السبت، 26 يونيو 2021

رصاصة حرة...! بقلم الكاتبة ناهد الغزالي

 رصاصة حرة...!

الظلام يغرق القرية باكرا.
لا أعمدة نور تكشف الطريق، لا حركة بعد الساعة السابعة مساء، فقط صراخ جارتي ، ونباح كلاب متقطع.
أصبحت لا تأبه لوزنها الزائد، هاهي مشمرة على ذراعيها، تمزق اللحم بشراهة، ثم تملأ فمها بالبطاطا.
-اتبعي حمية قاسية و إلا ستطردين من العمل....
حدجت سميرة حبيبها بنظرات استهزاء، ثم واصلت التهام الطعام دون أن تتفوه بكلمة.
كانت تفكر بمهمة الغدالشاقة، أين سنتدرب يا ترى؟
ارتمت على السرير الحديدي المتواجد في باحة المنزل، متقلبة يمينا ويسارا، وبدأ لها سعيد، متمددا على كنبة قاعة الاستقبال، مقلبا صفحته على الفيسبوك.
تارة يبتسم، وتارة أخرى يراقب الباحة، كي لا تفاجؤه سميرة وهو يراسل عدة فتيات.
مرة جوني، ومرة أحمد، مرة طالب ومرة دكتور، هكذا كان يوقع الفتيات في شراكه.
صار معشوقا لعدة فتيات، يسرق صور أحد أبناء الجيران ليوهم فريسته بشبابه وجماله الأخاذ.
-سعيد، تأخرت هناك، تعال...
هرول خائفا بعد أن أغلق جهازه.
نام على حافة السرير، موجها نظره إلى الجهة المقابلة للحائط.
-التدريب صار يؤرقني يا سعيد، لا أريد أن أُطرد ، يجب أن أتألق ...
- نامي، نامي.... قضيتي أعظم، لدي سيارة الدكتور أحمد جارنا، وعدته أن يجدها جاهزة ولم ألمسها إلى الآن.
-لكنك لست ميكانيكيا يا صاحب القبعة الخضراء.
دقات عقارب المنبه، تستفز سميرة،
تناهى إلى سمعها حفيف من الباب الخلفي للمطبخ. نظرت باستغراب ثم واصلت تصفح كتيب يهتم بفنون التجميل، خاصة بعد أن أخبرها سعيد بأنها فقدت رقتها وتغيرت كثيرا عن أول يوم قدمت فيه للثكنة.
شعرت السيدة بقشعريرة، الحفيف يتعالى، ازداد رجيف قلبها.
-سعيد، هيا انهض أرجوك يبدو أن أحدهم اقتحم منزلنا...
وأصل شخيره، متقلبا على السرير.
-سميرة، سميييييييرة، ساااااامييييييرااااا، تعالي إلى المطبخ، وجبة شهية تنتظرك...
-اهتزت بهلع، معانقة زوجها بقوة.
انتفض من نومه، متمتما، ما ما ما مابك ؟
انقطع الحفيف، كذبت سميرة ما سمعت و اكتفت بإخبار زوجها بأنها كانت فقط تريده أن يشاركها السهرة.
عاد الزوج إلى النوم كأنه مخَدّر.
ماهي إلا لحظات حتى عاد الحفيف وتصاعد الصوت أكثر فأكثر، هاهو يقترب من الغرفة.
قضمت سميرة أظافرها، التصقت بزوجها، ودقات قلبها تكاد تخترق صدرها.
-سعيد، انهض أرجوك...هيا
التفت إلى زوجها، لكنها لم تجد سوى بقع دم ورسالة كتب عليها" زوجك توفى منذ عشر سنوات"
تكورت سميرة على السرير، لم تتجرأ على رفع رأسها، واصلت قضم أظافرها.
فكرت في الهروب إلى منزل الجيران، هذا هو الحل المتبقي، لكن يجب أن تتجاوز خوفها...
هاهي تتحرك ببطء، على أطراف أصابعها، العرق يتصبب على جبينها،
فجأة لمحت جارهم الشرطي يتقدم بشجاعة نحو المنزل بعد أن اقتحم الباب الرئيسي، أحست بطمأنينة،
-لو لاك يا سي اسماعيل، لمتّ رعبا.
طمأن السيد اسماعيل جارتها، وطلب منها أن تتبعه.
دخل إلى بيته، ثم أغلق الباب.
ارتمت سميرة على الأريكة. وظلت تنتظر بقية أفراد الأسرة لتسلم عليهم.
مرت عدة دقائق ولا وجود لاسماعيل، وبدأت السيدة تسمع أصوات من الرواق،
-يا إلهي مالذي يحدث! اسماعيييييييل،
انفلتت من الثريا قهقهة غريبة...
- ههههه أنا هنا يا سميرة، أعيش في النور...
أحست سميرة بالدوار، جحظت عيناها، ثم استسلمت لإبرة المخدر.
-حالتها تزداد سوءا يا سيادة الكولونيل...
يجب عزلها من منصبها في الجيش، فهي تعاني من اضطرابات نفسية عميقة.
-منذ تلك الطلقة غير المقصودة التي أردت زميلها وحبيبها قتيلا، وهي في حالة يرثى لها.
غادر الكولونيل المصحة مطأطئا رأسه، مهموما.
ناهد الغزالي
Peut être une image de ‎une personne ou plus et ‎texte qui dit ’‎طلقة حرة ناهد العزالي‎’‎‎

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق