الأحد، 19 سبتمبر 2021

الجزئين الأول والثاني معا من رواية (إمرأة لا تنحني) بقلم لينا ناصر

 الجزئين الأول والثاني معا من رواية

(إمرأة لا تنحني)
بقلم لينا ناصر
الجزء الأول:
بدأت رحلتها بتنهيدة..
شهيق مثقل بالحنين يتبعه زفير دامع ثم
أحنت رأسها للخلف حيث أصبحت عيناها سابحة في الفضاء ،ودون أن تنطق بحرف واحد ..
سكون مخيف تكسره بين الفينة والأخرى زفراتها الحبلى بالعتب حيناً ،وأحياناً تقطر شوقاً وحنيناً،تعاتب نفسها كيف عادت لتنشغل بمحاولة ترويضه وهو المنعطف دائما على راحته وكبريائه وغطرسته..
تكاد تجزم أنها لا تأخذ من اهتمامه حيّزاً ضئيلاً..
وبحركة لا إرادية كلما مرّت صورته أمام عينيها تغمض عينيها في محاولة يائسة باحتجازها قليلا بعد ،ربما يظن البعض أنها من فرط العشق تفعل ذلك لكن في قرارة نفسها تدرك تماما انها ورغم مشاركته حتى أصغر تفاصيل حياته إلا أنها مازالت لا تعرفه ..
ثم راحت تجول بأفكارها وتلوك أحاديث صديقاتها عنه بمخيلتها ترى هل يعرفن شيئا هي لا تعرفه؟!
ربما!!وإلا لماذا يسخرن منها وتنعتنها بالساذجة وتلك الغمزات الضاحكة بينهن !!
وهي لماذا تكترث الان لطالما كن يحاولن تحريضها وحين تختلق شجارا معه يجلسن منها مجلس القاضي والجلاد!!
أيعقل أنها تظلمه بظنونها
ربما عليها أن تغير صديقاتها لا هو!
ولكن رغم ذلك هو يثير جنون غضبها باستفزازه واهماله وعدم الاكتراث لوجودها حتى أنه لم يعد ينظر لتسريحتها ولا يحتفل بأطلالتها الأنيقة ولا يهتم بعطرها ،ترى ماالذي يأخذه منها بهذا الشكل ؟!
(هل يوجد مايؤكل هنا؟)
صوته الصارم أيقظها من شرودها لا تدري كم من الساعات دفنت في طبقات السماء لتعود الى واقعها خالية الوفاض الا من تساؤلات أكثر تعقيداً وأيلاماً...!
الجزء الثاني:
استوت في جلستها ونهضت مخلّفةً ثرثرة أفكارها وبخطى ثابتة توجهت نحو المطبخ بعدأن نجحت برسم ابتسامة طفيفة على ملامحها، رمقته خلسة لتجده كعادته واجم الملامح وخياله سارح
جسد ملقى على الأريكة مبتور الجوارح..
تنهدت في سرها وقالت
(ليتني استطيع قراءة أفكارك ،لو أعلم ماالذي يشغلك فقط ،ليتك تصارحني ليت)
_تفضل الطعام جاهز
ودون ان ينطق بحرف جلس قبالتها يتناول طعامه بهدوئه المعتاد وهي تقتات من ملامحه وتحاول ارتشاف جفائه الذي بات كالوشم على جبين حياتها وأبى أن يزول بأي طريقة ..
انهى طعامه وبصمت ثقيل سحب نفسه إلى مكتبه وأغلق على نفسه مما ضاعف حيرتها وخنق الكلام في حنجرتها لأول مرة في حياتها تشعر بالعجز
كانت في كل مرة يغضب ،تجد الف وسيلة لتعيد له توازنه ولكنها الان أمام معضلة حقيقية ،حتى أنها باتت تتمنى لو يغضب ويدمر أشياءها ليزول غضبه..
او يبعثر أزهارها ويعبث بمساحيق التجميل ويكفر باهتماماتها..ليته يصرخ حتى لو أنه يفعل أي شيء ليخرج من حالته هي تتمناه لكن رؤيته بهذا الإنغلاق تؤلمها جدا ولا سيّما ذلك الإحساس الموجع الذي يلازمها بأن أخرى تأخذه منها..
أسدل الليل ستائره وهو مازال في مكتبه وهي تذرع الأرض ذهاباً وإياباً تبحث في زوايا الحجرة عن بقايا ضحكاتهما التي باتت كالحلم بالنسبة لها..
وكلما فكرت بالدخول عليه تذكرت حديثه الصارم لها في آخر مرة دخلت (هنا غرفة عمل ولا أرى لوجودك أي سبب حين احتاجك أناديكِ )
تتسمر في مكانها في اللحظة الأخيرة يمنعها كبرياؤها اللعين بأن تدخل
لكنها لم تعد تحتمل ذلك الصمت الذي يشبه الموت يكاد يخنقها فتحلت بالشجاعة وذهبت مسرعة قبل أن تغير رأيها وضعت يدها على مقبض الباب واذا به ينفتح دون عناء منها لتجده واقفا أمامها مباشرة لتغرق في عينيه وكأنها لاول مرة تراه...
Peut être une image en noir et blanc de 1 personne


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق