الاثنين، 4 مارس 2024

في دار الثقافة قصور الساف مقاربة نقدية في تجربة الفنانة : هيفاء الحاج صالح من خلال معرضها الشخصي " المتاهة" بقلم مراسل الوجدان الثقافية الكاتب: جلال باباي

    في دار الثقافة قصور الساف

مقاربة نقدية في تجربة الفنانة : هيفاء الحاج صالح
من خلال معرضها الشخصي " المتاهة"
الوجدان الثقافية:
كنت مقتنعا حين خيٌرت ان أغوص في عالم الرسامة الاستثنائية: هيفاء الحاج صالح وأمعن النظر في اللوحات التي حَوَت معرضعا الشخصي:" المتاهة" الذي أقيم بدار الثقافة قصور الساف ، حتٌى أنتهي بقراءة أولى تذيب شيئا ما من حيرتي وتعرٌي ما خفي من رغبتي الجامحة لتلمٌس فحوى الرسوم ونوايا الفنانة التي أتقنت عبر تجلياتها التشكيلية و فسيفساء رسوماتها في دغدغة فرشاتها حتى تشفي غليل اختيارها لاقتناص الفكرة وابلاغها للملاحظ والمتامٌل في ثناياها من خلال شدٌه للكشف عنها وهي تتخفٌى تحت خطوطها الملتوية التي تشكٌلها المتاهة ،
وقد استحسنت كثيرا اختيارها لللونين الابيض والاسود كقيمتين ضوئيتين للتعبير عن ثنائية في جانب الاحاسيس والمفارقة بين بعدين لا يتشابهان لتختزل الرسامة المسافة بينهما وتخاتلنا بأسلوبها الفني المغاير وترتجل متاهتها باقتدار فهي الفتنة والدهشة و لعبةالكرٌ والفرٌ التي اقامت نواميسها الفنانة ثم والاكثر من ذلك الرغبة في إزالة القلق عن المتيٌمين بالعزلة حينا واستدراج الفرح إلى المتقبٌل الوهن احيانا أخرى . مازلنا نترقٌب إحالتنا على بوٌابة رئيسية ثانية لهذه المتاهة لننطلق عبرها في صياغة ملحمة الرسامة الإبداعية قادم الجولات.
لمٌا التقينا الفنانة هيفاء الحاج صالح آخر مطافنا لرفع اللٌُبس عن سرٌ التسمية وتعرية أسرار واغوار هذه المتاهة التي شدٌتنا لفقه تجاويفها صرٌحت لنا قائلة وبثقة في النفس : " في حقيقة الأمر أن بدايات وصولي إلى مفهوم "المتاهة" كان عبر مراحل، فاهتمامي في البداية كان معتمد على "العين" بكل ما تحتويه من مفاهيم عن النظرة الأحادية و النظرة المتحررة و دور كل منها في فهم العالم، ثم انتقلت لاحقا إلى الاهتمام بالشكل الدائري الذي يذكرني بشكل بؤبؤ العين إلى أن وصلت إلى الشكل الكروي للأرض، ثم وصلت الى الشكل الخرائطي و العالم المسطح من جديد كرؤية نقدية عن العالم الذي يظهر فيه الشكل الخرائطي حدود وقيود من جهة للعالم، وفي نفس الوقت تواصل واتصال بين العالم والذي كان واضحا في الخط والخيط الراسم لشكل الخريطة. ربما كانت هذه الكلمة القادح لتجاربي اللاحقة في المتاهة، فبالرغم من أنها (الخريطة) كانت قريبة جدا من أعمالي السابقة إلا إنني لم اهتم بها كعنصر رئيسي بقدر رسمي للشكل التجريدي الواضح في الخط والخيط الواضحان في اعمالي التشكيلية المختلفة...."
ثمٌ تضيف في مجمل كلامها قائلة:.....و هذا ما دفعني للاهتمام بها في أعمالي ولما يظهره الشكل الخرائطي من رمزية واضحة للعالم. و ربما أيضا لما وصلت إليه من مفاهيم تجعلني اخص بالتساؤل عن الضياع والولوج والخروج في العالم، والرحلة والسفر والتشابك والتشعب والامتداد والافتراضية... و قد حاولت من جهة أخرى أن أجد مفهوما أوسعا يشمل كل المفاهيم التي مررت بها، إلى أن وصلت الى المتاهة التي تعد الملمة لكل هذه المفاهيم، خاصة وأنّ الأعمال التشكيلية تجعل من القارئ يتوه داخل خطوطها."
هكذا تستدرجنا خطوط الطول والعرض ذات السواد غالبا و التي تخترق بياض القماشة وكانها خريطة طريق ، توهمنا بالنفاذ إلى نهاية المسار ربٌما ينجلي في بعض الاحيان ماخفي جرح في لون الأحمر الداكن كانها ذاكرة صدئة او وجع متقادم يراكم فوق المسار ليقطع مع النبض العادي والروتيني للحياة ."
نبقى متلهفين لمقاربة ثانية في شأن تجربة هيفاء الحاج صالح وما جاور متاهتها حتى نستمتع بصريا وعاطفيا مع محاملها الفنية المدهشة التي تحلق خارج السرب.
بقلم الكاتب: جلال باباي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق