الكِتَابَةُ وَالافْتِرَاضِيّ
فِي جَدِيدِ كُلِّ يَوْمٍ،
أَوَّلُ نَبْضٍ يَرُوقُ أَنْ أََزُورَ الافْتِرَاضِي،
بَعْدَ أَنْ هِمْتُ عَمِيقًا فِي ثَنَايَا الحَرْفِ رَاضِي،
أَخْلُدُ لِلنَّومِ سَاعَة، بَعْضَ وَقْتٍ، لَسْتُ أَدْرِي،
أَحْلُمُ بالحَرْفِ يَدْوِي.
أَقْلِبُ جَنْبِي لِجَنْبِي، وَأَدُسُّ حَرْفِي تَحْتِي،
يَجْرِي مِنِّي مِثْلَ دَمِّي.
أُُشْعِلُ الفَانُوسَ جَنْبِي، وَأَزُورُ الافْتِرِاضِي..
أَعْبُرُ شَتَّى المَوَاقِع، أَرْصُدُ وَقْعَ القَصِيدَة،
فَأَرَى أَشْوَاقِي تَلْهُو بَيْنَ أَوْتَارٍ فَرِيدَة،
مُومِسًا يَشْتَاقُهَا الصَّبُّ الغَرِير،
يَحْتَسِي مِنْ قَعْرِهَا البَوْحَ الوَثِير،
فَأَغَارُ بِاشْتِهَاء،
وَأَنُوسُ بَيْنَ طُلاَّبِ الهَوى،
أَرْقُبُ العِشْقَ المَرِير،
فَأَرَى "الجَامَات" تَهْوِي مِثْلَ جُلْمُودٍ عَلَى قَعْرٍ رَوَاء..
مِنْ حِسَانٍ فَاتِنَاتٍ هَفْهَفَاتٍ كَالهَواء،
أَرْتَوِي مِنْ وَقْعِهِنَّ، وَأَبُوسُ الافْتِرَاضِي.
يَا اِفْتِرَاضِي، أَنْتَ لَسْتَ اِفْتِرَاضِي،
أَنْتَ كُلِّي، بَعْضُ كُلِّي، أَنْتَ وَهْجِي فِي حُرُوفِي،
أَنْتَ مَائِي فِي إِنَائِي يُطْفِئُ بَعْضَ شُغُوفِي،
فِيكَ تَخْتَالُ القَصِيدَة، وَأَغُوصُ فِي رُفُوفِي..
يَا اِفْتِرَاضِي، أَنْتَ جُزْءٌ مِنْ وُجُودِي.
فِيكَ شَكَّلْتُ القَصِيدَة وَبِكَ عَدَّلْتُ عُودِي..
وَعَزَفْتُ لَحْنَ رُوحِي، وَلَكَ بَعْثَرْتُ جُودِي..
مِنْ لَهِيبِ الافْتِراضِي أُطْفِئُ جَمْرَ اِتِّقَادِي،
وَأَنَا عِنْدَ وِسَادِي وَحُرُوفِي فِي اِشْتِعَالٍ بَيْنَ رَبْوٍ وَوِهَادِ،
وَوِدَادِي فِي نَوَاسٍ بَيْنَ خَمْرٍ وَرُقَادِ
يَغْفُو طَوْرًا ثُمَّ يَصْحُو فِي تَجَلٍّ وَاتِّحَادِ،
يَسْكُنُ جَمْرَ القَصِيدة.
يَا افْتِرَاضِي، يَا شَقِيقَ الرُّوحِ، يَا بَعْضَ المَكِيدَة،
فِي الهَزِيعِ مِنْ لَيَالِي الطَّيشِ تُغْوِيكَ الوَحِيدَة،
تَشْهَرُ مِنْهَا الهِضَابَ والقَرَارَ وَالسُّهُولَ والجِبَالَ،
وَثَنَايَاهَا الطَّرِيَّة،
تَنْجَلِي فِيكَ طَرِيدَة بَعْدَ أَنْ كَانَتْ خَفِيَّة،
إِنَّهُ عُهْرُ القَصِيدَة، غُنْجُهَا، نُجْلُ عَيْنَيْهَا المُبَعْثَر،
يَتَعَثَّرْ، يَتَبَخْتَرْ، يَتَثَنّى، بِالمُدَامِ يَتَعَطَّرْ،
يَجْعَلُ مِنْهَا طَرِيدَة..
كُلُّهُ فِي الافْتِرَاضِي، يَا افْتِرَاضِي،
يَا شَقِيقَ الرُّوحِ، يَا سِرَّ الكِتَابَة،
يَا دَوَاءَ الحِقْدِ فِي عَصْرِ الكَآبَة..
صالح سعيد/ تونس الخضراء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق