الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

ومضة عابرة..تخليدا لذكراه: 9أوت الذكرى 13 لرحيل شاعر المقاومة والقضية الفلسطينية الأممية بقلم النااقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 ومضة عابرة..

تخليدا لذكراه:
9أوت الذكرى 13 لرحيل شاعر المقاومة والقضية الفلسطينية الأممية.
بين الذكريات المشبعة بنار الوجع و تخوم الآهات يشدو صوت الحقيقة ليقاوم العهر و يهدم أوكار الدعارة...
ثار على الكلمة و كتب لحبّه الخالد تعاويذ النصر و شقّ بسهام القلم صدر الغاصب...
عن الحبّ قال رتّا.
للأرض صدح لا أعرف الصحراء.
للإتسان غنّى فكّر بغيرك للقضيّة قال أنا عربيّ..
و لرحيله صرخ أنا من هنا..
"هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق ..ونرى دمنا على أيدينا..لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟
وهل كان علينا أيضاً أن نكشف عن عوراتنا أمام الملأ..كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟
كم كَذَبنا حين قلنا : نحن استثناء!"
نم هانئا يا محمود*فنحن "أمة لو جهنم صبت على رأسها واقفة..**"
*محمود درويش (13 مارس 1941-9 أغسطس/أوت 2008)،أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن.
يعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه.
في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن وبالحبيبة الأنثى.
قام بكتابة وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني التي تم إعلانها في الجزائر.
**عن الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب
..من يدقّ باب الرّوح
في خفوت الشمس والضّــــــــــوء
من يطهّر الجسد من دنس الركض
خلف صهيل الـرّوح
من يمنح حبّة قمح تعبق بعطر الأرض
ليمامة تاهت
في رعب السكون الهائم
من يجفّف الدّمع..
والمحزونون في سبات ملء الجفون
أوغلوا في الدّمع في لحظات الوَجْد
فأنطفأ الوجع..
إلى أين تمضي في مثل ليل كهــذا !؟
والكلمات التي تركتها خلف الشغاف
تشعل شرفاتها
منارة
منارة
ولا يكتمل المكان..
تمنيتَ لو كنتَ نورسا على شاطئ غزّة
كي تعيد ارتحالك..كلّ يوم في المياه
تمنيتَ لو تجعل من دموع الثكــــالى
قاربا يجتاز العتمة..
كي يرسي على ضفّة مرهقة
تحتاج يد النهر كي تعبـــــــره
تمنيتَ لو يتوقّف..الزّمان
لحظة أو أقل
كي تعيدَ ترميم الحروف
كي تسير بكل،فجاج الكون
بغير جواز سفر
كي تروح بنوم مفتوح الرّوح..
يفيق على جمرة سقطـت
فوق شغاف القلب..
تمنيتَ لو تبرق للبعداء جميعـــا أن:
عودوا..أعطوا-لمحمود*-بعض وطن !!
ها أنتَ تئنّ
وتئنّ
إذا استرجعت غربتك من تيه الضجّة
وعدت بلا وطن
إلى أين تمضي في مثل ليل-عربيّ-كهذا ؟
إلى أين تمضي..بعربات الصّبح المبكــــرة..؟
ها أنّي أراك تلوّح للأمكنة الأمامية
وهي تغيب..
ثمة نورس يتلاشى في الأفق البعيد
ثمة وجع بحجم الغيم ..يتمطى في اتجاهنا
عبر الضفاف
ثمة شيء ما ينكسر
يتهاوى
ولا يصل المكان
ها أنّي أراك في هدأة الصّمـــت
تنبجس من اختلاجات العزلـــــة
تنبثق بياضا ناصع العتمة..من عتبة القلب
نهرا
تجلّله رغوة الإنتظار
أراك..نهرا
تعتعه الرّحيل..فتهاوى
في أفلاج جفّ ماؤهــا
ها أنّي أراك،تعبر ممرّات الذاكرة
تترك حنجرتك زهرةَ بنفســــــج
تلج حجرات الرّوح
تاركا خلفك..صهيل الرّيح
كي لا ينهمر..الوجــــــع
ويسطو على ما تبقّى..من مضغة القلب
سخط الزّمان..
*المقصود:الشاعر الراحل محمود درويش
محمد المحسن

مع تواصل مأساة «الحرقة»: حين يتحوّل الشباب التونسي..إلى"وليمة لأعشاب البحر" بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

  مع تواصل مأساة «الحرقة»: حين يتحوّل الشباب التونسي..إلى"وليمة لأعشاب البحر"


 -سأرتّل،بصوتي العليل تعاويذ الأمل..وأكتب..ولكن الحياة الكريمة أقدس من النص،والفعل المقاوم أعظم من أن تحيط به الكلمات..-(الكاتب)


لا تؤثر الأزمة السياسية التي تعيشها بلادنا على المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فقط،ولكنها تتعدى ذلك حسب الخبراء لتمس نفسيتنا ودواخلنا..فالتونسي اليوم مريض بما مرضت به البلاد من احتقان وعنف تجاوز كل الحدود المتعارف عليها في مجتمعنا.

والمتتبع لما يكتب وما ينشر خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تشكل بلا منازع المرآة العاكسة لكل انفعالات التونسيين والتونسيات يلاحظ بسرعة علامات التشنج الواضحة في الخطابات وفي السلوكيات من كل الأطراف بدون استثناء..

بين واقع إجتماعي و إقتصادي صعب و سلطة تهب رياحها دون أن تسقي رحيق أحلام شباب الوطن وماء المتوسط الهادئ،آثر آلاف الشباب البحر واختاروا الهجرة بحثا عن مرسى لأحلامهم التائهة,قبل أن يكتشفوا أن للكون حافة و للأرض منتهى يقود للهلاك أين إنقلبت مراكبهم و إنغمرت أمنياتهم بأمواج الموت التي حفظت مسارهم و إقتاتت مراكبهم لسنوات عديدة .

بعد أقل من يوم على فاجعة مركب قرقنة التي راح ضحيتها قرابة الستين (العدد كان زمنئذ كان مرشحا للإرتفاع)،رُفع الغموض على عديد التساؤلات التي كان أبرزها هويات الضحايا,تساؤلات طرحها الجميع إلا أمهات المهاجرين اللواتي إنشطرت قلوبهن بين أمل إنقاذ وهاجس فقدان وشبح إنتشال..عبارات لم يكنّ مخيرات في إنتقاء إحداها،غير أن الواقع فرض عليهن الإنتظار بعين باكية و جسد مرتعش وقلب وجل..

قبل أن يرفع بعض الستر-وقتئذ-حين أعلن مصدر طبي لمندوب-الصريح بتطاوين-(كاتب هذه السطور)أن أغلب الناجين ينحدرون من ولايات قابس و مدنين و المهدية و تطاوين و القيروان وسيدي بوزيد و القصرين،ما يؤكد مجددا أن ولايات الوسط و الجنوب خاصة،هي الخاسر الأكبر في فواجع غرق مراكب الموت في كل عملية هجرة غير نظامية لسنوات عديدة.. ,فالحوادث المماثلة السابقة شهدت أيضا ضحايا كُثر من ولايات الجنوب التونسي.

ما أريد أن أقول في هكذا ىحزن كافر..وقهر سافر..؟؟

أردت القول..كمن ينثر الورد في واد غير ذي زرع.. هكذا صارت حالنا بعد عقد ونيف من ثورة دحرجت رؤوسا كثيرة وردّت الإعتبار لمن نال منهم الظلم والظلام في نخاع العظم..

ننحن بواد و-الحكومات المتعاقبة-بواد آخر،تنبئنا مع اشراقة كل صباح بأنّ قوافل الخير المحمّلة بجرار العسل في طريقها إلينا..ستفيض بلادنا لبنا وعسلا..قليلا من الصبر فقط...يّها الشعب العظيم..

الكل ينآى بنفسه عن الواقع الأليم الذي تتحفنا به قنواتنا الوطنية في كل نشراتها الإخبارية: اعتصام هنا..واحتجاج هناك..واضراب يلوح في الأفق سيشمل كل القطاعات..قوارب موت تحمل على ظهورها شبابا في عمر الزهور سقطتت بمن فيها في عمق اللجة..

ولنا أن نفرح.لنا أن نهلّل.وطوبى للحزانى لأنّهم عند الله يتعزّون.

قيل لنا أنّ تونس ستشبه بعد الثورة جنّات من تحتها تجري الآنهار.

وقيل لنا أيضا أنّ الحرية سينتشر عطرها في الأقاصي حتى يزكم الأنوف..

 أما أرغفة الخبز فسيكون عددها أكثر بكثير من عدد الأفواه الجائعة..

جاري فقط نبّهني لأمر جلل..

جاري الذي قدّم ابنه مهرا سخيا لعرس الثورة قال لي : لا تؤذّن مع المؤذنين في مالطا،فلن يسمعك أحد..! 

هكذا صارت حال كل من ينتقد الوضع الراهن..

-الثورات العربية-وعدتنا بأنّ الخيرات ستتوالى. وسيعمّ الخير و الرفاه بلاد العرب من البحرين حتى أقاصي بلاد شنقيط موريتانيا العظمى،وستنال الصحراء الغربية نصيبها من الغنيمة أيضا.

وعلى العرب أن يفرحوا.عليهم أن يهللوا للصدقات أمريكية هذه المرة.

ولهم أن يبتهجوا بالنظام العالمي الجديد صانع المعجزات..!!

وكافر من يردّد قول المسيح..ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان .

الكل يهرب من الواقع المؤلم،يحتضن طموحاته مرغما ويمضي بها.

من اعتقد أنّ الدين هو الحل لحلحلة الملفات العالقة ارتدى جلبابا "أفغانيا" وأطال لحيته وانتهى إلى أنّ الديمقراطية كفر وضلال.

أما الذي يرى في "البروليتاريا" قوّة ضاربة وقادرة على ترجيح الكفّة لصالح الفقراء والجياع فانبرى ينظّر ويرمي -اللوم-جزافا على الناخبين الذين لم يهدوا له أصواتهم،وأشاحوا بوجوههم عن برامجه الثورية الواعدة..موضّحا أنّ الطريق إلى جهنّم مفروش بحسن النوايا..

البعض منا أصيب بالفصام أيضا : يصفّق -للنهضة- صباحا..وينتصر للقوى التقدمية عند المساء..!

الشباب لعن الساسة..والساسيين واستيقظ من-غفوته-بعد أن حلم طويلا بجنات تجري من تحتها الأنهار جادت بها ثورة التحرير..و"أهدى" نفسه مهرا سخيا لبطون الحيتان في عمق الأبيض المتوسط ..

لم يكن عبد المجيد المؤدب(الشاب اليافع المنحدر من أصول عريقة) أولهم..ولا غسان المحسن (إبن الكاتب الصحفي والمحلل السياسي (مندوب الصريح) محمد المحسن آخرهم.) فالقائمة لا تزال طويلة..والموت السافر يكشر عن نابه الأزرق المتوحش وينتظر المزيد..

كم أنت جشع أيها الموت اللعين..؟

وكم قلبك متحجر يا بحرنا الأبيض المتوسط..؟..

وكم أنت جشعة يا-حكومتنا المؤقرة-يا من تخليت عن شبابك الذين كانوا بالأمس القريب وقود ثورة التحرير وشرارة اندلاعها و"رميت بهم "إلى الماوراء حيث نهر الأبدية..ودموع بني البشر أجمعين..

أما أنا فمازلت ألعن أم الإنتهازيين وخالاتهم من الرضاعة..والأمم المتحدة..وكلّ قوى الخراب في هذا الكوكب الأرضي الكئيب..

لم أعد أعرف ماذا كان يجب عليّ أن أفعل،أخذت جرعة من الأمل،ثم دسست طموحاتي بين كتب الأدب،واعتبرت الكتابة جدارا أخيرا أحتمي به من الإنكسار.

لعلي آمنت بأنّه لا فائدة من -الحكومة التي لا تحتضن شبابها وترعاهم-إذ هي ظلّت تعزف على نفس الوتر:التنمية قادمة..العدالة الإجتماعية في طريقها إلينا..والخير والرفاه سيعمّ البلاد من شمالها إلى جنوبها..وداعا أيها الفقر اللعين..!

أنا لا أراهن كثيرا على-حكومة أحمد الحشاني-سيما وأن شبابنا أصبح-وليمة لأعشاب البحر-ولكن حضور الأمنيات القليلة اللطاف أفضل من غيابها الكلي..لذا سأرتّل،بصوتي العليل تعاويذ الأمل..وأكتب..ولكن الحياة الكريمة أقدس من النص،والفعل المقاوم أعظم من أن تحيط به الكلمات..

كان يحدوني الأمل قليلا وأنا أتابع خطابات -رئيسنا العظيم الراحل سي الباجي-(رحمه الله) وهو يذكّر الجميع بحكمة ورثناها عن أجدادنا : لا تغلّب الفتق..على الرتق..واطلب المستطاع إن أردت أن تطاع.. ثم يتعهّد بإتخاذ اجراءات صارمة ضد الإرهاب.. "فينتفض جبل الشعانبي هلعا..ووجلا..

يا رئيسنا الفذ-رحمك الله-كم كنا نحتاج قليلا من صبرك الرباني فالرّوح محض عذاب.فبيوتنا تكاد تتحوّل إلى بيوت للعزاء تأسفا أليما على شباب ركبوا قوارب الموت فأستقروا-كما أسلفت- في بطون الحيتان..

إعلامنا المؤقّر -أبهجنا-بعودة-رموز التجمّع-إلى الواجهة كي يعلموننا المبادئ الأساسية للديموقراطية الحقيقية..وحقوق الإنسان!! علنا نأسف على رحيل -المخلوع/الراحل-ونذرف دموعا سخية بحجم المطر على الإطاحة بحزب التجمّع اللعين..

ثمّة في العيون غيظ مكتوم..

وطوبى للثكالى لأنهن عند الله يتعزين..

رئيس الحكومة (يحفظه الله) قد ينبئنا  بأنّ أوضاعنا الإقتصادية ليست على ما يرام،أما بخصوص القروض الذي "يتكرّم" بها علينا صندوق النقد الدولي فستخصّص للإستهلاك بدل التنمية،وما علينا والحال هذه،إلا أن نواجه مصيرنا الكئيب بأمعاء خاوية..بعد أن تراجع الدعم العربي وشحّ المال والماء والأمل..

وإذن..؟

علينا إذا،أن نهلّل..ولنا أن نبتهج بالثورة التونسية المجيدة صانعة المعجزات.

وكافر من يردّد قول المسيح ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان..

رئيسة حكومتنا السابقة "أبدعت" في التصريع..بمعنى إثخان الجرح ورش الملح عليه بدل لملمته وتضميده..صادقة أنت وصريحة..يا رئيسة حكومتنا المنصرفة..!

غريب أمر هذا الشعب التونسي لا يكتفي بالخبز بديلا عن الحياة والكرامة. 

مدهش أمر هذا الشعب الذي أربك بثورته المجيدة أصقاع العالم..

عظيم هذا الشعب الذي مضى لملاقاة دبابات وعسكر ولا سلاح معه غير جسده وإصراره،فمعنى ذلك أنّ المقدّس فيه قد تجلّى.

أفتح الأنترنات و-أتسكّع-بين مواقعه فأبتسم للتعليقات الساخرة على صفحات -الأصدقاء الفايسبوكيين-على مردود الحكومة وعدم قدرتها على ترتيب-ما بعثرته الفصول -لشعب أنهكه طول الإنتظار و من ثم دعوتهم للإعتصام غدا أو بعد غد..لا يهم..المهم أن لا تتوقّف الإحتجاجات والإعتصامات،وما على الجميع إلا أن يحملوا معهم زجاجات المياه المعدنية وعلم تونس وأحذية مريحة وسندويتشات تكفيهم طوال مدّة الإعتصام..ويستلهموا من أبي القاسم الشابي المعنى الحقيقي للمجد والكرامة..

عجيب أمر هذا الشعب التونسي الذي يرفض أن تنتهي الحياة إكراما للذين تسابقوا للموت إعلاء للحياة..وتمجيدا لها..

هذا الشعب التونسي العظيم يعلم علم اليقين أنّ هناك من عقد العزم على إبادة الحياة وعلى إفسادها وتحويلها إلى جحيم.وهو على يقين أيضا بأنّ -المفسدين في الأرض-يستدرجون الحياة إلى الهاوية.وهاهم جنودنا البواسل ورجال أمننا الأفذاذ يتسابقون إلى الموت لأنهم مؤتمنون على استمرارية الحياة. 

من هنا تستمدّ المواجهة لديهم عنفها المدوّخ الضاري.

تونس يا مهد الثورات العربية.تونس..يا خضراء..ذات ربيع رحل أوكتافيو باز*. كتب شعرا ثم رحل.لست أنا القائل بل هذا الشاعر الذي اسمه أوكتافيو باز هو القائل : "لا يجب علينا أن نترك التماسيح الكبيرة تصنع تاريخ البشرية،إنني لا أستبعد الإنهيار الأمريكي فالتاريخ لا يمكن أن يتحمّل إلى ما لا نهاية هذا الإلتحام الهائل بين الموت والموت.لذلك أدعو دول العالم الثالث إلى العودة إلى الجوهر،وإلى الوقوف وقفة واحدة في مواجهة الجحيم."

حتما لم يكن أوكتافيو باز يدري أنّ التونسي سيقف في مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة وحيدا. و"سي الباجي"رحمه الله-دعا أيضا شعبه إلى الوقوف في وجه الإرهاب بجسارة من لا يهاب الموت..ألغى ذات مرة سفره إلى جينيف.. ثم قرّر حالة الطوارئ وحظر التجوال بتونس الكبرى..أما اتحاد الشغل -يحفظه الله- فقد ألغى كل الإضرابات..

ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان،بل بذاكرته المنقوشة في المكان..أزمنة متراصة مكثّفة.

هي ذي تونس إذن.زمان تكثّف حتى غدا مكانا وحكايات،أقاصيص وملاحم،سماء تنفتح في وجه الأرض،أرض تتسامى وتتخفّف من ماديتها حتى تصبح كالأثير.ثم يلتقيان.

 الأرض والسماء يغدوان واحدا.

هي ذي تونس اليوم مجلّلة بالوجع ومخفورة بالبهاء : أمل يرفرف كلما هبّت نسمة من هواء.. ثمّة فسحة من أمل..خطوة بإتجاه الطريق المؤدية،خطوة..خطوتان ومن حقّنا أن نواصل الحلم.

سلاما لأرواحكم الطاهرة يا من قدمتم أنفسكم -قسر الإرادة-إلى بطون الحيتان..هربا من جحيم يبدو أننا غدونا نعيشه جميعا بعد أن إقتربنا من هوة اليأس وغدونا منها على الشفير..

سلاما ثانية لروحك الطاهرة يا غسان المحسن..يا نجل الكاتب الصحفي الذي نالت منه المواجع في نخاع العظم"محمد المحسن..

على سبيل الخاتمة:

في السنوات الاخيرة،غلبت على السياسات الاوروبية،أكثر فأكثر المقاربة الامنية،لكن أمام تواصل تدفق المهاجرين،تسعى الان بكل الطرق للتخلص من ازمة تدفقهم عبر ترحيلهم الى بلد اخر من خلال ابرام صفقات مع الحكومات،مثلما وقع مع تركيا،وحسب المراقبين فإن كلا الحلين،الامني أو الترحيل،غير ناجعين ما دامت هناك معضلات عميقة في جنوب المتوسط، منها الفقر والبطالة والقمع السياسي والحروب الاهلية.

وحتى اتفاق مراكش الاممي حول تحقيق «هجرة امنة ومنظمة ومنتظمة « التي صادقت عليه 164 دولة في العالم،خلال شهر ديسمبر 2018،فقد أظهر انقساما حادا ضمن دول الاتحاد الاوروبي،رغم صبغته غير الالزامية،حيث اثارت نقاط عديدة،منها «تحسين الخدمات الاساسية للمهاجرين» و»العمل على ان لا يشوب تقديم الخدمات اي تمييز ضدهم»حفيظة حكومات يمينية في اوروبا.

أمام فشل كل المحاولات،ربما حان الوقت ان تنظر أوروبا الى الهجرة نظرة مغايرة وتواجهها عبر استراتيجية بعيدة المدى استراتيجية تقلل من ردود الفعل الامنية،وتأخذ في الاعتبار مبادئ حقوق الانسان وتكرس التضامن الدولي،عند ذلك فقط يتحول المهاجرون،بكافة اصنافهم،من عب،إلى عامل اثراء تستفيد منه دول المنشأ والدول المضيفة.


محمد المحسن


*أكتافيو باز (31 مارس 1914 -19 أفريل 1998)، أديب مكسيكي.ولد في مدينة مكسيكو. حصل على جائزة نوبل في الأدب لسنة 1990 ليكون بذلك أول شاعر وأديب مكسيكي يفوز بهذه الجائزة.

عرف بمعارضته الشديدة للفاشية،وعمل كدبلوماسي لبلاده في عدة دول. 

تشعب نشاطه في عدة مجالات،فإلى جانب كونه شاعراً فقد كتب أيضاً العديد من الدراسات النقدية والتاريخية والمقالات السياسية.




تسريبات من غرفة العمليات ـــــــــ د.وفاء بالطيب


 تسريبات من غرفة العمليات

إني اواجه الالم
تهاجمني شهقة الموت
و دموع ظننتها قد جفت
عند بيت القصيد
إني اواجه الورم
استأصله و الريح
تعدني بأن لا اموت
ورمي بستان كرز متعفن
ورمي بستان حديد
ورمي حائط كتبت
عليه طلاسم التراث
اني استأصل حب رجل
و اواجه السم
في كل اجسادي
يتسرب الالم
في كل جذر
لا اجد انفاسي
ثم اصرخ صرخة
الحياة
كصرخة المولود
الجديد
اواجه نفسي
وقد وجدت ربي
قريبا
لا أجد أحدا
استأنسه في غرفة
العمليات
انا الوالدة
وانا الطبيب
وانا الممرضة
وانا المولود
وانا المرضعة ايضا
و لبني حي لا يموت
اخرج حيث ينتظرني
عدوي
و حبيب سابق
و اخ و صديق
وجمهور المفسرين
اخرج و عيني تبرق
ترقص بداخلها
بساتين النور
د.وفاء بالطيب

عُلُوُّ همة ــــــــــ حميد النكادي


 عُلُوُّ همة ...

بقلم:حميد النكادي.
أنا جلمود صخر
تكسرت على رأسه
معاويل وفؤوس
ولا مسه ضر..
اعصفي يا رياح
و زمجر يا رعد
فلن تنالوا أبدا
من هذا الصدر..
فالبحر مهما
تعالت أمواجه
يبقى بحر..(ا)
والنهر رغم
هدوءه يبقى نهر..(ا)
وما ينال العلا..
إلا من امتطى
صهوة الصبر..
ألا يصبر
من يجني العسل
على لسع النحل؟..
الرباط 8/8/2023

آه يا حبيبتى ــــــــــ احمدالسعيدالفقى الفقى


 آه

يا حبيبتى
لو رأيتني
وأنا أمتطى
صهوة حمارى
لعلمت أننى
فارس مغوار
فى ساحة الوغى
لا يشق لى غبار
أحمل فى يدى
سيفى البتار
أدخل فى معارك طاحنة
من بنات أفكارى
لا أحب المهادنة
ولا أجيد الفرار
مقدام
إذا ما حمى الوطيس
نادوا علي
فأذا ما أقبلت
تناثرت الجثث
يمنة ويسار
وحمارى تحت مني
كالبرق مسرعا
يخطف الأبصار
يضرب الضربة
تلو الأخرى
ويغيب عن الأنظار
فأنا لست كأى فارس
وحمارى
ليس كأى حمار
لك أن تفخرى
بي حبيبتى
وتلبسين ثوب الفخار
فالكل حتما
منك يغار

آية وسيط المعجزات قصة لــ الكاتب/عصام سعد حامد


 قصة قصيرة

آية وسيط المعجزات
تركني ساجدا، انطلق بسرعته، التي لا نعلمها، يقينا لا مقياس لها، اخترق غلاف الأرض، مجاهل مجرتنا..، مجرات أخرى..، في اتجاه غطاء كوننا المرئي، قبيل أرضية الكون الأعلى، على مرأى بصره، رأى ما يراه أمثاله.. جند القضاء والقدر متأهبة لملاقاته، حاول اختراقها، متجنبا صداما أزليا، هيهات، التدافع الذي حدث بينهما، لو كشف عنه الغيب للخلائق. تشيب منه مشاعرهم قبل مشاعلهم، تراجع وسيط المعجزات تراجعا تكتيكيا، لأخذ نفس هجومي، استدعاء مدد، تنظيم صفوف،.. وغيرها من استراتيجيات، أعاد تنظيم جنده من ( حمد، ثناء، صلاة على الرسول، توسل، دموع، رجاء..) ،أعاد الكرة..، لا جديد، لم يستطع مغالبة جند غريمه، خاصة بعدما تصدرت صفوفه كتائب (المرصود باللوح المحفوظ، كلمة الله هي العليا)، تصدرا جعل وسيط المعجزات. يوقن بأنه لا محالة من التراجع، ليعد سلاحا مناسبا، استدعى فيالق من قوات النخبة (رضا الله، معية الله، إرادة خليفة الله، التفويض الإلهي)، جعلهم لواءه، رأس حربته، تقدم بثقة وثبات. رأى القضاء والقدر مقدمة جند الوسيط. أيقن بأن موازين القوى في سماء واقعه تغيرت، انقلبت ضده، تراجعه أمر حتمي، فرضته الإرادة العليا، التي يعملوا لحسابها، انشقت صفوفهما، تخاذلت جنودهما، تقهقرت، احتجز معظمها.. قيد الانتظار..، انطلق الوسيط، اخترق سبع سماوات، وصل إلى عرش السميع الكريم المجيب.. اعتدلت من سجودي، قرأت التحيات،.. الحمد لله..
بقلمي
الكاتب/عصام سعد حامد
مصر اسيوط ديروط
20_ 7 _ 2023

مولاي أنتَ ــــــــــ رفا الأشعل


 مولاي أنتَ ..

مولاي أنتَ وأنتَ الحلمُ والأربُ
تهواك روحي ونبض القلبِ يضطرِبُ
يا من طلعتَ كما الأقمارِ في أفْقي
صافي الشّعاع ومن لألائهِ عجَبُ
سلطان قلبي أتى والحلمُ يصحبهُ
والوجهُ ضاء ومنه النّور ينسكبُ
إنّي أكابدُ حبًّا كمْ يتعتعني
يشقى فؤادي وقد أزرى به التّعَبُ
يا غائبا غربةٌ تجتاحني وأسًى
قلبي المعنَى غزتْ آفاقه السّحُبُ
علامَ تبعدُ عنْ عيني .. تعذّبُني
بمثْلِ نارٍ وفي الأحشاء تلتهبُ
وكمْ أتوقُ إلى عيشٍ بصحبتكم
مثل الرّؤى ليس يغشى صفوهُ كأبُ
في بحرِ حبّكَ والتيّارُ يرْبِكُني
والموجُ عالٍ وفي طيّاته العطبُ
أطفو وأرسو غريقا ليس تنجدني
كفّ وحولي عبابٌ ثارَ يصطخبُ
أمشي على الدّرب والآمال تخدعني
أطوي المدى هدّني التّرحال والتَعبُ
أسعى وراء سرابٍ لستُ أدركهُ
كتائهٍ حوله الأهوال تضطربُ
وكم سهرْتُ نجومُ الليل تؤنِسُني
أرتّبُ الحرفَ مشحونا به العتبُ
وكلّما انتابني من بُعْدِكُمٌ وجعٌ
أفني القوافي ودمع العين ينسكبُ
كم طال ليلي ونار الشّوقِ تلفحني
لكنّ فجرًا تناءى سوف يقتربُ
مازلت أرقبُ خيطَ النّور في أفقٍ
داجٍ وقدْ غابتٍ الأقمارُ والشّهُبُ
إنّي ومن بعدكم لا شيء يسعدني
لا عذب لحن ولا حرف ولا كتبُ
أقدمْ براني النّوى والسّهد يرهقني
ونال منّي الفراقُ المرّ والوصبُ
لإنْ بقيتُ طوال العمر منتظرا
لن ييئسَ القلب .. أَوْ ينأى به الأربُ
رفا الأشعل (تونس)
على البسيط

يلتقط ذلك الشغوف ــــــ عبد الرؤوف عبد الله


 يلتقط ذلك الشغوف بالحياة جمالها من تفاصيلها البسيطة

يصنع من حطبها كوخا ومن كوخه بيتا ومن بيته قصراً
ويزرع البسمة في وجوه من حوله من أشيائهم المُهمَلة
وأدباشهم المبعثرة كطفل صغير لم تكبله عُقدنا وأفكارنا السخيفة
فضحكته مُشرقة عفوية سريعة الظهور... ومُعدية!
لا تحتاج تكلفا ولا تشترط المال ولاتقترن بالرفاه
لا حسابات تحكمها ولا ظروف تمنعها ولا شروط تُعجزها
ألم تر يوما قهقهة ذلك الوليد يستمع لغمغمتك وإشاراتك الغبية؟
ألم تر كيف صدقك صغيرا وآمن بكل سخافاتك ووعودك الكاذبة؟
ألم تر أن مصاصة الحلوى تمتص كل غضبه فيتبخّر؟
ألم تر كم يقطع بُكاءَه سريعاً وتلتئم جروحُه سريعاً؟
فليتنا لم نكبر.. ولم نحلم ولم نركض نسابق الأيام
ويا ليتها لم تقسُ قلوبنا ولم تنضج عقولنا لتحكمنا بعجرفتها
ومالنا لا نفرح وما حولنا إلا أسراب المهرجين والغباء؟!
ومالنا لا نؤمن والآيات والدلائل تطرق من كل صوب أبوابنا العمياء؟!
ومال أكوام الأقوال والأعذار لا تمتص ألمنا فيكبر؟!
ومال دموعنا لا تجفُّ .. أيحكمها العِنادُ والكِبرُ
أم هو السخاء؟!
ومال جروحنا لا تكفُّ .. قد أثخنها الغدرُ
فجرح الأبدان يأسو.. أمّا
طعن القلوب فما له من شفاء!!
✍️ عبد الرؤوف عبد الله
جويلية 2023

وتين مغترب ـــــــــــــ عادل العبيدي


 وتين مغترب

——————————-
وهجرت مرتعي ؛ وروح الشوق
تحلم بالربيع
الأصوات مزمجرة لاهية تعوي
كالكلاب جرداء سيدتي تعوي
في الصقيع
سيدتي أمثالي لا يهجرون
رغم أبواق الحاقدين
مازلت قرب الوتين
ما زلت خادمك المطيع
وما يثار هناك هوسا غريب
السحاب وهمًا يخفي
الربيع
ما زال وجدي يغريني
قتل ذاك العقل الوضيع
الليل قطار طويل
أبدًا يطاردني ظمآنا
عبر الظلام ولا أزال أحلم
بغد جميل
من أجلك مولاتي أزرع القمح
بين ألغام ساحات الحروب
دون وجل
والندى الجميل يتراقص
على الأوراق ممزوجا
بالوان الربيع
سأعود اليك مرتجلًا
بأعاصير الرماد
سأعود متيما
على شراع السندباد
———————————
ب ✍🏻 عادل العبيدي

الليل والمساء ـــــــــعبد الزهره الاسدي


 ( قصوره )

الليل والمساء
وحيد .....
وهذا الليل يغويني
يرتب وجعي ويحرقني ويكويني
يستفزني .....
يغرقني حزنا من حين إلى حين
يذكرني هوس الحب
يمررني مرابعي العشاق المجانين
يسافرني بقوارب الدهشة
وتر يغنيني
يا أيها الليل طويل سهاده
رقد السمار
وفاض الكأس مني فمن يسقيني
ومن يوهبني قصيد أخيط بها جرحي
ومن وجعي يشفيني
أنا والليل بتنا نسامر بعضنا
أنا ( ادندنه) ....
وهو يغنيني
عبد الزهره الاسدي
8/8/2023