بريد الكهوف
سقطوا من منخلِ الذاكرةِ واحداً تلو الآخر، فأمزجتُهم مشوهةٌ عن بناتِ الجامعةِ، في أعماقِها الفائرةِ تركزَتْ صورةُ العبيدِ والإماءِ، حينَ يقتادونَهم من كهفٍ الى آخرٍ في الظلامِ للإتجارِ بهم، دونَ أنْ يشعرَ أحدٌ ببريدِ معاناتِهم، فقررْتُ صنعَ غدٍ خاصٍ بي، رسْمتُ مدينةً هادئةً، وكتبْتُ: كي لا تُمرر الأكاذيبَ العاجلةَ، أقرُّ وأعترفُ أنَّ مغتسلَ الموتِ أخذَ مني ما أخذَ، لكنّي راقصتُ أعوامَ الأسى، وشحذْتُ مسيرةَ الدعاءِ في محرابِ الصبرِ، لأدركَ جيداً أنَّ الله معي ولن يتركني أبداً، وأنَّ بريدي قد وصلَ، فأمواجُ الإرتياحِ تجمعَتْ حولَ ضريحِ شوقٍ أفجعَ ضفافَ الشواطئ، فأعيتْ عيونَ الجميعِ وقنوطَ الفرصِ، ورغمَ موجعاتِ الحالِ، علقتُ شهادتي الجامعيةَ فوقَ شرفاتِ العاجزينَ، فسطعَتْ حروفُ النجاحِ والتفوقِ، كأنَّها نثارُ وردٍ فوقَ منصةِ العدلِ، ما أروعَها من فرحةٍ!! نزلْتُ عن مسرحِ الإحتفالِ؛ لأعلنَ أنَّ أمي كهفَ الحنانِ والأمانِ الذي بقيَ لي، كانَ سببَ نجاحي.
أمل هاني الياسري/ العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق