الداعيه الصغير
بقلم دكتور هاني البوصي
الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
قال حدثني شيخ جليل صادق فقال هل تعرف أصغر داعيه في العالم قلت عيسى ابن مريم عليه السلام قال لا في هذا الزمان قلت هات قال لي قريب فتح الله عليه الدنيا فأغدق عليه الأموال والجاه فأصبح له شأن في الناس كبير وله في كل شيء نصيب إلا في العلاقه مع الله فهي مقطوعه تماماً لا يعرف الصلاه ولا يطرق للمسجد بابا مع وفور صحته وسعه رزقه
رزقه الله فوق ذلك ابن جميل الطلعه جمع الله فيه ما فرقه في سائر الأطفال من الجمال والذكاء والفطنه والفصاحه واللباقه وهو مع هذا لم يتجاوز عمره ست سنوات اي إنه لم يدخل المدرسه بعد جاء يوما إلى مجلس أبيه وأبوه سادر في غيه قد سمر عينيه في شاشه التلفاز والريموت كنترول بيديه يقلب القنوات
وقد فغر فاه وغاب عن الوعي دخل الطفل على أبيه ورأسه ينطف بالماء ووجهه كذلك مشمرا عن ذراعيه الصغيرتين اللتين يقطر منهما الماء أيضًا وقف أمام أبيه نظر إليه نظره طفوليه فيها كل معاني البراءه قال له أبوه سلامات إلى أين ان شاء الله
قال بلهجه بريئه فيها لثغه (إلى المسجد أروح أثلي مع الناث مع المثلمين) أنت يا بابا ما تحب الصلاه
غص الأب بريقه ثم قال يا ولد ما هذا الكلام
والله ثحيح (صحيح) ثم ولى وترك الأب في دهشته
مكث الأب ساعه إلا ربعا يدور في المنزل لا يلوي على شيء يفكر في ابنه الصغير الذي قذف في وجهه هذه الكلمات وذهب انتظره بفارغ الصبر وفجأه فتح الباب بهدوء وإذا بالصغير يدخل
قال له الأب لماذا تأخرت
قال له قلت لك أروح أثلى مع الناث
أقسم الأب أن الله تعالى حفظ هذا الصغير منه فلا يستطيع أن يمسه بسوء ولا أن يمد نحوه يده بالضرب ولا لسانه بالشتم رغم ما كان يعرف عن هذا الأب من شده وجبروت
مكث على هذه الحال سنتين كاملتين
قال الشيخ تأخر الطفل مره للعب خارج البيت فجن جنون الأب وقرر الخروج للبحث عنه بينما هو يهم بالخروج إذ بالباب يفتح ويدخل الطفل
قال له أين كنت؟ بحثنا عنك في كل مكان ما بقى إلا أن نستعين بالشرطة للبحث عن حضره جنابك
قال له يا بابا يا بابا أنت ليش ما تفهم لعبت وبعدين صليت المغرب وتكلمت مع جارنا عبدالعزيز وجئت مباشرة ما تأخرت
قال الأب لم أع بنفسي إلا دموعي تنسال على خدي إلى متى هذه الغفله إلى متى وأنا أتلقى هذه المواعظ البريئه وأنا في ظلمه الذنب من طفل أنطقه الله تعالى بالحق والله لم يكن لأحد تأثير عليه حتى أمه رغم صلاحها لم تكن تلقنه هذا الكلام ولكنه الله عز وجل إذا أراد شيئاً كان تأملته طويلاً وقد دخلتني هيبه من وقذف الله له في قلبي محبه ممزوجه برهبه لم تكن في من قبل برهه من الوقت مرت بنا وصمت ونظرات لم يقطع ذلك الصمت إلا صوت الحق ينادي لصلاه العشاء صوت الأذان الجميل الذي انطلق من المسجد المجاور الذي لا أتذكر متى آخر مره دخلته نظر إلي ولدي كمن يقول لي يا أبي خذ بيدي وهيا بنا معا إلى رحاب الله قفزت وحملته بين ذراعي بعد أن توضأت وقبلته قبله طويله خرجت من أعماق قلبي ودموعي تغطي خده الصغير وذهبت به الى المسجد ولم اكد اضع اول قدم على عتبه المسجد حتى رأيت ابني يكاد يطير من الفرح كلما لقي أحدا من المصلين الذين يعرفهم عرفهم على هذا بابا يا عم أحمد هذا بابا يا عم فلان هذا بابا يا عم فلان توافد المصلون من أصدقاء الداعية الصغير يهنئون أباه على نعمه الصلاه ودخوله المسجد لأول مره منذ سنوات طويله قال الشيخ والله لقد رأيت هذا الرجل تعلو وجهه نضره جميله بعد أن كان تعلوه كآبه وقتره وغبره رأيته تكسو وجهه لحيه جميله وكان يحدثني عن هذا الطفل أنه كان يزعجهم حتى يوم الجمعه من الصباح الباكر نوقظه ليغتسل وتطيبه أمه ليذهب إلى صلاه الجمعه
قال الشيخ كنت أرى ذلك الطفل يلعب مع الصغار في الشارع فأستغرب وأقول في نفسي أمعقول أن يكون هذا داعيه ناجحاً على صغره ولعبه ويفشل كثير منا على كبرنا وجدنا
اللهم بارك لنا في أولادنا وأنبتهم نباتاً حسنا واجعلهم قره عين لنا يا أرحم الراحمين وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وكتبه محبكم الدكتور هاني وائل البوصي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق