الخميس، 16 ديسمبر 2021

تَبَسُّمُك فِي وَجْهِ أَخِيك/ تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن/جريدة الوجدان الثقافية


 بسم الله الرحمن الرحيم

من هدي النبوة "تَبَسُّمُك فِي وَجْهِ أَخِيك "
منظومة سلوك نبوية :-
ابتسامة مشرقة عذبة ترسمها من على شفتيك من أجل إطلالة تلاقي بها أخيك ليطمئن اليك،
ما أحلى هذا التفاؤل والدعوة والعنوان واظهار مكنونات نفس الإنسان،
فالابتسامة تضفي على الوجه إضاءة وهدوء وحنان وسكون ينعكس على نفسية الإنسان الآخر...
وما رؤي عنه صلى الله عليه وسلم إلا بساما ووجهه متهلِّلا في بَشَاشَة، وبِشْر وتبسُّم وطلاقة أنوار قلبه ووجهه معا " وتقلبك في الساجدين"
وقد وصف القرآن الوجوه الباسمة الضاحكة المنيرة بأحسن الصفات
قال الله تعالى :-
"وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ، ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ"
لا أعتقد أن لهذه العبارة مثيل إلا في القرآن الكريم....
فالابتسامة دعوة مستجابة
وعبادة ربانية
ومحبة إنسانية
وأخلاق نبوية
وصدقة مجانية
وإِظْهَارُك بمظهر الْبَشَاشَةَ وَالْبِشْرَ إِذَا لَقِيت بها أخيك تُؤْجَرُ عَلَيها كَمَا تُؤْجَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ تبذلها،
ما شاء الله أي دين هذا ؟يحث أتباعه على البشاشة الحلوة لا التجهم والتكدر...
فالابتسامة هي صدقة منك لا تخطر على بال إنسان إلا ما علمنا به رسول الإحسان صلى الله عليه وسلم من أجل توثيق العلاقات الاجتماعية والروابط الأخوية ،
تصور يا رعاك الله :-
إنسان يصَعِّر خدَّه كبرا وبطرا
ويعبِّس وجهه ويقطِّب جبينه لو نظر لهيئته في المرآة، ماذا تكون ردة فعله يا ترى؟
فهذا ينعكس على نفسه ونفسية الآخرين.
ليتذكر هذا قول الرحمن "وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ" كل الناس، ولا تمل وتلوي صفحة وجهك ولا تتعالى على خلق الله كما يفعل المتكبرون،
لا بل كن هينا لينا مطواعا متواضعا بساما، كما هو شأن العقلاء النبلاء،
نصيحة لكل عابس أطلق أسارير وجهك ولا تكن
"عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا"
لا تكن مقطبا ما بين حاجبيك وجبينك وعينيك مغاضبا،
بالله عليك أفْرَدَها وتوكل على الله ،
كن مبتسما ضاحكا لأسرتك لأهلك لأصدقائك ومحبيك وأنتظر ردة فعل منهم جميلة وبسمة ومقابلة حلوة،
هل تعلم أيها الإنسان أن في وجهك ثمانين عضلة إذا عبست وتجهمت انقبضت كلها ماذا يحصل لك؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تصور كم تخسر ماديا ومعنويا ويكلفك هذا الانقباض طاقة وحالة نفسية تنعكس عليك وعلى البشرية،
بينما في حالة السرور وطلاقة الوجه لا تنقبض اية عضلة بكل أريحية تامة ونفسية مطمئنة تعبر عن مكنونات ومخزونات نفسك التي بين جنبيك
وهل تعلم أن أول من دعاك لهذه الطيبة والاريحية والراحة والمعالجة النفسية هو رسولك الكريم من أجل أن تطيب نفسك بالصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم كل ذلك رأفة عليك وحنانا ،
وهل تعلم أنه الآن في العصر الحديث قد قامت منتديات بالتخصص والدراسات والاختبارات لكي تعلمك كيف ترسم إبتسامة مصطنعة عريضة على شفتيك وتحرك وجنتيك ويحمر خديك ،وترسم على قسمات وجهك بمواصفات عالية من الحنان جذابة وليست كذابة في حسن معاملة الآخرين،كي تستريح ويستريحوا .طريقة دراسية نصية قد ينجح المتسابق أو يرسب فبدل أن يبتسم يتجهم ...........
أما رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم نصح المسلمين وقال "ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق "
كن مبتسما هذا لا يكلفك شيئا إلا أن مردوده كثير لك وعليك وعلى الآخرين، وقد أطعت رسولك الكريم ، وهي في ديننا لك صدقة وليس مجاملة تمويه.
أي أدب تعلمناه منك يا رسول الله جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته،
وقد قيل أن الشخص الذى لا يبتسم لا ينبغي له أن يكون تاجرا ولا يصلح لشيء،لا بل يكون منطويا لا يصلح لحاجة أو معاشرة أحد،ولا يصلح لأي معاملة مع البشر،
ليكن أدب الرسول صلى الله عليه وسلم هو في الوصول بك أن تلقى أخاك بوجه طلق،
لنسمع ماذا يقول جرير بن عبدالله رضى الله عنه
"...ولا رآني صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي" إذن ابتسم أنت كذلك،
خلق رفيع من الرسول مع أصحابه ممزوجة بالابتسامة الرضية لإدخال السرور والفرحة على قلوب محبيه وهي دعوة للألفة الاجتماعية،
قال الله تعالى"ولو كنت فظا غليظ القلب لنفظوا من حولك..."
فالمال وحده لا يكفي لإدخال السرور وتأليف القلوب وجمعها على المطلوب هنالك وشائج مجانية :- كبسط الوجه ،وحسن الخلق، والكلمة الطيبة التي تسر البال...
قال الله تعالى :-
" لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ"
وقال صلى الله عليه وسلم:-
" أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم
فليسعهم منكم بسط الوجه
وحسن الخلق"
أبذل صدقة مجانية بإبتسامة واحدة وهي أفضل الصدقات ملئها الحب والصدق قلبا وقالبا للبشر كافة دون تحيز أو تميز....
ولتكن صدقاتك بسماتك وهي خلق وعلامة مميزة،
وتصور حتى آيات الكون تستبشر خيرا في أوقات أنتشارها وطلوعها وإشراقها كالبسمات على محيا الإنسان البشوش...
قال الله تعالى :-
"وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ "
أتضح جمال وجهه حسنا وبيانا ،وأزاح ربنا عن وجهه بقطرات الندى ظلمة الليل البهيم ...
قال تعالى:-
" وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ"
تنفس أريج العطر الفواح ونسمات كالبسمات مع إطلالة الصباح في نسيم عليل فجُعل ذلك راحة واطمئنان لكل ما كان يحويه من مخلوقات كأنه كان مكتوم النفس فنفرجت أساريره .
قال الله تعالى:-
" فَالِقُ الإِصْبَاحِ"
كناية عن تفتح أسرار الكون وإشراقاته ببسمات وينتقل من مرحلة السكون والسبات الليلي إلى حركة الحياة التي يكللها الجمال الرباني فالحياة حركة ،
ويناديك ويذكرك أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد بإطلالة جميلة.
ومن أجمل ما جاد به البحتري شعرا قوله :-
أتَاكَ الرّبيعُ الطّلقُ يَختالُ ضَاحِكاً *** منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا
هدية لك وجه بشوش منفرد رسم عليه إبتسامة عريضة صادقة
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق