طفل يتحدّى
قد لا تسمعون كلامي، ولا ترون ما أرى ولكنّي أعرف رغم صغر سنّي أنّكم سببا من أسباب معاناتي ههنا حيث أقبع. وأجزم رغم محدوديّة تفكيري أنّكم أصحاب مصلحة في بقائي أسير الحزن والفقر. ثقوا أنّ ابتعادي عن أهلي وناسي لن ينسيني فيهم، فهم جزء منّي، وأنا جزء منهم بحيث لن يتوقّف تفكيري فيهم وهم كذلك، ومهما كدتم لنا سوف نتقابل ونفرح. سأتزيّن.. سأبتسم.. سأغنّي للفرح.. وسأخرق كلّ القيود والعراقيل الّتي وضعتموها في طريقي. نعم أنا أشتاق حضن أمّي، والدّردشة مع أبي، ومناوشات إخوتي. أشتاق أيضا لصراخ أصدقائي في الأزقّة وفي ساحة المدرسة، لكنّي سألقاهم كلّهم وسنعوّض ما فاتنا. سنغيضكم بأزيائنا كأنّنا في عيد، وسنسكت كلّ الأصوات الّتي اشتريتموها لتشتّتنا، وسنهدّم كلّ الجدران والقضبان الّتي فصلت بيننا وباعدت بين أجسادنا لكنّها لم تفلح في تقييد أرواحنا وآمالنا. وقوفي وراء القضبان ليس حزنا ولا كآبة إنّما هو رسالة لكلّ الّذين انطلت عليهم حيلكم، فرضخوا لكم واستكانوا واستحبّوا العيش تحت أقدامكم. وهي أيضا رسالة لكم لتعلموا أنّي لم ولن أهزم. ثمّ هي رسالة وخيط وصل بيني وبين أحبابي حتّى لا ييأسوا ولا يخنعوا. نحن لا نهزم مهما طال وعظم الجبروت واسألوا أهل الذّكر واسألوا التّاريخ. نحن نهزم كلّ ظالم حتّى وإن كنّا عزّلا. ونحن نصنع التّاريخ حتّى بعيدا عن أوطاننا. اسألوا الماضي فقد كتبتموه بأيديكم وحاولتم تزويره لكنّه انقلب عليكم فعدتم لصياغته بالشّكل الّذي يرضيه.
رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق