الخميس، 21 مارس 2024

الشاعرة الفلسطينية المغتربة أ-عزيزة بشير..تكتب لغزة بحبر الروح..ودم القصيدة (فْلِسطينُ حرّةُ..فاصْدُقوهَا كِفاحا) بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 الشاعرة الفلسطينية المغتربة أ-عزيزة بشير..تكتب لغزة بحبر الروح..ودم القصيدة

(فْلِسطينُ حرّةُ..فاصْدُقوهَا كِفاحا)
-(أرادوه جحيما بقدر ما يشتهون..بقدر ما نشتهيهم..نعم..وليعمّ الجحيم( مظفر النواب)
-حين نلتقي بغزة في منعطفات التاريخ..ذات حلم ربما لن تعرفنا،لأن غزة من مواليد النار ونحن من مواليد الانتظار والبكاء على الديار‏‏..(الكاتب)
-من جمال غزة أن أصواتنا لا تصل إليها لا شيء يشغلها،لا شيء يدير قبضتها عن وجه العدو،لأشكال الحكم في الدولة الفلسطينية التي سننشئها على الجانب الشرقي من القمر،أو على الجانب الغربي من المريخ حين يتم اكتشافه،إنها منكبة على الرفض..الجوع والرفض والعطش والرفض والتشرد والرفض والتعذيب والرفض والحصار والرفض والموت والرفض.‏.(الكاتب)
القضية الفلسطينية هي الجرح العربي الذي لا يزال ينزف،فهي أرض الأنبياء والمكان الذي يمتلئ بالتاريخ والروحانية..
وأطفال فلسطين الشهداء هم رمز للمأساة والصمود في واحدة من أصعب المناطق في العالم، تعرضوا للعديد من التحديات والمخاطر في ظل النزاع والصراع الدائر في فلسطين..
دماء تراق بحجم المطر،وشهداء في كل مكان،أطفال تتيتم ونساء تترمل،أسر تشرد وبيوت تدمر،حرب ضد الطاغي والطغيان،وشعراء يعبرون عن الأوضاع بكلمات يكتبونها في شعر عن غزة يقوي من شكيمة الشعوب الغاضبة في كل الأوطان.
​​​​​​​والكثير من الأشعار قليلة كلماتها أو مقتضبة عبرت عن حال الأطفال والنساء والوطن الجريح المغتصب بين أيدي الأعداء سيما في شهر فضيل كهذا (رمضان الكريم )،وننشر لكم قصيدة الشاعرة الفلسطينية المغتربة أ-عزيزة بشير عن غزة-أرض العزة :
رمضانُ أقبلَ،مسلمونَ تواصَلوا
أطفالُ غزّةَ في العَرا..وَرِياحا
لأ البيتُ ظلّ لِيحتموا مِن بردهمْ
لا الأهلُ ظلّوا..يعانِقُوا الأرواحا
رَمضانُ هلَّ فَكبِّروهُ وَهلِّلوا
وَصِلُوا الجميعَ وأوجِدُوا الأفراحا
رمضانُ أقبلَ حامِلاً..آمالَناَ
وَيُميطُ حيْفاً للوَرى..وَجِراحا!
ويُقيمُ خَيْمَةَ للمُشرّدِ بعدَما
ذهبَ العدوُّ بِبيتِهمْ..وأطاحا
ويُهدّئُ الرّوعَ الذي لعِبتْ بِهِ
أصداءُ حرْبٍ قد علتْهُ..وَطاحا
والحُزنُ يرحلُ والكآبةُ تمّحي
لا وقتَ باقٍ كَيْ يَضيعَ..مِلاحا
قولوا لِغزّةَ سامحينَا حبيبتي
فَرِضاكِ عنّا للهُدى..مِفتاحا
فالقلبُ يَشرعُ بابَهُ لِتَعبُّدٍ
صَفُّوا النّفوسَ وأشبِعوهَا صَلاحا
رَمضانُ عِتقٌ مَنْ جهنّمَ أُمّتي
عِطْرُ الجِنانِ على الورى..فوّاحا
صوموا وَقوموا للإلهِ،تصدّقوا
بِرّوا وكونوا لليتيمِ..جَناحا
وَصِلوا بِرَحٍمٍ واصْدُقوا وتواصَلوا
صُدّوا العدُوَّ وأنقِذُوا..الأرواحَا
أخلاقُ مسلِمِ هذهِ في جَمِْعها
لا الصّوْمُ يُغني..لاالهَوانُ مُباحا
أقصَى يناشدُكَ التّحرُّرَ رَبَّنا
صهيونُ حوّلَ..فرْحَنا أتراحا
ياربِّ قُلْ للتّائبينَ بليْلَةٍ
للقَدرِ: عِتْقاً يا عِبادِي..سَماحا
لا الأسرُ باقٍ ،لا احتلالُكَ باقياً
فْلِسطينُ حرّةُ فاصْدُقوهَا كِفاحا..!
(عزيزة بشير)
هذه القصيدة التي صيغت بأنامل الشاعرة الفلسطينية المغتربة أ-عزيزة بشير وتقطر ألما ووجعا عن شعب يرسف في القيود ،لا هي سحر ولا هي أعجوبة،إنها سلاح الشاعرة(ة)في الدفاع عن بقاء غزة وفي استنزاف العدو..
ومنذ ستة أشهر والعدو مبتهج بأحلامه..مفتون بمغازلة الزمن..إلا في غـزة..‏لأن غـزة بعيدة عن أقاربها ولصيقة بالأعداء..لأن غـزة جزيرة كلما انفجرت وهي لا تكف‏‏ عن الانفجار خدشت وجه العدو وكسّرت أحلامه وصدته عن الرضا بالزمن.
لأن الزمن في غـزة شيء آخر..لأن الزمن في غـزة ليس عنصرا محايدا‏ إنه لا يدفع الناس إلى برودة التأمل.ولكنه يدفعهم إلى الانفجار والارتطام بالحقيقة.الزمن هناك‏‏ لا يأخذ الأطفال من الطفولة إلى الشيخوخة ولكنه يجعلهم رجالا في أول لقاء مع العدو..ليس الزمن‏‏ في غـزة استرخاء‏‏ ولكنه اقتحام الظهيرة المشتعلة..لأن القيم في غـزة تختلف..تختلف..تختلف.. القيمة الوحيدة للإنسان‏‏ المحتل هي مدى مقاومته للاحتلال،هذه هي المنافسة الوحيدة هناك.
وغـزة أدمنت معرفة هذه القيمة النبيلة القاسية..لم تتعلمها من الكتب ولا من الدورات الدراسية العاجلة‏‏ ولا من أبواق الدعاية العالية الصوت ولا من الأناشيد.لقد تعلمتها بالتجربة وحدها وبالعمل الذي لا يكون‏‏ إلا من أجل الإعلان والصورة‏‏.
إن غـزة لا تباهي بأسلحتها وثوريتها وميزانيتها إنها تقدم لحمها المر وتتصرف بإرادتها وتسكب دمها‏‏. وغزة لا تتقن الخطابة..ليس لغزة حنجرة..مسام جلدها هي التي تتكلم عرقا ودما وحرائق.‏‏
من هنا يكرهها العدو حتى القتل.ويخافها حتى الجريمة.ويسعى إلى إغراقها في البحر أو في الصحراء‏‏ أو في الدم‏‏.من هنا يحبها أقاربها وأصدقاؤها وشعراؤها على استحياء يصل إلى الغيرة والخوف أحيانا.
لأن غزة هي الدرس الوحشي والنموذج المشرق للأعداء والأصدقاء على السواء.
ولأن قصيدة الشاعرة الفلسطينية الفذة أ-عزيزة بشير ( فْلِسطينُ حرّةُ..فاصْدُقوهَا كِفاحا) صامدة صمود غزة..صمود الرواسي أمام العواصف في الليالي العاصفات..فقد صيغت كلماتها-كما أشرت-بحبر الروح وغَيم الإبداع..فهي شاعرة نالت منها المواجع في نخاع العظم ولا تمتلك غير"الدموع"،بمهجتها والحبر،والأوراق،والقلم الحزين..القلم المتمترس خلف خط الدفاع الأول عن غزة..عنك يا فلسطين..
وليست-غزة-أرقى المدن وليست أكبر المدن.ولكنها تعادل تاريخ أمة.لأنها أشد قبحا في عيون الأعداء،وفقرا وبؤسا وشراسة.لأنها أشدنا قدرة على تعكير مزاج العدو وراحته،لأنها كابوسه، لأنها برتقال ملغوم،وأطفال بلا طفولة وشيوخ بلا شيخوخة،ونساء بلا رغبات،لأنها كذلك فهي أجملنا وأصفانا وأغنانا وأكثرنا جدارة بالحب.‏‏وأكثرنا-أيضا-إحتفاء بالحياة..وقدرة مذهلة على اختراق الزمن المتخم بالهزائم..
وإذن ؟
سنحطم إذا،كل مرايانا ونبكي لو كانت فينا كرامة أو نلعنها لو رفضنا أن نثور على أنفسنا‏
ونظلم غزة لو مجدناها لأن الافتتان بها سيأخذنا إلى حد الانتظار،وغزة لا تجيء إلينا،غزة لا تحررنا،ليست لغزة خيول ولا طائرات ولا عصي سحرية ولا مكاتب في العواصم،إن غزة تحرر نفسها من صفاتنا ولغتنا ومن غزاتها في وقت واحد،وحين نلتقي بها ذات حلم في منعطفات التاريخ،ربما لن تعرفنا،لأن غزة من مواليد النار ونحن من مواليد الانتظار والبكاء على الديار‏‏.
لم تتحول المقاومة في غزة إلى وظيفة ولم تتحول المقاومة في غزة إلى مؤسسة‏‏.لم تقبل وصاية أحد ولم تعلق مصيرها على توقيع أحد أو بصمة أحد‏‏. ولا يهمها كثيرا أن نعرف اسمها وصورتها وفصاحتها لم تصدق أنها مادة إعلامية،لم تتأهب لعدسات التصوير ولم تضع معجون الابتسام على وجهها.‏‏
ومن جمال غزة أن أصواتنا لا تصل إليها لا شيء يشغلها،لا شيء يدير قبضتها عن وجه العدو،لأشكال الحكم في الدولة الفلسطينية التي سننشئها على الجانب الشرقي من القمر،أو على الجانب الغربي من المريخ حين يتم اكتشافه،إنها منكبة على الرفض..الجوع والرفض والعطش والرفض والتشرد والرفض والتعذيب والرفض والحصار والرفض والموت والرفض.‏
اختارت غزة أن تنتصر لنفسها ولهويتها القومية والإنسانية،وأن تدفع مرة أخرى الأعباء الباهظة لتقاطع الجغرافيا مع التاريخ على أرض مأهولة بالزلازل.
ولأنها اختارت بشكل طوعي أن تقبل ما شاءته لها أقدارها من أدوار،فقد أطلقت إثر سقوط فلسطين،أولى صيحات التمرد والعصيان،وقدمت في سبيل الحرية أغزر قرابين الدم،وأكثر التضحيات جسامة وسخاء.كما استطاع هذا الشريط الساحلي الضيق الذي تشغله المدينة والذي يعدّ أحد الأماكن الأكثر اكتظاظاً على الأرض،أن يلفت أنظار العالم بصمود أهله الأسطوري،ويصبح المجسد الأمثل لروح فلسطين العصية على الانكسار،وهو ما مكّنه في الوقت ذاته من أن يشحذ بالاستعارات والحدوس والصور الملحمية المعبرة مخيلات الشعراء..
فكتبت أ-عزيزة بشير،وقد أوجعتها مأساة وأحزان أطفال غزة،ونضجهم المبكر على نار الجحيم في زمن أخرس،كافر ولئيم..
أطفال وحدهم في عراء الخليقة الدّامي،تقذفهم الرّياح الكونية من زنزانة..إلى معتقل..إلى هواء يتهدّم..إلى أرض تنتفض..إلى عدالة عمياء..إلى قاض أخرس..إلى ضمير أعزل وكفيف..وإلى أمل يضيق ولا يتهدّم..وعلى شاشة الملأ الكوني،تترقرق الدّمعة الأكثر إيلاما وسطوعا في تاريخ صناعة العذاب،وتعلو صيحة الضمير الأعزل المعطوب،دون أن تُسمَع..!
ودائما:ثمة شهداء يسقطون..ودائما خلف القاتل،ثمة حلفاء وقضاة وجيوش..وخلف الضحية..العماء والصّمت..وخلف العماء والصّمت..شعب يقيم أعراسه على حواف المقابر:أعراس مجلّلة بالسواد ومبلّلة بالنحيب..أعراس دم.
/رمضانُ أقبلَ،مسلمونَ تواصَلوا/أطفالُ غزّةَ في/العَرا..وَرِياحا /لأ البيتُ ظلّ لِيحتموا مِن بردهمْ/لا الأهلُ ظلّوا..يعانِقُوا الأرواحا/رَمضانُ هلَّ فَكبِّروهُ وَهلِّلوا/وَصِلُوا الجميعَ وأوجِدُوا الأفراحا../..
لكن..يا شاعرتنا الفذة أ-عزيزة بشير..ثمة أمل ينبثق من دفقات الدّم ووضوح الموت..أمل يتمطى عبر التخوم.
وما علينا -يا عزيزتنا عزيزة بشير،إلا أن نحييّ-الثورة الفلسطينية-التي ألهمت الشعوب العربية المعنى الحقيقي للحرية،ورسمت بحبر الروح على صفحات التاريخ دربا مضيئا يعرف آفاقه جيدا عظماء التاريخ وكل الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل أوطانهم من الأبطال والشهداء منذ فجر الإنسانية: صدام حسين،سبارتكوس،عمار بن ياسر،ياسر عرفات،عمر المختار،يوسف العظمة،شهدي عطية،الأيندي،غيفارا وديمتروف..عزالدين القسام..وقد تجلّت في -ثورتها الخالدة-كما في رفضها الصارخ،وصمودها الأسطوري المذهل بطولة الإستشهاد وتجسّدت في مواقفها الجاسرة آسمى أشكال الفعل الإنساني النبيل..
واليوم..
ها نحن اليوم نعزف-لغزة-لحنا مطرزا بالحرية والإنعتاق:
..هناك كثيرون-يا غزة-أمثالك
أعلوا وشادوا
وفي كل حال أجادوا..
وغزة كذلك ضحت بما كان عزيزا عليها
عظيما..جليلا..
وما عرف المستحيل الطريق إليها..
لأنها تؤمن أنّ القلوب إن فاضت قليلا..
ستصبح رفضا..ونصرا نبيلا..
تمنت أن يعيش شعبها عزيزا كريما..
تمنت أن يرفع الظلم عنها..
لذا..
فعلت الذي كان حتما عليها..
وما كان قدرا على الفلسطينيين جيلا..فجيلا..
أنت-يا شاعرتنا السامقة (أ-عزيزة بشير)-طائر مهاجر يغني للقادمين في موكب الآتي الجليل..وحتما سيعود هذا الطائر الأسطوري إلى وكره..حين ينبلج الصبح على فلسطين..وحتما سينبلج..
لست أحلم..لكنه الإيمان الأكثر دقة في لحظات التاريخ السوداء..من أراجيف-نتنياهو-وأوهام المتعجرف-بايدن-..
محمد المحسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق