه الأدب مثلما نريد أو كما يجب أن يكون..
ولعل ما استطاع أبو تمام أن ينقله للعرب جيلا بعد جيل من صور أدبية رائعة لقيم الشهامة والشجاعة والدفاع عن الوجود القومي في قصيدته عما فعله المعتصم في يوم عمورية يشكّل مثالا جيدا لما نروم الإشارة إليه في هذا المجال..
إنّ النّفس البشرية عند الأديب تتماهى مع الواقع لتصوغه في شكل تجليات تعكس ما يمور داخل الوجدان العام من أحاسيس ومشاعر،ولهذا كان الأدب سبّاقا في سبر أغوار الأمة وفهم تداعياتها في حالتي الإنتصار والإنكسار بما من شأنه أن يشخّص الهموم ويحدّد ملامح المستقبل المنظور ويرتقي بمشاعر الإنسان إلى مرتبة الوعي والتحدي،ولذا كانت الثورات مسبوقة بنهضة أدبية وفكرية تستبصر آفاق الطريق وتؤسس للإنعتاق والتحرّر وتسمو بطموحات الأمة إلى الغد المنشود،مثلما حدث في الثورة الفرنسية والثورة الروسية،فلقد كانت مثلا روسيا القيصرية بلدا متخلّفا لكنّه أنجب في القرن عمالقة الرواية والمسرح والقصة القصيرة في العالم:دوستويفسكي،تولستوي،تشيكوف،غوغول..اخترقوا حصار التخلّف ونجحوا في صياغة الواقع:جدلا حيا مع الماضي والحاضر والمستقبل إقرارا منهم بأنّ أحدا لا يملك الحقيقة المطلقة،وأنّ آراءنا جميعها ليست أكثر من اجتهادات نسبية مهما استحوذنا على أدق أدوات التحليل،وبهذا استطاعوا كوكبة واحدة:نقادا وأدباء..-رغم أسوار التخلّف العالية-أن يكونوا طليعة الثورة الثقافية الروسية قبل فلاديمير لينيين،وكان ذلك عطاؤهم الحضاري للعالم الجديد،بالرغم-أكرّر من مطبات الركود والتخلّف..
فلمَ لا يكون لأدبنا في ظل أوضاعنا العربية الراهنة،الدور الفعّال في تثوير الواقع طالما أننا في أمس الحاجة إلى سبر أغوار النفس البشرية،ووصف ما يمور في خباياها من عواطف وأفكار تجسّد علاقة الإنسان بالأرض والوطن ولنا في تاريخنا المثخن بالمواجع أمثلة غنية،فحياة اللاجئين الفلسطينيين وعواطفهم ومشاعرهم أثناء مغادرتهم قسرا لأرضهم أو أثناء عيشهم في الشتات،ثرية بالمادة التي تصلح للإبداع بما من شأنه أن يبلور تلك المشاعر وينقل تفاصيلها للمواطن العربي،وهذا يعني أن قضية الأرض والوطن يجب أن تكون من ضمن التيمات الأساسية في أدبنا الحديث كي يكون-هذا الأخير-صادقا ومؤديا للرسالة التي نرومها..
ومن هنا يجوز القول أنّ للأدب دورا فعالا في تغيير معالم الحياة التي نعيشها من خلال إعتماد رؤية شاملة تستشرف آفاق المدى المنظور وتعتمد في مقاربتها للواقع : الكشف الجارح،التحريض العميق..وبالتالي فإنه يهيئ امكانية لعملية التغيير تفوق امكانيات وسائل التغيير الأخرى..فمن أبرز سمات عصرنا،وبخاصة في المنطقة العربية،هي المحاولات التي لا تتوقّف من أجل تدمير الإنسان،وإهانته،وإلغاء دوره،ونفيه ماديا إذا اقتضى الأمر،تضاف إلى ذلك حالات الإستيلاب الإجتماعي والفكري،في الوقت الذي تفيض فيه ثروات النفط لتطغى على المؤسسات المالية في الغرب،ولتشكّل بطريقة إنفاقها مثلا صارخا على الإنحطاط والتردي وكل ما يرد من أفكار سوداء يروّج لها خصومنا.
فماذا يمكن أن نفعل إزاء هذا الكم الهائل من التحديات،وإزاء هذه الموجة الصارخة من اللاعقلانية التي تسود الواقع العربي في المرحلة الحالية؟
أليس من ضمن مهام الأدب المؤثر المساهمة في وضع حد لهذه التجاوزات التي تجري بشكل صارخ في طول الوطن العربي وعرضه؟!
ألم يكن الإرتباط العاطفي والقومي الحميم بين الثورة والجماهير هو الذي شدّ في البداية قطاعات عريضة من النّاس لشعر محمود درويش وسميح القاسم ومعين بسيسو ومظفر النواب..وهو نفسه الأمر الذي تكرّر في الحرب اللبنانية،حيث انعكس هذا الإرتباط في شعرشوقي بازيغ وغيره..
ألم يتمكّن الراحل نزار قباني بشعره من تحرير مساحات لا بأس بها من أرض الوجدان العربي المحتل بالأمية والخوف والقهر،وهناك كثيرون غير نزار،ولكنه الأكثر شعبية..
أليس بإمكان أدبنا المعاصر واعتمادا على المناخ الذي أفرزته الإنتفاضة صياغة معادلة جديدة،من شأنها منع الإنغلاق أو التسيب،وتحديد الصيغ والعلاقات بين ما هو خاص وقطري،وما هو عام وقومي،وكيف يجب التصرّف في هذه الحالة أو تلك !.
وفي الأخير،هل قُدِّر لنا نحن أبناء الخيبات المتراكمة أن نعيش مرحلة أخرى تتسم بالإنكفاء على الذات والإستبطان العميق دون أن-نراجع-الأسس المشكّلة لمنظومة القيم والمبادئ العربية ودون أن ندرك:أي العناصر في الثقافة العربية تتسم بالأصالة ؟
وما الذي يحتويه التراث العربي الإسلامي من دروس وعبر قد تصلح للحاضر ويمكن توظيفها في شكل إشراقات إبداعية تنفض عنا غبار الإنكسارات وتؤسس لغد مشرق في المدى المنظور!؟
إننا من خلال هذه الأسئلة نروم استجلاء أفق جديد لأدب جديد يدرك الحاضر ويتشكّل به،لكنّه يرى المستقبل ويعمل على تشكيله،ذلك أن دور الفرد في الأدب يضاهي دوره في التاريخ : فبمقدار ما يعي الفرد الظرف التاريخي ويتجاوب مع منحاه يكون ممثلا ومحصلة لمجمل الظروف الإجتماعية.ولذلك،فبمقدار ما يعي الكاتب واقعه،أي ظرفه الإجتماعي،يكون محصلة لهذه الظروف،في الوقت نفسه معبّرا عنها،وممثّلا لها في الحقل الثقافي،يساهم في حركتها مثلما ساهمت هي-الظروف-في إيجاده.”فالأدب الواقعي العظيم منذ هوميروسو مرورا بشكسبير وبلزاك وغوته ومكسيم غوركي.وعبر مساره،كان يضع في أولويات توجهه الدفاع عن مشاعر الإنسان،وعن القيم الفاضلة للإنسانية،وذلك عن طريق تعرية الواقع وفضح الجوانب الظالمة،وإدانة قواه الغاشمة في هجمتها الشرسة والرعناء لتحطيم البناء الداخلي السامي للإنسان..“
ما أريد أن أقول :
أردت القول أنّ الأدب الجيّد هو الذي يكون في جوهره رافدا لدعم صمود القومية وحساسية الإنتماء وضمانا اتوجه المجتمع العربي نحو التحرّر والإنعتاق،فالذائقة الفنية للمتلقي العربي نزّاعة إلى التطوّر وتجاوز النموذج التراثي وهي بالتالي تستعجل الوصول إلى المحمول الدلالي والتأثر الجمالي لأسباب لها علاقة وطيدة بطبيعة المرحلة السياسية إن على المستوى القطري أو على المستوى العربي،لذا فإنّ الأدب في منحاه-الواقعي-عليه أن يتحدى الأمر الواقع ويصارع تيار الهزيمة ويتجاوز واقعها المستمر والمستجد،دون أن يكون“أدب“ النصر الشعاري،بل أدب الجدل المثمر بين الهزيمة والمقاومة،لا يكتفي بالإدانة والهتاف "لثورة حتى النصر"،بل يتوغّل في أدغال الهزيمة وشعيراتها الدقيقة وجذورها الدفينة،يعري انعكاساتها على الفرد والجماعة والوطن والعقيدة تعرية قاسية،ويكشف لنور الشمس كل الخطايا والحقائق الخافية تحت أدران من الأراجيف والإفتراءات،وبذلك يقابل التحدي التاريخي بإستجابة تاريخية ويصبح في حلبة صراع الأقدار في المنطقة،البطل الإيجابي للمرحلة بمدها وجزرها معا:لنقرأ لأحمد فؤاد نججم”اصحي يا مصر “و“ايران“وغيرهما..نجد هذا الشاعر الذي يكتب بالعامية المصرية-خارج قاعات الفنادق الفاخرة-ينجح في تحويل كلماته إلى فعل وانفعال بحركة النّاس العاديين البسطاء ورؤاهم،طموحاتهم واحباطاتهم،أحلامهم وأشواقهم،ويصبح شعره خروجا من أسوار الذات الفردية ودخولا ما في دائرة-الوجدان العام-دون أن يكون انفصالا بين الذات والمجموع،بل نوعا من التقارب وأحيانا الإلتحام وفي أغلب الأحيان الحوار مع النفس والجماهير والثورة أو القلق الإجتماعي الدافق،وبذلك أمسى جزءا لا ينفصل عن تيار الثورة القومية وطابعها الإجتماعي المتقدّم..
لنقرأ للشاعر العراقي الراحل مظفر النواب نجد هذا الشاعر المهموم بقضايا أمته في نخاع العظم يجسّد في أشعاره هموم الشارع العربي ويلتحم بكلماته بالوجدان العام للشعب ويتمكّن من توظيف المعجم السياسي للشعر في ارتباط وثيق بقضية الثورة العربية،وفي المقدمة منها المقاومة الفلسطينية منطلقا من أغوار الذات ودهاليزها السرية إلى معروضات الحياة وشواهدها الظاهرة الحية.وبذلك استطاع أن يحرّر أجزاء واسعة من الوجدان العربي،خلقا وتذوقا،من الرواسب الثقيلة الوطأة في تراث المديح والهجاء والفخر والرثاء..
وإذن؟
هل يكون الأمر إذا مبالغة منّي إذا قلت أنّ الأدب في تجلياته المشرقة،عليه أن يكون أدب الرؤيا المضادة لجيل الهزيمة،الرؤيا التي تصوغ معادلة لا إنفصام فيها،تتلاءم مع الديمقراطية والتحرّر الوطني من ناحية والتحرير الإجتماعي من الناحية الأخرى،وتغدو بالتالي الإستيعاب التاريخي لتداعيات هذه الأمة،ذلك بعد أن أصبح الإنسان العربي يعيش لحظة كونية موسومة بكل ما يناقض الكلمة وينقضها في ظل عالم يشي بفساد الضمائر وسقوط القيم الجمالية بفعل سطوة-القاهر-ولهذا فهو يحمل في وجدانه هموم القومية وانكساراتها،واهتزاز الهوية واهترائها،وفقد تبعا لذلك،ومنذ مسيرة الثورة المضادة عام 79(معاهدة كامب ديفييد) المكونات الأساسية لشخصيته القومية الجمعية وهو الثأر واباء الضيم،إلا أنّه لم ينفصل قط عن تصعيد الدعوة الراديكالية لتغيير اجتماعي جذري،ولم ينفصل لحظة عن البحث الدامي الدؤوب عن الديمقراطية والإنفتاح والتطور..
فهل يُحقّ لنا في الأخير أن نتساءل : هل للأدب دور حاسم في تفعيل الوعي القومي ؟
والسؤال في الأغلب هو نصف الجواب..
محمد المحسن
Peut être une image de 1 personne et sourire


أنت وأنا .. بقلم الشاعر إبراهيم العمر

 أنت وأنا ..

بقلم الشاعر إبراهيم العمر
هناك وقت لا يساوي شيئا
وهناك وقت هو كل شيء
الوقت الذي نتلاقى فيه هو كل شيء
ما قبله وهم وما بعده خيال
ويجب ان نعيش فيه الحقيقة عارية كما هي ...
حقيقة الحب حتى التلاشي والانصهار
ورهافة الاحاسيس ورومانسية المشاعر
حيث تأخذنا الهمسة الى متاهات النشوة والغيبوبة ....
وحيث تسحرنا اللمسة
وتذيبنا الغمرة
وتسري في أجسامنا الرعشة ...
ونغيب عن الإدراك والوعي ...
في عالم من السحر والروعة والجمال ...
كل ما حدث قبل ان نتلاقى ليس سوى وهما
وكل ما سيحدث بعد ان نفترق ليس سوى خيالا ....
يجب ان نعيش الحقيقة بكل حرية وعفوية ...
نرفرف ونطير ...
لا نخشى من الجاذبية التي تبقينا على الأرض ...
ليست الجاذبية سوى اوجاع وخيبات الماضي ...
ولا نخشى من الغيوم ...
ليست الغيوم سوى مخاوف الأيام الآتية ...
الحقيقة ، حبيبتي، هي انا وانت
والدقائق التي تجمعنا ...
الحقيقة خالية من أوجاع الماضي ...
ونقية من القلق والخوف من المستقبل ...
الحقيقة ليس لها علاقة بالأمس وليس لها علاقة بالغد ...
هكذا، حبيبتي، يجب ان نعيش الحقيقة...
لا تعاتبيني ولا أعاتبك ...
دعي الحقيقة تهرهر أوراقنا الصفراء...
الحقيقة ليس لها علاقة بالوعود والعتاب ..
دعي الحقيقة تمرح كما تشاء اللحظة ...
دعي الحقيقة ترتع في دنيا الخيال ...
دعي الحقيقة ترتدي ثوب المغامرة ...
دعي الحقيقة ترتقي عن دنيا الواقع ...
دعي الحقيقة تخلو من الوجع والخوف...
أعطي الحقيقة الفرصة لكي تكون الأجمل ..
إبراهيم العمر .
Peut être une représentation artistique de 2 personnes