التلوث النفسي وتداعيات المجتمع
إن كان ما يحيط بنا جدير بتسميته الواقع فإن "أبرز أخطائنا أننا نفترض بان الأشخاص الآخرين يفكرون بنفس طريقة تفكرينا "وهذه أساسا مقولة " رينيه ديكارت " وما دفعني لذكرها الكثير ولكن ما يفرضه الواقع أكثر وذلك لأن المفاهيم في جوهرها أشد عمقا فاذا كان الحديث عن ماهية المعارف تتويجا لعمل فكري ممنهج فإن الحديث عن التلوث مثلا يحمل العقل الى أبسط مراتبه و تتجه عقولنا تلقائًيا نحو البيئة الطبيعية وتثور ثورتنا عادةً عندما يتعلق الأمر بالتلوث الذي يمكن أن يحدث لها والسبب يكمن في أننا إذا لم نهتم بحفظ التوازن أو النظام البيئي فإن الطبيعة ستنتقم لنفسها ونحن من سيدفع الثمن ومن ثم ننهمك لإصلاح ما فسد لأن حياتنا ستعاني من تأثير هذا التلوث البيئي الذي لا يفسد صحة الناس فحسب، بل يمكن أن يلوث أخلاقهم أي طبقا لما أظهرته نتائج الأبحاث ولكن ماذا عن الجوهر؟ ماذا عن تلوث البيئة النفسية التي بداخلنا؟ هل نكترث لها؟ وماذا إذا لم نعتني بها فهل ستنتقم هي الأخرى كالبيئة الطبيعية؟.
لعل مفهوم التلوث النفسي في أحد أبعاده هو التمرد النفسي ويقارب التلوث النفسي في ُبعد التنكر للهوية الحضارية والإساءة إليها حيث يشير إلى انسلاخ الفرد عن واقعه الاجتماعي بكل ما به من عادات وتقاليد ومعتقدات وقيم والإساءة لكيانه ولذا من أهم سمات المجتمع أن تكون له هوية حضارية تميزه لأنها تجسد طموحاته المستقبلية وتبرز معالم التطور في سلوكه فحضارة المجتمع وهويته دليل وعنوان وجوده وهو الصورة الظاهرة عن علاقة الفرد بمجتمعه رغم ما تحتويه من غموض أحيانا وعليه فكل محاولة انكار هذه الحضارة يعني إنكار الكيان والإساءة إليه.
د آمال بوحرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق