الاثنين، 4 مارس 2024

القنبلة رواية / رضا الحسيني ( 37 )

 القنبلة رواية / رضا الحسيني ( 37 )

صاصا حفيدتي بأمانتك ياابني هي وشاهي ، اوعدني تخلي بالك منهم ولاتتركهم أبدا

اندهش عماد مما سمع ، وسمعته أنا والطبيب والممرضة ، وكأنها وصيته لعماد ونحن شهود عليها ، ولم يستطع أحد منا إخباره بوفاة ابنته شاهي ، لم يكن من الطبيعي ولا المنطقي ولا المناسب أن يخبره أحد بهذا الخبر الصعب ، فهز عماد رأسه موافقا على ماسمعه من والد شاهي وهو يمسك بيده التي مالبثت أن سقطت من يده مع خروج أنفاسه الأخيرة وظلت عيناه تنظر لعماد في لحظة وداع مريرة، وكأن قنبلة جديدة قد انفجرت بالغرفة ، ولم يستطع الضابط عماد من منع انفجارها ، ففي الحياة كثير من القنابل ليس بيدنا شيء لمنع انفجارها ، فهي تنفجر فينا أو حولنا ، ولايوجد إنسان لم تنفجر فيه قنبلة يوما ما ، والقنابل تبدو وكأنها تنفجر بشكل مفاجيء، وهي في الحقيقة قنابل موقوتة لها وقت ومكان للانفجار ، ولايملك أحد أن يحمي نفسه مهما بلغت قوته أو قدرته على الإفلات منها ، كل هذا دار في تفكيري وأنا اعيش هذه اللحظة التي لم يخطر ببالي أبدا أنني سأغيشها منذ ذهبت للإبلاغ عن صديقي وقنبلته مساء الأمس

وساد الغرفة كلها سكات لايطاق أعقبه انهيار غريب لعماد ولي ، وأصابنا الذهول ، وبدأت أشعر أن هذا اليوم يساوي كل حياتي السابقة والقادمة ، ما كل هذه الأحداث التي أعيشها منذ ليلة الأمس ،واستمرت التساؤلات الغريبة تتوالى على تفكيري ، فلا أعرف لماذا قابلت أسرة شاهي ؟ لماذا أنا بالذات من بين ملايين البشر الذي اختارني القدر لأعيش كل ماعشته اليوم ، حتى أن علاقتي بالضابط عماد تطورت بشكل سريع ومتلاحق ، وأدركت أني منذ ولدت مكتوب في سجل حياتي هذه اللحظة ، سأكون بلا ترتيب الوحيد بجوار عماد في هذه اللحظة ، وأن عماد التقى فقط بشاهي ووالدها سيادة اللواء ليكون المسؤل عن إنهاء كل إجراءات دفنهما وإبلاغ بقية الأسرة ، وتعجبت من الحياة ، فعماد ربما لم ينجب ولم يتزوج من أخرى بعد انفصال زوجته عنه لأن صاصا ستكون هدية السماء له ، فعلا لانعلم أين سيكون الخير لنا ، حتى أنا كنت طيلة اليوم أتعجب مما أعيشه ، وكنت أراه شيئا ليس فيه أي خير لي ، وهاأنا أعيش مع عماد كل هذه الأحداث

وهنا رن هاتفي الذي شعر بما أنا فيه فاراد أن يخرجني من كل هذا الشرود ن وربما من كل هذا الحزن أيضا ، اضطررت للخروج من الغرفة لأتمكن من الرد بدون أن أتسبب في أي شيء جرح نفسي لعماد :

_ بابا ، وحشتني أوي ، هترجع ليا امتى ؟

_ حبيبة قلب بابا ، إزيك ياقلب بابا ، انت كمان وحشتيني

_ لو كنت وحشتك ياسي بابا كنت رجعتلي ومتتاخرش كده

_ حاضر هرجعلك ومعايا كل اللي بتحبيه

_ وأنا هتجيبلي معاك إيه ؟

_ أنتِ الحب كله والخير كله ياعمري

_ اضحك عليَّ زي كل مرة تتأخر فيها

_ تحبي أجيبلك إيه معايا ؟

_ المهم تجيبلي حبيبي معاك وبسرعة

كان الاتصال الذي لم يخطر ببالي هو أكتر شيء كنت أحتاجه في هذه اللحظات الصعبة، وكأنهم يشعرون بما أعيشه وأني أحتاجهم كثيرا

عدت وبداخلي الكثير من الأحاسيس المختلطة ، وكأن الأقدار تريد أن تقول لي كما تهوِّن على غيرك وتقف بجوارهم فأيضا القدر يقف بجانبك ويهوِّن عليك

عُدنا لصاصا الغالية التي صارت في لحظات بلا أحد ، بلا كل شيء ، ليس لديها سوى عماد بقلبه الحنون وابتسامته التي تحاول اختراق جليد الحزن الذي بداخله من أجل صاصا حبيبه قلبه ،وحبيبة قلبي ايضا ،فقد عشت معها الكثير من الوقت والأحداث اليوم ، ولا أدري ماالمصير الذي كُتب لنا ثلاثتنا بعد كل هذه الأحداث التي عشناه خلال هذا اليوم الطويل أو الأطول ، وبعد أن وصلنا لهذه النقطة

ونحن في غرفتها جاء صوت من جهاز الضابط عماد :

_ عمليات المعرض للضابط عماد ، حوِّل

_ أسمعك بوضوح ، حوِّل

_ تم القبض على الكاتب المتهم بمحاولة تفجير المعرض ، وصدرت الأوامر بضرورة حضور سيادتك ومعك الشاهد معتز ، حوِّل

_ عُلِم وجاري التنفيذ ، حوِّل ......

وإلى هنا نكون قد وصلنا لنهاية هذا الجزء من الحكاية 

وافوني بتوقعاتكم للقادم من الحكاية .. وأفيدوني بآرائكم

مع تحياتي / رضا الحسيني ... 4مارس2024

Peut être une image de ‎1 personne et ‎texte qui dit ’‎(37) رواية القنبلة رضا الحسيني‎’‎‎

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق