الأحد، 5 ديسمبر 2021

لقاء مع الدكتورمحمد القاضي في رحلة أدبية جميلة قدم فيها ترجمة قامت بها الشاعرة زهرة الحواشي بقلم الناقد محمّد بن رجب

 في المعهد الوطني للترجمة :

"اللحمة الحية "في الصدارة
.............
مساء الجمعة بقاعةالمحاضرات
بالمعهد الوطني للترجمة كان اللقاء مع الدكتور محمد القاضي في رحلة أدبية جميلة قدم فيها ترجمة قامت بها الشاعرة زهرة الحواشي لكتاب شهير في زمنه ثم اختفى مع الأيام
..ولا حديث عنه منذ أربعين سنة الا بالصدفة أو في عمل أدبي بحث بعمق في ابداعات المغامرين ادبيا في الستينيات وأيضا في السبعينيات ..هذا الكتاب نشره في حياته الباحث والكاتب والجامعي الملهم الراحل صالح القرمادي تضمن مجموعتين شعريتين "اللحمة الحية " بالعربية و..... بالفرنسية وقد ترجمت زهرة الحواشي المجموعة الأولى إلى الفرنسية
..وتولت ترجمة المجموعة الشعرية بالفرنسية إلى العربية
..
طرح الأستاذ محمد القاضي أسئلة عن ترجمة الشعر هل هو ممكن و جائز أم لا ..وانطلق من رؤى مختلفة جلها ترفض ترجمة الشعر بدء بالجاحظ الذي يعتبر أن ترجمة الشعر عمل غير مستطاع وهو في هذا الموقف ليس بعيدا عن التوحيدي مرورا بعصر النهضة العربية وصولا الى العصر الحديث حيث هناك من يعتبر أن ترجمة الشعر هي بالقصيدة من روحها أي أن المترجم لا يقدم للناس غير جسد القصيدة
ثم تولى محمد القاضي قراءة بعض قصائد من اللحمة الحية ونظر في كيفية ترجمتها واستعرض بعض الصعوبات التي لاقتها المترجمة بما جعلها تتدبر طرائق مختلفة من الخروج من بعض الكلمات والمقاطع التي فيها تناص من مراجع مثل القرآن والتراث والأقوال المأثورة قديما وحديثا أوفيها تضمينات من اللهجةالدارجة ...
لقد انتقد وحلل وقارن
..وفي النهاية اعتبر محمد القاضي أن المترجمة توفقت إلى ترجمة المجموعتين
..وشخصيا أطمئن إلى هذا الموقف لأن محمد القاضي يحسن اللغتين العربية الفرنسية ..وباشر الترجمة ودرسها وله باع فيها ..
والحقيقة اني بعد قراءة ترجمة اللحمة الحية أحسست بأن النصوص مترجمة ترجمة صافية الجميلة أحيانا. لكني لم أجد أمامي صالح القرمادي كما يعرفه البعض عن كثب او حسب ما يصل إلينا عنه من معلومات .. و حتى دون ذلك و انطلاقا من شعره نجده رجلا ثائرا أبدا .. رافضا للبلاغة اذا ما الحق البلاغيون فيها وهم يتصورون انهم يحافظون على اللغو العربية كنا أنه كان رافضا التقعر في اللغة وهو الذي كان يرى التعثر "دقوعير" وهو سعيد اذا ما قيل له انت الذي لويت عنكوش اللغة العربية وقد قالها له توفيق بكار بحب ورد عليه الناقد ابو زيان السعدي بعنف قائلا . انت من الاقارجة الذين يسعون إلى تعويض العربية بالدارجة والاقارجة هي جمع أقريجي بثلاث نقاط على القاف من العائدين من جامعة السوربون agrégés
كما أنه رافض للكثير من العادات والتقاليد بل ينكرها لانها لا تعبر عن حقيقة الإنسان انما تعبر عن بعض أنواع من الناس كان لا يحبهم ..عاش مرحبا بالحياة على طريقته يريدها بعشق لا كما يريدها اغلب الناس... ولا يتعامل مع المقدس كما يريد الفقهاء أو أهل اللغة من المحافظين وهو المختص في الآداب العربية واللسانيات وليست لديه طابوات في الكتابة بصفة عامة أما في الشعر فقد حلق به بعيدا في الرفض والكتابة المغايرة التي أوغل بها في التجديد والتحديث بما جعل شعره لا يشبه شعر أحد وكأنه كان يخطط لتنفيذ مشروع فكري لا علاقة له بالموجود والمألوف وهو..ولا يشبه حتى بعض تجارب الحداثة في الأدب العربي شعرا وسردا..
صالح القرمادي كان مختلفا جدا عن المثقفين الذين عاشوا معه أو جايلوه ولا يقترب منه فكريا سوى توفيق بكار الذي قبل بصدر رحب جنونه الأدبي وأيضا ثورته السياسية والأدبية والاجتماعيةوهو الذي قدم له مجموعته اللحمة الحية وأشاد بها وبثورتها واختلافها واحتفى بها كثيرا ..
ورغم أنه كان صاحب نكتة
بل هو موغل في السخرية من الإنسان والمجتمع والسياسة فإنه أيضا كان موجوعا جدا
..وكل ما كتبه من نصوص ادبية نجدها زاخرة بالفخاخ والألغام والثورة والغضب والسخرية..وتجاوز كل ما هو ممنوع في الدين والسياسة والجنس ..كان هو في شعره..اي أن شعره لا يختلف عنه تماما...فاذا اردت ان تعرف الرجل فاقرأ له "اللحمة الحية" انها صورته ..وليست مجرد كلام قاله شعرا ..وان كان الكثير من النقاد لا يعتبرونه نا ماكتبه شعرا ..وهذه مسألة أخرى
ولذا فإن ترجمة شعره تبقى مغامرة كبيرة وعملا صعبا وتمكنت زهرة الحواشي من أن تعطي صورة منه ولو غير مكتملة ..وما قامت به عمل مهم ينم عن جهد كبير عبرت من خلاله انها أحبت القرمادي كثيرا والإعلام فكريا وسياسيا وادبيا تماما كما أحبت شكري بلعيد والطاهر الهمامي..وهذا الحب واضح توجهاته وضوح الشمس..اذ أن قلبها على اليسار الذي اختارته ويتفق معها أهل الكتابة والبحث والإبداع ..وان كان الكثير منهم من خارج اليسار لان صالح القرمادي والطاهر الهمامي وشكري بلعيد مبدعون في حياتهم ومبدعون في شعرهم ...
شكرا لزهرة الحواشي التي بهذا العمل اعادت الى صالح الرمادي بعض الاهتمام الأدبي والإعلامي حتى يعرفه الناس وحتى يتذكره من كان يعرفه ..
فهذا الرجل الذي مات في حادث سقوط في مغارة في جبل قرب تاكلسة لم توضح إلى الان ظروفه ..وانا أعتقد أنه لولا هذا الحادث الذي غيبه لكان توفي في نفس المدة أو قبل ذلك فهو من المبدعين لا يعيشون طويلا اذ يكتملون في عز الشباب وكأنهم ينهون مهمتهم في الحياة بسرعة ليرحلوا بسرعة مثل الشابي والطاهر الحداد ...والطاهر الهمامي..
محمّد بن رجب









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق