الخميس، 9 فبراير 2023

الإستناد والإعتقاد بقلم الأستاذ : شكري بن محمّد السلطاني

 الإستناد والإعتقاد

للبشر آمال تدفعهم للحرص والسّعي والعمل وأشواق تُحفّزهم للسّير والمنافسة وعلاقات تُقيّدهم .
يعيش الإنسان في خضمّ كلّ ذلك متشوّفا متطلّعا للمستقبل ولغدّ يترقبّه ولغيب يجهله ،ومن النّاس من يستسيغ الوجود باللّه فهما وعلما ودراية وإدراك وهؤلاء الُعقلاء الحكماء وغيرهم يَعْقِل الوجود كما يحلو له بهواه ويعيش حياته متّكلا على حوله وقوّته وما إتّفق عليه عامّة النّاس من آراء وعادات والبعض الآخر يستند إلى أسياده الفلاسفة منسجما مع آرائهم وأفكارهم ،فالكل يعمل على شاكلته ويتماهى مع معناه وحقيقته.
الإنسان كينونة وصيرورة فلعقله الفّكر فهو ينظر يُفكّر ويتفكّر ويعقل وأحيانا يتأمّل ولقلبه المشاعر والاحاسيس والتعلّقات ولنفسه الهوى والرّغبة والشهوات والعلاقات .
فالعقل والقلب وسائل ودعائم وجوده لكي يفكّر ويشعر ،فالمثيرات والمنبّهات والكلام والافكار كلّها عادّة ما تكون مضمّنة في أنساق وأنماط وقوالب فكريّة ودلاليّة وذوقيّة وشعوريّة وسلوكيّة عديدة تتراءى وتتراقص أمام أعين وبصائر النّاس ليتسلّل الإعتقاد بالنّظر والتفكّر والقناعة وكما تخترق المباني والظواهر والمظاهر بزخارفها وبهجتها النّفس لتضيع وتُفتقد المعاني والحقائق في غفلة منه ودهشته .
إنّ مخرجات out put النّفس من الدّواخل in put التّي تجتاح وتغزو عقله وقلبه والنّفس هويّة ذاتيّة فرديّة خصوصيّة آنيّة وليست بالضرورة أنانيّة ونرجسيّة إلا لمن تمسّك بأناه وهواه وهي قالب معنويّ يتأثّر بالأحاسيس .
النّفس مركز القيادة والجسد دابة ومركب للسّير النقص كامن فيها والجهل والغفلة والطيش والحمق صفاتها وخصالها فهي كالطفل شبّ على حبّ الرضاع ولا رادع لها إلاّ بمداواة تنطّعها وطيشها ومعالجة رعونتها وطفولتها المندفعة .
غالبيّة النّاس تتكلّم دون هوادة في جميع المواضيع والمواقف والكلّ يعرض بضاعته الكلاميّة مفسّرا أو متأوّلا ناصحا أو مرشدا أو موجّها معقّبا أو ناقدا والصمت حكمة وقليل فاعله فالكلام مباح واللّسان ينطلق دون ضوابط وقيود ،إنه عصر اللافظين..
كتب ومقالات وأفكار تنشرها أصحابها للإفهام والإقناع والتأثير والتوجيه
فهل غيّرت الأفكار الطباع والميولات والعادات والمعتقدات والمواقف والقرارات والأذواق والنفوس لتُغيّرها وتُحوّلها للافضل؟!
الإنسان وبخلاف الكائنات الحيّة الأخرى يتميّز بتاريخ لوجود الذّاكرة والذكرى ومواصلة عمل السّابقين الراحلين وإستهلاك ميراثهم المادي والمعنوي والرّوحي فالغرائز تنتهي وتنقضي بتغيّر ظروف بقائها ،ولذلك على عاتق الإنسانيّة التّعامل مع البيئة بكل حكمة ورشاد لإستدامة الحياة على الأرض لإنتفاع الأجيال القادمة بخيرات الطبيعة وما توفّره الثقافة من مكتسبات معرفيّة علميّة وخبرات داعمة لمسيرة البشر من أجل غدّ أفضل يتحسّن فيه الإعتقاد والإستناد بحسن النظر والإستئناس بحكمة العقلاء والإستيحاش من هذيان اللافظين دهاة البشر.
الأستاذ : شكري بن محمّد السلطاني
Peut être une image de 1 personne et intérieur

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق