الجمعة، 8 مارس 2024

تجديد الخطاب الدينى الجزء الثالث بقلم د/علوى القاضى

 «(§)»تجديد الخطاب الدينى«(§)»

الجزء الثالث
بقلمى : د/علوى القاضى.
... تكلمنا فى الجزء السابق عن كيفية إعداد القائمين بالتجديد فكريا ومنهجيا وسلوكيا ، وانتهينا إلى أن تجديد الخطاب الدينى ينبغى أن تسبقه الأمة فى تجديد بناءها ودماءها ومؤسساتها وأطروحاتها ، فلايتحقق تجديد الخطاب الدينى فى أى دولة مسلمة دون تجديد مفاصل الدولة وبنيتها وأركانها ومؤسساتها
... ولاننسى إعادة بناء المسلم المعاصر فكرا ومنهجا وسلوكا ووجدانا ليكون دعامة أساسية فى عملية التجديد والبناء ، لذلك يجب على مراكز التعليم والبحث أن تسبق وسائل الإعلام فى مناقشة قضايا التجديد وليس العكس
... وأؤكد على أن الهدف من تجديد الخطاب الديني هو التأكيد على صلاحية الشريعة الإسلامية وتميزها بالثبات والمرونة فى كل العصور وإصلاحها لأحوال الناس في كل زمان ومكان ، وسعتها لإستيعاب التغيرات ومرونتها وقبولها لمختلف الآراء الإجتهادية التي تستند علي أدلة شرعية ، وإعتبار الإختلاف الفقهي تنوعاً يلبي حاجات البشر ويلائم المكان والزمان ، وإبراز الصورة المشرقة للصحابة الكرام باعتبارهم الجيل الذي طبق الإسلام عملياً برعاية المصطفي صلي الله عليه وسلم ، وإتباع الهدي النبوي في الدعوة والإرشاد ، كما أن تجديد الخطاب الديني ليس المقصود به تغيير معالم الدين ، وإنما هي دعوة الي أصحاب العقول الرشيدة ، خاصة الدعاة لمراجعة مدي فهمهم لكتاب الله تعالي وتمسكهم بشرع الله وترتيب الأولويات ، وهذه المراجعة تعني فهمهم للنصوص الشرعية وتطبيقها علي أرض الواقع
... وهذا يأتي من خلال فهم الإسلام فهماً صحيحاً ومعالجة النصوص الشرعية معالجةً دقيقة ، مما يخلق علماء يتمثل دورهم في تجديد الخطاب الديني ويبعث فيهم روح الإخلاص والأمانة ، ويتحقق الحديث النبوى ( إن الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ) ، مع التأكيد علي أن مسئولية تجديد الخطاب الدينى تقع على عاتق الجميع ، ولابد من تكاتف جميع مؤسسات الدولة لمحاربة التطرف والإرهاب
... مع الإهتمام بضرورة عقد اللقاءات وندوات ومؤتمرات بهدف توعية المواطنين لنبذ الأفكار المتطرفة والهدامة ومواجهة الفكر بالفكر والدعوة للتمسك بمبادىء وسماحة الدين الإسلامى
... وفى حديث مع أحد الأصدقاء عن الدعوة لتجديد الخطاب الدينى فى مصر ، إتهمها بأن الهدف منها هدم الثوابت وأساس الدين ، وهذا غير صحيح نهائيا لأننا بلد الأزهر الشريف ، وكما قال صاحب الفضيله الشيخ الشعراوى عليه رحمة الله ( إختص الله مصر بالأزهر الشريف كما إختص مكة المكرمة بالكعبة الشريفة فالأزهر كعبة للعلماء من كل بقاع الأرض وهو منارة العلم ) ، ولا ننسى مواجهة فضيلة شيخ الأزهر للأحد مدعى التجديد فى أحد المؤتمرات ، فالأزهر حامل لواء الدين وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
... ولكن من الملاحظ أن هناك بعض العلماء يقفون فى الخطاب الدينى عند أمور عقيمة من الفكر المتشدد من عصور سابقة ويرفض التطوير والتجديد بالتحدث عن أمور الحياة الحديثة ، وهذا يتسبب فى سقوط بعض الشباب فى التعصب والتطرف والفساد والإفساد
... لذلك يجب على علماء الأمه فى خطاباتهم ولقاءاتهم أن يهتموا بتوضيح معنى تجديد الخطاب الديني الصحيح ، ويؤكدون على تنقيته من الثقافات المخالفة ، والتي تتضارب مع فكر وثقافة الإسلام الوسطي ، وبخاصة فيما يتعلق بالإباحية والتفلت ومايُسَرَّبُ تحت مظلة حقوق الإنسان من القول بالشذوذ والإجهاض ونحوها ، فالإسلام يعتبر كل هذه الآفاتٌ الضارةٌ قاتلةٌ للخطاب الديني الصحيح
... لأننا كمسلمون إذا كنا نرفض الخطاب الديني المتشدد والمتشائم والمهول والمتطرف ، فإننا بنفس القدر نرفض الخطاب الديني اللعوب والمفتوح والمختلط بعناصر شاذةٍ لأن الدين لايرضى عنها من قريب أوبعيد ، فكلا هذين الخطابين شاذٌّ ومنحرفٌ ومرفوضٌ وغريبٌ على الأمة الإسلامية بمنهجها الوسطى ، وغريبٌ على دينها ذوالفكر التنويرى
... وأرى أن خطاب التجديد الصحيح هو الخطاب الذي يُقَوِّمُ الواقع ويضبطه ويصححه على أساسٍ الثوابت من هذا الدين
... مايحدث الٱن وماتنادى به الألسنه والأبواق المأجورة من خارج أمتنا هل نعتبره تجديد للخطاب الدينى فعلا أم هدم للشريعة والدين ؟؟!!
... أقول أنهم يضعون السم فى العسل ويضمرون غير مايعلنون ، فلا فائدة مما يدعون إليه من تشكيك فى الصحابة والسلف والخلف
... وأرد على حجتهم أنه طالما نجح الأولون في تسيد عصرهم وفشلنا نحن مع أهل زماننا ، فسلفنا بريئون من ذلك ، لأن العيب فينا وليس في المنهج فهم سادوا وقادوا الأمم بنفس المنهج الموجود بين أيدينا ونحن تركنا المنهج فتزيلنا الأمم وتكالبت علينا
... تحياتى ...
إلى لقاء فى الجزء الرابع
Peut être une image de 3 personnes et texte

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق