هجرة القلوب
أوراق خريف متناثرة على أرصفة الطريق تحمل كل واحدة منها قصة فراق أليمة و رسمت عليها صور أسراب قلوب مهاجرة مخلفة وراءها حسرة و لوعة .تتراكم صور الذكريات في مفترق الطرقات ليلا و تتلاشى مع عودة ضجيج الحياة نهارا ، تلك القلوب المهاجرة أعياها الهجر و أضناها عمق المسافات بينها و بين من تحب و ما بين الجفاء و الهجر ماتت الكثير من العلاقات قبل أن تولد و إختارت الأقدار لها طرق أخرى موازية لها و دفنت مشاعر البعض في وجدانهم بلا مراسم دفن و أعلنت قلوبهم الحداد المؤبد إحتراما لدقات قلب نبضت حبا في غفلة من الزمن الجميل و إصطدمت بسياج الواقع المرير فإضطرت للهجرة سرا مع أسراب الطيور المهاجرة و لعل نقطة الشبه التي تجمع القلوب بالطيور هي أسباب الهجرة المشتركة ألا و هي البحث عن الدفء و الأمان.
هجرة القلوب هي أقسى أنواع الهجرة و أصعبها حيث يضطر أصحابها للهجرة غصبا عنهم و رغم تمسكهم بكل شيء على هذه الأرض إلا أن حتميات الحياة تجبرهم على الرحيل للتناسي لا للنسيان، لأن دروب النسيان كالمتاهة كلما إقتربنا من الوصول للحل تنتفض ذكرى صغيرة تهز الوتين شوقا و ترجعها إلى أول الطريق ، ربما أغنية أو مكان أو رائحة عطر تسللت فجأة إلى أعماقنا في زحمة الطريق و إتبعنا خطاها نشتم رائحة الأمل و نبحث عن لقاء عفوي يسر الأنظار لكن هيهات هيهات إنها مجرد ذكريات و لا أحد مد يداه ليثنينا عن قرارنا لذلك حلق يا قلبي في سماء الحرية و أطلق جناحيك لعلك تصل غدا إلى بر الأمان.
زينب لحمر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق