الخميس، 23 فبراير 2023

الطبيب الغامض: قصة شيقة ومثيرة..!! بقلم: م/ محمود زكي علي

 


الطبيب الغامض: قصة شيقة ومثيرة..!!

بقلم: م/ محمود زكي علي
الجزء الثاني والأخير
من : (الفصل التاسع) إلى (الفصل السادس عشر)
الفصل التاسع: الخادم
((لقد وصلت رسالتك يا سيدي...!!))
قالها الخادم (همام) عندما عاد للطبيب الغامض في منزله بمنطقة الجبل فابتسم الطبيب قائلا:
- الحمد لله...أنت نعم الخادم يا (همام) ..وتأكد لي ذلك عندما
صدقتني عندما جئت إليك..!!
قال (همام) :
- سيدي الطبيب..لست اعرف حقا كيف عرفت أن تصل
إلى...ولكن عندما اخبرتنى أن ما أصاب الأمير (يحيي) بسبب
السم وشرحت لي أعراضه ..وأنه لا سبيل لإنقاذه إلا بإخراجه
من القصر لم أكن لأتردد في فعل ذلك...لقد حملته على كتفي
وخرجت به عبر مخارج سريه بالقصر لا يعرفها إلا
القليل...وجئت به إليك...وفرحت أكثر عندما تعافى الأمير
بعد أن أعطيته ذلك الدواء...ولكن ما هي خطوتنا التالية؟
قال الطبيب:
- يجب أن نعرف من أعطاه السم...ومن أمره بذلك؟!!
قال (همام) :
- لا أحد يتعامل مع الأمير بداخل القصر سواى...فكيف تناول
ذلك السم؟!!
سأله الطبيب:
- ليس شرطا إن يكون من أعطاه السم من الخدم يا
(همام)...قل لي هل لدى الأمير أي أصدقاء ؟
قال (همام) :
- ليس لدي الأمير سوى ثلاثة أصدقاء...ابن عمه ( فارس)
واثنين من خارج القصر احدهما يدعى (عمرو) والأخر يدعى
(سعد) ..هل يمكن أن يكون الخائن احدهم؟
قال له الطبيب:
- ربما...لن نتسرع في الحكم... سأتحقق من هذا الأمر
بنفسي..!!
قال (همام ) :
- لي سؤال يا سيدي؟
قال له الطبيب:
- اسأل..
قال (همام) :
- هل مثل هذا السموم متاحة في السوق للعامة؟
قال له الطبيب:
- كلا يا (همام)..إن السموم بطبيعتها تحتاج إلى
خبير ...ومعرفتنا بأعراض السم ساعدتني كثيرا في علاجه
وبسرعة.
قال همام:
- من إذن هذا الخبير...؟
قال له الطبيب:
- لا تقلق يا همام...سأعرفه...وسأجعله يندم أشد الندم ...والآن
أتركك لترعى الأمير (يحيي ) وسوف أعود إليك في وقت
لاحق...ولديك في المنزل كل ما تحتاج إليه لرعاية الأمير..
سأله (همام) :
- إلى أين ستتركنا وتذهب سيدي الطبيب؟
أجابه الطبيب:
- سوف ابدأ في جمع بعض المعلومات بطريقتي الخاصة...!!
وتركه الطبيب وانصرف من المنزل تاركا الخادم همام يتساءل في حيرة..
هل سيتمكن الطبيب من التوصل للخائن بسرعة؟
هل؟!!
هل؟!!
***
- هل ينجح الطبيب في كشف الخائن؟!!
- ماذا سيفعل السلطان (علام) لاستعادة الأمان فى قصره مرة
ثانية؟!!
- ما سر ذلك الطبيب الغامض؟!!
تابعونا....
الفصل العاشر : رحلة صيد
((السلام على سيدي الأمير))
ألقى الخادم (همام) التحية على الأمير( يحيي) الذي رد عليه قائلا:
- وعليك السلام يا (همام)...أين كنت؟
أجابه (همام) :
- ذهبت للقصر كي اطمئن السلطان والملكة عليك.
سأله الأمير:
- وأين أنا يا (همام) ؟
أجابه (همام):
أنت في منطقة تدعى منطقة الجبل يا سيدي...منطقة
بسيطة في جنوب البلاد ..لقد حضر إلى طبيب ملثم اخبرني
بأمر مرضك وشرح لي كل الأعراض التي تظهر عليك
واوصانى بإخراجك من القصر لعلاجك..
سأله الأمير:
- وهل صدقته بهذه السرعة يا (همام) ؟ ربما كان في الأمر
خدعة..!!
قال له (همام) :
- لي نظرة في الناس يا سيدي ...وانظر لنفسك الآن ...لقد
كانت حالتك صعبة للغاية حتى أن طبيب القصر قد فشل في
علاجك..
قال له (يحيي) :
- ذلك الطبيب يا همام.... اخبرني اننى كنت واقعا تحت تأثير
السم...من فعل هذا بى يا (همام) ؟
سأله (همام) :
- نحتاج لمراجعة هذا الأمر سويا يا سيدي...لقد كنت بخير
قبل رحلة الصيد التي خرجت فيها مع أصدقائك...وعندما
عدت من الرحلة بدأت تشكو من الم بمعدتك ورأسك...ما الذي
حدث في رحلتك يا سيدي؟
اعتدل الأمير (يحيي) في جلسته وبدأ يستعيد كل ما حدث...
إن الخادم على حق...فهو لم يشكو من أي الم قبل هذه الرحلة ....
فقال لخادمه محاولا ترتيب أفكاره:
- كنت قد حددت موعد هذه الرحلة قبلها بثلاثة أيام يا
(همام) ..وبالطبع لم يكن معي سوى ابن عمى (فارس)
وصديقي (عمرو) و(سعد) ...وأنت تعرفني يا (همام) ...لست
أحب السير ومعي موكب من الحرس والخدم...
قال له (همام) :
- ولكن هذا خطرا عليك يا سيدي...
قال له الأمير:
- وما سبب الخطورة يا (همام) ...اننى لم اظلم أحدا ...ولم
أتسبب في إيذاء أي إنسان...إن الإنسان يخاف عندما
يخطئ ..يخاف عندما يظلم...يخاف عندما يستعمل سلطته
في إيذاء غيره...دعني أكمل لك ما حدث..
قال له (همام):
- كلى آذان صاغية يا سيدي
استطرد الأمير قائلا:
- ولما أصابنا التعب بعد رحلة الصيد توجهنا إلى خانة يقدم
فيه الطعام والشراب...وبالطبع رحب بنا صاحب المكان...وبدا
من الواضح انه يعرفنا و....
قاطعه الخادم قائلا:
- وكيف يعرفكم يا سيدي؟ هل ذهبت لهذا المكان من قبل؟
ومن اقترح هذا المكان؟
أجابه الأمير:
- كانت هذه فكرة ابن عمى (فارس) ... لقد ذهب لهذا المكان
أكثر من مرة...وربما تحدث مع صاحب الخانة عن هذه الرحلة
ليجهز لنا ما لذ وطاب من الطعام...
سأله الخادم:
- وهل تناولتم الطعام سويا انتم الثلاثة ؟!!
أجابه الأمير :
- نعم...لقد وضع صاحب الخانة صينية فيها كل ما لذ وطاب ثم ناول كل منا كوبا من العصير المنعش البارد..
سأله همام:
- هل اشتكى أحد من أصدقائك بوجود أي ألم يا سيدي؟
قال له (يحيي) :
- لا يا (همام) ...ولكنني فور عودتي من تلك الرحلة بدأ الألم
يزداد تدريجيا ....ولا اعرف له سببا...!!
سأله الخادم:
- هل يمكن أن يخونك احد أصدقاؤك يا سيدي؟
نظر الأمير في دهشة قائلا:
- لا يا همام...
سأله همام:
- من فعلها إذن يا سيدي؟
قال الأمير:
- العلم عند الله يا همام...ترى أين ذهب هذا الطبيب في رأيك؟
أجابه (همام) :
- لقد اخبرني انه سيذهب لجمع بعض المعلومات يا سيدي
سأله الأمير:
- بخصوص ماذا؟
أجابه (همام):
- بخصوص محاولة قتلك بالسم يا سيدي ...إن محاولة قتل
أمير البلاد وولى عهدها لن تمر مرور الكرام وخصوصا إن
البلاد في حالة استقرار ويسود فيها العدل والنظام..
قال الأمير:
- وهل تعتقد يا (همام) انه سيتمكن من معرفة الجاني
بسهوله؟
أجابه (همام) :
- أنا متأكد من ذلك يا سيدي ... ما رأيته منه حتى هذه
اللحظة يؤكد ذلك.
قال له الأمير:
- سنرى يا همام...سنرى...!!
نعم أيها الأمير... سترى الكثير مما سيدهشك حقا..!!
وساد الصمت في المكان ...
كان الأمير (يحيي ) يفكر في كل ما دار بينه وبين خادمه واخذ يتساءل:
كيف سيتمكن ذلك الطبيب من الوصول إلى الجاني؟!!
كيف؟!!
كيف ؟!!
***
الفصل الحادي عشر: جمع معلومات
عاد وزير الدولة (عدنان) إلى مقر إقامته مرهقا مما كان في يومه من أعمال فجلس على أول مقعد صادفه وهو يقول:
يا له من يوم شاق...ولكنه انتهى كغيره من الأيام..!!
((تأخرت كثيرا سيدي الوزير...إنني انتظرك منذ وقت طويل))
انتفض جسد الوزير عندما سمع العبارة فهب واقفا وقال:
- من المتحدث؟
برز له الطبيب الغامض قائلا:
- هل نسيتني بهذه السرعة...
استعاد الوزير ذكرياته مع هذا الصوت فقال في دهشة:
- أنت ذلك الطبيب ...أليس كذلك؟
أجابه الطبيب:
- نعم..أنا هو...
سأله الوزير عدنان:
- ولكن كيف عرفتني؟ وكيف دخلت إلى هنا؟ ولماذا لم تأت
في ميعادك كما اتفقنا؟
قال له الطبيب:
- لم يكن الأمر صعبا...فمثلما تتبعتني...تتبعتك..!!.وعرفت من
أنت..أما بالنسبة للدخول إلى المكان فلا يوجد أي صعوبة في
ذلك بالنسبة لي...أما بالنسبة لعدم الحضور فقد جئت فعلا
في موعدي كما اتفقنا..
هتف به الوزير:
- أنت تكذب...لقد جلسنا أنا والسلطان وطبيب القصر حتى
ساعة متأخرة في انتظارك ولكنك لم تحضر..!!
قال الطبيب:
- دعك من هذا الآن واسمعني جيدا...فأنت الوحيد الذي أثق
به حاليا.
قال له الوزير:
- كلى آذان صاغية...
قال له الطبيب:
- لقد تعرض الأمير (يحيى) لمحاولة اغتيال بالسم...ولقد
أخرجته من القصر بمساعدة الخادم (همام) وتمكنت من
علاجه طبقا لما اخبرتنى به من أعراض تنم عن إخلاص
شديد...وبلا حدود.
اتسعت عينا الوزير في دهشة أمام هذا السيل من المعلومات المخيفة إلا انه تجاوز كل هذا وقال:
- وماذا بعد؟
قال له الطبيب:
- احتاج إلى تعاونك
سأله الوزير:
- تعاوني؟...في ماذا؟
قال الطبيب:
- في كشف الخائن...وعقابه بشده ...تمنع تكرار ما حدث..!!
سأله الوزير:
- كيف؟
قال له الطبيب:
- أريد كل المعلومات المتاحة عن الأمير (يحيي) وأصدقاؤه
وهواياته ..من يحبه ومن يكرهه...كل شيء يا سيدي الوزير
قال له الوزير:
- هل تعتقد أن مثل هذه المعلومات قد يفيد في كشف
الخائن؟
قال له الطبيب:
- بالتأكيد...لكي يتم القتل بالسم ...لابد أن تكون لك صلاحية
للاقتراب من الهدف بما لا يسمح بوجود ذرة من الشك ..
قال الطبيب في دهشة:
- هل تعنى أن....
قاطعة الطبيب في سرعة:
- نعم...أقصد...الطعنة هذه المرة جاءت من الداخل...ويهمنى
أن اعرف كل التفاصيل لأصل إلى الجاني..!!
قال له الوزير:
- حسن...استمع إلى جيدا..
وراح الوزير يشرح له بالتفاصيل كل المعلومات المطلوبة..
وبمنتهى الدقة...!!
***
- ترى هل ينجح الطبيب في كشف الخائن؟!!
تابعونا..
الفصل الثاني عشر : أول خيط
كان الوقت يقترب من منتصف الليل عندما عاد الطبيب إلى منزله وقام بالاطمئنان على صحة الأمير (يحيي) الذي سأله قائلا:
- قل لي أيها الطبيب...لماذا تخفى وجهك دائما؟
قال له الطبيب:
- الإنسان يا سيدي عابر سبيل...له رسالة وعليه أن يؤديها
كاملة...وله حقوق ويجب أن يحرص عليها...عندما أخفى
وجهي فإنني ابعد عن نفسي متاهة الغرور البشرى...
قال له الأمير:
- منطق غريب...وغموض أغرب....والعجيب أن من يتعامل
معك يصدقك..لست ادري كيف يجتمع هذا وذاك؟
ابتسم الطبيب قائلا:
- هذا لأن الله سبحانه خلق لنا قلوبا تحس...وأرواح
تتآلف...وتنسجم.
سأله الأمير:
- هل وصلت إلى أي دليل فيما نواجهه أيها الطبيب؟
قال له الطبيب:
- نعم ...ولكن هناك بضع أسئلة أحب أن اطرحها عليك أيها
الأمير..
قال له الأمير:
- أسأل ما بدا لك..
قال الطبيب:
- هل لديك الرغبة لتحل محل أبيك في الحكم؟
أجابه الأمير:
- إن الملك بيد الله أيها الطبيب...يهبه لمن يشاء...وما قدره لي
سيحدث..أن قدره نافذ لا محاله.
سأله الطبيب:
- لقد جمعت بعض التحريات عنك من مصادر
موثوقة ...وقريبة جدا...إن الكل يحبك فعلا...ومن العجيب
أن أجد لك عدو يكرهك...
قال له الأمير:
- لم يحدث أيها الطبيب أن اجتمع الجميع على حب أو كراهية
لأحد.. فلما يشغلك هذا الأمر؟
قال الخادم (همام) الذي كان صامتا :
- الطبيب يقصد أن يسألك...هل تجد ممن حولك أي مشاعر
عدائية ظاهرة أم مستترة...هذه الأمور تحس لا تلمس..
أجابه الأمير:
- يصعب الحكم يا (همام) على مثل هذه الأمور...فقد يخطئ
المرء في حكمه على إنسان...لهوى أو رغبة..
قال الطبيب:
- علمت من مصادري انك قد ذهبت إلى رحلة صيد منذ أيام
قليلة..أليس كذلك؟
ابتسم الخادم وقال:
- لقد سألت الأمير هذا السؤال ..!!
قال الطبيب:
- فماذا عن الإجابة؟
أخذ الخادم يشرح له كل ما دار بينه وبين سيده فتألقت عينا الطبيب قائلا:
- إذن فقد شرب الأمير وأصدقاؤه العصير البارد المنعش ولكن
في أكواب منفصلة..وليس من نفس الزجاجة..؟!!
قال الأمير:
- ماذا تقصد أيها الطبيب:
قال الطبيب:
- من المعتاد في أ ى حانة أن يحضر عامل الحانة صينية
عليها دورق العصير وحولها الأكواب فارغة...ثم يقوم بالصب
لكل فرد .
سأله الأمير:
- وما الذي يعنيه ذلك؟
أجابه الطبيب:
- ما دامت الأكواب جاءت إليكم ممتلئة فهذا لا يعنى سوى أمر
واحد..
سأله الخادم (همام) :
- أي أمر؟
قال الطبيب:
- إن صاحب هذا الحانة له يد في هذه الجريمة...وأن لم يكن
هو من خطط لها...!!
وأشار إلى (همام) قائلا:
- هل تعرف هذه الحانة يا همام؟
أجابه الأمير:
- إن همام لم يكن معنا أيها الطبيب..إن هذه الحانة يملكها
رجل يدعى (حمدان) وهى تقع قريبا من المنطقة
القديمة..هل تعرفها يا (همام) ؟
قال (همام) :
- نعم اعرفها يا سيدي
هنا قال الطبيب:
- هيا بنا يا (همام) سنقوم بزيارة هذه الحانة..
قال (همام) :
- لقد تأخر الوقت أيها الطبيب...وقد انتصف الليل وربما كانت
مغلقه..!!
قال الطبيب:
- انه وقت مناسب لما نريد القيام به..!!
تحرك الطبيب والخادم وغادرا المنزل..
وكان هدفهما واضحا جليا هذه المرة..
إنه (حمدان)..
صاحب الحانة ...!!
***
- هل ينجح الطبيب والخادم في كشف اللغز ومعرفة الفاعل الحقيقي؟
تابعونا...
الفصل الثالث عشر : اعتراف
((ماذا سنفعل مع صاحب الحانة سيدي الطبيب؟)
سأل الخادم (همام) الطبيب بهذا السؤال وهم في طريقهم لحانة (حمدان) فأجابه الطبيب:
- سوف أقدم إليه عرضا لا يمكن رفضه..!!
سأله الخادم:
- أي عرض؟
قال له الطبيب:
- سوف أخبرك.
شرح له الطبيب خطته بالتفصيل فاتسعت عينا الخادم في أعجاب حقيقي..
إن هذا الطبيب داهية حقا..
كان (حمدان) صاحب الحانة قد أغلق الحانة بالفعل بعد أن تجاوز الوقت منتصف الليل وقد غادر عماله الحانة حيث كان يبيت فيها بمفرده وكانوا يحضرون إليه في الصباح..
وضع (حمدان) رأسه على الوسادة ليستريح بعد إجهاد اليوم...
وأغمض عينيه بالفعل...
وفجأة شعر أن هناك من وضع يده بقوه على عينية وأحس بمن يضع قطعة قماش علي عينيه فحاول أن يصرخ لكنه وجد انه مكبل في قوة وهناك من يقيده بحبل متين فأخذ يصرخ في قوة:
النجدة..النجدة
وفجأة شعر أن شيئا يوضع في فمه مر المذاق فبلعه مرغما وشعر بمرارته فقال :
- ما هذا؟ وماذا تفعلون بى؟
سمع (حمدان) صوت الطبيب يقول له في قوة:
- اسمعني جيدا يا (حمدان) ...ما شربته الآن هو سم سريع
التأثير ...ولا نجاة لك منه إلا بالترياق الذي أحمله معي...فإما
أن تخبرني بما أريد معرفته وفى هذه الحالة أعطيك الدواء
فتنجو.....وإما أن أتركك تواجه مصيرك المحتوم...والخيار
لك...!!
قال (حمدان) :
- أنت تكذب...هذا ليس سما..!!
ابتسم الطبيب قائلا:
- ليكن....وداعا يا (حمدان) ...
بدأ (حمدان) يشعر بألم شديد فصرخ قائلا:
- انتظر يا رجل...ماذا تريد منى؟
ابتسم الخادم ولكنه ظل صامتا والطبيب يسأله:
- من أمرك أن تضع السم لأمير البلاد..الأمير (يحيي)؟
لاحظ الطبيب ارتجافه في جسد (حمدان) وكأنه فوجئ بالسؤال فقال:
- لست اعرف عن هذا الأمر شيئا..!!
نهض الطبيب وقال:
- لقد أخذت فرصتك الأخيرة يا رجل...وداعا يا (حمدان)...
وتركه الطبيب ونهض بالفعل ليغادر المكان ...!!
بدأ الألم يزداد تدريجيا وأحس حمدان بدنو اجله فأخذ ينادى بأعلى صوته:
- سوف أتكلم...سوف أتكلم
فوجي بالطبيب يقترب منه قائلا :
- تكلم يا رجل...التأخير ليس في صالحك...لقد بدأ السم
يتغلغل في أعماقك...ولن يجدي معه الترياق لو تأخرت في
إجابة هذا السؤال..
أجابه (حمدان) قائلا:
- إنه (نجم الدين) ....شقيق السلطان (علام) ...لقد أرسل إلى
احد رجاله في رسالة تهديد قوية ..
سأله الطبيب:
- تقصد والد الأمير (فارس) صديق الأمير (يحيي) ..أليس
كذلك؟
أجابه (حمدان) :
- نعم...
سأله الطبيب:
- وهل للأمير فارس أي علاقة بما حدث؟
هز حمدان رأسه قائلا:
- كلا...انه يحب صديقه... وهو دائم الحضور إلى هنا..
سأله الطبيب:
- ومن أدراك إن ذلك الرجل من رجال (نجم الدين)؟
أجابه حمدان:
- هو قال لي هذا...فأنا لا أعرفه...
سأله الطبيب:
- وما الذي أمرك أن تفعله بالضبط ؟
أجابه (حمدان) :
- لقد أعطاني الرجل قارورة صغيره وأمرني أن أضع منها
خمسة نقاط في كوب العصير المقدمة للأمير (يحيي) عندما
يأتي بعد رحلة الصيد..
قال له الطبيب:
- وهل فعلت ما أمرك به؟
قال (حمدان) :
- لم أضع سوى نقطة واحدة يا سيدي...لم أكن ارغب في
المشاركة بجريمة قتل...وقلت أن نقطة واحده من هذه
القارورة لن تقتله..
سأله الطبيب:
- هل هذه القارورة معك؟
أجابه (حمدان) :
- نعم...إنها أسفل هذا الفراش...
قام الطبيب بالبحث عن هذه القارورة ولما وجدها امسكها في قوة ووضعها في جيبه وهو يقول ل(حمدان) :
- لقد أحسنت يا (حمدان) ...سؤال أخير وسأتركك..
قال حمدان:
- اسأل يا رجل ...ولكن بسرعة... فالألم لا يطاق.
قال الطبيب:
- هل يمكنك أن تصف لي ذلك الرجل الذي بعثه لك (نجم
الدين) ليجبرك على قتل ولى العهد؟
قال (حمدان) :
- إنه رجل ضخم..مفتول العضلات...له شارب كث وعلى وجهه
ندبة من اثر جرح قديم.
سأله الطبيب:
- هل حضر إليك مرة ثانية بعدما أعطاك هذه القارورة؟
أجابه حمدان:
- لم يحضر مرة ثانية...ولكنه قال لي انه سيعود بعد خمسة
أيام...تنتهي غدا..ولا أدرى إن كان سيحضر أم لا؟
قال له الطبيب:
- ليكن يا ( حمدان) ...افتح فمك
شعر (حمدان) بسائل يصب في حلقه وسمع صوت الطبيب يقول له:
- ها أنا أوفى بوعدي لك يا (حمدان) ...وداعا
بدأ حمدان يشعر بتحسن فتحسس يديه فوجد أن القيود قد نزعت..!!
فقام برفع تلك الغمامة على عينيه...وتلفت حوله ...
ولكنه لم يجد في المكان أثر أي شخص..
على الإطلاق...!!
***
الفصل الرابع عشر: الطرف الثالث
((إنه يكذب يا سيدي الطبيب))
نطق الخادم همام بالعبارة وهم في طريق العودة إلى الأمير (يحيي) بمنزل الطبيب فالتفت إليه الطبيب قائلا:
- ولماذا يكذب يا همام ؟ كل شيء جائز في هذا الزمن...!!
قال (همام) :
- لست اصدق أن يقتل الأخ أخاه...الدماء لا تصير ماء أبدا..!!
قال الطبيب:
- الرجل لم يكذب يا همام..أنا واثق من هذا جيدا.
سأله (همام):
- كيف تصدقه فيما قال أيها الطبيب؟ أنا اعرف الأمير( نجم
الدين) انه يحب شقيقه السلطان جيدا ولن يفعل به
ذلك..حتى إن السلطان قام بتكليفه مسئولا عن الشئون
الخارجية للدولة..
سأله الطبيب:
- هل تعرف كل رجال (نجم الدين) يا (همام)؟
أجابه (همام):
- نعم يا سيدي...اعرفهم جميعا
سأله الطبيب:
- هل من رجاله من تنطبق عليه مواصفات ذلك الرجل الذي
هدد صاحب الحانة ؟
هز همام رأسه نفيا وقال:
- لا يا سيدي ... لا يوجد في رجال الأمير (نجم الدين) من
يشبه هذا الرجل.
سأله الطبيب:
- هل أنت متأكد يا (همام) ؟
أجابه (همام) :
- تمام التأكد يا سيدي...كما اننى متأكد إن (نجم الدين) لن
يفعل ذلك بابن أخيه...انه يحب الأمير (يحيي) كثيرا.
سأله الطبيب:
- لماذا يصر احد ما أن يلصق الجريمة بشقيق السلطان؟
قال (همام):
- اعتقد انه شخص لا يحب وجود استقرار بهذه
البلاد...شخص يريد أن يشعل فتنة يضيع معها أمن هذه البلد
وأمانها..
قال له الطبيب:
- تقصد طرف ثالث...؟
سأله (همام):
- ماذا تقصد يا سيدي بطرف ثالث؟
قال الطبيب:
- الطرف الثالث يقصد به أن يتم إحداث فتنه بين طرفين
فيقوم الطرف الثالث بالاستفادة من كل ما يحدث..!!
قال (همام):
- الأمر بهذه الحالة يزداد تعقيدا...
قال له الطبيب:
- كلا...لدينا خيط ما زال يمكننا تتبعه
سأله الخادم:
- وما هو؟
قال الطبيب:
- من الطبيعة أن يعود الجاني لموقع الجريمة للتأكد من نتائج
جريمته...!!
سأله (همام):
- ماذا تقصد يا سيدي؟
قال الطبيب:
- أريد منك مراقبة هذه الحانة مع بعض الرجال...وفى حالة
حضور ذلك الرجل الذي هدد (حمدان) يتم التعامل الفوري
معه ..هل تفهمني؟
هز (همام) رأسه إيجابا ثم سأله:
- وماذا ستفعل أنت يا سيدي الطبيب؟
قال الطبيب:
- سوف أذهب في زيارة خاصة جدا...
سأله همام:
- لمن يا سيدي الطبيب؟
ابتسم الطبيب في غموض وقال:
- كل شيء في حينه يا (همام) ...
وبدأ الغموض يغلف كل شيء
بلا استثناء..!!
***
أشرقت شمس اليوم التالي وبدأ الناس يخرجون لمتابعة أعمالهم لتستمر الحياة كما قدر لها الخالق سبحانه وتعالى...
كان وزير الدولة عدنان يستعد أيضا لمغادرة مقر إقامته لمقر عمله بالوزارة عندما سمع صوتا يقول:
((معذرة لإزعاجك سيدي الوزير...))
التفت الوزير (عدنان) فإذا به يرى ذلك الطبيب وهو يخفى وجهه كالمعتاد ولا تظهر منه سوى عيناه فابتسم له قائلا:
- أريد أن أعرف كيف تدخل وتخرج من هذا المكان دون أن
يشعر بك رجالي؟
أجابه الطبيب قائلا:
_ هل يهمك سيدي الوزير حقا أن أجيب هذا السؤال؟
قال الوزير وهو يبتسم :
- لا...يمكنك الاحتفاظ بهذا السر لنفسك...والآن ما سر زيارتك
لي أيها الطبيب؟
قال الطبيب في جدية شديدة:
- لقد تتبعت كل الخيوط للوصول إلى المجرم الذي حاول قتل
الأمير( يحيي) ..ولذلك أرجو أن تساعدني فيما أريده منك.
قال له الوزير:
- يمكنك أن تطلب ما تشاء أيها الطبيب.
قال الطبيب:
- أريد أن تساعدني في عقد اجتماع عاجل..
سأله الوزير:
- مع من؟
أجابه الطبيب:
- مع السلطان (علام) وشقيقه (نجم الدين) وتحضره أنت مع
قائد الحرس...هل يمكنك تدبير هذا الأمر
سأله الوزير:
- وأين تريد أن يتم هذا الاجتماع؟
فكر الطبيب قليلا ثم قال :
- ما رأيك أنت سيدي الوزير؟
قال الوزير:
- يمكنني دعوة السلطان في ديوان الوزارة عندي...ولكن هل
يمكنك أن تحدد هدف الاجتماع؟
قال له الطبيب:
- قل للملك فقط إن الطبيب الذي عالج ولدك يريدك في أمر
هام جدا...وادعو الإجتماع كل من طلبت للحضور .
قال له الوزير:
- حسن ...هل هناك أمر آخر؟
قال الطبيب:
- نعم...أريد الاجتماع بهم بعد صلاة الظهر اليوم...
قال الوزير:
- لك هذا...
وبدا من الواضح أن الطبيب سيكشف كل الأوراق في هذا الاجتماع حتى يتمكن من كشف الطرف الثالث..!!
ولكن من هو؟!!
ولماذا يفعل ذلك؟!!
لماذا؟!!
لماذا؟!!
***
عاد الطبيب إلى منزلة وبعد أن اطمأن على سلامة الأمير (يحيي) أشار للخادم (همام) أن يتبعه للخارج وفى الخارج قال الطبيب ل(همام) :
- اسمعني جيدا يا همام..أريدك أن تذهب إلى (حمدان)
واخبره إنه إذا حضر إليه ذلك الرجل أن يخبره أنه سمع أن
ولى العهد مريض جدا وان الأطباء عجزوا عن علاجه و....
قاطعه (همام) قائلا:
- لماذا أيها الطبيب؟
قال الطبيب:
- كل شيء في حينه يا همام...كل شيء
سأله همام:
- وماذا بعد ذلك؟ هل نلقى القبض عليه؟
قال له الطبيب:
- ليس قبل أن يرسل رسالته...
سأله (همام) :
- يرسلها لمن؟
أجابه الطبيب:
- لمن أمره بوضع السم للأمير...وبعد ذلك ألقى القبض عليه
وعلى من أعطاه الرسالة...
سأله (همام) :
- وكيف أخبرك بما تم؟
قال الطبيب:
- يمكنك أن ترسل لي رسالة بديوان الوزير (عدنان ) مع احد
الرجال.
سأله (همام) :
- هل توصلت لشيء أيها الطبيب؟
قال له الطبيب:
- اقتربت يا (همام) ...اقتربت جدا...المهم أن تتحرك سريعا
حتى لا نفقد هذا الخيط...
قال له (همام) :
- سأفعل سيدي الطبيب....سأفعل.
وانصرف (همام) لينفذ ما طلبه منه الطبيب...
وبمنتهى الدقة...!!
***
الفصل الخامس عشر: كشف الآوراق
جلس السلطان (علام) في ديوان الوزارة ومعه وزيره الأول (عدنان) وشقيقه (نجم الدين) وقائد حرسه (صفوان) في انتظار ذلك الطبيب ...وسأل السلطان وزيره الأول:
- لماذا تأخر الطبيب يا (عدنان)...؟
قال عدنان:
- لقد اخبرني انه سيأتي بعد صلاة الظهر..
دخل احد رجال الوزير قائلا:
- هناك رجل ملثم يستأذن في الدخول يا سيدي الوزير.
أشار إليه (عدنان) قائلا:
- فليدخل...نحن في انتظاره..
دخل الطبيب وقال:
- السلام على سلطان البلاد ومن معه
أجابه السلطان:
- وعليك السلام ....كيف حال ولدنا (يحيي) أيها الطبيب؟
أجابه الطبيب:
- إنه في خير حال يا مولاي...ونحمد الله سبحانه على نجاته..
قال الأمير (نجم الدين ) :
- نجاته من ماذا يا مولاي؟
ابتسم الطبيب عند سماعه هذا السؤال وقال:
- لقد جرت محاولة لقتل الأمير (يحيي) بالسم...
اتسعت عينا شقيق السلطان قائلا:
- ومن يجرؤ على فعل ذلك...؟
قال الطبيب:
- هذا ما طلبت بسببه هذا الاجتماع...
وبكلمات بسيطة اخبرهم الطبيب بكل ما يعرفه حتى وصل إلى وصف ذلك الرجل الذي ذهب إلى ( حمدان) في الحانة و.....
(( إنه غسان...!!))
هتف (نجم الدين) بالكلمة فسأله السلطان:
- ومن (غسان) هذا يا (نجم الدين) ؟
قال (نجم الدين) :
- إنه الحارس الخاص ل ( رستم ) وزير الدولة المجاورة
للشئون الخارجية ..لقد حضر إلى هذا الوزير منذ ثلاثة
أسابيع وعرض على إقامة سوق كبير بمركز الدولة على أن
يقوم رجاله بالإشراف عليه وتطويره فيما بعد ولكنني
رفضت..
سأله (عدنان) :
- ولماذا رفضت هذا العرض يا (نجم الدين) ؟
أجابه (نجم الدين) :
- بدا لي هذا الأمر كنوع من التدخل في شئون الدولة
والتجارة الداخلية وبدا لي أن هذه قد تكون بداية للسيطرة
على اقتصاد الدولة كله..
سأله الطبيب:
- وماذا كان من (رستم)؟
قال (نجم الدين):
- لقد نهض غاضبا وقال لي اننى أهدر فرصة لدعم الدولة
اقتصاديا ...وقال إنه سوف يعطيني فرصة للتفكير في هذا
الأمر ولكنني قمت بصده في عنف قائلا له :إن هذا يعد
تدخل في شئون الدولة ولن اسمح بوجودكم على ارض هذه
الدولة أبدا..
كان السلطان (علام) يستمع لما يحدث ثم سأل شقيقه:
- ولماذا لم تخبرني بهذا الأمر يا (نجم الدين)؟ ..ربما كانت
هذه مبادرة فردية منه وليس من رئيس دولته .
قال (نجم الدين) :
- لقد اعتقدت أن الأمر قد انتهى ...
قال له السلطان:
- وبالطبع هذا القرار قد اغضب وزير هذه الدولة فقرر أن
ينتقم منك ويشعل فتنة في الدولة كلها..
قال الطبيب:
- هناك ثغرة هامة استغلها ذلك الوزير في نظام الأمن لإحداث
تلك الفتنه ويجب الانتباه لها...
سأله (صفوان) :
- أي ثغرة تلك التي تقصدها أيها الطبيب؟
قال الطبيب:
- إنه يعرف كل تحركاتنا...لأننا نعلن عنها...رحلة صيد...ومسار
معروف....كل هذا يسهل مهمة العدو للوصول لهدفه..!!
قال السلطان (علام) :
- نعم...عندك حق في هذا...وسوف يتم الانتباه لهذا
لاحقا...المهم ماذا تقترحون أن نفعل مع ذلك الوزير؟
قال الطبيب:
- يجب أن نرسل لهذا الوزير هديه يا مولاي...
قال (عدنان) :
- أي هدية تقصد أيها الطبيب؟
ابتسم الطبيب في غموض وقال
- سوف أخبركم..
واتسعت ابتسامته أكثر
وأكثر..!!
وأكثر..!!
***
الفصل السادس عشر: الهدية
كان (همام) يراقب تلك الحانة من بعض أعوانه - بعد أن قام بالتنبيه على حمدان بما يجب عمله - عندما شاهد ذلك الرجل مثلما وصفه حمدان بالضبط يدخلها ..
فأشار إلى رجاله أن يستعدوا...حتى شاهدوا الرجل بعد مدة قصيرة يخرج من عند حمدان وعلى وجهه ابتسامة كبيرة..
كان هناك رجل ينتظره بالخارج فقال له وهو يعطيه رسالة مطوية:
- أسرع بهذه الرسالة يا رجل للوزير ( رستم) وقل له إن ما
خططنا له قد تم...وبنجاح..!!
تحرك الرجل حاملا الرسالة فأشار (همام) قائلا للرجال :
- الآن ...!!
***
كان الطبيب جالسا مع السلطان ( علام ) ووزيره عندما سمع طرقات من الخارج وجاء رجل يقول :
- رسالة للطبيب...
تحرك الطبيب نحو الرجل فهمس للطبيب في أذنه قائلا:
- (همام) يخبرك أن الفريسة قد سقطت في الفخ وفى انتظار تعليماتك..
ابتسم الطبيب قائلا:
- اذهب إلى (همام) وقل له أن يحضر الفريسة مكبلة للمثول
أمام السلطان (علام).
أما السلطان (علام) فقد سأل الطبيب:
- أي فريسة تقصد أيها الطبيب؟
قال الطبيب:
- إنه (غسان) واحد أعوانه...وقد حضروا ليتأكدوا أن
مخططهم قد نجح...ماذا ستفعل معهم يا مولاي السلطان؟
قال السلطان (علام) :
- سوف أرسل رءوسهم لمن أرسلهم...وكذلك سوف أرسل
رسالة لملك هذه الدولة...قل لي يا طبيب..هل ما زالت تلك
القارورة معك؟
أجابه الطبيب:
- نعم يا مولاي...ولكن لماذا تسأل؟
قال السلطان:
- من عاش بالمكر...يجب أن يموت بالمكر...وبذلك أكون قد
حققت انتقامي ممن فعل ذلك بولدي...
وطلب السلطان من الوزير (عدنان) كتابة رسالة مع الهدية لملك تلك الدولة وأمره أن يخبره رسوله ألا يتم فتح الهدية إلا في وجود وزيره (رستم)..
***
كان ملك تلك الدولة جالسا على عرشه عندما حضر إليه أحد حرسه وهو يحمل صندوقا كبيرا ومعه رسالة فسأل الحارس:
- من أين جاءت هذه الرسالة؟
أجابه الحارس:
- إنها رسالة من السلطان (علام) ..وهو يرجو منك قبول
الهدية وتنفيذ ما جاء بالرسالة...وقد اخبرني الرسول ألا تفتح
الصندوق إلا بعد أن تقرأ الرسالة وليكن ذلك في وجود وزيرك
رستم
أشار الملك لحارسه بالانصراف ثم قام بفتح الرسالة وقرأ:
((من السلطان (علام) ...إلى الملك...بلغني أن وزيرك (رستم)
قام بدس السم لولدي ...ومع الخطاب قنينة السم..ولتعلم أن
كل ساقي سيسقى بما سقى...فأحفظ أمان دولتك
بالعدل...ومع الرسالة خطاب من حارس الوزير له يبلغه أن
مهمته قد نجحت...والسلام...!!))
اتسعت عينا الملك في خوف وأمر باستدعاء وزيره ( رستم) وطلب إعداد كوبان من العصير قبل حضور وزيره ..وقام بوضع محتويات القنينة في احد الكوبان وجلس ينتظر وزيره ( رستم)...!!
وبعد دقائق حضر (رستم) وقال:
- تحياتي لك أيها الملك...سمعت انك طلبتني..
أعطاه الملك رسالة حارسه وقال:
- هذه الرسالة لك..!!
فتح الوزير (رستم) الرسالة المرسلة من رجله (غسان) وابتسم قائلا:
- كيف وصلتك هذه الرسالة؟
قال الملك:
- احضرها احد رجالك ...لقد قرأتها ولكنني لم افهم منها
شيئا...هل يمكنك أن تشرح لي ما بها؟
قال (رستم) :
- كنت قد طلبت من الأمير (نجم الدين) فتح أسواقا لنا في
دولته لرفع اقتصاد دولتنا ولكنه رفض فقررت أن اقضي
عليه..
قال له الملك:
- ولماذا لم تعرض علينا هذا الأمر قبل أن تفعله أيها الوزير؟
قال له (رستم) :
- أردت أن اجعلها مفاجأة لك يا مولاي..فالسوق التي أريد
فتحها في هذه البلد سيتسبب فى إنعاش الحالة الاقتصادية
لنا..
ابتسم الملك قائلا:
- لنشرب نخب هذا الخبر الجميل..
وناول الملك وزيره كوب السم وشرب هو الكوب الآخر...
ثم قال الملك لوزيره:
- لقد أرسل إلينا الملك (علام ) هذه الهدية...هل تكرمت
بفتحها يا (رستم)؟
قام (رستم) بفتح الصندوق وقد بدا الألم يظهر عليه ثم تراجع للخلف في عنف..
لقد كان الصندوق يحوي رأس مساعده (غسان) ومعاونه...!!
نظر (رستم) إلى الملك قائلا في ذهول:
- إنهم رجالي يا مولاي...لقد قتلهم السلطان (علام)...
قال له الملك:
- ولقد شربت أنت أيضا يا (رستم) من نفس السم الذي أرسلته لقتل ولده...معذرة أيها الوزير ..اننى أحفظ أمان دولتي بالعدل...!!
هوى (رستم) جثة هامدة تحت أقدام الملك ...معلنا تلك الحقيقة جلية واضحة:
((من عاش بالمكر...مات بالمكر...!!))
ولو بعد حين...!!
***
تمت بحمد الله
أرجو أن تنال إعجابكم
في انتظار أرائكم وتعليقاتكم...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق