الجمعة، 7 يناير 2022

قفزة أرنب/مريم الشابي/جريدة الوجدان الثقافية


 قفزة أرنب

كانوا خمسة أفراد في العائلة . هذا ما كان يثقل كاهل الأب وهو عائلهم الوحيد . الغد موعد حصة الرياضة البدنية ، كان عليها أن تكون حاضرة بزيها الرياضي . دخلت غرفة نوم والديها هناك حيث توجد الخزانة الوحيدة لحفظ الملابس . عبثت بجميع الرفوف و قلبتهم رأس على عقب و لتتأكد أكثر أسقطتهم كلهم أرضا و أعادتهم لكن دون جدوى و لا أمل في العثور على لباس يناسب مقاسها ، هي تعلم ذلك جيدا و أنه لا طائل من كل تلك الحركات التي قامت بها ، إنها تبحث عن شيء مفقود و ربما كانت ترضي نفسها أنها بذلت مجهودا تشكر عليه لا سيما و أن المدرب حذرها و بشدة من مواصلة التغيب عن حصته و أخبرها أنه سيضع لها صفرا . صعدت حرارتها، تعرقت أخرجت على مضض زيها القديم المكون من قطعتين ، سروال و قميص تغير لونهما من كثرة الغسيل و تعرضهما لأشعة الشمس . كانت تنبعث منه رائحة الرطوبة التي تملأ المكان كافة . حملته بين يديها الرقيقتين و ألقت به على حبل الغسيل . الجو ماطر لم يكن بوسعها غسله ، لكن ، فكرت أن ترفعه فوق (الكانون) حين تدخله والدتها للتدفئة و أن تلقي فيه بعض البخور لتغيير رائحة زيها . في الصباح كانت على موعد مع صراع مرير بينها و بين بدلتها ؛ القميص بدا مضغوطا جدا على صدرها و يظهر نهداها البارزان بحجم الفولة بطريقة مستفزة لها و مخجلة أمام رفاقها.أما السروال القطني فإنها بالكاد توصله إلى خصرها فيعود أدراجه عند الحوض ، ما كان أمامها من حل سوى ارتداء ميدعتها و التمسك بها حتى اثناء أداء الحركات الرياضية .أخذت حقيبتها على ظهرها وانطلقت إلى المدرسة . الساحة مليئة بالتلاميذ و المدرب منتصبا وسط رفاقها ، عند انضمامها إليهم سمعته يقول ( اليوم سنجري سباقا لقفزة الأرنب و نرى من يصل أولا إلى ذلك الخط ) كان ذلك الخط آخر الساحة و كم بدا بعيدا لحنان . تقدم المدرب و قسم التلاميذ إلى صفين و أعلن عن بداية السباق. بعد بضع مشاركات أتى دور حنان . تقدمت مكبلة القدمين سروالها قد انحصر بين فخذيها و لا تقوى حتى على طي ركبتيها . تشيع نظراتها إلى آخر المضمار ، تتسارع دقات قلبها خائفة خجلة من سخرية الحضور . تقدمت صديقتها بجانبها و مع صافرة المدرب سقطت أرضا ، هرع نحوها الجميع. أما حنان بقيت مدهوشة لا تغادر مكانها.
مريم الشابي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق