قِصَّةً قَصِيـرَةً
. . . . . . . . .
حَلَم وَأَمَل
. . . . . . . . .
تــــســــلـــــقت لِأَعْلَى شَجَرَة الصَّنَوْبَر ؛ لِكَي تَرَاه وهـوقـادم إلَيْهَا بَدَأَت الــــشَّجَرَة تَتَمَايَل يَمِينًا وَيَسَارًا مِنْ شِدَّةِ الـرِّيَاح وَبَعْدَ أَنْ زَادَتْ الرِّيـــــح وَاشْتَدّ هُطُول الْمَطَر خَاطَبْت نَفْسِهَا فَقَالَتْ : أُعَاهِد رَبِّي لَو تَبَدَّلَت حَبَّات الْمَطَر وَانْقَلَبَت حَصَى لَن أتـزحزح مِنْ أَعْلَى الــشَّجَرَة وَلَن أَغْيَر مَكَانِي وســـــأصـــــبــر عَلَى الْبُرُدِ الـقارص وَلَن أغــــادر حَتَّى يَرَاهُ نَاظِرِي فَقَدْ بُعِثَ لَهَا رِسَالَة بِأَنَّه قَادِم مِنْ سَفَرِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَضَى الْوَقْتُ طَوِيـلًا وَهِيَ عَلَى هَذَا الْحَالِ مَرّ الْوَقْت وَكَأَنَّه عُمْرٍ طَوِيـــــلٍ كَانَ الِانْتِظَارُ وَقْعَة عَلَى الـــــنَّفْسِ ثَقِيلٌ وبــــعــدحـــيـن مِنْ الزَّمَنِ تَوَقَّف الْمَطَر وأزاحــــت الغُيُوم ســـتارهـــــاوأرسـلـت الـشَّمْس شُعَاعُهَا وَبَدَأَت الـطُّيُور تَغَرَّد بَعْدَ أَنْ خَرَجَتْ مِنْ اعشــاشــــهـــا بِأَصْوَاتِهَا الْمُتَعَدِّدَة وَبَدَأ الْفَرَح يَعُمَّ الْمَكَانَ وَكَانَ حَدَثًا جَدِيـدًا قَادِمًا ســـــيـــغـــير كِفَّةِ الْمِيزَانِ وَبَدَأَت الـــفَتَاة تَرَدَّد مَا تَحْفَظُه مِن أغاني وأناشـيــــد وَهِيَ فِي غَايَةِ السُّرُور وَبَقِي الْحَال هَكَذَا حَتَّى بَدَا الــــظَّلَام يُمَدّ أَصَابِعِه الـسَّوْدَاء وَبَدَأ يَحِلّ الظَّلَام وَلَمْ يَأْتِ مِنْ كَانَتْ تَنْتَظِرُه رُفِعَت كَفَّيْهَا إلَى الـــسَّمَاءِ تَدْعُو أَنْ يَأْتِيَ بَاكِرًا وَتَقُول رَبّ احـمنــــي مِنْ ظُلْمَةِ الــــلَّيْلِ الـــــعُتُم كَمَا حـــميتـــنــي مِنَ الـــرِّيَاحِ وهـــــطــــول الْمَطَرُ لَمْ يَكْذِبْ الــعُتُم الَّذِي حُطَّ بــكــــاهــــلــه لِيُغَيِّر لَوْن الْمَكَان فَقَدْ أَتَى مــســرعـاً وَتَغَيَّر كُلُّ مَا كَانَتْ تَنْظُرُ إلَيْهِ بَقِيَت مُسْتَيْقِظَة طِوَال سَاعَاتِ الــلَّيْلِ وَعَيْنَاهَا تــغــفوان قَلِيـلًا ثُمَّ تُعِيدُ فــتــــحـهـمــــاغصــبـا عِنْدَمَا تَزِيــد أَصْوَات الــذِّئَاب وَالْوُحُوش وغــيـــــرهـــــاوبقيــــت عَلَى هَذَا الْحَالِ بَقِيَت تَحْيَا بَيْن أَمَل وَالَم وَلَكِنَّهَا لَمْ تــــسـتـــــسلم وَلَن تسـتــــســــلـــــم وَهَذَا كَانَ لَدَيْهَا الْقَرَار وَبَيْن الـــفِيـــنَةِ وَالفِيــــنَةِ كَانَت تُحَاوِل أَن تَتَذَكَّر الْأَيَّام الْجَمِيلَةِ الَّتِي قَضَتْهَا برفـــقــتــه وتتذكــر آخَر كَلِمَات قَالَهَا عِنْدَمَا وَعَدَّهَا بالـعـــــودة هَكَذَا كَانَتْ تَقْضِي وَقْتِهَا بِتَذَكُّر كُلِّ شَيْءٍ جَمِيــــل عاشته شَعَرْت بـدفء يـــــدغـــــدغ جَسَدِهَا وَمَا كَانَ إلَّا شُعَاع الـــــصَّبَّاح وَعِنْدَمَا صَاحَ الدِّيـكُ وَأَشْرَقَت الـشَّمْس سَمِعَتْ صَوْتًا ينـاديـــهـا وَيَقُولُ يَا أمــيــرتــي . . يَا أميـــــرتي أَيْنَ أَنْتَ أَيْنَ أَنْتَ يَا حبــــيـبـــتـــي هَا أَنَا قَدْ عُدَّت دَعِيــنِي أَرَاك مُشْتَاق لـــــلقياك وَعَاد يُرَدِّد أَيْنَ أَنْتَ يَا أميــرتي فَنَزَلَتْ مِنْ أَعْلَى الــشَّجَرَة
وَصَاحَت بِصَوْتٍ عَالٍ أَيْنَ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُشْتَاق أَيْنَ أَنْتَ يَا مَنْ كُنْتُ أهواه وَتُعِيـــــد وَتَكَرَّر كَلَامِهَا أَنَا هُنَا أَنَا هُنَا أَيْنَ أَنْتَ أَيُّهَا الفَارِس وَرَدَ عَلَيْهَا قَائِلًا أَبَقِي مَكَانَك أَنَا قَادِم إلَيْك وَإِذ بِيَد رَقِيـــــقِه تَمَسّ رَأْسِهَا وَتَمْسَحُ عَلَى شَعْرِهَا وَتَقُول لَهَا مَا بِك يَا ابْنَتِي لَم هَذَا الصُّرَاخ هَلْ أَنْتَ مَرِيـــضَة أَم إِنَّك تَرَاءَى لَك شَيْءٌ فِي الْمَنَامِ قَوْمِي يَا ابْنَتِي استـيــقـــظــي لــــتــغســلي وَجْهَك ولتتـــــنـــاولي مَعَنَا الطَّعَام قَامَت الْفَتَاةُ مِنْ فِرَاشِهَا وَتَوَجَّهَت مُبَاشَرَةً إلَى الـــــنَّافِذَة امْلَأ فِي أَنَّ تَرَاهُ إصَابَتِهَا خَيْبَة مِنْ الْأَمَلِ ضَحِكْت فِي قَرَارٍ نَفْسِهَا وَعَرَفْت أَنْ مَا رَأَتْهُ كَانَ مَنَامًا قَالَتْ فِي نَفْسِهَا نَعَم مَنَام وَلَكِنْ كَانَ جَمِيلًا وسابـقــى فِي يقــظتــــي وَحِلْمِي أَرْقُب سَاعَة الِانْتِظَار وَلَن اُقْتُل امْلَأ أَحْيَا لِأَجْلِه وَضَحِكَت ثَانِيَة وَذَهَبَت لِتَنَاوُل الـفــطــار .
. . . . . . . . . . . . . .
بِقَلَم
شَرِيــف الــــعـســـــيــــلــــي
فِلَسْطِيـــــن
----------------- .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق