الذكريات.. وواقعنا الأليم!!
بقلمي: هيام سليم الكحال
June 21 2020
قديما، وحتى بعد وصول الحنفيات والمياه إلى البيوت، بقي الكثير من أجدادنا يحتفظون بالآبار في بيوتهم، يستخدمونها لقناعتهم أن مياهها كانت ألذ وأطيب.. ولم يكن أحد يسمع عن معاناة الناس من قلة المياه..
كنت وأنا صغيرة أحب زيارة جدتي، رحمها الله، لسبب قوي كنت أعشقه، وهو: لكي أراها تخرج الماء من قاع البئر، وهي تلهث بسحبه بواسطة الدلو والحبل..
كانت تحنّ عليّ وتسمح لي أن أمط قامتي لأنظر قاع البئر لكي أرى خيالي بالماء.. وكنت أترجاها لتسمح لي بتدوير عجل الدلو، فتضع يداها فوق يدي وتبذل الجهد وهي تحتضنني دون أن تشعرني أنها خائفة عليّ من السقوط في البئر.
كنت أفرح برؤية خيالي في ماء قعر البئر، وأفرح أكثر بشد الحبل الذي يحمل السطل مليئ بالماء إلى الأعلى، وبحذر لكي لايرتطم بجدار البئر ونخسر من مائه، وفرحتي كانت تكتمل بالتقاط السطل الواصل مليء بالماء، وكأنني وصلت إلى خيالي بتفوق..
تلك الزيارات لبيت ستي علمتني الكثير، وبقيت محفورة في ذاكرتي..
لم أكن أتوقعها بجمالها أنها ستشعرني أكثر بآلام واقعنا، وبحالة الأبرياء في بلادي الغالية، المحرومين من نعمة الماء التي انعم الله بها على بلادنا وجعلنا أغنياء بها..
كان من المفروض والمتوقع أن نتذكر مثل تلك الذكريات، وبلادنا تنعم بطرق متطورة لتسهيل سبل الحياة، وأن نتحسر كم كان أجدادنا يعانون في معيشتهم من قبل، ولكن للأسف، نجد أنفسنا نحنُّ لزمانهم ونتمناه..
في وقتنا هذا نشتاق للماضي، نلهث حزنا من حاضرنا وواقعنا، الذي حرمنا من حقوقنا الأولية في بلادنا، حرمنا حتى من نعمة الماء، ونحن لسنا قادرين، وليس لدينا الوسائل، ولا حتى مسموح لنا تلك الطرق البدائية القديمة للوصول إليه.. وليس بيدنا شيئ سوى أن نتحسر ونقول: سقى الله أيام زمان....
ونتساءل: إلى أين نحن قادمون؟!..
هيام سليم الكحال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق