الأربعاء، 12 يناير 2022

وصايا منهَمِرة..من ثقوب المدى بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 وصايا منهَمِرة..من ثقوب المدى

إلى تلك التي تحدت انهمارات الفصول..وشمخت فوق زخّات العذاب..حين أتاها الذبول (أمي رحمها الله)
يا إلاهي..
تموت تلك التي وهبت قمحها للغيم
وأطعمت من حليب اللوز
صبايا مرّ على نضجهــن
نصف قرن ونيــــف..؟!
هكذا هي أمّي..
كلّما انهمر الغيم..وجْدا
وتشظّت مرايا المســاء
خبّأت ودائعها..في كفّة الرّيح
وشدّت على وجع
بحجم السمــــــاء
ثم قالت :
"لا تخف يا محمد"..
لك مقعد على بساط المـــــدى
ووتَد تلتفّ من حوله كل الثنايـــا
لك مفاتيح الفصول..وقلب جميل
وأمّ تقيّة..
تؤجج..إذا حاصرك السّيل
جمر العشايـــــــــا
لك إشراق البراري
وخيطان..من مطر
وشوق يضيء في شعاب الهدى
لك نرجس الرّوح يتفتّح عشقــــا
بين شقوق المرايــا
فلا توغل في الدّمع
ولا تحمل مشكاة الحزن على عاتق الليل
ستبصر وجهي..خلف تخوم الصدى
يضيء في غلس الظلــــــــــــــمة
ولا تصغ لعويل الصّمــــت
فلا شيء أشدّ بهاءً من الموت
ولا تكن طيرا أضاع بلا سبـــب
عشبةَ البحر
وحلّق في فجاج الكون
علّ تجود الفصــــــــول
بما وعدته الـــــــرؤى
درْ على هدأة البحر
ولا تترك بقايا دموع على الجفن
ولي أنّني خائفة
لحظتان..ودمعـة
عينايَ لا تبصران
إلى أين تمضي الرّوح
في مثل هذا الصّمت العظيم ؟
إنّي أرى من بعيد..
طائرا يقتات من مهجة الليل
يمتشق غيمة للهـــــــــدى
ويمضي بي..
إلى لجّة الغيم
حيث سديم الصّمت
واختلاج الحنايــــــــا
كن صبورا..مثل أبيك تمامَا..إذا ما ظُلِمتَ
وديعا كزهرة لوز..إذا ما صفحتَ..
وإن كان لا بد من حلم
"على قدر حلمك تمشي"
لئلا يباغتك الليل في منعطف للثنايا
كن عند وعدك..فما خنتَ وعــــــــدا
وما هدّك اللّيــــل
ولا بعثرتك المنايا
هي ذي وصيتي من الآن..
لا تخنها
فروحي تظلّ..ترفرف من حولـــــــك
تضيء..
وتخبو
ثم تحطّ على نرجس القلب
كي ترسمَ..خلف الشغاف هيئة نورس
وتسافر عبر مخمل الرّيــح
فتظلّ تهفو إلى طيفــــي
وتكتب فوق جدار السديم
وصايا..لا تُجتَبَى
ويبقى نسيم الأمومـــــة
ينضح من شقوق المرايا
وبين الضلوع نجمة
يلهِب نورها..في غمرات البنفسج
عطر العشايا
"ابق المصابيح
مضاءة في فيض الليالي..
وفيضـــــي
مصالحة بين نور السماوات..ونومي"
واسأل عن غيمة..راقصت الرّوح في زمن الجدب..
ثم توارت خلف برزخ للهدى
ولا تسل أحدا حين يداهمك الليل:
ترى..
هل أتى طيف أمّي؟
فذاك سؤال عليل..سيمضي ســـدى
وسَل..دون ريب :
من أين تأتي الهدى؟
وكيف سيُنسَف هذا الضلال
وتُرسَم فوق سطوح الــــــــرّوح
ملامح وجه توارى..
وظلّ نبراسا
يضاء في فيض الدجى..
محمد المحسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق