(( قراءة لقصة )):
((سُلَّم الدمع))..
للقاص والشاعر:
(مصطفى الحاج حسين).
سردٌ واقعيٌّ يُعرِّي هشاشة الأبوة وتحوّلات الوعي الاجتماعي.
قراءة نقدية:
((غزوان حمدان الجبولي))
في قصته "سلّم الدمع"، يُقدّم مصطفى الحاج حسين لوحة إنسانية مكتوبة بأسلوب واقعي شفيف، تتسلّل من خلاله ثيمة التحوّل النفسي داخل بنية الأسرة الشرقية التقليدية. القصة قصيرة في حجمها، لكنّها غنية في أبعادها النفسية والاجتماعية.
القصة تنتمي إلى الأدب الواقعي الاجتماعي، حيث ترصد حدثًا بسيطًا – تعرّض الأب (محمد) لخطر سقوطٍ أثناء عمله لكنّ هذا الحدث يتحوّل إلى محرّك درامي، يُزعزع تماسك المنظومة الأبوية الصلبة التي يمثلها الجد، ويكسر لأول مرة سلطة الصمت التي تحكم العلاقة بين الأجيال. تصعيد الحدث يتم برشاقة، حتى يصل إلى نقطة التحوّل: اعتراف الجد بتعب ابنه وضرورة الاعتناء به.
تطفو على سطح النص مشاعر القهر والكبت والانكسار، خاصة في شخصية الأب الشاب، الذي يعيش في ظلّ أب متسلّط. تصوّر القصة صراع الأجيال بين التسلّط الأبوي، والحاجة للاعتراف. لحظة النجاة من الموت تحفّز في الجد انفعالاً دفينًا يتجاوز القشرة الصلبة التي بناها لسنوات، ويوقظ فيه تعاطفًا أبوياً مكبوتًا.
كما ترصد القصة تجلّي التحوّل النفسي في السلطة داخل المنزل، حين يُسمح للأب لأول مرة باتخاذ قرار شخصي بسيط (اختيار وجبة العشاء)، في دلالة رمزية على بداية تحوّل السلطة.
اعتمد الكاتب على الراوي العليم بلغة سردية سلسة، تقترب من الشفوية، وتتماهى مع أجواء الحارة الشعبية والمجتمع البسيط. التوصيف الدقيق للحدث المكاني (السلالم، الخشب، السقالة..) يعكس حسًّا سينمائيًا، ويمنح المشهد قوة بصرية. كما حافظ على وتيرة متصاعدة توصل القارئ إلى لحظة الذروة دون إغراق في الوصف أو الانفعال.
"سلّم الدمع" ليست قصة عن حادثة عمل فقط، بل هي مرثية خفية لكرامة مسحوقة، وانبعاث خجول للحبّ الأبوي في مجتمعات تخنق العاطفة بالقسوة. هي قصة الإنسان الذي ينتزع اعترافًا من الأب القاسي، لا بالصرخات، بل بالخطر والموت. إنها دعوة ناعمة لإعادة التفكير في مفاهيم الرجولة، السلطة، والحبّ الصامت.*
غزوان حمدان الجبولي.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق