قلبي مدينة
راوية شعيبي
___________
قلبي مدينة أهلها ظالمون... أرصفتها عاقر لا تلد لقاء... لكنّها تشهد اكتظاظ الانتظار... شروق اللهفة و غروب التمنّي...يرويان بداية الجرح و نهايته في خيوط الصمت و غسقه...
قلبي شوارع تكثر فيها احتجاجات المشاعر و لا تسمع إلّا أصوات أقدام النهي و النفي و الاستنكار... تحاصر هذا التمرّد... تقيّد صرخاته بالكتمان...
قلبي شرفة تطل على شاطئ أمل مفقود... يعكس ثورة البحر... و هيجان الموج على غزو السّفن الراحلة للمدى... لا شيء يتعب البحر كتذوق السفينة لملحه و الغياب في وجهة واحدة دون رجعة... كأن عتابا يثقل السفر على ظهره و اللّوم يجازف بالبوح في تلاطم الماء و نداء الغرق...
قلبي غيمة تسافر في حدود السماء... تطهر الروح من شوائب الظنون و تحيي منابت الحب في ساحة الذاكرة... فلا أجل مسمى لنبضه و لا ليله أقمر تعبا...أمر بعصف الجوارح كأنّي دليله و أسلّم للإتجاه أوتاري و الفكر...
لم يغز المشيب مفرقي و لكنّي بعقل عجوز أدرك قمّتي...
لم أصنع من قصب الأيّام نايا يعزف خيبتي و حزني لكنّي ردّدت لحن دمعي و تشرّدي في أسطرٍ...
أنا آه ممشوقة الوجع... يئن في صدري ألف جرح...
و لا عتب
على من هجر القلب
و أضاع عنه صوت الحب...
قلبي قصيدة مترامية الإعتراف... نجومها سلاسل ضوء و جحافل سهر و قناديل بوح تزيّن جيد ترقبي...
أين تمضي طريقك يا قلبي و الأشواق أشواك تلدغ النبض... لكنّي اعتنقت الصمت و رضيت بالإنسحاب دليلا... كم سكب السّراب ظله في عيني و ارتويت من طيف الغياب حتى ذهب عنّي ظمئي و ابتلت عروقي... و لم أشك لهم بثّي و حزني...
تعهّدت بأن أشطبهم من كراس ذاكرتي و أهشم صورهم كما تهشم اللعب... لكنّي حين اقتربت من الحقد أحرقني و عفوت قبل أن أرجمهم و أترجم جريمتهم إلى كل لغات الغضب...
أنا حرّة
لن أقولها مرة و مرة
لن أتصيّد الرجوع
فأنا في الأصالة مهرة
لا أحب المضرّة...
كما أرضاهم بعدي أرضاني تمنّعي و كما سها عني شعورهم سهوت عن سؤالي عنهم... فلا لوم عليهم مهما أحزنوني و لا لوم علي حين هجرتهم طوعا مهما استنكروني أو تذكروني...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق