دمع ومطر...
صباح ممطر ...أرض مبتلة ...كل السماء ملبدة بغيوم سوداء إعتلت أفق المدينة الهادئة ،الترجل صعب جدا مياه المطر متدفقة هنا وهناك تسير بسرعة لا تسمع إلا خريرها المنبعث من بالوعات موجوده على طرفي الطريق ،تسير بإنتظام وفي مجرى واحد ،كثر تدفقها لغزارة التساقط ،كل منظر يوحي بالحياة نعم الأشجار والإنسان،هكذا الهدوء في المطر ، لم تسيتيقظ المدينة بعد ولا يزال سكانها يتخبطون في أحلامهم اللامتناهية كالعادة ، من وراء زجاج نافذة الحافلة التي إستقليتهاكنت ألقي بنظري وأسبح لله خالقي وخالق هذه النعم ،شردت في هذا الكم الهائل من الجمال وروعة المنظر ، مما زادني نشوة حبات المطر التي كانت تنقر الزجاج كسيمفونية أبت إلا أن أغرق معها في ملكوت الله ودفء المكان ...صوت هاديء يشعرني بالرغبة بل يحثني على النزول والركض والبلل الذي أعشقه ،يبعثر مشاعري يحضنني ويغسل في مآسي الحياة .....فادح حزني ثقيل وليلي بات طويل لمن أشكو وأبث همي فلتخبريني أيتها الغيوم وتدليني على دربي المجهول الذي كان مأهول وأغسلي دمعي بوجنتي وأمنعيها من السيل فسيل الغيث يطهرها وينقي ثوب روحها من الضيم،
أُزلف باب الحافلة وبدأت الرحلة التي تمنيت أن تكون برفقتك ...أجل الجو شاعري جدا ولا يحلو السفرإلا مع من نحب أن يشاركنا هذه اللحظات التي ستعلق في أذهاننا إلى الأبد وتزين ذكرياتنا كلما جنّ الحنين هرولت ماسكة بتلابيب ثوبه برقتها وعذوبة تلك الأوقات التي لا تُنسى .
لا زلت هنا أُسابق السحب والغيمات باحثة عن وجهه عن طيفه عن إبتسامته في كل الحضور ليمسح عني كآبة الأيام المرهقة ..إنتظرته مزنا يحيي يباس الروح التي ترملت منذ زمن وعافت الحياة ...ليتها فقدت ذاكرتها ونسيت من هي ومن تكون ...لا زلت أبحث عنك بين العابرين لعلي أعثر ولو على أثر منك ...لكنك لم تأت كعادتك ....خمدت نيران الشوق بداخلي وماتت اللهفة التي كانت تملا حناياي كلهفة وليد لأمه ،بل أكثر من ذلك ....ليتك تمردت كتمردي وإمتطيت فجر الصباح وبي إلتحقت ومزقت التردد فأتيت ....لا زلت أنتظرك .....كمدينة عتيقة أنا متفردة ومتمردة على زمن أكل جوفها قبل تفاصيل جسدها ...شردها وألبسها عباءة الأوجاع ...دمع يتدحرج من على أخاديدها كجداول فوضوية حفرت على وجهها الحسن ..تبكي في صمت من الإهمال ...،تساقطت أسقفها ولم يبق منها غير الخراب والعناكب التي عششت مع الغربان في أركان زواياها..عتم ساد أعماقها وإستسلمت لواقعها متسائلة كيف لي أن أنتظر من لا ينتظرني وأنا أُكن له كل هذه المشاعر ما أغباني حقا فرحلة الحياة لن يكملها معك إلا من وهبك روحه بلا مقابل ...ويرسو معك على مرفئ الأمان بميناء الحب والسكون ...فلا من عاش من نقتل لذة الحياة لأجله وهو صاد عنا تبا لكل قلب يهوى من لا يهواه ...منظر المطر أجمل من أن يجعلني أفكر في تفاهات طيف سرعان ما مرّ كالبرق ...ستشرق الشمس من جديد وينبت الزهر في الوادي ...وتحوم فراشات قلبي مبتهجة بالربيع فما أسعدني بك أيتها الحياة عندما أُلقي بثقل همومي من على أكتاف أيامي إلى دهاليز النسيان والتجاهل فأنا نجمة أضيء مكاني ولا أنتظر من أحد أن يمنحني ضوئه .
زهرة حماني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق