الخميس، 4 يوليو 2024

المعتكفان المجهولان. سرد تعبيري بقلم الكاتبة سامية خليفة- لبنان

 المعتكفان المجهولان.

سرد تعبيري


كيمامتين متعانقتين تنشدانِ الدّفءَ عند مفترقِ طريقٍ بهتَ امتدادُه، هما هذان    المعتكفانِ المجهولان، كلٌّ منهما يتدثرُ جليدا من بعاد. ألا ليتَ الشوقَ يوقدُ كوانينَهُ الخامدةَ لعلّهُ يذيبُ جفاءَ المسافاتِ، لعلّهُ يقتحمُ تلابيبَ السّدودِ فلا حدود تقامُ لتفصلَ ما بين العينِ والعين.!!

 كأنّما تمتدّ عبرَ الزّمنِ مركبةٌ تأجّلَ يومًا إقلاعُها  لتقتلعَ عينَ الصّقرِ كي لا يمعنَ النّظرَ في خريطةِ خيبةٍ خائرةٍ متهالكةٍ على تضاريسِ إنسانيّة نهشتْها ذئابُ الكراهيةِ، سأبقى أغنّي بملء الشّدقين رغم أن لا نجاةَ وسفينةُ نوحٍ لم تتسعْ لهذين المجهولين المنبوذين وهما السّلامُ والمحبّةُ، إلا أنه سيأتي اليوم الذي ستتفجّرُ منه ينابيعُ المحبّةِ المتسلّلة من قطبها لتغمرَ كلَّ بقعةٍ من بقاعِ الأرضِ، حينها لا مخافةَ على السّلامِ من أن يفردَ أجنحتَهُ ويبسطَها على كل ركنٍ من أركانِ البسيطةِ.


سامية خليفة- لبنان



أميرة وَحدَها بقلم الكاتبة منى فتحي حامد _ مصر

 أميرة وَحدَها

منى فتحي حامد _ مصر


خطفت الأبصار 

مِن نظرة

بِرُوحها دفء الومضة


بِطفولتها العذبة

سندريلا هيام ومحبة

مشاعرها مولعة خيالية 

والله تِسلم ها الطلة


أُقسِم وأُوَثِقُ رَأياً 

ترى ماضيهاِ وما قَبلَه

انسانة 

تَفِرُ من السِهام جَرياً


تحيا بِرومانسية 

تسمو نجمة

سامية 

شامخة بِحَياءِ نَمِرَة

مهرة للمشاعر بل ملكة


باتت تتناسى الوحدة 

تسامر قمرها ليلا

من الأنين تَسرِد باكية 

تشكو القَدر وجَلَده


تبحر بمقلتيّها للهمسة 

تحلق بسمائها كالنِسمة

تحبو للفردوس مُبتسِمة 

ترتوى مِن الكوثر شهدا


تَهمس لِلرَبِيع إنني أُحِبه

أيقظها العندليب بِتغريده 

يا أنثى الكادي وعبيره

عَطري الفؤاد ونبضه 


اشتقنا هَوّاكِ وأريجه

تبسمت صارت خجلة 

تلألأت مشاعرها بلمسة 

تتلهف الحنان بِشدة 

باتت للسكينة منتصرة

______________



يا إمرأة لها إشراقة الضوء..روحي أوغلت في التشظي بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 يا إمرأة لها إشراقة الضوء..روحي أوغلت في التشظي


الإهداء: إلى تلك التي مازلت أهفو إلى عطرها..وأحاور طيفها..كطير غريب حط على غير سربه..


الكلمات قناديل رفعتها المشاكي

فوق ثنايا السراب

   كيف لي أن أستضيء بها..

                ودمي احتراق

ورسمي على سطوح الروح

جرح يفيض

وفيض من الخطى

               العاثرة..

وليس لي من مفردات القصيد

سوى..

           بعض الملامح في الرؤى

  وصوت يغني بأقصى الصمت..

يراود نرجسة..في الغياب

  وهذي الكلمات تسكب ضوءها

وتغيب

تقتفي أثرَ الرّيح..فينأى عنّي

عطر المساء..

كيف لي بإمرأة

            توقظ الظلّ بالظلّ

تريق على جثتي عطرها..

       وتمنحني من مهجة الرّوح..

ألقا

يعيد إلى الذاكرة:

          بهاء التسامي

وما بعثرته الدياجي

                ورغبتي الجامحة 

في الإنتماء..

أرى أن أنزفَ لكل المواعيد..

                            قصائدَ

وأرتق لعشّاق-ليلى-

           ما يليق..بعرسهم

وأرسم من رعشة الألوان

        ومن دمع المحبين

مشهد الأحزان

لما تناثر..من نجوم البكاء

              علّ-هند-تمنحني

من صهيل العشق

                  لحظة عابرة

يا إمرأة لها إشراقة الضوء:

روحي..

      أوغلت في التشظي

ولا نجم يطل لأجلي..

وفي الدروب

          سرت مع غير أهلي..

أقفو الخطى..

       وليس من أحد..ههنا

كي يرى..مهجة القلب

          تستحيل إلى شفق

وسحاب..

يا أميرة العاشقين..امنحي العمرَ

بهجته الأولى

     علني أستعيد ضيائي..

وأحتفي بعطر..

        ذاك اللقاء..


محمد المحسن



كيف اصل بقلم الكاتبة فكريه بن عيسى

 كيف اصل

وقد سبقنى عمرى بالوصول

لم ينتهى الطموح

ولا توقفت الأمانى

تسللت بعض الأفكار 

من عمق احلامى 

تشابهت زهرة الياسمين

 وشبابي 

ناصعة البياض تفوح 

باريج عطرها لتمنح الصفاء والسكينة والإنتعاش 

اعافر الزمن

 وانشد الوصول

 إلى لحن الحياة

 اتذوق طعم الفرح 

واعزف على

 سلم أحزانى

 احاكى النجوم

 فى لمعانها 

عسى أن اعثر

 على مفترق طريق 

يوصلني لحدود واقع 

ارتضيه 

يجود الله برزقى 

واحمد عطاياه 

وامنح الباقى

 من انفاسى 

رشفات حب استقيها 

رغم عواصف الأيام 

فكريه بن عيسى



هَلُمَّ جَرًّا: بقلم الكاتبة نعمه العزاوي.

 هَلُمَّ جَرًّا:

الأحبّةُ قُسِّموا عنوةً، منهم من التحَفَ السَّماء طيرًا، من عُريّ ثوبِ العُمرِ البالي، ومنهُم مَن غابَ ليتخذَ من غياهِبِ باطنِ الأرضِ بِرًا من حرِّ القطيعة، ومنهم فَرِحٌ مكبلٌ بالنسيان، على طابورِ قصرِ الصّلاحية، ومنهم في البَراءةِ، تشرُق لهم شمسٌ ذات السيناريو على خشَبةِ مسرحِ سُخفِ الحياة، وهَلُمَّ جَرًّا.

العراق. 

نعمه العزاوي.


دلع البنات سُكّر .. ونباااات. بقلم الدكتور / حسام القاضي. ارشاد نفسي وتربوي.

 دلع البنات

 سُكّر  .. ونباااات.


الدكتور / حسام القاضي.

ارشاد نفسي وتربوي.


أعتذر عن قساوة التوصيف بهذه السطور، لكن فكرة طرح هذا العنوان تستحق الاهتمام، وأتمنى من كل صاحب خبرة أو مسؤولية أن يساهم في المشاركة بالتعليق على هذا المقال.


تدور فكرة هذه السطور عن طبيعة الشخصية التي يتكون عليها الفرد منذ ولادته وحتى مماته، تلك الطبيعة التي يتحدث عنها كل من يشاهدها، فتسمع عن وصف أحد المواليد أنه حاد المزاج كثير البكاء، ولئن سألت عن نفس المولود بعد سنوات وسنوات، وجدت فيه بعض أو كل تلك الصفات التي كان يوصف بها وهو مولود، وكأنه ورثها  منذ كان جنينا في بطن أمه، راقت له فأصبحت وسما يرافقه في مسيرة حياته.


أكذب إن قُلت أني على دراية بتخصص تربية الطفل، لكني لا أكذب إن قلت أني مارستُ هذا الدور مع أولادي تحت وطأة بعض الظروف، ونجحت إلى حد بعيد في تحقيق مفهوم الضبط لديهم، من خلال إيجاد توليفة للتفاهم بيننا، بحيث ينتهي الطفل عن وضع شروطه تحت وطأة البكاء الشديد، أو الامتناع عن تناول الطعام، أو الحرد، أو اللجوء إلى التهديد والتخريب على قاعدة ( يا خَرَّيب يا لَعِّيب ) !!.


السؤال : أي طريقة في التربية كانت أكثر فاعلية ونجاعة، التقليدية التي تربى عليها الآباء، أم الطريقة الحديثة المليئة بالنظريات والأساليب والطرائق، ولستُ في وارد المقارنة بين الطريقتين،  لكني أعلم كما الجميع يعلم، أن الطفل يُضمرً في نفسه إنطباعا عمن يتعامل معه، فإذا كان الانطباع جيدا كان الطفل ملتزما ومتعاونا، وإلا فإنَّ له الغلبة في أن يتدلل ويفرض جميع شروطه، تماما كما هي معادلة الحياة في التعامل بين الجميع ( غالب ومغلوب ).


لن يُمنعَ أحدا من التعامل مع طفله كما يحب ( دلال أو قسوة، إذعان للرغبته أم إلزامه بالطاعة، أخذ القرار في طريقة التربية أم مشاورة أهل الاختصاص والخبرة )، لكن كيف لوالد أن يتعامل مع ابنه وهو يخشاه  !!، وكيف لأم أن توجه ابنتها وهي تهابها  !!.


كما أن  الأمر لا يتوقف عند الطفل وولي أمره، فغدا سيكبر الطفل وتكبر معه أطباعه، وسًيُفرَضُ على الجميع التعاملُ مع أطباعه، وكَم وكَم وكَم والناس يدفعون أثمانا باهظة لأطباعٍ ليتها لم تكون،  وكأني بالناس مجبرون على دفع فواتير مُجيَّرة مضى عليها الزمان، والإمضاء طبعا ( طريقة التربية التي تم التوقيع بها ) ؟؟.


دلع البنات  .. لا سُكَّر ولا نبات، ودلع الأولاد ختمٌ باهتٌ فاهٍ لا يُستطاب، ولئن سألت من المسؤول عن كذا وكذا وكذا، كان الجوابُ كلسان حال الشيطان لما قال للإنسان أُكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين.


لربما كان في التوصيف قسوة، لكنها قسوة لينة وهشه إذا ما قورنت بقسوات فَطَرَت قلوب أمهات،وأحرجت كواهن رجال، وتسببت في خراب عشرات البيوت، وراح ضحيتها براءة زوجات وأطفال، فإذا لم تكن التربية وطريقتها المسؤول الأول عما يحدث في البلاد وبين العباد،  فما هو التوصيف الصحيح لما يحدثُ هنا وهُناك ؟.


  والسؤال للقارئ الكريم هنا  ؟

أكمل الفقرة التالية  :

  

 دلع البنااااااااات  ................



نبت لي جناحان بقلم الأديبة زينب بوتوتة الجزائر

نبت لي جناحان 


راقب يا أبي

 لقد نبت لي جناحان 

 واحد من يقوت 

والآخر من مرجان 

وأصبحت أطير بمفردي 

وأحاول أن ألمس النجوم 

والسحاب 

وأرسم بحرا وجبالا 

بشتى الألوان  

وأقبل أرضا طاهرة 

وأهبط في توازن كالصقور 

في الجبال والصحاري

والتلال والوديان 

راقب يا أبي

 لقد تعلمت التحليق بمفردي 

وأنت من علمني أن لا أخون 

وأنت الأول من علمني الوفاء للعهد 

وأنت من علمني الطيران 

وأنت من علمني

 أن الحرية تؤخذ ولا تعطى 

وحسم المعارك الكبرى 

وحلها يكون بالعزة وبالسيف 

وفي ساح الوغى 

و يكون في الميدان 

راقب يا أبي 

كم وكم هي جميلة بلادي

بقمحها الأصفر

 كالرداء المطرز بالذهب

ومعادنها الثمينة  

وبترولها الأسود 

كالليل يغري الأعداء 

ويخرس الأصدقاء 

ويميط اللثام عن وجوه المنافقين 

ويحصيهم بلدا بلدا 

ويعدهم عدا عدا 

ويرديهم قتلى

 الجبان تلو الجبان 

 راقب يا أبي 

جيشنا الذي لا يرام 

 سليل جيش جبهة التحرير 

من صلب المجاهدين 

والشهداء الشجعان 

راقب يا أبي 

كم أنا سعيدة 

كم أنا سعيدة يا أبي

وكم هي جميلة الجزائر الأبية

هي بيت الشعر 

من ألف قصيدة عصماء 

وحب  العمر 

ومدعاة الفخر 

وسيدة الأوطان 


الأديبة   زينب بوتوتة    الجزائر



المتحذلق.../ قصة قصيرة بقلم الكاتبة ليلى المرّاني/ العراق

 المتحذلق.../ قصة قصيرة

ليلى المرّاني/ العراق

أصبح حضوره من الثوابت التي اعتادها رواد مقهى - الواحة - الذي يقع في نهاية شارع طويل تحفّ به من الجانبين أشجار الكالبتوس والدفلى، يخترق وسط المدينة منعطفاً إلى ساحة ترابية واسعة اتخذها أولاد الحيّ ملعباً لكرة القدم، كان عليه أن  يمرّ بهذه الساحة ويسمع تعليقات الصغار وضحكاتهم الصاخبة وهم يشيرون إليه بأصابعهم، يسحب قبّعته السوداء على وجهه ويحثّ الخطى مبتعداً وهو يلعنهم، يدخل المقهى، يبعثر نظراته في أرجائها متفحّصاً، أحدهم يهمس لزميله، " ها قد حضر ذو القبعة السوداء ! "

يتّخذ مكانه المعتاد، يضع حقيبته السمسونايت المهترئة على المنضدة، ويشير بإصبعه إلى النادل بحركة مسرحيّة، " شاي وسكّر زيادة.." ، يحتفظ على كتفيه بمعطفه الأسود الطويل الذي يحاكي حقيبته قدماً، يفتل شاربيه الطويلين، ثم يبالغ في إظهار خصلات شعره المتدليّة من قبعته، تجوب نظراته المتفحّصة أرجاء المكان حتى تقع على الشاب النحيف الذي يقبع دوماً في زاوية المقهى سارحاً، وأمامه كتاب ضخم وحزمة أوراق وأقلام ملوّنة، وثمة قطةٍ سوداء ضامرة تتمسّح بقدمه، بازدراءٍ يتساءل، " ماذا تراه يرسم، ولماذا ينظر نحوي بين حينٍ وحين…؟! "

سرعان ما تحلّقت حوله شلّة من روّاد المقهى الذين أصبحوا مرافقين له، ومنزلة خاصة أصبحت له في قلوبهم، وصلت حدّ الإيمان المطلق بكل ما يقوله ويدّعيه، رغم تساؤل حائر لا يجدون له إجابة، " من يكون هذا الرجل الغامض..؟! "

شريف، أشدّهم إعجاباً وتحمّساً لمواعظه، حتى أنه كسر أنف زوجته يوماً حين طلب منها أن تلحق به إلى الفراش، رفضت إذ كانت ترضع صغيرها.." ألم يقل الأستاذ ثابت أن المرأة كالمهرة الجامحة، عليك ترويضها، حتى لو كسرت أنفها.."، ويفتل شاربيه الغزيرين..

أحدهم يسأله بفضول:

— ماذا تحمل في حقيبتك، استاذ ثابت؟ ليتك تفتحها يوماً لنرى..!

بشيء من الامتعاض، ينفث دخان سيجارته في وجوههم، ثم بصوتٍ مخدوش يغمره غموض مفتعل:

— أشياء كثيرة.. سقراط، كونفشيوس، سارتر، المعرّي، مارلين مونرو، طه حسين، الحلاج، دي كارت، ابن بطوطة، ماركس، جاسم أبو الطلايب، وحتى حسنة ملص…( ١ )

يصيبهم الذهول، ونظرات متسائلة تنغرز في وجهه، بانفعال يهتف أحدهم،

— حتى حسنة ملص..؟

يفتل شاربيه بزهو، وتنزلق الكلمات من فمه ،— نعم، نعم، حتى حسنة ملص، وحتى بدرية الدگاگة…!

ويقهقه بصوت كالرعد؛ فيجاريه الآخرون وابتسامات بلهاء تفترس وجوههم، يتساءل أحدهم بسذاجة،

— من هي حسنة ملص...؟

فيتغامز الآخرون، وتعلو قهقهاتهم، ينهض الشاب المنزوي مغادراً، يلتفت ناحيتهم ويرمي ورقة ملفوفةً على منضدتهم، تتلاقفها الأيدي، لكن يد الأستاذ ثابت كانت الأسرع، يفتحها، ينظر بإمعان إلى الوجهين المرسومين على الورقة؛ وجه امرأةٍ في مقتبل العمر، مطليّ بأصباغ صارخة وقد كشف ثوبها عن نصف نهديها وهي تغمز بعينها اليسرى، إلى جانبها وجه امرأةٍ عجوز نخرت التجاعيد وجهها، لم تستطع الأصباغ أن تخفي ذبول وشحوب بشرتها، وغمزة عينها اليسرى تكاد تسقط في فمها، تحتهما كتب بخطّ أحمر، - حسنة ملص، قبل.. وبعد.. -

تغمره الدهشة، يهتف الأستاذ ثابت،

— من هذا الشاب...؟

— عاصم، ابن الحاج محمود، التاجر المعروف، طالب جامعي فاشل، لكنه يعشق الرسم..

آخر يقول:— أجبره والده على دخول كلية الإدارة والاقتصاد كي يساعده في إدارة أعماله.. ولكن، كما ترى..!

ويقلب شفتيه ساخراً، يدقّق الاستاذ ثابت في الوجهين، وينطلق صوته وكأنه يلقي موعظةً مهمّة..

— يا للمرأة..! كم فيها من خداع ومكر..

ثمّ بمرارة مفتعلة:— جميع النساء أفاعٍ ملساء ناعمة، لا تعرف متى تغرز نابها في رقبتك وتنفث سمومها..

يتحسّس الرجال رقابهم بامتعاض..!

— ألم تتزوّج، أستاذ ثابت..؟

— أنا..؟ معاذ الله، كيف أضع رقبتي تحت سيف جلّاد؟ كيف أنام الليل وإلى جانبي أفعى سامّة، لا أدري متى تنفث سمومها في جسدي..؟!

ويتململ الأصحاب، وتقفز إلى رؤوسهم صور زوجاتهم أفاعٍ سامّة تنتظر فرصتها للانتقام، يوزّع نظراته ساخرة على وجوههم وقد تهدّلت شفاههم وضجّت دماؤهم في عروقهم حدّ الوجع، يفتل شاربيه الطويلين بفخر، كطاووس أمام أنثاه، وبصوتِ تقصّد أن يسمعه كلّ من في المقهى،

— عليكم أن ترعبوا هذه الأفاعي..

— كيف...؟

— أطلقوا شواربكم، دعوها تغطّي ذقونكم..

ويبتسم بخبث،— المرأة ترعبها الشوارب الطويلة، تحسب لها ألف حساب ..

فجأةً، يغيب الاستاذ ثابت، يوم، يومان، ثلاثة؛ فيقلق الأصحاب ويتساءلون، لا أحد يعرف له طريقاً، كنبتةٍ شيطانيّة انغرس بينهم يوماً دون سابق إنذار، لم يشأ أن يطّلع أحد على خصوصياته، ومنها محلّ سكناه. كان يوماً عاصفاً يكاد يقتلع أشجار الكالبتوس، وأشجار الدفلى حنت رؤوسها صاغرة، البيوت تغرق بعتمة ليلٍ موحش، والبرد أخذ يتسلّل إلى العظام، والرفاق ما زالوا ينتظرون..

— ماذا حدث للأستاذ ثابت، منذ أيامٍ لم يظهر…

يضحك الشاب الفنان في سرّه هازئاً، " لو تعلمون.. آه، لو تعلمون..!"

— ألا يعرف أحدكم له طريقاً..؟ يتساءل أحدهم

ينظرون إلى بعضهم، ينفخون دخان سجائرهم كثيفاً، يثقل فضاء المقهى الصغير، تتحشرج أنفاس ابن الحاج محمود، يختنق بنوبة سعالٍ حاد، ويلعنهم، يحمل أوراقه وكتابه، يقف متثاقلاً أمامهم،

— هل ترغبون بزيارته..؟

— مَن..؟

— الأستاذ ثابت، مَن غيره..!

في طريقهم إليه، يلزمهم صمت ولهاث مذعور، وعصف الريح يعوي كذئاب مسعورة، يكاد يقتلعهم، وسؤال أبله يفترس وجوههم المتقلّصة، لكنه يبقى حبيساً في أفواههم، " كيف عرف هذا الشاب المتعجرف طريق الأستاذ ثابت..؟"

في دار عتيقة يسكنها زوجان مسنّان، كانت غرفته، الباب نصف موارب، ينبعث مزيج من روائح نفّاذة تزكم الأنوف، يدخل عاصم أولاً، ثم وبخطىً متردّدة يدخل الآخرون، ضوء خافت ينبعث من مصباح صغير يتدلّى من السقف، علب سجائر وزجاجات بيرة فارغة تتناثر في الارجاء. تستقرّ الأعين المتسائلة، الباحثة بلهفة على سريرٍ خشبيّ، يقتربون أكثر.. يا للهول!.. الأستاذ ثابت عارٍ تماماً مستلقٍ على ظهره، رأسه كبير أملس كصحراءٍ جرداء لا زرع ولا نبت! عيناه منتفختان تهيمان في سماء الغرفة، وشارباه الكثّان الطويلان إلى جانبه على الوسادة، وقطعة ملابس نسائيّة تنام معه..!

حقيبته السوداء المهترئة فاتحة فمها وقد لفظت أحشاءها: قطع ملابس نسائية داخليّة، بعض أدوات زينة، قنينة عطر رخيص وباروكة رجالية سوداء..!

يتحسّسون شواربهم التي غطّت شفاههم وتدلّت تعانق ذقونهم ساخرة، تلتقي أعينهم باستغراب على جدران الغرفة، صور نساءٍ عاريات وشبه عاريات تغطّيها، يتوسّطها پوستر كبير لامرأةٍ عارية، يشعّ بريق مخيف من عينيها الصفراوين، تلتفّ حول جسدها أفعىً سوداء ضخمة، تضع رأسها بخنوع فوق عنق المرأة…


————————————————————————————————

(١ ) حسنة ملص كانت أشهر بغايا بغداد في الخمسينيات من القرن الماضي



أَنَسْجٌ مِنْ مُتَرَادِفَاتٍ الْهَوَى قَصِيدَةً بقلم (فارس العصر) فارس محمد

 أَنَسْجٌ مِنْ

مُتَرَادِفَاتٍ

الْهَوَى

قَصِيدَةً

تَبْحَثُ عَنْكِ

تَنْسَابُ طَرَبَا

فِي أَعْمَاقِكِ

وَتَهَطُّلٌ عَلَى

صَحْرَاءَ رَوْحِكِ

وَتُمْطِرُ السَّمَاءُ

شَهِدَا عَلَيْكِ

يَا اِمْرَأَةٍ

ذَبَحَنِي شَوْقٌ

وَأُذِيبُ قَلْبَي

فِي نَارِ حُبَكِ

وَحَطَّمَتْ

مَرَايَا الْقَلْبِ

وَقَدْ أَغْلَقَتْ

نَوَافِذَ الْقَلْبِ عَلَيْكِ

يَا نَبْضًا فِي

قَلْبِيٌّ أَحْبَبْتُكِ

وآمنت بِنَبْضِكِ

وَسَجَدَتْ فِي

مِحْرَابَ رَوْحِكَ

أَسْتَمِعُ لِتِلَاوَاتٍ

اِلْحَبْ مِنْ ثَغْرِكَ

لِأَنْسُجُ مِنْ حُبَكِ

قِصَّةَ حُبٍّ

فَاقَتْ حُدودُ الْخَيَالِ

يَتَغَنَّى بِهَا الْعُشَّاقُ

وَتُشْعِلُ رُوحِيًّا بِالْجُنُونِ

أيتها الْعَاشِقَةَ الْعَذْرَاءَ

ل تَنْسَاقُ إِلَيْكِ أَشْوَاقِي

عِشْقًا لَا يَمْحِيهِ الدَّهْرُ

يَا نَبْضٍ ....

الْقَلْبَ أُنَادِيكِ

يَا مَنْ مَلَكَتْ

الْفُؤَادَ لِأَصُوغُ

قَصِيدَتَي عَلَى

مَسْمَعَكَ لِأَعْلَنَ

عَنْ حُبِّيٍّ لَكِ

فَقَدْ أَيْقَنَتْ !!

نِهَايَةَ مَسَافَاتٍ

وَأُنَادِيكِ بِحُروفٍ

عَاشِقَ تَيَتُّمٍ بِدُونِكِ

وَأَصْبَحَتْ تَنْتَزِعِينَ

ذِكْرَيَاتِيَّ مَعَكِ

وَالْخَوْضَ فِي

بِحَوَرِ كَلِمَاتِكِ

وَدِفْءَ هَمْسِكِ

لِأَسْقَطَ شَوْقًا

إِلَيْكِ بِكُلُّ لَحْظَةِ

وَلَا أَدْرِي لَمَّا أَنْتِ

غَمَرَتْ صَدْرِيٌّ

لِأَحَبَّكِ كُلُّ هَذَا

اِلْحَبْ وَتَمْلَئِينَ

عُيُونِيٌّ بِنَظَرَةٍ مِنْكِ

وَتَسْتَهْوِي كِلَا

إِحْسَاسِيٌّ ....

فَاِسْمَعِي كَلَمَّاتِي

وَأَنْصِتِي لِنَبْضٍ

دِقَّاتٍ قَلَبِيٍّ

فَهِي تَوَدُّ أَنَّ

تَقَوُّلٌ لَكِ إنْي

أُحِبُّكِ وَأَشْتَاقُ

إِلَيْكِ بِجُنُونٍ

وَتَسْتَغِيثُ رُوحِيًّا

إِلَيْكِ لِتَبْقَيْ لِي

كُلُّ الْحَيَاةِ ...

وَتَتَلَاقَيَنَّ الْأَرْوَاحُ

وَأَسْتَنْشِقُ مِنْ أَنْفَاسِكِ

كُلُّ حَرْفِ غَزَلَتِهِ

لَكِ مِنْ خُيُوطِ حَنِينِكِ

أَنَا وَاللَّيْلُ وَعَيْنَاكِ

حَتَّى نِهَايَةِ حَيَاتِي

أَرَاكِ فِي حُلْمِي

وَيَقَظَتِي...

وَمَازِلْتُ أُحْصِي

نُجُومُ وَجْهَكِ فِي سَمَائِي

لِأَرَى وَهَجًا وَجْهَكِ

اَلْفَاتِنَ !!!!

وَنَتَصَارَعُ مَعَ أَنِينِ اَلِاشْتِيَاقِ

فَيَسْتَهْوِينِي

غَزَلكِ أَيَّتُهَا اَلشَّرْقِيَّةِ اَلْغَجَرِيَّةِ

كَشِعْرَيْ وَأَكْتُبكِ

قَصِيدَة عِشْقٍ

أُدَوِّنُهَا لَكِ فِي قَلْبِي

عِشْقًا لِأَتَنَفَّسِهَا

فِي لَيَالٍ اَلشِّتَاءِ اَلْقَارِصْ

فَقَدَ اَسْتُوفِيتِي

كُلَّ اَلْمَعَانِي

وَبَاتَتْ كُلًّا اَلْحُرُوفَ

تَرْقُدُ خَجَلاً بِإِشْرَاقِهِ وَجْهَكِ

وَحُرُوفِي مُرْهِقَةٌ تِشْتَاقِكِ

وَحَبْرِي تَدَفُّقُ شَغَفِ

لِلِقَائِكِ ...

فَقَدْ تَبَرَّأَتْ

مِنْ كُلِّ شَيْءٍ

يَعُوقُ اَلْوُصُولُ إِلَيْكِ

لَأَسَافَرْ عَلِىْ ضِفَافِ اَلْحُلْمِ

أَمَدَ لَكِ يَدِي

فَتَحَضَنِينَهَا أَحْمِلُكِ

كــ وَشْم عَلَى صَدْرِي

وَأَغْزِلُ مِنْ هَوَاكِ أَشْوَاقَ لِقَاءٍ

يَذْهَبُ ذَاكَ اَلْأَنِينِ

يَرُدُّ بِهَا رُوحِيٌّ

فَقَدْ فَاقَتْ حُدُودُ اَلْهَذَيَانِ

وَاعْتَنَقَتْ اَلْخَيَالَ

وَفَاضَ عُمْرِي اِنْتِظَارًا

رَافِعًا يَدِي لِلسَّمَاءِ

تَضَرُّعًا لَرُبِّيَ أَنْ يُعِيدَنِيَ إِلَيْكِ


بقلمي (فارس العصر)


فارس محمد



إن ترضَ بقلم الأديبة آمنه المحب لبنان.

 إن ترضَ

إن ترضَ عني يا رب

ستحلق روحي  في سماك

ناعمة شاكره. 

لو تسامح هفواتي

وربما زلّاتي

الصغيرة منها والكبيره

يطمئن قلبي

فيطلق ترانيم الشكر

ويبدأ بصلاة الإمتنان     …

هبني سكينة تشعرني

برضاك وعفوك

فعندها ترتاح نفسي

وتملؤني السعاده. 

وأنا أسألك يا ربي

وأرجوك أن تساعدني

وتلهمني  كي أعمل خيرًا

يبدل سيئاتي حسنات

لتكون راضيًا عني

ومرحبًا بي يوم 

آتي إلى ملكوتك

بروحي المشبعة بحبك

تاركة ورائي جسدًا باليًا

لم يعد يعنيني

ولم يعدلي به

صلة أو اهتمام…

   آمنه المحب  لبنان.


ستاتي بقلم هاشم شويش/العراق

 (ستاتي)

بغرورٍ فوق أرض هشة

لم أصدق بأنها لن تأتي

فارتديت قميصي الأبيض الذي تحب

وأرخيت ربطة العنق التي تحبها هكذا

وبقيت أنتظر عند باب الدار

حتى ملني الانتظار وقال:

متى ستصدقُ أنها لن تأتي

تحديته وقلت: ستأتي

ولو في حلمٍ جميل

ستأتي فليس لها أن تنسى

تذكارها معي: خصلة من شعرها الجميل

محفوظة في كتابٍ قديم

وعدت أبحث عنها في قصائدي

ربما اجدها هناك

بقلمي هاشم شويش/العراق


إِلَى وَالِدَيِ الطِّفْلِ. بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)

 إِلَى وَالِدَيِ الطِّفْلِ.

عُوجِي عَلَى الطِّفْلِ، بِالأَخْـلَاقِ غَـذِّيهِ

وارْعَيْـهِ بِالعَـطْفِ، وَاسْقِي هِـمَّةً فِيـهِ

يَـــا أُمُّ، إِنّــكِ لِــلْأَجْـــيَـالِ مَــــدْرَسَـةٌ

كُـونِي لَـهُ سَـنَـدًا لِلْـخَيْـرِ يَـهْـدِيــهِ

الطِّفْلُ كَالصَّفْـحَةِ البَيْضَاءِ نَاصِعَةً

والأُمُّ تَكْـتُبُ مَا قَـدْ تَشْتَـهِي فِيهِ

أَوْ قِطْعَةِ الطِّينِ، بِالتَّأْثِيرِ تَصْنَعُهَا

خَلْقًا مِنَ الـخَيْـرِ أَوْ شَـرًّا تُسَوِّيهِ

فَابْنِي لَنَـا وَطَـنًا، النَّـشْءُ حَارِسُهُ

وَالنَّشْءُ مِنْ خَطَرِ الأَزْمَانِ حَامِيهِ.

الـخَــيْـرُ وَازِعُـهُ وَالـحُـبُّ دَافِـعُـهُ

وَالـحَـقُّ رَائِـدُهُ وَالـدِّينُ هَــادِيـهِ

البَـحْـر يَـعْـمُـرُه وَالبَـرّ يُـثْـمِرُهُ،

وَالأَرْض يَزْرَعُهَا وَالصَّرْح يَبْنِيـهِ

وَالرَّكْب يَـدْفَعُهُ، يَسْمُو بِمَوْكِبِهِ

وَالقَوْل يَصْدُقُهُ وَالدَّيْـن يَقْـضِيـهِ.


يَا وَالِدَ الطِّفْلِ، حَقُّ الطِّفْلِ تَعْرِفُهُ:

البِـرُّ وَالـخَيْـرُ، فِي قَـلْبٍ، تُجَلِّـيــهِ

وَحَلِّ بِالعِلْـمِ رُوحَ الـجِـيـلِ يَطْلُبُهُ

وَاشْحَذْ عَزِيـمَتَهُ، فَالدَّرْسُ يُـرْوِيـهِ.

أَعِـنْـهُ فِي عَـمَـلٍ وَكُـنْ لَـهُ مَـثَـلًا

أَنْتَ الّذِي لِلْفِدَا والبَذْلِ تَـهْـدِيــهِ

وَازْرَعْ بِهِ بَذْرَةً فِي الخَيْرِ عُنْصُرُهَا

كَيْ تَحْصُدَ الـخَيْرَ لِلْأَوْطَانِ تَجْنِيـهِ.

إِذَا الشَّبَابُ، بِطِيبِ الخُلْقِ نَبْتَتُهُ،

كَالطِّيبِ، يُصْـبِـحُ مَحْـبُوبًا لِـرَاعِـيـهِ.


الطِّفْلُ مُسْتَقْـبَلُ الأَوْطَانِ، رَائِدُهَا

يَبْنِي، غَدًا، عَالِيًا، مَا اليَوْمَ نُنْشِيـهِ

مَا بَـيْـنَ أَيْـدِيَـنَـا، بِالدَّرْسِ نَـنْـفَحُهُ

مِشْـعَلُـنَـا، في غَدٍ، حُـبًّـا نُغَذِّيـــهِ.

طُوبَى لِمَنْ عَلَّـمَ الأَجْيَالَ، حَـرَّرَهَا

مِنَ الجَهَـالَةِ، نَـدْعُو اللهَ يَـجْـزِيــهِ.

 حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)

"خواطر:" ديوان الجدّ والهزل



الأربعاء، 3 يوليو 2024

أنَا مِن (جنينَ) وإبنةٌ لِمُجاهدٍ بقلم الشاعرة عزيزة بشير

 جبوشُ الصّهاينةُ ومستوْطِنوهُم يجتاحون مخيّم جنين يقتلون ، يهدمون ، يُجَرِّفونَ البنيةَ التّحتيّة ،يعتقلون، ويطردونَ أصحاب البيوت مِن بيوتهم كما يفعلُونَ بغزّةَ قاتلهُمُ الله! لكنّ الشّبابَ يقاوِمون بِعوْنِ الله!


أنَا مِن (جنينَ) وإبنةٌ لِمُجاهدٍ

(وجنينُ) رمزٌ للبطولةِ………..والفِدا!


إبنٌ  لَها  نارٌ  على أعدائهِا

 صَدَّ العدوَّ  بِروحِهِ ……….واستشهَدَ!


يا ربِّ ! إحفظْ أهلَها ودِيارَها

واحْرِقْ عدوّاً غالَها ……………وتَوَعّدَ!


مستوطِنونَ وجيشُهُم بِسلاحِهمْ

برّاً وجوّاً   يقصِفونَ  ……..على المَدى


ربّاهُ  قد عاثَ العدوُّ  بِبلدَتي

فانصُر مقاوِمَ أضحَى فيهَا….. مُشرّدا!


ياربِّ  !  كلٌّ  يرتَجيكَ  لِنُصرَةٍ

فاهزِمْ عدُوّاً  عاثَ  فيهَا ……..وَأفسدَ!


أبناؤنا  فوَقَ الرّصيف ِ تَشرّدوا

فانْصُرْ مُقاوِمَ واقتَلِعْ …….مََعَهُ العِدَا!


أنقِذْ (جِنينَ ) وضفّةً وتولّنا

رُحماكَ (غزّةَ)، أهلُها صاروا…….صَدى! 


عزيزة بشير




المرأة المزاجية - - - -- بقلم الشاعرة . د إيمان بوغانمي /تونس

 الشاعرة . د إيمان بوغانمي /تونس 


                  ----------  المرأة المزاجية - - - --


 كل امرأة مزاجية الطباع

  تودُّ  من الصيف أن يرحل بكل

مافيه من حرارة الموسم... 


و تريد من الخريف أن ينقضي

بتقلباته الخريفيّة... 


تتمنى لأوراق الأشجار

 أن تتناثر

 في كل الأمكنة

لتحمل معها أحلامها

و أمالها 

و ذكرياتها

وتحلق بها في كل أنحاء

هذا العالم... 


ها هي تنتظر قدوم الشتاء 

و تستقبل معه الغيث

النافع  

و تفتح كتاب الأماني مجددا"

لتحمل الأمطار معها كل الأحزان

و تستقبل نصرها 

بعالم الأحلام الجديد...


      جذابة المرأة في موسم

الربيع ربيعية الخواطر

و الأحاسيس....


    هي خلقت وردة

من الياسمين

أين حلّت تترك

عبير عطرها العبق

في كل المواسم...




أبي بقلم الشاعرة ملك محمود الأصفر

 أبي

........................................

أبي أبي هذا أبي

كالنورِ بينَ الهدبِ

هوَ نجمةٌ براقةٌ

تنيرُ فوقَ الشهبِ

...............

علّمني لقّنني

كلَّ صنوفِ الأدبِ

ربّاني طفلاً يافعاً

فكانَ خيرَ مؤدّبِ

...............

أبي أبي هذا أبي

أراهّ نعمَ النسبِ

هوِ قدوةٌ صالحةٌ

أخلاقهُ منْ ذهبِ

................

ألقاهُ فينا شامخاً

كالزهرِ فوقَ القببِ

والثغرّ دوماً باسمٌ

حتّى بوقتِ الغضبِ

.......................................

ملك محمود الأصفر

بقلمي


الهجرة بقلم (عبدالرحيم العسال مصر سوهاج أخميم)

 الهجرة

====

سلام سلام سلام سلام

يقول النسيج وبيض الحمام

سلام سلام سلام سلام

سلام عليه والف سلام

             =

وفي الغار طه وصحب كريم

يفتش عنه عدو لئيم

ولكن ربك رب كريم

من الغار راحا بالف سلام

             =

من الغار راحا الي يثرب

وعين الإله تحوط النبي

وكون يردد في الموكب

سلام عليه والف سلام

            =

سراقة قال أيا منيتي

عرفت بأنك في منعة

فسيرا من الله في عزة

سلام عليك والف سلام

            =

سلوا ام معبد : ماذا جري؟ 

لشاة عجوز وخير الوري

وضرع تدفق خير سري

سلام عليك والف سلام

           =

وجاء الرسول الى يثرب

ليعلو من الله هذا النبي

ويخسأ كل جهول غبي

سلام عليه والف سلام

         =

أيا يوم هجرة طه الحبيب

كتبت بخطي قصيدي العجيب

أرحب إني وأعلى النحيب

سلام عليك والف سلام

            =

وفي كل عام ازف الخبر

اسوق البشارة كل البشر

جميعا نرتل غالي السور

عن الغار دوما والف سلام


(عبدالرحيم العسال مصر سوهاج أخميم)


ركبت سفينة الأحلام.... بقلم الاستاذة امنة بورديم الجزائر.

 ركبت سفينة الأحلام....

ورحت أسافر من مكان إلى مكان...

بين الغابات و الوديان...

أشم رائحة الورد...

وأقطف الزهر من كل بستان...

حتى يفرح قلبي الحزنان..

المعبأ بالألم والفقدان...

نعم و  لأحلق بين النجوم...

وأرى الدنيا كم هي جميلة....

من أعلى مكان....

كيف خلقها الرحمان....

بديعة خلابة....

تريح....

تزيح....

الٱلام والأحزان....

نعم كم هي ممتعة سفينة الأحلام ...

فيا رب حقق  لكل ما يتمنى...

وأفتح الأبواب المغلقة....

وحقق الأحلام.

بقلمي الاستاذة امنة بورديم الجزائر.


اعذرني إذا نطق لساني بقلم الكاتبة سكينة صادق

 اعذرني إذا نطق لساني 

واتهمتك بالجفاء ..

وإذا كتب حرفي 

فوق سطور اﻹعتراف 

أنك خائن العهد 

ﻻ تملك الوفاء ..

تحرقني نار الهجر 

تميت نبض القلب 

تجيد تعذيبي بسخاء 

تذرف عيوني دمعا 

ملفوفا بعناء

سكينة صادق 



ماذا بِبُعْدِكَ قد أقُولُ وأَصْنَعُ بقلم د. راغب العلي الشّامي

 ماذا بِبُعْدِكَ قد أقُولُ وأَصْنَعُ

               هل بعدَ هجرِكَ أيُّ شئٍ يَنْفَعُ

قلبي بحُبِّكَ هائمٌ بل مُوْلَعُ

              وقليلُ هَجرِكَ مؤْلِمٌ بل مُوْجَعُ

لم يرتجي قلبي بِعَادَكَ مُطلَقاً

              وهَوَاكَ عندي لا يسَعْهُ مُوْضِعُ

مهما أُكابِدُ في غرامِكَ من أسیً

           دمعي لغيرِكَ في الهوی لا يَشْفَعُ

كم يجْبُنُ القلبُ الصغيرُ من النَّوی

              لــكنّـــهُ في غــير أمـرٍ  أشْـجَعُ

دعْ عنْكَ قولَ الحاسدينَ ومكرهم

             فالأصــلُ أنتَ وثُمَّ قَـدْرُكَ أرْفَعُ

آمَنْتُ في شَرْعِ الغرامِ وأهلهِ

            إذ كــنْتُ في وصلِ الأَحبةِ أَطْمَعُ

أيكونُ مثلي في الغرامِ مُفارِقاً

            وأنا الذي في وصلِ غيركَ أْبْرَعُ

خَبّأْتُ قلبي عن مكامِنِ صِيْدِهِ

              ياليتَ سَهْماً من عيونِكَ يُسْرِعُ

بقلمي د. راغب العلي الشّامي



الكتابة..ووجع السؤال.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 الكتابة..ووجع السؤال..


"أنا أتألمُ،بينما أنتم تَمدحونَ كتاباتي"..كافكا 


-يوم ضعف  كتاب السلاطين وتلقوا الصفعات المتلاحقة من كتاب عشقوا الوطن وجدنا اليوم من يكتب عن الجرح ومن سبب الجرح .نعم انهم كتاب ثورة أعادوا شخصية الكاتب والشاعر الذي كان يكتب من قلب المعاناة ايام حروب التحرير.إنهم لا يكتبون على مقياس احد  ولا يعبدون اصنام المنافع الذين يلقون لهم بالفتات .انهم ثوار الوطن وبلابله التي تغرد في آن معا.( الكاتب الفلسطيني المتميز عبد السلام جمعة )


أنكتبُ لأنفسنا أم للآخرين؟ أندافعُ بكتاباتنا عن بؤسِ العالم وبؤس الوطن أم أنَّ الأمر برمته لا يعدو كونه تسريبات لمعركة النفس الداخلية؟ ترى أيستحقُ العالم من الأساس أن يُفني أحدهم العمر من أجل الكتابة عنه وعن بؤسه اللامتناهي؟ أيستحق العالم كتابات ماركيز وبن نبي ودستوفيسكي وبيجوفيتش وكامو وكونديرا وغيرهم؟ اقرأ العالم يوماً صفحة واحدة مما كتبوه بعقل الواعي المتدبر الباحث عن الحقيقة وعن التغيير؟ ولماذا نكتب من الأساس إذا كان وقع الواقع ووطأته أكبر من حجم كلماتنا؟ وما وسعُ اللغة أن تفعله أمام سيلٍ من تدفقات الحياة اليومية التي لا تنتهي إلا بنهايتنا؟

تبدو هذه الأسئلة سرمدية للوهلة الأولى،ولا إجابات لها، على الأقل في أفقنا الفلسفي والمعرفي حالياً،وأن ما يقدم بشأنها من إجابات لا يتخطى الرؤى الشخصية التي تعبر عن تجارب شعورية ذاتية مع الكتابة. لكن وبنظرة متفحصة لهذه الأسئلة، فإننا نجدها لا تخرج عن سؤال واحد، مكون من كلمتين: لماذا نكتب؟ وما يأتي من سطور لا يعدو كونه محاولة متواضعة لتقديم رؤية شخصية لسؤال: لماذا نكتب؟ رغم اعترافي الصادق بصعوبة هذه المهمة، وربما استحالتها.

الكتابة هي مهنة-شاقة كما قال لي ذات يوم حين إلتقيته بمكان ما بدمشق الجاسرة والجسورة-رفيقي الراحال المبدع حنا مينه،والكتابة-على حد قوله -مثل باقي المهن إلا انها تختلف عن المهن الاخرى في أنّ الكاتب لا يتقاضى اجرا لانه احساس وشعور يحس به الكاتب ويترجمه كتابة.

الكتابة ليست نزهة-بل مسيرة إحتجاج..كما قال المبدع المغربي  الراحل محمد شكري-(صاحب الرواية الشهيرة: الخبز الحافي ) (pain nu )

وإذن؟

الكتابة إذا،الهام-قد تنزل من السماوت القصية مع إيماني بالذات الإلاهية-وليس كل شخص يمسك قلما وورقة يعني انه كاتب متمرس،فالكتابة فن من الفنون يمارسها الانسان ليس شرطا عن طريق التعليم ولكن  إبداع بإمكانكم فك أحجيته...!!

تسألوني لماذا يكتب الكاتب-وأنا في زمن متخَم بالمواجع..ومفروش بالرحيل..؟!

استطيع ان اقول لكم ان الكاتب هو قلب الحدث يصور لنا ما يحدث بأمانة واخلاص ويترجم هذا على ورق.

والسؤال الذي ينبت على حواشي الواقع:؟

هل الكاتب يعاني اثناء الكتابة اشد المعاناة لانه يستخدم تفكيره ويسترجع الأحداث بدقة متناهية ..؟!

..ليس لدي جواب..فقط أقول :

انا اكتب لاشارككم افراحكم واحزانكم بعدما طفح الكيل واشتد الكرب في بلادنا العربية،والصمت يعلو ويصرخ ان هبوا لنصرة الشعب الفلسطيني..

ولكن..

 ليس من مجيب!.لم اعد قادرا على تحمل ما ارى واسمع سواء في الأخبار او الصحف او الفضائيات من قتل وتشريد في المخيمات (تابعو اليوم المشهد الدموي بغزة الصامدة في وجه الآفاقين وحفاة الضمير) وقلبي يتفطر ألما وحزنا وليس بيدي حيلة ان اقدم شيئا سوى الشرود والوجع. 

وإذن؟

جلست بيني وبين نفسي والقلق يعتريني فالتزمت الصمت ووجدت نفسي امسك قلما وورقة دون سابق انذار والافكار توديني وتجيبني مثل المد والجزر تائها لا اعرف من اين ابدأ واين انتهيت ؟!

تخيلت نفسي في قلب الحدث والطائرات تقصف العمارات وتهدم البيوت وتقتل النساء والدخان يتصاعد للسماء والطاغية -نتنياهو-يفتك بشعبنا بفلسطين والعرب جالسون يتفرجون على مأساة دون حراك.

وبقيت فترة من الزمن مع افكاري الشاردة والمتناثرة هنا وهناك.

احترت من اين ابدأ..!؟

ابدأ من ضياع مقدساتنا ام على البطالة والفساد في بلدي-العربي-الموجوع في نخاع العظم..؟!

في غزةَ التي تُعاني،واقعاً يعاني من جملةٍ مُشتبكةٍ من مفراداتِ الألمِ تبعاً للظرف السياسي وما يقضيتهِ من استمرارٍ لهذه المُعاناة الجمعيّة وسحبها إلى مناطقٍ أكثر بشاعة يوماً بعدَ يوم، ينبغى لنا أن نسألَ في ضوءِ ما تقدم،كيف يُعالِجُ الأدبُ هذه المعاناة بسردِهِ وشِعرِه؟ هل يَعكِسُ الأدبُ المعاناة كما يراها المجتمع،فيكون مرآته كما هو الحال لدى مناهج النقد الاجتماعيّة،أم يستند إلى معالجاتٍ مستقلةٍ فرديّةٍ حداثيّةٍ تتجاوزُ مفومَ المعاناةِ في سياقِ كونها نتاج الظرفِ السِياسي،إلى المعاناة في سياقِ ارتباطها بالوجودِ الإنساني ومشكلة الإنسان وأسئلته وقضاياها وقلقه؟

خلاصة القول :الأدب ليس هو هذه اللحظات العذبة الجميلة،التي نستمرئها،ولا تلك الإرهاصات المجنحة الطموح التي نستشعرها، فحسب،بل هو أيضاً هذا العمل الخلفي الدؤوب.الذي نجد فيه تعميق الحياة وتكثيف الزمن،واستنفار الحواس وتوتر الأعصاب. فقراءة صفحة أدبية ما هي إلا تراكم من الزمن،وعامود طويل من الجهد والعناء.إن بناء الكلمات لأتعب بكثير من بناء الحجارة.وإن ابتكار الصور واشتقاق المعاني لأصعب من شق الصخر.فدقيقة واحدة من القراءة يبيت لها الأديب ساعات وساعات،وهو مؤرق مشدود ذاهل يتجول في مخبؤات بواطنه وتجليات ذهنه الكزوز. يستلهم.يستشرف يرفض. يبذل، حتى يصل إلى بؤرة همومنا. فيحدثنا عن ذواتنا.ويستشف حدوسنا.ويلامس الجوانب الخفية فينا.أو يجد الشيء الضائع منا.يدلنا عليه ويضيفه إلى وجودنا. يحكي لنا قصة ذاك الحيوان الأزلي،القابع فينا،المعذب في إنساننا، والمضغوط بأثقال الوعي وأوجاع التبكيت والقسر.ولعمري.الغوص في أعماق المجهول،والتفتيش عن الأشياء المفقودة من قسمنا الإنساني الأعظم،أو إيجاد الأجزاء الناقصة من نفسنا الكبرى،التي نستكمل بها جميعاً شخصيتنا لهو عمل شاق.ولكنه سام وفوق العادة! 

قبل ستة عقود كتب ألبير كامو «إن دور الكاتب لا يخلو من المهام الصعبة.ولا يستطيع أن يضع نفسه اليوم في خدمة أولئك الذين يصنعون التاريخ،فهو في خدمة أولئك الذين يعانون من التاريخ.» يرى كامو في الكتابة ليس فقط مواساة لحظية أو شخصية لمن يعانون في لحظة ما،بل إنه يرى فيها مواساة للتاريخ،تاريخ المهمشين والضعفاء،تصبح الكتابة هنا صوت من لا صوت له، صوت لأولئك الذين عانوا ويعانون من سويداء قلوبهم ولم يسمع بهم أحد. 

الكتابة بهذا التصور هى صوت المنسيين.ضحايا التاريخ الذي لا يحترم إلا الأقوياء.


محمد المحسن



من يطهّر الرّوح من دنس الركض..بين النفايات..؟! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 من يطهّر الرّوح من دنس الركض..بين النفايات..؟!


كنتُ كما كان جدّي نبضا..

                            يخاف السقوط

بفوهة المستحيل

ويخشى سهاما تصيب من الخلف..

                             من ألف خلف

تخدش الرّوح

تطيح بأضلعنا... 

                    في منعطف للثنايا

وترسلنا إلى الموت 

                   في موعد غامض..

وكان أبي مثل جدّي تماما..

            أصفى من قمرين معا

يحبّ الرحيل..إلى أيّ شيء

       يحبّ بلادا ويرحل عنها

لكنّي أراه يكفكف دمعا

     كلّما رأى برعما غضّا يتهاوى

أو كوكبا مستفيضا..

يتشظى

ثم يستحيل في هدأة الفجر

                 شظايا..منثورة في الفضاء

..ههنا الآن وحدي

                         على مقعد لست فيه

أهذي لأسمع نفسي

أتحسّس درب اليمام 

     على سطح قلبي

أستعيد ولادة عمري

                         أدافع عن زهرة لوز

تضوّع عطرها 

                                     بين الثنايا

* * *

ههنا جالس 

                  حيث يعرفني الغرباء

أرنو إلى وطن 

          كلّما قلت أنسلّ من عشقه

أفرد للنوايا بساطا..

                 وحمّلني وجعا مبهما

لا..ما عدت أستطيع التحمّل

       كأنّ عطر الفتوّة قد تلاشى

كأنّي جئت من زمن آخر كي أكون هنا

لحظة أو أقلّ

كأنّ وشم أمّي

              لم يزل يطاردني في المرايا..

كأنّ الرفاق الذين عاشوا في ضوئهم..

قد مضَوا

أو تواروا في الغبش

 وراء الغيوم

ماتوا من ضوئهم..

وأنا..!؟

ها أنا أجلس خلف جدار العمر أراقب طيفهم

غدا ربّما أسعى إليهم

وأحمل حنيني على كتفي

أقول غدا ربّما...ربّما

أمضي في الغيم

          بين ثنايا المدى

علّني أستردّ ما نهشته الجوارح

                     من مضغة القلب

وأصيخ السّمع مع الرّيح 

              إلى جهة المستحيل

فقد كفّت-الكأس-عن فعلها فيّ مما تداويت

واستبدّت بأوردة القلب 

           مملكة للمواجع

تنهش الرّوح   توغل في التشظي

وتؤجج خلف الشغاف

جمر العشايا..

وما ظلّ في خاطري الآن إلاّ حنين

يتذاكى،ويحملني دون إذن 

على مركب اللّيل

كأنّي مع النوارس 

          على موعد للرحيل

-لا مركب للغريب سوى شوقه-

لا رفيق له غيره

أو نجمة بين الضلوع..

تضيء وتخبو..

                ويرتفع الشوق

من فوق أضلاعها إلى...

تُرى؟

هل يبرق الصّبح شفرته

           عبر هذا الظلام الكثيف

فأنا في فيض العواصف،دون كفّ

لأدفع عنّي الأذى..

أراني أركض

             بين تهليلة الطين والماء

وما زلت أعدو

                      طليقا ومرتهنا بما

خلّفته الوصايا..

فمن،يطهّر الرّوح

                          من دنس الركض

بين النفايات

ويعيد لي

ألق الصّبح..

                  وأريجه

                المشتهى..؟!


محمد المحسن




أليست فلسطين..قضية وعي..وقبلة الإنسانيَّة..و”إكْسير” حياةِ الضَّمير العالمي..؟! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 أليست فلسطين..قضية وعي..وقبلة الإنسانيَّة..و”إكْسير” حياةِ الضَّمير العالمي..؟!


(شعراء تونسيون كبار يكتبون بمداد الروح..نصرة لفلسطين : د- طاهر مشي-د-فائزة بنمسعود-الأستاذة نعيمة المديوني )


"ليس بين الرصاص مسافة..هذه -غزة- التي تتحدى..وهذا الوعي نقيض الخرافة " (مظفر النواب-بتصرف طفيف )


(الشعر يستطيع كل شيء..حتى عندما لا يستطيع شيئاً..)


-أعوذُ باللهِ مِن عشْرٍ تُراقُ بِهِم

أزكى الدِّماءِ بِأرضِ الحَقِّ ….في (غزّهْ)


كلٌّ تَراهُ بِشيْطانٍ عليْهِ بَدتْ

آثارُ جُرْمِهِ كالغيلانِ….……….في بَزّهْ


فالعيْنُ تقطُرُ مِن قتْلِ الرّضيعِ، دَماً

والفمُّ كهْفٌ لِلَحْمِ الطّفلِ ،…. في جَزَّهْ


شيْطانُ ، جزّارُ كلٌّ يستبيحُ بهِ

قتْلَ العِبادِ، شَرابَ الدّمِّ،…….مِنْ غَزّهْ !


(الشاعرة الفلسطينية السامقة الأستاذة عزيزة بشير)


تصدير : ومن الشعراء رجال صدقوا،قالوا وفعلوا،ما كان شعرهم حديثًا يُفترى،لكنه تصديق عملهم وجهادهم،بايعوا على الموت،لينالوا جنة الآخرة،ويمنحوا غيرهم جنة الدنيا،حرصوا على الموت فَكُتِبَ لهم الخلود والبقاء،فمنهم من قال الشعر على عتبات الموت،قاله والسيف فوق رأسه،حين يصير الشعر شهادة،والكلمات ألغامًا،والقصائد ساحات قتال،لا يجرؤ على اقتحامها إلا الأبطال،عند ذلك تنكشف معادن الرجال،فلا صوت إلا صوت طالبي الشهادة.


الفعل الثوري العربي الذي تحقق في السنوات الأخيرة إبان إشراقات ما يسمى ب”الربيع العربي” لم يكن معزولا عن خطاب الشعر،مثلما لم يكن معزولا عن الخطاب الذي تنتجه وسائل الإعلام.لقد كانت القصيدة كامنة في وجدانات هؤلاء الشباب.فعلى سبيل المثال كان الشباب يرددون أثناء الثورة قصائد محمود درويش وأحمد فؤاد نجم وغيرهم،كما استعادت الثورة التونسية وبعدها الثورات العربية الأخرى قصائد شاعر عظيم بقيمة أبي القاسم الشابي،حيث صدحت الحناجر في ساحات وشوارع وميادين مدن عربية عدة “إذا الشعب يوما أراد الحياة..فلابد أن يستجيب للقدر”. 

فما هو دور الشعر اليوم بالتحديد،وفلسطين مسيجة بالأكفان ؟

رافق الأدب العربي القضيّةَ الفلسطينية منذ بدايتها في عام النكبة 1948،وظل مرافقا لها شعريا وقصصيا وروائيا..ويندُر أن نجد أديبا عربيا لم يكتب عن فلسطين لا سيما في حقْل الشِّعر.ذلك أنَّ فلسطين هي بوصلةُ روح الإنسان العربي الأصيل،بكل ما فيها من دلالات دينية وتاريخيَّة وحضارية،فـ “القدس” كانتْ ملتقى الأنبياء والرِّسالات السماوية..وستبقى قبلة الإنسانيَّة و”مركز” ضمِيرها الذي -يتناوم-أو -يتماوت-أحْيانًا،فتوقظه“القُدسُ” على “تراتيل” الأحزان والآلام التي تَصَّاعدُ من قلْب الفلسطيني كلَّما أعلنت القوى الشيطانيَّة،التي يتصدُّرها الكيانُ الجهنمي،-الموت على فلسطين-..غير أن فلسطين لا تموت،لأنَّ موتها يعني موت الإنسانية جمعاء والضمير العالمي بكلِّ ألوانه أجْناسه..

نحن على ثقة من أن الشعر ديوان العرب وسيبقى،فقد وثّق انتصاراتهم الدائمة،والمتتالية.ووثق كرمهم ورجولتهم،وعزتهم وإباءهم،وأنفتهم وكبرياءهم،وكأنهم فعلا خير أمة أخرجت للناس! وأصبحت معلقة عمرو بن كلثوم مرجعا للمتغنين بالأمجاد السالفة،وشاهدا أبعد من النسيان في العقل الجمعي العربي.

منذ «لا تصالح/ أمل دنقل»دخل الشعر في صراع بين الجرح وصورته الكلامية. وحين تلاحقت الجروح،وتكاثرت وتنوعت،عقدت الدهشة حاجبي الشعر العربي،ووقف كالأبله أمام مشفى المعمداني في حي الزيتون جنوب مدينة غزة.هناك حيث أغلق الشهداء أبواب جراحهم، قبل أن تمسح الجرافات الغبش عن زجاج غيابهم،وسقطت لوحة كتب عليها بالخط الكوفي : وإذا مرضت فهو يشفين،وتحول المشفى إلى مقبرة،فهل يستطيع الشعر حين تبرد حروف اللغة،أن يصف حرارة الدم؟

لقد تأكدت مقولة البير كامو: أسوأ الأوبئة ليست بيولوجية،لكنها أخلاقية.

الدم..يشحذ شهية الدم:

تُواصِلُ آلةُ الموت،مدعومة من دوائر الإستكبار العالمية الحربَ-القروسطية-على فلسطين ومُركزة على “غزة-أرض العزة”..تواصل آلةُ الموتِ ممارسة كلّ “فنون” الإجرام والتوحّش والطغيان والتّجبُّر،بهدف اجتثاث الإنسان الفلسطيني من أرضه،وهو أمر يؤكّد على رهبة وخشية الكيان الإجرامي من “حقيقة” مُستقبل وجوده الذي دخل مرحلة أخرى في “بداية النهاية” للزّوال الحتمي لهذا الكيان،وانتصار فلسطين الذي لا ريب فيه..

واليوم..

تقف الشعوب العربية على قارعة الآلام والأوجاع مُشرِعةً سيوفَ الدعاء والتَّضرُّع بقلوب خاشعة من أجل نُصرة فلسطين،ويقفُ الأدباء والشعراء العرب على جبهات الكلمة مُشهرِين خيالاتهم وأفكارهم ومعانيهم من أجل أن تبقى الوحدة الوجدانيَّة العربية على قيد اليقظةِ..فلم يعد هناك مِنْ قضايا توحّد الأمَّة العربية سوى فلسطين.

في هذا السياق،توجهت إلى شعراء تونسيين كي نتعرّف على ابداعاتهم الشعرية حول نُصرة فلسطين ومجابهة الكيان الإجرامي الغاشم،فكانت هذه-اللوحات الإبداعية الموشحة بدرر الشعر-:

الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي يقول:"إنّنا نبتغي من هذه القصائد المطرزة بعشق فلسطين،أن نصرف القولَ،ونترقَّى في البيان قليلا،من أنّ “طوفان الأقصى”، يُعبّر عن فعل نوعي أصيل،يعكس رغبة الإنسان الفلسطيني في كسر حلقة الاحتلال والظُّلم والاستعباد،والتخلص من عقال الوَهم والخنوع..والتأسيس بالتالي لغد مشرق تتهودج فيه فلسطين في ثوب النصر والتحرير..

لنحْمِي الأقصَى والإسلامَ جَمْعا!

فِلسطيني أنا قد ضِقتُ ذَرْعا

فصُهيونٌ طغى والأهلُ صرْعى

نموتُ اليومَ في حرْبٍ ضروسٍ

وصدرُنَا في الوَغى قد بات دِرْعا..

طاهر مشي

الشاعرة التونسية القديرة د-فائزة بنمسعود  توكّد على أن فعل الكتابة قادر على دفع الحياة المتعثرة أصلا إلى الأمام،فالشعر بالنسبة لها أداة من أدوات المواجهة مع الظلم الكافر والموت السافر،ويؤسس لتحقيق الكرامة الإنسانية التي يستبيحها الطغاة والمستعمرون. 

في هذا السياق تقول :

قاوم

وعلى القدس لا تساوم

احمل سلاحك وامض

لا تثق بأصحاب العمائم

فهؤلاء طبّعوا مع الهزائم

يرون النصر في الخنوع

الغدر شيمتهم له يُـولمونا الولائم

رؤساء ملوك أمراء

ظلال رجال أجبن من النعائم..

الأديبة والشاعرة التونسية أ-نعيمة المديوني توكّد على أن فلسطين..مهد الديانات ومنبت الكرامة والإرادة والشموخ..فلسطين..الوطن الموجود والحي والباقي..ولأن فلسطين وطنها الذي يسكنها ولا تسكنه..لأن القضية الفلسطينية أقدم القضايا وأعدلها..ولأنها بوصلة القضايا دائماً،اختارت أن تنتصر لها-شعرا-فتقول مخاطبة فلسطين :

"يا زهرة مزّقتها الأشباح

أأبكيك أم أبكي النّواح

أأمزّق شريانا فاض بهواك

أم أغمد سيفا أثقلته الآلام

في الأوجاع

أباعوك وزفوّك للأتراح

قبضوا ثمنك قبلة مسمومة

رُسمت على صفحات التّاريخ السّوداء

أما أنا،فلست خجلا من الإعتراف بأنّ-غزة-هذه المرّة،قد وضعتنا جميعا أمام المرآة وأربكت بصمودها العدوّ بعد أن تراءى له بأنّ المصالحة التاريخية التي نسعى إليها،ليست سوى شعار نرفعه ليحتفل هو بقيدنا،ولنباركه نحن على تناغمه معنا-بنعيق المدافع ونباح الرشاشات- ولنشكره على ميزات فصله العنصري لنا..

وإلى أن يتحقق النصر المبين لهذه-المدينة الأسطورية-التي ظلت صامدة في وجه الغزاة،نتطلّع -جميعا-إلى قوافل الشهداء تسير خببا في اتجاه المدافن..إلى شعب يحاصره الليل بعد أن غدر به الزمان،وإلى أبطال المقاومة الفلسطينية،وهم في مواجهة الطائرات والدروع،يدافعون بالأصالة عن نفسهم،وبالنيابة عن الأمة العربية كلّها..ونسأل:إلى متى؟

..ويظلّ السؤال عاريا،حافيا ينخر شفيف الرّوح.

وأختم بهذه الكلمات الشعرية المنبجسة من ضلوعي..وهي جرح بأصل الروح..روحي المتشظية أصلا بين أشلاء الشهداء..

فلسطين:

كانت كما في الرؤى..

تمتشق غيمة للهدى

وترتّب من صهيل الرّوح

شتيت المرايا

ترنو إلى الشهداء في معراجهم..

وتؤجّج من شهقات الرّيح

جمرَ العشايا

تسكب ضوءها في خليج السديم

وتؤثّث من الوجد أغنية..

فينهمر اللّحن

من ثقوب المدى..

هل بقي ما أضيف؟

ربما لن أضيف جديدا إذا قلت أنّ أثناء الثورة العربية في فلسطين بين عامي 1936و1939 اعترف-غاندي-نفسه بأن الفلسطينيين “تبعا للقواعد المقررة حول الخير والشر،يملكون الحق في استعمال القوّة العنيفة لمقاومة الإحتلال الأجنبي”،كما أنّ قرارات الأمم المتحدة تكرّس هذا المبدأ نفسه.

فهل بإمكان النضال السلمي الفلسطيني المتجسّد بقانون اللاعنف أن يحقّق أهدافه مع عدو  لئيم،شرس وإلغائي يتميّز بالطبيعة الإنكارية لحقوق الضحايا..؟!

بإمكانك أيها القارئ الكريم أن تصوغ الجواب المناسب.


محمد المحسن



حتى ينتصر العقل الجديد والوجدان الجديد نهائيا..على فجوة الإنحطاط.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حتى ينتصر العقل الجديد والوجدان الجديد نهائيا..على فجوة الإنحطاط..


-نحن أمة لو جهنم صبت على رأسها..واقفة ( مظفر النواب)


-القضايا المنتصرة.. تحتاج إلى السياسة الصائبة.. أكثر من حاجتها إلى قبور الشهداء..( الكاتب)


هاهي طبول الحرب تُدقّ على مشارف ديارنا،وهاهي الولايات المتحدة تتمايل طربا،وها نحن جميعا فوق الصفائح وفي مركزية الصدع لا سيما بعد أن انخرطنا في جوقة “الرقص مع الذئاب”وشرعنا في وصف تنازلاتنا على أنّها مرونة وانفتاح..!

 وإذن؟

إذن،ها نحن في قلب اللجّة تنهشنا أمواج لا تنتظر لمداها أحد..وهاهي سواحلنا مكشوفة وفي مرمى راجمات اللهب..إلاّ أنّ الحياة ستستمر إكراما للذين يتسابقون إلى الموت إعلاء لكلمة الحق،وتمجيدا لألق الحياة..

لكن..

لماذا التستّر على هذا الواقع الأخرق..هذا الواقع الذي لم يُغطّه أي حجاب !!

ولماذا نغمض أعيننا على أبشع مشهد:مواكب الأحقاد والتشهير،وانتهاك كل ما هو مقدّس وأخلاقي وحضاري في هويتنا !؟

ثم أوّلا وأخيرا لماذا نسير ملتحفين باللّيل والعماء والصّمت،بينما تظلّ فلسطين بؤرة التكثيف التاريخي والثقافي والسياسي لإخفاقاتنا وهزائمنا..تظلّ هكذا “الفوترة “التي على العرب أن يقدّموها للإمبريالية وإسرائيل على ما فكروا به وفعلوه وبنوه وخططوه من مشاريع وهمية واتفاقات زائفة تذروها الرّياح زبدا وطواحين ريح !؟.

إذا ما أردنا أن نموضع الأجوبة فإنّ المكان الذي يجب البحث فيه ليس هو شاهدنا بل اتهامنا،بأننا جميعا كنّا قد استحممنا في نهر الهزيمة حتى ذاب لحمنا ودمنا وعظامنا،ولم تبق سوى الثياب تدلّ على أنّنا كنّا عربا..

ما أريد أن أقول:

أردت القول أننا الآن..وهنا قد غدونا في عين العاصفة:على يميننا تقف المؤسسة السلطوية الإستسلامية(بخطها الأوسلوي)،وعلى يسارنا المؤسسة القبلية النفطية،ومن أمامنا السلف الشاحب والماضي العتيق،ومن خلفنا ايديولوجيا الرعيل البائد والمباد،ومن فوقنا مظلة العولمة الأمريكية المتوحشة،ومن تحتنا المشروع الصهيوني وقد أنهى قرنه الأوّل في جسدنا،فإلى أين سيتجه ؟وإلى أين نحن ذاهبون!؟

يا لتعاظم هذا المصير،وهو الذي ينتزع منا آيات الإعجاب !

يا لهذا الخدر الذي تقذفنا فيه الكلمات المتخمة بالثقوب !

ولهذا التاريخ الذي غدا فيه الإمعان في القتل،فضائل حضارية !

فعلا إنّ الأمريكيين أسخياء..وها نحن نراهم يمنحوننا العمى والصّمت كي نظلّ في أقاصي الأرض بمنأى عن التبدّد والإندثار !

وفعلا نحن أيضا كرماء..وهاهم يروننا نجزل لهم العطاء:أرضا وعرضا ونفطا علّهم ينقذوننا من هذا “الإرهاب”والعنف والنكوص الحضاري الخارج من الشرق:شرقنا “المتوحش”..!

لا مجال للتعالي على هذه العطاءات،ولا مجال إلا أن نرشّ العطور على التأخّر بوصفه هبة التاريخ،للأمّة العربية والإسلامية ومانح خصوصيتها وشكل تمفصلها في التاريخ..

ولا عجب في كل-هذا وذاك-طالما أنّنا”أمة قاصرة”تجترّ الهزائم،وتتقاتل قبائل وعشائر وطوائف،وتحرّف اتجاه البنادق عن العدوّ الواضح،وتتناسل بسرعة وحشية لتنسي الليالي ما يجري في وضح النهار !

وما علاقة هذا كلّه بهذا الواقع العربي،يسألني البعض ربّما.وأقول”لهم”سلفا،إنّ خط انكسارنا ما فتئ يتناقض بصورة مأسوية مع صورة العالم من حولنا..فحين كانت تلتهب حرب لبنان عام 75 كانت فيتنام تحصل على استقلالها من أعتى قوّة مسلّحة في التاريخ المعاصر،وحين كان أحدنا-يتطوّر في طريق الوطنية(!)-وينحني للعلم الصهيوني في مطار بن غريون،كانت الوحدة القومية بين شمال فيتنام وجنوبها قيد الإنجاز.

وحين كان العرب يستنزفون دماء بعضهم البعض في المنافي وأقبية التعذيب،في السجون السرية والمعتقلات العلنية،وحين كانوا يخطفون أنفسهم ويذبحون رقابهم كالشاة ويلقون بها في الأنهر والصحاري والغابات،حين كان يحدث ذلك كلّه كانت أنغولا تزيح عن كاهلها أركان إمبراطورية دامت أربعة قرون،وكان البرتغاليون يزيحون عن كاهلهم سطوة دكتاتورية دامت أربعة عقود،وكانت إسبانيا تتخلّى عن صحراء المغرب،بعد أن تخلّت عن شبح فرانكو،وكانت إيران بشعبعا الأعزل تسقط أقوى قلعة مسلحة في الشرق الأوسط،وكانت نيكارغوا تطيح بالدكتاتورية المتوارثة.

والسؤال:

هل أصبحنا بدعا بين الأمم!؟

وهنا أقول ثانية:بعض الأقطار العربية لا تهتم كثيرا بما يجري تحت الجسر من سيول هادرة لأنّها ترى نفسها بعيدة أصلا عن تداعيات”الطوفان”.!.وبعضها الآخر يرى نفسه كذلك بعيدا عن تخوم الجحيم،فالهزيمة العسكرية مثلا لم تصب بلاده،وناصر مثلا أيضا لم يحكمها،كما أنّ فلسطين تفصلها عن هذا وذاك صفقات..حسابات..ومواقف(…) أما البعض الثالث والأخير فهو يرى في “الحماية الأمريكية”لمصالحه،وسادة ناعمة تقيه شر الكوابيس في الليل،وكذا في وضح النهار.. ! فلمَ المزايدة إذن ؟

لهؤلاء جميعا نقول:إنّ السياسة اللعينة التي تتبعها النعامة،لا تنأى بها أبدا عن لعلعة الرصاص..وما “عليهم”والحال هذه،إلا أن يسارعوا بترتيب البيت قبل أن ينهار سقفه فوق رؤوس الجميع..

أقول هذا كذلك،لكل من لا يعي أنّ فقدان الوعي أساسا،بأنّ هزيمة القدس أو القاهرة أو بغداد هي هزيمة “العرب”جميعا،كما هو فقدان للحساسية القومية،أحد العناصر الجوهرية في إتخاذ أي موقف شجاع.

هل لديّ ما أضيف!؟

ربّما قد يهاجمني-البعض-على تشاؤمي،إلا أنني على يقين بأنّ الوطن العربي في حالته الراهنة،وإذا ما استمرّت هذه الحالة فسيبقى ولا شك منطقة نفوذ امبريالي،وسيظلّ الكيان الصهيوني المصطنع قائما بفعل واقع العرب ذاته،لأنّ الأمر ببساطة،ليس منوطا بما تملك من امكانيات وبعدد السكّان،بل بإنتاج قوّة إرادة فاعلة كلية،وانتصار فكرة الإنسان الحر في الوطن العربي.

على سبيل الخاتمة:

إنّ النهضة لا تتقدّم تلقائيا بما يشبه الحتمية،والحضارة لا تتأثّر بمجرّد الإستخدام الميكانيكي للآلات،والثورة لا تنجز مهامها بالأدعية والأمنيات،بل الإنسان،هو صاحب المعجزة.ولكن المعجزة لا “تتحقّق” إلا بالإرادة الفذّة والموقف النبيل،حيث ينتصر العقل الجديد والوجدان الجديد،نهائيا على فجوة الإنحطاط..


محمد المحسن



لم يبق لي غير عطرك الآن..يغمر نرجس القلب بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 لم يبق لي غير عطرك الآن..يغمر نرجس القلب


 -تبارك صبحك/أيا هذي الجميلة /أنزع ذاتي في إمرأة مثلك/وأصبح كالغيم ينهمر /على وجه المدينة..(م-المحسن)


-لقد ذهبَ الحبُّ أسرعَ مِن مُدمنٍ/فاتَهُ موعدُ الكأسِ/أُواهُ يا أنتَ عِشقي/تَهدمَتِ الحانُ/باسمِ الكراسي القديمةِ والصمتِ/شكراً على كلِّ شيء/على الكِذبِ شكراً/على الوَهمِ شكراً/على كلّ ما قد تجاهلتَهُ/مِن دموعي..(مظفر النواب)


تصدير :

 الحب يخرج من بين سطور الروايات كفرس جامح لا يوقفه احد ويخشاه كل من التقاه،فله علوٌّ وله سقطات،و يمر كرمح يحوم حول هدفه المسجى في شرايين القلب..

الحب ان يكون قلب الحبيب سكنك ومأواك ووجهتك وجنتك..

تحيد عيون الجميلة بنظراتها لتكون بوصلة تدلني على طريق أسلكه إلى وسط الفؤاد،و جدائل شعرها الأسود انغزلت شيئا فشيئا بمغزل الحب لتكون لي غطاءً يقيني من صقيع الحياة..

وتلك العيون التي اتسعت كأنها لتلتهمني بجمالها..كأنها عيون طفل صغير متلهف لرؤية ذويه بعد طول انتظار..


أشعر أنّ الصّباح رجوع 

                  إلى الرّوح..

                والياسمين يصرّح فيك

وكلّ الحقول والزهرات 

                   تصدّح تحت جبينك

رائحة الجسد المشتهى 

                     تفتح باب وجدي

والجسد المزهرية..

           مازالت به زهرة ساهده

ما من بديل لها في اللغات 

ولا في الورود

ولا رقم لها في بساتين الوجد..

غير وعد..

               تناسل مع الدهر

حتى صار وعودا 

                 تبارك صبحك

أيا هذي الجميلة 

أنزع ذاتي في إمرأة مثلك

       وأصبح كالغيم ينهمر 

    على وجه المدينة

تبارك صبحك أيتها الأميرة..

أشعر أنّ الصباح

      رجوع إليك

مصالحة بين صحو الصباح.. 

وصحوي

                   وأبقي عطرك 

 في منعطفات الدروب دليلي

وأسأل عنك 

كلما مرّت رياح الجنوب

 بحذوي

ياله من زمان مضى

 بين ألف من السنوات المضيئة

أيا وجْد

ما كنت دون وجْد..

وما ظلّ في خاطري الآن 

إلا نشيج

          يتصاعد من خلف الشغاف

كي يكتب على الغيم

                      آية عشق مضى..

                 إلى جهة المستحيل..

تغيرت أيها الزمن الفوضوي

تلاشيت

       أيها الفرح الضجري

وأصبح مقعدا للمواجع

 سطح قلبي

والرأس أثقله الخمر..

ورياح السماوات 

       تمسح دمعتي بالغسيل

  لم يبق لي غير عطرك الآن

          يغمر نرجس القلب

لم يبق لي غير أوردة 

مزخرفة بالليل..

       لم يبق غير قلب

 يغتسل بالوهم والدّمع

ويسرج أوردته 

للرحيل..


محمد المحسن



ألف سلام على زهرة لوز..تناستها الفصول. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 ألف سلام على زهرة لوز..تناستها الفصول


الإهداء:إلى تلك القادمة من خلف الضباب..ومن أساطير الحكايا..فلسطين 


*فلسطين


 ها قد تعبت من الجري واللّهو 


في حدقات السنين


                   هأ أنا الآن وحدي :


أصرخ من صمت البراري:


سلام على سوسنات


                                    رمت عطرها 

في الحنايا


وعادت إلى أمّها الأرض


                                      ألف سلام على زهرة لوز

        

             تناستها الفصول


                          سلام على نرجس القلب


حين يعيد البهاء

                     لوجه فلسطين..


السلام على الراحلين

                    إلى موطن السنبلة


                 السلام على باقة الشهداء النّدية


وهي تُزفّ 

                                          إلى غرغرات التراب


            والسلام على آخرين

                     

 حاصرهم السيل 


       في منعطفات الذهول


*غزة


هوذا الرصاص

                      في نشوة الدّم والدمع..


                 يبحث عن قسمات قتيل..


يطارد على ضفة الجرح 

                 

                    أبهى الصبايا


يطارد على شفرة النّاي 

         

                طفلا شريدا..


يجرجر نجما يضيء 

                                  في عتمات الدجى..


إلى كدر في الأفول..


ويعوي..

                           ثم يمزّق 

              

تلو القتيل..القتيل..


 *بغداد 


هي ذي بغداد تتحسّس كلّ المواجع..


تخبئ شوقها.. 

                            في تضاعيف السيول..


وترنو بصمت

                            إلى نقطة في المدى..


حيث الهدى والتجلي..


               هي ذي عروس المدائن


تلمّ الريش من أقصى الأماني..


                 تنسلّ من حلم الفرات..


يكسّرها الحنينُ

                      وتطرّزها المرايا..


هو ذا دجلة 

         يسرّح شعرها عند المساء..


يسلّمها لبياض الرّيح..


                              فيغمرها العويل..


*بيروت

سمعت بإسمك 

                           في أقاويل الرياح..


وظللتُ أبحث عنكِ

                             في كتب العواصف..

في المصاحف..

في احتدام الموج..

                    وانهمارات الفصول..


أنتِ تاج العارفين..

                  وأنتٍ معجزة اليقين..


أنتِ الحمام 

             يرتحل عبر ثنايا المدى..


                 أنتِ الحزن المبلّل بالندى..


أنتِ الهديل.. 


 *دمشق


أيتها القادمة.. 

                من خلف الضَباب


من أساطير الحكايا..


أحتاج ذاكرة النوافذ

              

            المطلة على الخراب..


أحتاج خياما 

                            تدر ّصهيل الخيول..


أحتاج وجْدا

                          ينبت على شجن القلب


ويغمره 

        السحاب..


أحتاج حماما 

                 يحطّ على الرّمل

                                   

.يحرِس حزني ..


ويؤثثُ مدائنَ

                    ترشح بالموت..


تنام في غيمة الرّوح..


                 ويبعثرها الصهيل..


محمد المحسن



(ومضة من خلف الشغاف ) بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 (ومضة من خلف الشغاف )


حتى لاننسى الشهيدة شيرين أبو عاقلة ( أيقونة جنين)


كل شيء في فلسطين هو..استثناء !.


لطالما اعتقدتُ أنها مُغامِرة لكنها بطلة !.

يتدرب الصحفيون عادةً على عدم التفاعل مع الخبر مثلما يتدرب الأطباء على عدم التعاطف مع حالات مرضاهم..لا لشيء إلا ليستمروا..

لكني كنت ألاحظ الحزن على وجهها والدمع في عينيها والحشرجة في صوتها خصوصا عندما تنعى شهيدا أو تغطي هدم منزل..

كل شيء في فلسطين هو..استثناء !.

وتأبى ابنة القدس إلا أن تستشهد في جنين.

لها الرحمة والجنة بإذن الله.


محمد المحسن



يا للغربة..والإغتراب..والحظّ الغرابْ..! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 يا للغربة..والإغتراب..والحظّ الغرابْ..!


بيديّ سلّمت-إبني-للترابْ

ونثرت بعض الدمع

         بين مشيّعيه

كي أبرّر للحياة 

خيانتي

بيديّ أطعمت الترابَ -كبدي-

باكيا.نادبا..

         لكني متمسكا بديانتي.

يا هول ماحدث..

            انتهيت من التعازي

والتهاني بالنجاة من الغيابْ

وتركته في حبسه الطينيّ..

مفردا ومطفئا

كأنّي لست والده الرحيم وزنده..

أربعة وعشرون عاما

 وهو يشدو لي

ويخفيني عن الأحزان تحت جناحه

وأنا أجاهد 

    منذ كانت خصومه الأيام اللئيمة..

والغربة 

والإغتراب..

والحظّ الغرابْ

معذرة-غسان-إن واريتك قسر الإرادة..

طينا رحيما..

                      وركاما من التراب..


محمد المحسن



(ومضة عابرة ) بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 (ومضة عابرة )


أليست مسؤولية -هذا الجيل العربي-في حدها الأدنى،هي وقف هذا التردي ومنع الإنهيار الكامل..؟!


إذا كان الوعي من أعمال العقل، وإذا كان العقل يغلب عليه التشاؤم أحيانا، وهو يحلّل ويستقرئ ببرود وحيادية وموضوعية، فإنّ الإرادة يغلب عليها التفاؤل دائما، لأنها تعبئة روحية ووجدانية لإستنفار طاقات البشر للعمل من أجل مستقبل أفضل.

إنّ الوعي بحقيقة تردي الأوضاع العربية القائمة وبمناخ الإحباط العام الناتج عن هذا التردي، لا يبرّر ولا ينبغي أن يقود إلى اليأس.

وهنا أقول: إنّ أجيالا عربية سابقة لم تيأس ولم تستسلم لإختراقات الهيمنة الغربية الإستعمارية، بقدر ما قامت بإستجماع إرادتها واستنفرت إرادة الجماهير حولها، وعبأت وحشدت، وتمردت وناضلت، إلى أن حقّقت الإستقلال في النصف الثاني من القرن المنصرم.

وإذا كانت مسيرة دولنا العربية المستقلة قد انتكست، وإذا كان الإستقلال الفعلي لبعضها قد أستبيح أو أفرغ من محتواه، أو إذا كانت مشكلات بعضها الآخر قد تفاقمت، أو إذا كان بعضها الثالث نفسه مهدد في وجوده وبقائه بعد أن غدا بين -مطرقة التخلف وسندان التكفيريين-! فإنّ مسؤولية -هذا الجيل العربي-في حدها الأدنى،هي وقف هذا التردي ومنع الإنهيار الكامل. ومسؤولية -هذا الجيل- في حدها الأقصى هي أن يسلّم الوطن العربي للأجيال التالية وهو مزدهر، متحد وقوي.

إنّ هذه المسؤولية في حدودها الدنيا أو المتوسطة أو القصوى، ليست مستحيلة،ولا هي فوق طاقة البشر،ولا هي أيضا خارج حدود إمكاناتنا المادية والبشرية المتاحة.


محمد المحسن



كانت لي أمنية..أن لا أرى في شهقة الرّيح..عاصفتي بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 كانت لي أمنية..أن لا أرى في شهقة الرّيح..عاصفتي


الإهداء: إلى تلك التي آتتني من غربة الصحو..ألبستني وجعي..ثم توارت خلف ازدحام الصباح

(1)

بين جرحَين كنّا معا في التشظــــي..

كنّا..

وإذ نال الحزن من أضلعي،فلبثت

وأنتِ تضوّع عطرك 

    بين الثنـــايـــــــــا..

وظللت وحيدا..

ومنهمرا في الفصــول.

في ليل مدينتي حيث لا شيء يشبهني

            غير نجمة أراها تضيئ وتخبــو

أراني أرنو إليها..

علّها تفتح لي دربا إليــــــــــــكِ

فما زلت أخشى عليكِ من شائك الضــــــــــوء..

ومازلت..

         أحيل أيّامي إلى نرجس اعتراه الأفول..

(2)

مرّ عطر مسرّاتنا..

                ومرير هو الوقــت

لكنّ طيفك أدخلني 

في ضياء الثمار

      وقد فتح الوجد أبوابه للرؤى

ولاح نجم يضيئ على عاتق الليل

فظللت أنتظر..

             ثقيل هو الإنتـــــظار..

طائر الصحو لا يحتفي بضيائي

يطارد ضوئي..

                    يوغل في المدى..

ثمّ يحطّ على وجع بأصل الرّو ح

               فتلمّ الحدائق أورادها..

ويذبل ورد النهار..

(3)

مـــــــذ تخيّلتكِ..

وأنت تعبرين بساط الخزامى..

             تلجين فلوات الرّوح

 في مُترف الثوب..

وتمدّين أصابعك 

         في خيوط الحرير المذهّب..

لكِ هذا الحمام-الجنوبيّ-

علّمته الهديلَ..

                      في زمن للبكاء

وعلّمتكِ كيف يرشح من الحلم 

عشق وماء..

صرخت بملء الرّوح 

علّ يجيء طيفُك

-فأنا أولم الليل نذرا..وألبس أبهى ثيابي-

            ولكنّي وجدتكِ في برزخ الوجع..

بين البكاء..

وبين الغناء

ومن معجزات الزمان..

        يتجانس فيكِ الثرى والفضاء..

(4)

   آن للوجع العتيق أن يتفادى دروبي

       ويعود بي الزّمن

 إلى حقل صباي

يوم كان اليمام ينام بحضني.. 

                    وبقربي تدنو القطوف

وأراك كما كنت 

          أرسمكِ على دفتري المدرسي..

يتهودج طيفُكِ 

                         في ثوب شفوف..

وأراكِ ثانية..

   وقد لا مس عطرُك نرجسَ الرّوح..

ثم..ألتقيكِ وقد نضج النهد 

                               قبل الأوان..

(5)

..كانت لي أمنية..

                     أن أراكِ كما كنتُ..

قبل البكاء

أن لا أرى،في شهقة الرّيح،عاصفتي

لا أرى في دفتر عمري

ما كنت خبّأته من شجن ومواجع..

..سلاما على ما تبقّى

..سلاما -على تعتعة الخمر-

..سلاما على أمّي

                  التي أحنو على طيفها ما استطعت

..سلاما على كلّ الرّمال 

                                  التي احتضنت حيرتي

..سلاما على غيمة ترتحل

            عبر ثنايا المدى..

ها هنا..    

أرتّق الموج،وقد أبحرت روحي

دون أشرعة

ترى..

هل أقول للزبد إذا ساح إليّ :

دَعيني "أقرأ روح العواصف"

                    فأنا لست في حاجة للبكاء

دَعيني أطرّز عمري

وشاحا للتي سوف تأتي

           عل ّ يجيء الموج بما وعدته الرؤى

فليس سوى غامضات البحار،تقرأ الغيـــــم

وتنبئ بما خبّأته المقاديـر

                        وفاض منـــــه الإنـــــــــــاء..


محمد المحسن



على هامش أزمة المثقف العربي بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 على هامش أزمة المثقف العربي


هل آن الأوان للعقل العربي كي يتحرر من أوهامه..التي يزداد ارتكاساً فيها..؟!


“المثقفون لديهم مشكلة:عليهم تبرير وجودهم.”(نعوم تشومسكي)


مقدمة :

إن المراجعة التي يقوم بها الغرب لدور المثقف لا يمكن إسقاطها تعسفاً على الواقع العربي،لا لشيء،وإنما لأن المثقف هناك عبر برازخ من التحوّلات والتجارب والاستبدالات.الغرب يغذ السير على طريق التحول،وأنجزت الثقافة فيه الدور التحريري والتنويري الضروري في مراحل سابقة،أوصلت الغرب إلى ما هو عليه اليوم من نهضة،بينما المثقف العربي يعيش سياق التخلف التاريخي والاستبداد السياسي والفساد،ما يؤكد ضخامة الرسالة الملقاة على عاتق المثقف العربي والمهام المنتظرة منه في النقد والتحليل والتنوير والتحديث.


ليس من موضوع أسيل فيه مداد كثير،كما أسيل في موضوع المثقف العربي وأزمته.فمنذ عقود من الزمن ساد في الأوساط الفكرية والثقافية العربية حديث أزمة المثقف،وانتشرت لازمة الأزمة بوجه خاص منذ أن نشر المفكر المغربي عبد الله العروي1 كتابه باللغة الفرنسية “أزمة المثقفين العرب: تقليدية أم تاريخانية؟” في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي،حتى ذهب الظن إلى أن المثقف العربي ولد وفي أحشائه أزمته.!

 ويمكن القول بأن التساؤل المتكرر والدائم عن أزمة المثقف العربي يخفي وراءه-بطريق المداورة-الشعور بالموقع الرئيس الذي يحتله في البنية الاجتماعية والثقافية والسياسية في المجتمعات العربية الحديثة،ومدى الرهان الملقى عليه في التحولات المتوالية، والإحساس بالحاجة إلى دوره المتزايد.وبصيغة أخرى،فإن التساؤل الملح عن أزمة المثقف العربي ينطوي-بشكل ضمني-على الشعور بأن هناك وضعا شرطيا،مفاده أن خروج المثقف من أزمته شرط للنهوض والخروج من التخلف.

ونحن نعتقد بأن استئناف المثقف لدوره من جديد،يتأتى من خلال مدخل يربط النظر بالفكر،والقلم بالعمل،ويتمثل ذلك في هبوط المثقف إلى الهموم اليومية التي يعيشها المواطن العربي،بدل التنظير من خلال برج عاجي يعزل المثقف عن الناس ويعطي عنه صورة رجل التأمل المجرد المُفاصل للواقع المنقطع عن الحياة العامة.أما المدخل الثاني فهو يرتبط بإعادة تحديد العلاقة بين الثقافي والسياسي،في ظل هيمنة هذا الأخير في المشهد العربي اليوم،وهيمنته على مختلف جوانب النقاش العمومي،وتهميشه لدور المثقف.

ولكن..

منذ سنوات والمثقف يتعرض لتقريع،وحتى إدانة ومطالبة له بالانسحاب من دورٍ لم يعطه إياه أحد،أو حسب تعبير جان بول سارتر،من مهام لم يكلفهُ بها أحد،وعلى سيرة سارتر بالذات،فجإن البعض إذ عَدّ القرن العشرين قرن المثقفين،فإنه كان قرن سارتر، في فرنسا على الأقل،بوصف سارتر مثقفاً وداعية .

اليوم،مع تقدم المعرفة وفحص الأوهام،بدأ التساؤل عن دور المثقف،عن المثقف الملتزم في إطار التجدد المستمر للفكر الغربي. في فرنسا ذاتها يُطور بورديو سوسيولوجيا للمثقفين يكشف فيها أنهم ليسوا ملائكة،ليسوا كائنات فوق الجاذبية الاجتماعية،بل هم كائنات لها مصالح واستراتيجيات هيمنة وإرادات قوة كغيرهم من الفئات .

ثمة نموذج جدير بالانتباه هنا هو ريجيس دوبريه الثوري اليساري المتطرف في ستينات وسبعينات القرن الآفل الذي رافق تشي غيفارا،وذهب إلى حمل السلاح في أدغال أمريكا اللاتينية،فإذا به اليوم من أشد منتقدي الدور الاجتماعي للمثقفين،إنه يتحدث عن نهاية اليقينيات،وانقشاع الأوهام الأيديولوجية التي تغشى الأبصار .

هذه الحمّى من النقد انتقلت إلى الوطن العربي أيضاً،فمنذ الثمانينات الماضية أصدر محمد عابد الجابري كتابه: الخطاب العربي المعاصر الذي قرَّع فيه دور المثقف العربي،لأنه كلما اشتدت عليه وطأة الواقع،وجد ملاذه في مزيد من الهروب إلى الأمام، وقد دفع هذا إلى الاعتقاد بأن ثمة حاجة إلى إعمال أدوات التحليل النفسي في رصد سلوك المثقفين العرب لرؤية عُقدهم .

في إيقاع قريب من هذا لم يهادن جورج طرابيشي المثقفين العرب في نقده لهم،إذ ميز بين ما يدعوه الصدمة والرضة.فبرأيه أن الصدمة يمكن أن تؤدي إلى فعل إيجابي في الأداء الجمعي،أما الرضة،كتلك التي أصابت العرب بعد هزيمة،1967 فهي التي أمرضت الوعي العربي وخطابه معاً،أو على الأقل هي التي أتاحت المناخ النفسي الملائم لجرثومة المرض الكامنة في الوعي العربي، لتنمو وتتطور وتحطم دفاعات الصحة وتجعلها فريسة مستباحة لمحفزات اللاشعور .

إن المراجعة التي يقوم بها الغرب لدور المثقف لا يمكن إسقاطها تعسفاً على الواقع العربي،لا لشيء،وإنما لأن المثقف هناك عبر برازخ من التحوّلات والتجارب والاستبدالات.الغرب يغذ السير على طريق التحول،وأنجزت الثقافة فيه الدور التحريري والتنويري الضروري في مراحل سابقة،أوصلت الغرب إلى ما هو عليه اليوم من نهضة،بينما المثقف العربي يعيش سياق التخلف التاريخي والاستبداد السياسي والفساد،ما يؤكد ضخامة الرسالة الملقاة على عاتق المثقف العربي والمهام المنتظرة منه في النقد والتحليل والتنوير والتحديث .

الحديث هنا يدور، بالتأكيد، عن المثقف التنويري المندمج في العصر،وأياً كانت المآخذ والسلبيات وأعراض الذي يعانيه هذا المثقف،فإن ذلك لا يقلل بحال من مسؤولياته إذا شئنا للعقل العربي أن يتحرر من أوهامه التي يزداد ارتكاساً فيها .

منذ سنوات والمثقف يتعرض لتقريع،وحتى إدانة ومطالبة له بالانسحاب من دورٍ لم يعطه إياه أحد،أو حسب تعبير جان بول سارتر،من مهام لم يكلفهُ بها أحد،وعلى سيرة سارتر بالذات،فإن البعض إذ عَدّ القرن العشرين قرن المثقفين،فإنه كان قرن سارتر، في فرنسا على الأقل،بوصف سارتر مثقفاً وداعية .

اليوم،مع تقدم المعرفة وفحص الأوهام، بدأ التساؤل عن دور المثقف،وعن المثقف الملتزم في إطار التجدد المستمر للفكر الغربي.

 في فرنسا ذاتها يُطور بورديو 2 سوسيولوجيا للمثقفين يكشف فيها أنهم ليسوا ملائكة، ليسوا كائنات فوق الجاذبية الاجتماعية، بل هم كائنات لها مصالح واستراتيجيات هيمنة وإرادات قوة كغيرهم من الفئات .

ثمة نموذج جدير بالانتباه هنا هو ريجيس دوبريه.3 الثوري اليساري المتطرف في ستينات وسبعينات القرن الآفل الذي رافق تشي غيفارا،وذهب إلى حمل السلاح في أدغال أمريكا اللاتينية، فإذا به اليوم من أشد منتقدي الدور الاجتماعي للمثقفين، إنه يتحدث عن نهاية اليقينيات، وانقشاع الأوهام الأيديولوجية التي تغشى الأبصار .

هذه الحمّى من النقد انتقلت إلى الوطن العربي أيضاً،فمنذ الثمانينات الماضية أصدر محمد عابد الجابري كتابه: الخطاب العربي المعاصر الذي قرَّع فيه دور المثقف العربي،لأنه كلما اشتدت عليه وطأة الواقع،وجد ملاذه في مزيد من الهروب إلى الأمام،وقد دفع هذا إلى الاعتقاد بأن ثمة حاجة إلى إعمال أدوات التحليل النفسي في رصد سلوك المثقفين العرب لرؤية عُقدهم .

في إيقاع قريب من هذا لم يهادن جورج طرابيشي 4 المثقفين العرب في نقده لهم،إذ ميز بين ما يدعوه الصدمة والرضة.فبرأيه أن الصدمة يمكن أن تؤدي إلى فعل إيجابي في الأداء الجمعي،أما الرضة،كتلك التي أصابت العرب بعد هزيمة ،1967 فهي التي أمرضت الوعي العربي وخطابه معاً،أو على الأقل هي التي أتاحت المناخ النفسي الملائم لجرثومة المرض الكامنة في الوعي العربي، لتنمو وتتطور وتحطم دفاعات الصحة وتجعلها فريسة مستباحة لمحفزات اللاشعور.

ما أريد أن أقول ؟

إن المراجعة التي يقوم بها الغرب لدور المثقف لا يمكن إسقاطها تعسفاً على الواقع العربي،لا لشيء،وإنما لأن المثقف هناك عبر برازخ من التحوّلات والتجارب والاستبدالات.الغرب يغذ السير على طريق التحول،وأنجزت الثقافة فيه الدور التحريري والتنويري الضروري في مراحل سابقة،أوصلت الغرب إلى ما هو عليه اليوم من نهضة،بينما المثقف العربي يعيش سياق التخلف التاريخي والاستبداد السياسي والفساد،ما يؤكد ضخامة الرسالة الملقاة على عاتق المثقف العربي والمهام المنتظرة منه في النقد والتحليل والتنوير والتحديث.

الحديث هنا يدور،بالتأكيد،عن المثقف التنويري المندمج في العصر،وأياً كانت المآخذ والسلبيات وأعراض المرض الذي يعانيه هذا المثقف،فإن ذلك لا يقلل بحال من مسؤولياته إذا شئنا للعقل العربي أن يتحرر من أوهامه التي يزداد ارتكاساً فيها.


محمد المحسن


هوامش :

-1عبد الله العروي :مفكر ومؤرخ وروائي مغربي، يعتبر من المفكرين الذين اتخذوا التاريخانية الجديدة مذهبا وفلسفة ومنهجا للتحليل، كما يُعد العروي أيضا من أنصار القطيعة مع التراث العربي والإسلامي ومن دعاة تبني الحداثة الغربية كقيمة انسانية.

2-پيير بورديو (بالفرنسية: Pierre Bourdieu)‏ (1 أوت 1930- 23 جانفي 2002) عالم اجتماع فرنسي،أحد الفاعلين الأساسيين بالحياة الثقافية والفكرية بفرنسا،وأحد أبرز المراجع العالمية في علم الاجتماع المعاصر.

3-جول ريجيس دوبريه (بالفرنسية: Régis Debray)‏ (من مواليد 2 سبتمبر 1940) هو فيلسوف فرنسي،وصحفي،ومسؤول حكومي سابق،وأكاديمي.معروف بنظريته في الميديولوجيا،وهي نظرية نقدية في انتقال المعنى الثقافي في المجتمع البشري على المى البعيد،وبارتباطه بالثوري الماركسي تشي غيفارا في بوليفيا خلال عام 1967،وبدعمه لرئاسة سلفادور أليندي في تشيلي في أوائل السبعينيات من القرن العشرين.عاد إلى فرنسا خلال عام 1973 وشغل فيما بعد العديد من المناصب الرسمية داخل الحكومة الفرنسية.

4-جورج طرابيشي (1939م - 16 مارس 2016م)، مفكر وكاتب وناقد ومترجم عربي سوري. تخصص في نقد الأدب وشرب من ينابيع الفلسفة الوجودية والتحليل النفسي، وترجم عشرات المؤلفات،ثم خصص ربع قرن من حياته لنقد المشروع الفكري لمحمد عابد الجابري موجها له انتقادات لاذعة.