السبت، 27 سبتمبر 2025

في ذكرى استشهاد إحدى عشرة معلمة ومعلم بعين آدم سيدي بلعباس الجزائر ذات 27 سبتمبر 1997 بقلم الكاتب محمد بن سنوسي

 في ذكرى استشهاد إحدى عشرة معلمة ومعلم بعين آدم سيدي بلعباس الجزائر ذات 27 سبتمبر 1997 

عليهم رحمات الله جميعا


               بيان من بين الأنياب

شاقة أدغال الرعب في عز ليل أرسى سدوله

 بين الخطوات واللحظات مختطفا الأنفاس والنظرات والعلاقات الإنسانية . وبرغم الحِمل الثقيل سارت القافلة المتسلحة برسالة غرس الحروف بين زوايا الأرض البعيدة ومعانقة البراعم بالفواصل والكلمات والتعابير الكتابية ملوحين بالمآزر البيضاء و الألواح الخشبية .

فغدا المشهد رسالة ناطقة لحامل شمعة تذوب بحسرة وكله حلم بإنارة العالم وبناء أجيال ترسو بكل أمان بمرفأ الحضارة بين تفاصيل التقاليد والعادات الفاضلة وإرث الأجداد بقلب نابض على إيقاع الولاء للوطن للعِرض للأصالة وللتاريخ وبكل إيمان ان القدر مقضي بكلمة من ملك السماوات لإصابة من يريد وقتما يريد في الركن الذي يريد.

وفي عز تهاطل أعاصير الأحزان وهبوب أعتى لحظات الأسى والحزن بعدما دأبت الشِرار على تدنيس صورة البياض بندوب متعمدة تأبى الرحيل من الذاكرة الجماعية معانقة بالمناسبة دهاليز ذكريات مريرة تنغص أنوار اليوم علينا كلما سطعت من جديد ناسجة عناوينا تعيد الفكر للوحات سحيقة لعينة كل لحظة وكل حين و كلنا عزم على  طمس آثارها و دفن أطلالها خشية لقاء غير موعود مع  الأجيال برغم تسللها خلسة بين العبرات وهي تشكو للمولى ما نظمه الجهل 

و ما جادت به قريحة المتشبع بالشر وهو يملي قوافيه المنقوشة بدماء الأبرياء.

أمطرت يومها بغزارة لم نفسر تقاسيم الرسالة وقتها إلا بعد نشرة الثامنة ولم ندرك هول البيان إلا بعد الغرق في بحر أرق كبّل الجفون وأعدم خيوط أمل اعتقدنا في لحظة طيش طفولة أنه ممكن و أنه لاح من قريب ليعيد لنا نسيم الصباح وإشراقة يوم جديد تزقزق فيه البراءة من السفح للقمة وتتعانق الأرواح بالفطرة متمنية مسحا جذريا لمشاهد لم يرسمها المتشائم بعز لحظات يأسه.

و في لحظة سامة عابرة سكنت الأنفس ورحلت الكلمات وخمدت الأجساد للأبد ذلك أن أنياب الشر صادرت الحق في الخطى وبددت بشكل متعمد بريق درب الخلاص

 و شذى رسالة نورانية تحدت الدجى والطلاسم الخفية المعقودة بحروف الدهماء التي تحارب الشمس في صورة مصاصي الدماء وقطاع الأمانة متصورا أنا بقاء إبليس البشر مشدوها من هول الواقعة وفظاعة العبث بالتعاليم الإنسانية.

وبرغم الحمرة و السواد والعبرات طارت الأرواح لغد أفضل ورحلت الوجوه لبيت أرقى ومقام أسمى وكأنها تراسل الإنسانية للإحتفاظ بعطر دماثة الأخلاق وتحمل مشاق الرسالة و وقوفها السرمدي في وجه آلة الجهل وتجار الأشواك ونحت المقام الخالد للطاقة التي يتشبع ويتزود منها الأشراف بوقود الوجوه النيرة التي تشرق مع كل حلم لتنير كل زاوية ولتفرض علينا الإبتسامة

 و الإحترام و التقدير لمقامها عند الملك القدير متمنين عليه خلودا مع الصالحين برفقة الحور العين بالجنان على أمل ترتيب سلم القيم وتعليم الناشئة أن أمثال هؤلاء هم الحضارة وهم صناع الحياة ....و هم وحدهم.... قمة الهرم.

محمد بن سنوسي

 من سيدي بلعباس

 الجزائر



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق