رمضان .. بين اليوم والأمس...
...............................................
بين الماضي والحاضر تختصر الصور والذكريات وتعود كالمرآة تعكس ألوان الطيف وتمر مثل فراشات ترقص بين الأزهار لتغيب بعد غروب الضياء بلا رجوع ..
كنا نفرح بقدومه قبل الكبار على الرغم من غياب مائدة الفطور والغداء فِيهِ ، ربما لأننا
الحلويات وحساء العدس ومشروبات العصائر والقمر الدين هوساً يوميا نتسابق قبل غيرنا لتناولها ، موهمين أنفسنا بأننا قضينا نهارنا صائمين..
كانت الناس في شهر رمضان المبارك ليس كما كانوا في غيره تسود أيامهم فطرة الحب والتسامح وصلة الرحم ويخرج عامتهم من غياهب البغض والعداء والقطيعة ، ويتوجه الجميع باندفاع غير مسبوق إلى دور العبادة والدين وتلاوة القرآن والإستمتاع بسماعه عبر الإذاعة والتلفزيون وانتظار صوت الأذان ومدفع الإفطار ايذانا بأنهاء
يوم من أيام صيامه.
يا أله الكون إنّا لك صمنا
وعلى رزقك أفطرنا ، وإنّا
لصيام الغد يارب نوينا
فتقبل صومنا يارب منّا
كانت قنوات التلفزيون والإذاعة تتزاحم لتدفع ببرامج التوعية والصلاح ومسلسلات الدعوة والإيمان وأفلام السلام والإسلام ، حتى الطرب والغناء يتحول مطربيه وفنانيه إلى الإنشاد والترتيل فنجد صور المطربات والمطربين
بلباس التقوى والخشوع يرددون موشحات رمضان وقصائد الدعاء والإستغفار والرجاء ، ففي مثل هذه الأجواء والبيئة تربى جيلنا لينهل من منابع الصدق والنور ويكتنز في نفسه مكامن التفائل والحياة والتي تركزت في الضمير والروح قبل غيره من الجهات..
أقول هكذا كان رمضان في أيامنا نحتفي في آخر أيامه بحلاوة مقدمه أكثر من ولادته ونحن نتحرى ليالي الفوز والإستجابة علَّ مِنا من يصادف ليلة القدر التي يحييّها الجميع في دور العبادة والدين تغمرنا فرحة النصر على أنفسنا
وقهر الشيطان والطمع بمغفرة الله وإحسانه...
أما اليوم فلا حاجة لي أن أكتب عنها فالكل يعيشها ويعرفها حتى يختصر فيه البعض على التهنئة بمقدم ودخول الشهر الفضيل برسائل التواصل الإجتماعي وال فيسبوك ، وكذا الحال في آخره والعيد..
صرنا كما وجدنا من حولنا نترقب برامج الفضائيات ونتحسس بأي منها سيعرض المسلسل والبرنامج المفضل ، بل اصبحنا كغيرنا نتسابق على التقاط أداة التحكم بالقنوات
كي لايفوتنا من الأمر شيئا .. واي شيء أنا أتكلم عن كم ونوع هذه القنوات الفضائيه التي أصبحت في رمضان تتنافس لشد المشاهد على ماتقدمه لأفراغ ما تريد في روح ونفس الصائم..
اتألم والله لأني أخاف أن يمر علينا شهر كفضل ومنزلة رمضان كما تمر بقية الشهور ، فننسى فيه أن الله تعالى جعله لنا رحمة ومغفرة وعتق من النيران وكبّل بفضله الشياطين بقيود من عنده ولكنه ترك شياطين الأنس ليختبر بحكمته إرادة وعزيمة إيماننا..
اللهم إنا نسألك إيمانا دائما وقلبا ذاكرا ولسانا شاكرا ، ونعوذ بك من شرور أنفسنا وسيئات اعمالنا.
رمضان كريم لكم احبتي في الله ، وكل عام ونحن إلى الله أقرب ..
..................................................
عبد الكريم احمد الزيدي
العراق/ بغداد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق