على شرفة القهوة... حين يكتب القلب
بقلم: حسين عبدالله جمعة
نحن عطشى لكلمة وربما لمسة حنان، ونحن
متعبين جدًا حدّ الإغماء...
حتى البوح والصراخ نحن محرومين منه، هي عقد شرقية متربّصة فينا،
غيّرت أشكالنا وخطواتنا، صنعت منا شخوصًا لا تشبهنا،
أن تكون حقيقيًا يعني أن تكون ذاتك، تنظر في المرآة تشاهد نفسك واسمك..
نحن في زمن خانها كل شيء حتى أقدمها، وطرقاتنا تاهت الطُّرُق.
نكابر ونحاول أن نكون كما يجب لكن عبث في زمن التجميل والرتوش،
نحاول أن نذهب إلى الشمس والنهار بمكياج متأنّقين حتى يرانا الآخرون أقوياء غير مهزومين،
وبوجوه لا تشبهنا، بينما نحن ننتقل من حلبة إلى حلبة في صراعنا مع داخلنا وماضينا.
صرتُ أكتشف أن ما تحت الشمس مسرحًا نتبادل فيه الأدوار،
نحاول أن نكون حقيقيين، نرهق أعصابنا وذواتنا،
ونعود مسرعين إلى القمر والسكون وخلواتنا وحقيقتنا...
كم جميل أن تكون أنت، والأجمل أن تبقى أنت.
لا أتحدث عن نفسي، ولا تحاول أن تقرأني وتستنتج ما يحلو لك،
فأنا الآن أجلس على شرفتي وأتناول قهوتي المميزة وفي الوقت الجميل،
إلا أن لوحة مفاتيح الهاتف قذفتني ودَفَعَتني لأكتب ما يخرج من قلبي وعقلي.
علّمتني الحياة الكثير وما يفيض عنه استيعاب البحر...
أنظر في العيون وأراقب الحركات وأكتشف الهروب والتقمّص،
أيها الشرقي الخائف... مما تخاف؟
ونحن سواسية، والهم واحد، والنهاية واحدة...
أحضن نفسك وأغمر ذاتك وقلبك في زمن الحقد والأنانية،
والمضحك المُبكي: نتعالّى على بعض دون سبب،
نتفلسف على بعضنا دون سبب،
ونَـنظُرُ إلى أنفسنا وكأننا فلاسفة عصرنا...
إلا أننا نرسب في الامتحان الأساس، وهو المدخل للحياة الحقيقية...
اكتشفت أننا فلاسفة في كل شيء إلا الحب،
وفي الحب وحده يحيا الإنسان.
في الحب تصير إنسانًا، فهل سألت نفسك يومًا: هل أنت إنسان؟
ربما في الشكل تكون، ولكن الجوهر نقيضك تمامًا...
وهنا، وما يسمونه مواقع التواصل الاجتماعي أو العالم الافتراضي...
أعذروني، صرت أراه مواقع القطيعة الاجتماعية، وعالمًا حقيقيًا وصوره مصغره عن واقع الحال.
أذكر عندما ذهبت إلى السنترال في بعلبك عام ١٩٨٩،
وانتظرت ساعتين في الطابور حتى أجري مكالمة إلى بيروت،
قبل "القطيعة الاجتماعية والعالم الحقيقي".
ساعتين من الزمن لإجراء مكالمة،
ربما الجيل الجديد سوف يستغرب هذا،
بينما اليوم، وفي عصر الإنترنت، بكبسة زر تستطيع التواصل مع كل العالم،
وأعني كل العالم... أنظر إلى "الفيسبوك" وهو مضحك...
صرت أراه صالونًا للعزاء وأخذ الخاطر،
نتواصل فقط عند الموت... والموت حق،
وكذلك التواصل حق، والحب حق، والمساندة والدعم حق.
إنها القطيعة الاجتماعية وبكل أسف،
إنها عقد الطفولة، ويا للسخرية، دون علاج...
إنها حب الذات والأنانية: "وأنا أعز منك مالًا وولدًا"...
حسين عبدالله جمعة
سعدنايل لبنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق