السبت، 4 أكتوبر 2025

** (( جرح الكرامة ))2 - سلسلة قصص عن أبي - قصة: مُصْطَفَى الحَاجّ حُسَيْن.

 ** (( جرح الكرامة ))2

- سلسلة قصص عن أبي - 

قصة: مُصْطَفَى الحَاجّ حُسَيْن. 


نام أبي في دار عمّه، الحاجّ (حسن)، عند أُختَيّه. حدّثهم في الأمر، ورفض تناول طعام العشاء.  


وكانت ليلةً صعبةً جدّاً على أبي، وعلى أُمّي، التي لم تجرؤ على أن تُحدّث أهلها في الأمر؛  


ذلك لأنّ (جدّي عُبَيْد)،  


لو عَلِمَ أنّها خرجتْ من دارِ زوجِها مَطْرودة،  


وفي الليل، لرَفَضَ أن يُعيدها إلى هذه الدّار، مهما صار.  


فقد كان شديدَ العصبيّة،  


ويُحبُّ أُمّي كثيراً، فهي أُولى أولاده، وأغلى من جميع إخوتها وأخواتها.  


ثمّ إنّه كان قد نَدِمَ على تزويجها، بسبب مرض (جدّتي عَيّوش).  


وكان جدّي (عُبَيْد) سعيداً، لأنّه ظنّ أن والدتي جاءت زيارة،  


لتكون إلى جانب أُمّها المريضة.  


وظلّ جدّي (عُبَيْد) ثلاثة أيّام لا يعرف الحقيقة،  


لأنّ أُمّي خَشِيَتْ أن يعرف


ويَغْضَب، ويَمنعَها من العودةِ إلى أبي، الذي كان يتحرّق شوقاً لِيَراها،  


ويَعرِفَ أخبارها، ويَرَى ابنه (سامي)، الذي سمّاه على اسمِ أخيه، الذي سبقهُ إلى هذه الدّنيا،  


لكنه ماتَ بعد أن صارَ عمرُه سبعةَ أشهر، وأخذَ يحبو في أرضِ الغرفة،  


والدّار، وبيتِ القعدة.  


ولكن اعترضه مرضٌ مُفاجئ، فمات. وكم بَكَتْهُ أُمّي، وجَدّتي (صَبْرِيّة)،  


وأبي، وعمّتي (حَميدة)،  


وعمّي (عُمر)،  


حتّى إنّ جدّي (سامي) بَكاه في اليوم الأوّل،  


حينَ حملوه للدفن، عمّي (سعيد)، وأبي، وعمّي (عُمر)، وأبناءُ عمِّ أبي، صديقيه: (ياسين) و(حُسَيْن الصالح)،  


اللذَينِ لا يُفارِقانه، لا في الشّغل، ولا في أيّامِ العُطَلِ القليلة.  


أمّي أوصَت أُمّها، وأُختَها (ساميّة)،وشقيقَها (عَبْدو)  


أن يُخفوا أمرَ طردِها، وطردِ زوجِها – والدي –  


عن أبيها، تَحسُّباً من عصبيّتِه، ونَزَقِه النّاريّ.


لكنَّ جدَّها الحاج (حسن)،  


والدُ جدَّتي (عيوش)،  


لم يكن على معرفة بكتمانِ هذا الأمر، عن صِهرِه، والدِ أُمّي، جدّي (عبيد).  


فجاء لزيارتهم فجأة،وكان يُحبّ صِهرَه، وجدّي بدوره، يُحبّ ويَحترم ويُقدّر حَماه، والدَ زوجته، الحاج (حسن).  


وبعد أن قدّمت أُمّي قَدَحَ الشّاي السّاخن إلى جدِّها،  


وأرادت أن تهرب إلى المَطبخ، بحُجّة أنّها مشغولة، استوقفَها جدُّها قبل أن تخرج.  


وكانت قد فتحت باب الغرفة لتغادر، فقال لها:


– اِصبري يا (زينب)... أخي (سامي، أبو حسين) المجنون، حسابه عسيرٌ عندي!  


عَيْبٌ عليه أن يطردَكم من داره، لسببٍ تافهٍ وبسيط!  


ثمّ ما ذَنبُكِ أنتِ وطِفلكِ؟!


..هذا الموضوع بينه وبين ابنه!


وهنا... وبعد أن سمعَ جدّي (عبيد) هذا الكلام، تغيّرَ لونُ وجهه، وحدّق بجدّتي، ثمّ بابنته، أُمّي،  


وسألَ بصوتٍ حانقٍ، مُرتَعِش:


– خير؟!.. ما الأمر؟!.. أفهموني القصّة! أهناكَ مشكلةٌ، وأنا لا أعرفها؟!


تجمّدت أُمّي في وقفتِها عندَ الباب، وانتابت جدّتي حالةُ سُعالٍ شديدة، وفغرَ أخي (سامي) فمَهُ، ببكاءٍ حادّ.  


وأدركَ الحاج (حسن) بأنّه تكلّم عن شيءٍ مخفيّ،  


لا يعلمُه صهرُه، فأخذَ يُفكّرُ كيف يُنقذُ الموقف.  


وحينَ بكى أخي، وجدَها فرصةً لتهدئةِ جدّي،  


الغاضب، الحائر، والمنتظرِ جوابًا... فقال، الحاج (حسن)، ليقطع الكلامَ على صهره:


– خُذي ابنَكِ يا (زينب)... وأرضعيه.


وتحرّكت أُمّي، وكأنَّ الفرجَ أتاها، لكنَّ جدّي أوقفَها صارخًا:


– قبل أن تُرضعي ابنكِ... جاوبيني!.. هل جئتِ لعندي مطرودة؟!


بذلَ الحاج (حسن)، وجدّتي (عيوش)، جهودًا جبّارة في محاولتِهما تهدئةَ فَورانِ دمِّ جدّي (عبيد)، الذي وقعَ عليه خبرُ طردِ أُمّي، وفي الليل، مع رضيعها، من بيتها،  


كالصّاعقة!


ولماذا؟!


لسببٍ ليس لها فيه أيّ دخل، لا من قريبٍ، ولا من بعيد!  


وكان يُحَدِّقُ بعينيهِ الواسعتين،. ويُردِّدُ بانشداهٍ وذهول:


– أنا ابنتي تُطرد من بيتها!.. وكأنها امرأةٌ عائبة؟!!  


هل نسيَ (سامي الحاج حسين) مَن تكون ابنتي هذه؟!!  


أقسم... واشهدوا أنتم عليّ...  


لن يمرّ هذا الأمر بسهولة!..  


لا زوجةَ لابنه (محمّد) عندي بعد اليوم!..  


فمن لا يستطيعُ الدفاعَ عن امرأته، لا يستحقُّها...  


حتى لو كان من يفعلُ بها هذا، أبوه!. 


ثمّ صاحَ بأُمّي، بأعلى صوته، وكانت أُمّي تجلسُ في الرُّكن، ملتمّةً على نفسها، وتُرضعُ أخي (سامي).


الذي سبقني إلى هذه الحياةِ القاسية، والدّمعُ المحبوسُ في عينيها العسليّتَين، يموجُ كبحرٍ هائجٍ، فصاحَ جدّي (عبيد) بغضبٍ شديد:


– ولِماذا لم تُخبريني أنّكِ عدتِ لعندي مطرودة؟!  


ثلاثة أيّام وأنتِ عندنا، وأنا لا علم لي!  


وهل قلتِ لأُمّك؟!.. أم أيضًا أخفيتِ عنها الأمر؟!  


يا ابنة الكلب!.. والله لأكسّر ضلوعك! 


كانت جدّتي تُناول والدها الحاج حسن سيجارة،  


وتُشعل أخرى، وتمدّ بها يدها إلى جدّي (عبيد)...  


ووالدها، الحاج حسن،  


الذي يكنّ لجدّي كلّ المودّة والاحترام،  


كاد يخونه الكلام، وهو يُخاطب جدّي الثائر،  


من أجل كرامة ابنته،  


التي تُمثّل في النهاية كرامته:


– طوّل بالك يا (أبو عبدو).. الدنيا ما خربِت!..  


وأخي (سامي)، هو صديقك، وحبيب قلبك...  


نسيت؟!.. ولا أذكّرك؟ 


لكنّ جدّي (عبيد)، زَعَقَ، ولم يكن الغضبُ قد فارقه...


– لم تَعُدْ له مكانةٌ عندي، بعد اليوم!  


وتناهى للجميع طرقٌ خفيفٌ على بابِ الدّار...  


فَتَطَلَّع جدّي (عبيد) إلى خالي (عبدو)، فنهض خالي، ابنُ السّادسة عشر،  


وأسرع ليفتح الباب.


القادم كان خالُ أُمّي (ياسين)، وبصحبته أبي،  


كانا قد أرادا استغلال وجود الحاج حسن (جدّ أمّي)، فتشجّع والدي،  


وطلب من ابنِ عمّه (ياسين) (وهو شقيق جدّتي)، أن يُرافقه، ليرى أُمّي وأخي.


لكنّ خالي (عبدو)، استقبلهما استقبالًا سيئًا، وغيرَ مناسب، حين وجدَ أبي أمامه، فتغيّرتْ قسمات وجهه، وصاح:


– ولكْ! وجه أبيض حتّى تجي لعندنا وتقابلنا فيه؟!.. اِنقلع!.. لا تدخل لعندنا!.. نحن لا نعرفك، ولا بنتشرّف بمعرفتك!..  


يا عديم الرجولة!


وحاول (ياسين)، خالُ خالي، أن يُهدّئ من غضب ابنِ أخته، فوضع يده على فمه، ليسكته، بينما يقول:


– صَلِّي على النبي يا (عبدو)، وطَوِّل بالك.


وهنا خرج جدّي (عبيد)، والحاج (حسن) إلى خارجِ الدّار، بينما وقفت النّسوةُ خلفَ الباب،  


يستمعنَ، وقلوبُهُنَّ تنبضُ بالخوفِ والتوتّرِ الشّديدين.


أيضًا، كان استقبالُ جدّي لأبي مشابهاً لاستقبالِ خالي، قالَ ساخرًا:


– أهلًا وسهلًا!.. أخيرًا أتيت؟!.. الحمد لله على السّلامة!.. زوجتك وابنك بانتظارك!


حاولَ الحاج (حسن)، وابنه (ياسين)، أن يُهدّآ الأمر، وحاول أبي أن يعتذر، ويشرح، فهو أيضًا مغلوبٌ على أمرِه.


وقال (ياسين):


– يا جماعة، ادخلوا إلى الدّار، وتفاهموا.. صوتكم جمع علينا الجيران!


لكنّ جدّي (عبيد) زعق:


– لا دَخْلَة له إلى بيتي!


واقترح الحاج (حسن) أن يذهبوا لعنده، في داره القريبة، فرفض جدّي بحزمٍ وقوّة:


– لا تفاهمَ بيننا، كانت له زوجةٌ عندي، وطُردوها... وهي الآنَ عندي... ولن تعود!


وصاح أبي بجنون:


– وابني؟!.. أعطوني الولد!.. قَسَمًا أرتكبُ جريمةً بمن يمنع عنّي ابني (سامي)!


والتَمَّ الناسُ من كلّ الجهات، وفُتحت أبوابُ الدّور، واسترقتِ النّسوةُ النّظرَ من على الأسطحة،  


ووصل (أبو حسن) زوج عمّتي (فطمو)، وأخوه (سلمو)، زوج عمّتي (صبحيّة)، وكان الجميع في حيرةٍ: فلمن يُساندون


؟!


ذاك صِهرهم، وابن أختهم،  


وذاك ابن عمّهم، وشقيق زوجاتهم، ثمّ إنّه صانعهم


في شغلهم في العمارة.   


وتهجّم خالي على أبي، وأراد ضربه، فأمسكه أبي من عنقه، ولواه، وتعالت وَلْوَلةُ النّساء، وحاول (سلمو) فَكَّ عنقِ خالي من يدي أبي، فاستجاب له أبي، لأنّ (سلمو) له هيبةٌ عنده.


وهجم جدّي ليدفع أبي بيديه، فدفعه سَلْمو بقوّةٍ في صدره، وصرخ:


- مَن يتطاول على ابنِ عمّي، لن يجدني ساكتًا! الزموا حدَّكم!


وأدرك كلٌّ من جدّي وخالي، أنّ سَلْمو يقف إلى جانبِ أبي، وكانوا


يخافونه، وإن سانده، سيقِفُ إخوتُه معه.


وتعالى صراخُ أُمّي، وخالتي (ساميّة)، من الدّاخل، وكان الصّوتُ يأتي قريبًا من وراء الباب.


دفعَ خالي الباب، وتبِعَهُ جدّي، ثمّ (الحاج حسن)، وجميعُ أولاده.


فقط من ظلّ مُسمَّرًا في الخارج، هو أبي.. لقد وجَدوا جدّتي (عَيوش)، التي كانت تشكو من أمراضٍ مُزمِنة، قد سقطت مغمًى عليها.


جميعُ الوساطاتِ باءت بالفشل، مع جدّي (عبيد)، ظلّ مُصمِّمًا على حرمانِ أبي من أُمّي وأخي...


بذل (الحاج حسن) كلَّ جُهوده.. وكذلك الأمر زوجُ عمّتي (أبو حسن)، وأيضاً (سَلْمو).. حتّى إنّ (ياسين)، لم يُقصِّر، كانت له محاولاته.


كانت جدّتي (صبريّة)، أُمُّ أبي، ترجُو جدّي (سامي)، أن يذهبَ لعندِ جدّي (عبيد)، صاحبِه السّابق، وأن يعتذرَ منه، ويُعيد أبي وأمّي إلى الدّار، ويُنهي هذه القِصّة، التي هي من الأساسِ لا معنى لها، ولا طَعم.


فيغضبُ جدّي منها على هذا الكلام، ويقول بانزعاج:


- عصيانُ ابني، وعدمُ احترامه لي، وتمرّده على كلامي، واستهتارُهُ بمكانتي، وأمامَ الناس!.. كلُّ هذا تُسمِّينه "لا معنى له، ولا طَعم"؟! ماذا بقي أكثر من هذا ليفعلهُ بحقّي؟!


ذهبتْ جدّتي (صبريّة) إلى دارِ جدّي (عبيد)، بمفردِها، بعد أن يئستْ من مجيء جدّي (سامي) بدلاً عنها.


قبَّلتْ أُمّي يدَها، غارت جدّتي على أخي (سامي)، لتُشبِعهُ قُبلاً، وشمّاً، وضَمّاً.


بَكَتْ أُمّي، وتَرقرقت دموعُ جدّتي، واحمرّ وجهُ جدّتي (عيّوش)، وشحَبَ وجهُ خالتي (ساميّة).


حين انتقلتْ جدّتي (صبريّة) إلى الغرفةِ الثّانية، لتُحادثَ جدّي (عبيد) بشأنِ أُمّي، وبعد أن سلّمت عليه، قالت تُخاطبه:


- أنا طامعةٌ بكَرمك، وطيبةِ قلبك، يا (أبو عبدو).. والله نشف قلبي من ابتعاد حفيدي (سامي) عنّي.. انهِ لنا هذه القصة.


وانتفضَ جدّي يسأل، والعصبيّةُ قد ركبَته:


- هل أنا من أبعدتُ حفيدكِ عنكِ؟!.. أم (أبو حسين)، زوجكِ ابن الأصول؟!.. بارك الله فيه، وبفهمه الواسع!


تضايقتْ جدّتي من تهكّمِ جدّي (عبيد) على أصولِ جدّي (سامي) الآخر، وفَهمه القليل.. لكنّها


حاولتْ أن تتماسك، وتضبطَ نفسَها.. وابتسمتْ مُجاملة، لِيَعطِفَ قلبُه، وقالت:


- سألتُكَ بحقِّ سيّدِنا محمّد، أن تسمحَ لـ(زينب) بالعودةِ معي. 


وجمَ جدّي بُرهة، ثمّ سأل:


- لمَ لَمْ يأتِ بسلامته معكِ؟!.. أم أنّه لا يسترضي؟!.. نعم، يحقّ له (ابن السّكران)، فهو ابن (الأغا).. ليس بمستواي، أن يتنازل ويأتي لداري!


سارعتْه جدّتي، بالقول:


- لا تُنكر صداقتَكم.. أنتم إخوةٌ وأحباب.


- كنّا أصدقاء.. أمّا الآن، فلا كلامَ له معي أبداً. 


عادتْ جدّتي إلى الدّار، باكيةً.. توسّلتْ لجدّي (سامي)، ورجَتْهُ أن يذهبَ ويُعيد أمّي، وحفيدَها، وأبي.. إلى الدّار.


وكان جدّي يُعاند، ويُكابر، ويرفض، ويُقاوم دموعَ قلبِه.. ثمّ انفجرتْ بوجهِه، قائلة:


- أنت لا تعرف قيمةَ ابنِنا (محمّد).. اُنظر حولك إلى الشّباب، الذين هُم من عمرِه.. ابنُنا مَلاكٌ مقارنةً بهُم، يعملُ في كلِّ الأيّام، لا يردّ عليكَ بكلمة، مُهذّب، ويَحترمُ الجميع، لا يُدخّن أمامك، وصار عنده ولد، لا يُحشّش، ولا يسكر، ولا يرتكبُ الحرام.. ماذا تريدُ منه أكثرَ من هذا؟!  


أولادُ أخيكَ الحاج(صالح) لا يُعطون أباهم قرشاً واحداً من أجورهم.. حتّى أبناءُ أخيك (الحاج حسن)


، كم يدفعون لأبيهم؟!.. أنتَ ظالمٌ، وأنانيّ، تُحبّ نفسَكَ فقط.. وأنا، والله، إن لم يَعُد (محمّد)، و(زينب)، وابنهما (سامي) إلى هذه الدّار، سأتركها لك، وأذهب لعند إخوتي!


كان جدّي يسمعُها، وعلى شفتيه شبهُ ابتسامةٍ ساخرة.. وحين انتهتْ من كلامها، مسحتْ بكُمّها دموعَها، ونهضت لتغادر الغرفة (القبليّة). 


قال جدّي:


- أَبعدَ هذا العُمر..تتركينني يا (أمّ حسين)؟!..والعِشرة التي بيننا.. أين ذهبت؟!


وجد جدّي نفسه مُضطرّاً أن يسعى لإعادة أبي، وكنّته، وحفيده، إلى داره.. فذهب إلى دار أخيه (الحاج حسن)، وأرسل بطلب أخيه الثاني، (الحاج صالح)، ووالديه..  


ولمّا اجتمعوا، طلب منهم مرافقته إلى دار جدّي (عبيد) لإعادة أُمّي.  


وهنا دخل أبي المجلس، وانحنى على يدِ والده، أمسك بها بصعوبة ليقبّلها، وليسامحه.. فأعطاه يده، دون أن ينظر إليه.  


ذهبوا جميعهم برفقة جدّي (سامي)، و(الحاج حسن)، وأولاده الثلاثة، وأخيه (الحاج صالح)، وولديه (حسين) و(أحمد)


.. وأبي، وعمّي (عُمر)، وكان أصغرهم.  


استقبلهم خالي (عبدو)، وأدخلهم إلى فِناء الدّار، المُزيّنة بأُصصِ الورد، المُتعدّدِ الألوان..  وخرج عليهم جدّي (عبيد) من غرفتِه، وملامحُ الجديّة والعبوسِ باديةٌ على قسماتِ وجهه الأسمر.


رَحَّبَ بهم باقتضاب،


صافَحَ جدّي برُؤوسِ أصابعِه، وتَحاشى أن يأخذَ يدَ والدي المُمتدّة...  


ثمّ دعاهم للدّخول إلى الغرفة، ودخَلوا، ليأخذوا أماكنهم فوق اللّبَابيد، والسّجاد.  


وبعد أن تمّت التحيّات المُتجهّمة، وتبادلوا علب السّجائر، ليدرجوا السّجائر، – وكانت فرصةً ليسودَ الصّمت – قام خالي بإحضار منافض السّجائر، وطافَ على الجميع بإبريق الماء، والكأس النّحاسي.  


وأراد أن يتّخذَ مكاناً له، فبادَره جدّي آمراً:


– أوصِ لنا على الشّاي.  


قال خالي:


– إنّها على (بابور الكاز).  


وساد صمتٌ عظيم...  


وباشرت السّبَحاتُ تعمل في الأيادي، وخرجَت المناديلُ البيضُ من


الجُيوب، لِتَمسَحَ الأنوفَ، والأفواهَ، والجِباهَ، والعُيون، والأوجُه،وانبعث


 السّعال، والنّحنحات، والتّمخّط، والتّعطيس.


وبعدَ بُرهةِ صمت، تمّ إشعالُ السّجائر، نظَرَ (الحاج حسن)، مُبتسماً، يُريد أن يبدأَ الكلام، فهو كبيرُهم على أيّ حال،  


قال مُخاطباً جدّي(عبيد):


– ها هو صاحبك (سامي)


، صديقك، وقد جاء إليك.  


دَمدم جدّي (عبيد)، وما زالَ وجهُهُ يُحافِظُ على جفائهِ وعبوسه:


– أتطردُ ابنتي من دارك يا (أبو حسين)؟!.. ما كنتُ أتصوّرُ أن يَبدُرَ منك هذا!.  


فقال جدّي (سامي)، وكان الارتباكُ قد رَكِبَ لسانه:


– لعنةُ الله على الشّيطان.  


وارتفعَ صوتُ جدّي (عبيد) أكثر:


– المسألةُ بينك وبين ابنك!.. فما دخل ابنتي حتّى تطردها؟!.. وفي اللّيل أيضاً؟!.. ومع رضيعها؟!  


فقاطعه العمّ (الحاج صالح)، علّه يُخفّف من غلوائه:


– قال لك: "لعنة الله على الشّيطان"... فلا تُكبِّر الموضوع يا (أبو عبدو).


– دعنا ننسَ هذه المشكلة


، فنحن أهلٌ وأحباب، وما صار ليس إلّا ساعةَ شيطان.  


احتجّ جدّي (عبيد) أكثر، ورمى بسبحتهِ على الأرض، وهتف:


– بل سأُكبِّر الموضوع!..  


ابنةُ (عبيد السَّمّور) لا تُطرَدُ من بيتها، في منتصفِ الليالي!.. ثمّ أنتم، ماذا تُريدون؟!.. أن أُرجِّع ابنتي للدار، التي طُردَتْ منها؟!.. هذا مُستحيل!  


قال جدّي (سامي)، وكان قد زايله الارتباك:


– ماذا تُريد إذن، يا (أبو عبدو)؟!.. وما هو طلبك


؟!.. أخبرنا.. ها نحن كلّنا نسمعك... وحقّك على رأسي.  


(ووضع يده فوق عقال رأسه).  


كانت الشّاي قد وصلت،  


ووضعها خالي على الأرض، وشرع يسكبها في الأقداح، وتصاعد بخارها.


فقال (الحاج حسن)، وهو يهزّ رأسه الأصلع، لأنّه كان قد نزع (طَربوشه) الأحمر عن رأسه:


– صلّوا على النّبي، يا جماعة... وتذكّروا من نكون نحن... نحن لسنا غُرباء، بل أقرباء، وأهل، وأصحاب، وأصدقاء...  


لا تجعلونا نكون أضحوكةً للنّاس!


قال جدّي (عبيد)، بعد أن تناولَ قدح الشاي السّاخن


– أنا اتّخذتُ قراري، وانتهى الموضوع.


وانطلقت الأصوات:


– ما هو قرارك؟!.. أخبرنا.


تنحنحَ جدّي، وقال:


– إمّا الطّلاق... أو تسكن داراً لوحدها.


هذا الكلام زلزلَ الجميع...  


ووقع كالصّاعقة على رأسِ جدّي (سامي)...  


وفقدَ أبي صوابه، فهتف:


– ما هذا الكلام الذي تقوله، يا عمّي؟!.. أنا مستحيل أن أترك أهلي... أو أُطلِّق زوجتي!


نهضَ جدّي (سامي)، ونهضَ جميع من كان جالساً، وقال مخاطباً خالي:


– خُذْ لنا طريقَ الخروج.


ثمّ خاطب جدّي (عبيد)... وكان الانزعاج بادياً عليه:


– إن كنتَ تريدُ تعقيد الأمور، فأنتَ حرّ... اترك ابنتك عندك، واشبَعْ بها!..  


أنا خلال أسبوع، أستطيع أن أُزوّج ابني.


صاح أبي، بانفعالٍ كبير:


- ولكن أنا لا أترك زوجتي


وأريد أن آخذ ابني


(سامي) الآن!


وتوالت ردود الأفعال من الجميع... الكلّ أخذ يعبّر عن استيائه، وغضبه، وعدم رضاه عن موقف والد أمّي...


وكانت المشكلة الأساسيّة هي القرابة التي تجمع بين عائلة أبي وعائلة أمّي... فجدّي، والد أمّي، يكون زوج ابنة (الحاج حسن).. يعني أخت (أبو حسن)، و(سَلمو)،


و(ياسين)... وتكون ابنةَ أخ الحاج (صالح)، وجدّي (سامي). 


ولو لم يكن الأمر كذلك...  


لكانت السكاكين،والخناجر


، والعصيّ، والأيادي،


أخذت دَورها في هذه الحالة!..  


لكن (الحاج حسن) طلب من الجميع:  


الصمت... والخروج...  


وترك الموضوع للعقل، والحكمة، وطولة البال.


موضوعٌ تافهٌ وبسيط...  


لا يستحقّ التوقّف عنده...  


فجّرَ مشكلةً كبيرةً، صار من الصعب حلُّها، واستيعابُها.*


 مصطفى الحاج حسين.



جُمْعَةُ السَّبَّاكْ قِصَّةٌ قَصِيرةْ بقلمي أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه

 جُمْعَةُ السَّبَّاكْ قِصَّةٌ قَصِيرةْ

بقلمي  أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة

كَانَ جُمْعَةُ السَّبَّاكُ يَعْمَلُ هَكَذَا بِالْبَرَكَةِ ,لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُولَ إِنَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَدِرَايَةٍ كَمَا لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُولَ عَلَيْهِ إِنَّهُ جَاهِلٌ , ذَهَبْتُ  إِلَيْهِ وَنَادَيْتُ عَلَيْهِ يَا عَمِّي جُمْعَةُ ,فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ النَّاسِ الَّذِينَ تَصَادَفَ وُجُودُهُمْ بِالشَّارِعِ ,نَادِ عَلَيْهِ وَقُلْ:يَا أَبَا حَنَانَ ,سَيَرُدُّ عَلَيْكَ, نَادَيْتُ -بِصَوْتٍ عَالٍ-:يَا أَبَا حَنَانَ 00 يَا أَبَا حَنَانَ , فَخَرَجَتْ زَوْجَتُهُ تُطِلُّ مِنْ شُرْفَتِهَا بِالدَّوْرِ الثَّانِي ,فَأَخْبَرْتُهَا بِأَنِّي أَعِيشُ فِي الدَّوْرِ الْأَوَّلِ وَأَنَّ سَقْفَ دَوْرَةِ الْمِيَاهِ تَتَسَاقَطُ مِنْهُ الْمِيَاهُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلِهَا ,وَلاَ أَدْرِي ,أَهُوَ مِنْ حَرْفِ(s) أَمْ مِنْ عَيْبٍ فِي السَّقْفِ وَأَنِّي أَرِيدُ زَوْجَهَا جُمْعَةُ00السَّبَّاكُ لِيُصْلِحَ هَذَا الْعَيْبَ ,فَوَضَعَتْ يَدَهَا فِي جَيْبِهَا وَأَخْرَجَتْ لِي كَرْتاً بِهِ هَوَاتِفُ زَوْجِهَا وَإِعْلاَنٌ عَنْهُ أَنَّهُ سَبَّاكٌ مَاهِرٌ ,قَابَلْتُهُ ,فَقَالَ لِي :لاَبُدَّ أَنْ نَهْدِمَ دَوْرَةِ الْمِيَاهِ فِي الدَّوْرِ الثَّانِي وَنَسْتَبْدِل َ الْقَاعِدَةَ الْقَدِيمَةَ بِأُخْرَى جَدِيدَةٍ ,وَبَعْدَ ذَلِكَ لَنْ تَجِدَ قَطْرَةَ مِيَاهٍ وَاحِدَةً تَنْزِلُ مِنَ السَّقْفِ وَفِعْلاً اشْتَرَيْتُ لَهُ كُلَّ الطَّلَبَاتِ بِثَلاَثِمِائَةِ جُنَيْهٍ وَقَامَ بِعَمَلِ كُلِّ الْمَطْلُوبِ عَلَى وَعْدٍ بِعَدَمِ نُزُولِ الْمِيَاهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ السَّقْفِ   وَأَخَذَ أُجْرَةَ يَدِهِ كَامِلَةً ,وَبَعْدَ أُسْبُوعٍ بِالتَّمَامِ وَالْكَمَالِ (عَادَتْ رِيمَةُ لِعَادَتِهَا الْقَدِيمَةِ) وَعَادَتِ الْمِيَاهُ تَنْزِلُ مِنَ سَقْفَ دَوْرَةِ الْمِيَاهِ عَلَى رَأْسِي فَصَرَخْتُ وَقُلْتُ -فِي نَفْسِي-:يَا لَكَ مِنْ رَجُلٍ غَشَّاشٍ ,فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَى اللهِ فِيكَ, حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ00 مِنْ يَوْمِهَا وَأَنَا لَمْ أَدْعُهُ لِعَمَلِ أَيِّ شَيْءٍ وَهَذَا جَزَاءُ الْغَشَّاشِ.

بقلمي  أ د الشاعر والناقد والروائي المصري / محسن عبد المعطي محمد عبد ربه شاعر العالم شاعر الثّلَاثُمِائَةِ معلقة

 


 


خرائط في الروح المشتعلة بقلم الكاتب عامر حامد المطيري

 خرائط في الروح المشتعلة

في دمكِ

أرى خرائطَ لممالكٍ غابرة،

تضيءُ كلَّما مرّتْ يدُكِ على صدري

كأنكِ تُعيدين رسمَ سومر

بأصابعٍ من لهب.


أيتها العرافةُ التي تحملُ في عينيها

ألفَ طوفانٍ وألفَ سفينة،

أنا نوحُكِ العالقُ في صحراءٍ من الملح،

أصنعُ من قُبلِكِ ألواحًا

وأنتظرُ مطرًا لا يأتي.


كلما نطقتِ،

ارتجفتْ أعمدةُ بابل،

وانشقّتْ جدرانُ أور،

كأنَّ صوتَكِ لُغةٌ خُطّت قبلَ الخليقة

ثم ضاعتْ في زحام القرون.


أنا قتيلُكِ

ومُبعثي،

كأوزوريس حين تلمُّ إيزيسُ أشلاءَه

ليعودَ جسدًا من ذهبٍ أخضر.


لكنني —

في كلِّ قيامةٍ تمنحها يداكِ —

أبقى غريبًا،

أبحثُ عن أبجديةٍ

لا تُشبهُ الحروب،

ولا تُشبهُ الخرائطَ الممزقة،

بل تنبتُ من فمكِ

كما تنبتُ الكواكبُ من سواد السماء.


عامر حامد المطيري



عندما يتخطى الرسام حدود الإبداع (2) بقلم الكاتب طه دخل الله عبد الرحمن

 عندما يتخطى الرسام حدود الإبداع (2)

هُنَاكَ، حَيْثُ تَنْكَسِرُ أَقْلَامُ الْكَلامِ، وَتَعْجَزُ الْحُرُوفُ عَنِ ارْتِيَادِ الْفَضَاءِ. هُنَاكَ، يُولَدُ الْمَعْنَى مِنْ رَحِمِ الصَّمْتِ. إِنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَتَجَاوَزُ فِيهِ الرَّسَّامُ حَدَّ الْإِبْدَاعِ إِلَى لُغَةِ الْأَسْرَارِ، حَيْثُ تَتَحَوَّلُ اللَّوْحَةُ إِلَى وَحْيٍ مُنَزَّلٍ مِنْ سَمَاءِ الْجَمَالِ الْأَزَلِيِّ.

لَا يَرْسُمُ بِالْأَلْوَانِ، بَلْ يَسْكُبُ أَضْيَاءَ الْأَنْسِيّةِ وَظِلَالَ الْوِجْدَانِ. يَغْرِسُ الْفُرْشَاةَ فِي أَعْمَاقِ الرُّوحِ، فَتُفَضِّي إِلَيْهِ بِمَكْنُونِهَا أَصْوَاتُ الْقُدُسِ، وَأَنْفَاسُ الْعُصُورِ، وَرَعْشَةُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. تَكُونُ يَدُهُ وَسَطًا بَيْنَ الْعَالَمِ الْمَرْئِيِّ وَعَالَمِ الْمَلَكُوتِ، فَتَخْطُّ لِلسَّمَاءِ أُغْنِيَتَهَا عَلَى أَرْضِ الْقِمَشَةِ.

فَإِذَا بِاللَّوْحَةِ تَتَحَدَّرُ مِنْ مَعِينِ الْغَيْبِ نَشْدَةً مُقَدَّسَةً.. لَيْسَتْ مَنْظَرًا تُبْصِرُهُ الْعَيْنُ، بَلْ هِيَ رُؤْيَةٌ تَرْقَى بِالرُّوحِ إِلَى مَقامِ الْمُكاشَفَةِ. الْبَحْرُ فِيهَا لَيْسَ مَاءً وَزَبَدًا، بَلْ هُوَ حَنِينُ الْأَزَلِ إِلَى لُقَى الْأَبَدِ. وَالشَّجَرُ لَيْسَ خَشَبًا وَوَرَقًا، بَلْ هُوَ قِصَّةُ عُمرٍ يَتَرَنَّحُ بَيْنَ شَوقِ الْجُذُورِ وَحِيرَةِ الْأَغْصَانِ. وَالوَجْهُ الْمَرْسُومُ لَيْسَ خَطًّا وَظِلاًّ، بَلْ هُوَ مِحْنَةُ إِنْسَانٍ بَيِّنَتَ سِرُّهُ فِي عَيْنَيْهِ.

هَذَا هُوَ التَّجَاوُزُ الْعَظْيمُ.. أَنْ تَصِيرَ الرِّسَالَةُ أَعْظَمَ، وَالْمَعْنَى أَجَلَّ مِنَ الْأَدَاةِ. أَنْ يَكُونَ الْفَنُّ وَحْيًا لَا تَفْسِيرَ لَهُ، وَمُعْجِزَةً لَا يُدْرِكُ سِرَّهَا إِلَّا مَنْ فِي قَلْبِهِ شَرِيقَةٌ مِنْ نُورِهِ. هُوَ أَنْ تَخْرُقَ اللَّوْحَةُ حِجَابَ الْوُجُودِ، فَتُرِي النَّاظِرَ لَمْحَةً مِنْ وَجْهِ الْحَقِيقَةِ الْكَامِنَةِ خَلْفَ صَخَبِ الْحَيَاةِ.

فَإِذَا مَا أَتَمَّ الرَّسَّامُ مُعْجِزَتَهُ، وَقَفَ أَمَامَهَا كَالسَّاجِدِ الَّذِي أَدْرَكَ قُدْسَ الْأَقْدَاسِ، فَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْجَمَالَ الْمُطْلَقَ لَمْ يَكُنْ مِنْ صُنْعِ بَشَرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ نَفَحَةٌ مِنْ رَبِّ الْجَلَالِ، اجْتَازَتْ بِرِفْقٍ عَبْرَ قَلْبِهِ وَيَدِهِ، لِتَخْطَّ عَلَى مَذْبَحِ الْجَمَالِ أُسْطُورَةَ الْخُلُودِ.

طه دخل الله عبد الرحمن

البعنه == الجليل

29/09/2025



الطاعون…./. قصة قصيرة بقلم الكاتبة ليلى عبدالواحد المرّاني / العراق

 الطاعون…./. قصة قصيرة

ليلى عبدالواحد المرّاني / العراق


حياة بؤس تعيش بعد أن هجرها زوجها، وبأخرى تزوّج حين لم تنجب له الطفل الذي تمنّى، في جحرٍ مُعتمٍ، رطب سكنت، مع عائلةٍ لا تقلّ بؤساً عنها، من فتات بيوتٍ تعمل فيها، تسدّ جوع بطنها، وتستقطع من نقودٍ قليلة، أجورها على تنظيف بيوتٍ مُترفة، تضعها في خرقةٍ بالية، حفرت لها في أرض غرفتها الترابيّة، مطمئنَّةً أودعتها هناك. 

فُجعت حين عادت يوماً لتجد الحفرة فاغرةً فاها، لطمت خدّيها، وعلا نحيبها، وعيون صغار البيت تراقبها بجزع وتساؤل، مريضةً ترتجف، ارتمت على الحصيرة التي اتخذتها فراشاً، وعن العمل انقطعت أياماً.

قريبٌ لها لجأت إليه، بحرقة مع النشيج سال دمعها والكلمات: 

- أردتُ أن أوفّر ثمن كفني، لكنَّها سُرقت…

 بعينين تنزّان دنانيرَ، قال: 

- ستكون فلوسُكِ بأمانٍ عندي. ...  

رفع نظّارته السميكة، فبدا أنفه كبيراً، معقوفاً.

- هي لكفني وتكاليف دفني، يا بن عمّي . 

هزّ ابنُ عمّها رأسه مؤيّداً، وإلى عملها عادت من جديد، مطمئنّةً، نقودها بأمانٍ ستكون عند ذلك القريب الثريّ.

 زوجةٌ في عشّ صغير، ورجلٌ أحبّته، وهبته كلّ ما تهبُ أنثى لرجل، إلاّ ذلك الحلم الذي لم يتحقّق، الطفل الذي يملأ البيت ضجيجاً، ودفقاً.. واستمراراً، زوجةٌ جديدة ملأت البيت صغاراً، تخدمُ الجميع بصمتٍ أصبحت، فقط كي تستشعر أنفاسه، ذلك الزوج الذي هجر فراشها، منكسرةً تجرّ قدميها خرجت حين اختنق وضاق بها البيت الصغير، وبضعة دراهم تصدّق بها من كان بالأمس زوجها؛ دفعتها إيجاراً لذلك الجحر الرطب، استيقظت من دوّامة ذكرياتها، نظرت في وجه قريبها الذي كان منهمكاً يلمِّع قطعةً فضيّة وبتردّدٍ وخجل، وضعت أمامه صرّةً صغيرة، تناولها بإصبعين، وبسرعةٍ ألقى بها في درجٍ صغير…

- ألا تعدّها؟ 

رمقها بنظرة ساخرة، أخرج الصرّة ورماها بوجهها،  

- عدّيها أنتِ…. 

لم تفعل، خرجت مسرعة… تثاقلت أنفاسها وهي تُحصي عدد ( الصرر) التي أودعتها لدى قريبها ذي الأنف المعقوف، والنظرة الساخرة. سنين تعبٍ ومرضٍ طحنتها، فتقوّس ظهرها، والصورةُ قاتمةً تطاردها ليل نهار.. تؤرّقها، تعذّبها، أن تموت بلا كفن، ولا قبر.

إلى قريبها سلكت طريقها تتوكّأ على عكّازها، آلمها تجاهله، ضربت الأرض بعصاها، مستنكراً رفع رأسه..

- يا هلا …

 من بين أسنانه خرجت، وعاد إلى عمله من جديد،

سؤالٌ خائفٌ، متردّد تعثّر على فمها: 

- هل تعطيني نقودي؟ .... 

رصاصةً قاتلة كانت نظرته، صاحبتها ضحكةٌ ارتعدت لها مفاصلها،…

- عن أيّ نقودٍ تتحدّثين؟ …

 - التي أودعتها لديك،…

- ليس لكِ شيءٌ عندي…

وقبل أن تكمل جملتها، " فلوسي التي... "، وجدت نفسها بدفعةٍ قويّةٍ من يده، مرميّةً عند باب المحلّ. لملمت أشلاءها منتحبةً حين أعانتها يد غريبة على الوقوف: " مَن يصدّقني إن قلت إنّ قريبي سرقني؟.. هل يصدِّقون بائسةً مثلي.. أو ثريّاً، وجيهاً مثله.. يصدِّقون ؟ "



أأقــــول بقلم الأديب سعيد الشابي

 أأقــــول

ماذا أقــــول اذا ما الـــدمع جرى

ولم يستأذن كبريـائي ولا المآقي

أأقــول أنك جــرحت المـــشاعر؟؟؟

أم أنك ، وجيت قلبا اليـك هفا ، أو

أنني كنت أمامك ، أطوع من خــاتم

ان راقك ، لبستها زيننة في الأصبع

وان مللتها ، الى الجحيم رميتـــها 

فلا كبـريائي استطاع الصمود أمامك

ولا قلبي ، من عينيك  ، استوعب

أن يكون للنسوة ما يقتل من كبرياء

فكيف لا تعصر عيناك ، من عيني

أقاتلتي ...الـــدم ، لا فقـط الأدمع


سعيد الشابي


يا موطنَ الوجَعِ // طاهر مشي

 يا موطنَ الوجَعِ

ااااااااااااااااا ااااااااااا 

يا موطنَ الوجَعِ

يا شوقَ محبرتي

قد هدَّني الهجرُ

وأتعبني طولُ السَّفَر


يا مهجتي،

كم سَهرتُ الليلَ في قلقٍ

أُحادثُ الصمتَ

والأنفاسُ في حَذَرِ


ضاعَ الهوى

بين آهاتٍ وأُمنيةٍ

وماتَ حلمي

على أعتابِ مُنحدَرِ


أينَ الذي

كنتُ أهديه مودّتي؟

وأكتبُ الشوقَ

في عينيه كالقَمَرِ؟


أينَ السكونُ

وقد كانت ملامِحُهُ

تُغني فؤادي

عن الأيّامِ والخَطَرِ؟


كم كنتُ أرجوهُ

دفئًا لا يُفارقني

لكنّهُ غابَ

مثلَ الطيفِ في السَّحرِ


خُذني إليكَ

فإني تائهٌ عطِشٌ

لا البحرُ يُطفئني

ولا الغيمُ إنْ مَطَر


ضاقت خُطايَ

على دربٍ يُبعثِرُني

كأنني طيفُ

ماضٍ دونَ مُعتَذَرِ


قد كانَ وعدُكَ

مثلَ السرابِ يُغرّني

فمضيتُ أتبعهُ

في الوهمِ والخطرِ


وغفرتُ ذنبَك

حينَ القلبُ مُنبَهرٌ

لكنّ صبرَ الهوى

قد خانَهُ قدَري

ااااااااااااااااا ااااااااااا 

طاهر مشي



حول الإسلام ٠٠!!/ بقلم : السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - كاتب و باحث و تربوي مصري ٠

 حول الإسلام ٠٠!!/

بقلم : السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد - كاتب و باحث و تربوي مصري ٠

عزيزي القارىء الكريم ٠٠

في البداية نحاول أن ندندن (حول الإسلام ) و لِمَ لا فهو دين الفطرة التي اختاره الله عز وجل لعباده جميعا ٠٠

حيث فيه الهدى و الخير و النجاة و الفوز الكبير ٠٠

و الإسلام سلام مع الله و النفس و الأخر ٠٠

و هو جامع شامل بسيط بعيدا عن التعقيد الذي يحاول المتكلمين حوله أن يتبنوا خط معين و ميول يخدم فكرة جماعة كل فرقة و طائفة بعينها ، و بعيدا عن التبعية و الوصاية و التسلط نطوف حول عظمة هذا الدين الاسلامي الذي مقاصده كلها تطابق الفطرة السليمة لكافة البشرية ٠

و على أية حال ارتضا الله عز وجل ( دين الإسلام ) لنا جميعا من لدن آدم عليه السلام حتى الدعوة الإسلامية الخاتمة على يد الصادق الأمين البشير النذير سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم خاتم الأنبياء و المرسلين خير من دعا إلى الله عز وجل على بصيرة و هدى إلى يوم الدين ٠

و الإسلام من اسمه و رسمه يتضح لنا معالمه و أركانه و مقاصده ، حيث الوسطية و التيسير و عدم المغالاة ٠٠

في تحقيق وحدانية عبادة الله لا شريك له في انقياد و إذعان و تسليم له الأمر و اتباع تعاليمه و أوامره و اجتنابه نواهيه ، كل هذا لصالح  الإنسان فكل نبي مرسل معه شريعة من الله و الدين هو الإسلام و الشرائع تتغير مع كل رسول و يبقى دين الإسلام حتى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم فبعثته رحمة للعالمين إنس و جن و سائر المخلوقات في إطار العدل و الاستطاعة في الحياة ٠٠


و من ثم نتأمل معا هذه الآية الكريمة "هو سماكم المسلمين" قد وردت في سورة الحج، الآية 78، وهي تشير إلى أن الله سبحانه وتعالى هو من سمّى من آمن بدينه بالمسلمين، وأن إبراهيم عليه السلام كان من أوائل من تسموا بذلك، بدليل دعائه:

 "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك " ٠

و بالتأكيد يعود الضمير "هو" إلى الله تعالى، وهو الذي سمّاكم في الكُتب السماوية المنزلة لسابقة وفي هذا الكتاب القرآن الكريم ، ليكون الرسول شهيدًا عليكم وأنتم شهداء على الناس. 


و في آية أُخرى يقول الله تعالى :

 "وله أسلم من في السماوات والأرض" ٠

من سورة آل عمران ٠

تعني أن كل المخلوقات في السماوات والأرض خاضعون ومستسلمون لله تعالى. 

وهذا التسليم يشمل المؤمنين الذين أسلموا لله طواعية واختيارًا، ويشمل أيضًا غير المؤمنين الذين يخضعون لحكمه وقدره رغمًا عنهم، لأنهم لا يملكون أي قوة للخروج عن إرادته أو الامتناع عن شيء. 

فلماذا أخي الكريم دون تعصب و جهل ووصاية كيف نسمي أنفسنا أنصار السنة وسلفية و إخوان و صوفية و ٠٠٠ الخ 

و بهذا يتم تفريق الأمة و شق وحدتها و صفها و كسر عصا قوتها ٠

و أرى أن الله سبحانه و تعالى يكفي إنه لخص لنا هذا الطريق في بيان واضح شكلا و مضمونا ، و بهذا سد جميع الذرائع و السُبل التي اغرقت الأمة الإسلامية الواحدة بعد عصر النبوة في مسميات و أشكال ضررها أكبر من نفعها حيث قال في قول قاطع لا يقبل الشك بعد هذا اليقين فكله بدع و تصانيف دخيلة على عالمية الإسلام ٠٠

( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) ٠

قيل ( بحبل الله ) أي : بعهد الله ٠

و هذا يتفق مع قوله : 

" يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة " ٠

 ( سورة البقرة، الآية 208 ) 

و هي تأمر المؤمنين بالدخول في الإسلام وشريعته كاملة، دون التمسك ببعضه وترك البعض الآخر، مع اجتناب طريق الشيطان واتباع أوامره، لأن الشيطان عدو مبين لهم. 

و نلاحظ هنا قوله تعالى :

"يا أيها الذين آمنوا " 

نداء من الله تعالى للمؤمنين، يدعوهم فيه إلى الإيمان والطاعة.

"ادخلوا في السلم كافة":

السلم: هو الإسلام ودين الله.

كافة: تعني جميعًا، أي ادخلوا في جميع شرائع الإسلام وأحكامه، عاملون بكل ما يأمركم به الدين، ولا تتركوا شيئًا منه.

"ولا تتبعوا خطوات الشيطان": 

أي لا تسيروا في طريقه ولا تتبعوا وسوسته ودعواته إلى المعاصي والضلال.


و نعود إلى الآية الكريمة "هو سماكم المسلمين" وردت في سورة الحج، الآية 78، وهي تشير إلى أن الله سبحانه وتعالى هو من سمّى من آمن بدينه بالمسلمين، وأن إبراهيم عليه السلام كان من أوائل من تسموا بذلك، بدليل دعائه: "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك "


يعود الضمير "هو" إلى الله تعالى، وهو الذي سمّاكم في الكتب السابقة وفي هذا الكتاب، ليكون الرسول شهيدًا عليكم وأنتم شهداء على الناس. 


الكريمة "وله أسلم من في السماوات والأرض" من سورة آل عمران تعني أن كل المخلوقات في السماوات والأرض خاضعون ومستسلمون لله تعالى. وهذا التسليم يشمل المؤمنين الذين أسلموا لله طواعية واختيارًا، ويشمل أيضًا غير المؤمنين الذين يخضعون لحكمه وقدره رغمًا عنهم، لأنهم لا يملكون أي قوة للخروج عن إرادته أو الامتناع عن شيء. 

فلماذا نسمي أنفسنا انصار السنة وسلفية و اخوان و صوفية ٠٠٠ الخ 

و بهذا يتم تفريق الأمة و شقا وحدتها و صفها و كسر عصا قوتها ٠

واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) قيل ( بحبل الله ) أي : بعهد الله


" يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة " هي من سورة البقرة، الآية 208، وتأمر المؤمنين بالدخول في الإسلام وشريعته كاملة، دون التمسك ببعضه وترك البعض الآخر، مع اجتناب طريق الشيطان واتباع أوامره، لأن الشيطان عدو مبين لهم. 


 


و اعلم صديقي العزيز و القارىء الكريم فقد توقفت مليا مع كلمة الاسلام الجامعة بعيدا عن التفريعات التي صنعها المسلمون بعد عهد الرسول صلى الله عليه و سلم و الصحابة الأطهار و الثقات من بعدهم ٠٠

فنجمل الفكرة في كل هذا بلا مزايدة و خلط للأمور الراسخة و الثابتة و المستقرة ٠٠

السلم: هو الإسلام ودين الله.

كافة: تعني جميعًا، أي ادخلوا في جميع شرائع الإسلام وأحكامه، عاملون بكل ما يأمركم به الدين، ولا تتركوا شيئًا منه.


و في النهاية و بهذا تتحقق وحدة الدين الاسلامي بعيدا عن الانقسام و الجماعات و التيارات و الطوائف التي نالت من قوة الصف كالجسد الواحد و البنيان المرصوص ٠٠

فالمذاهب الفقهية توضح و تشرح و تفسر و كل مسلم يتثقف منها فقط  ٠٠

عكس أهداف الفرق و الجماعات يتبعها تنظيما و أفكارا و قناعات و تحزب و يحدث اقتتال و تكفير و تبديع و طعن في الملة تحت الولاء و البراء للجماعات و التيارات لا للإسلام نفسه ٠٠

فالمسلم يختار أي فرقة و عندما يدخل فرقة يجد إنها تلعن أختها و تكفرها إلا نفسها ٠٠

فلماذا كل هذا العنت و الشقاق و عندي الدين الصحيح المطالب بأركانه و المعلوم منه بالضرورة و الفروع فيها متسع للاجتهاد دون تسلط تمشيا مع واقع حركة الحياة ٠

يا رب اهدانا إلى الصراط المستقيم طريق الهداية و الرشاد الذي تركنا عليه النبي صلى الله عليه و سلم حتى لا نزيغ عنه و نظل و نتبع الغواية و نخلط الأمور و نجبر الناس على اختيارات و تسميات بشرية ما أنزل الله بها من سلطة تشق عصا وحدة الإسلام الدين الحنيف الدين القيم القائم على حسن الأخلاق و السماحة و العفو و حرية الاعتقاد ٠٠

و الذي يتضح لنا من خلال المحجة البيضاء التي تركنا عليها النبي الكريم صلى الله عليه و سلم كتاب الله و سنته الصحيحة و نراجع الفهم و التحليل و مقاصد الإسلام و بهذا فلم و لن نضل أبداً ، و ذلك معية العقل و صحيح النقل دائما ٠

و على الله قصد السبيل ٠



مقهى الانتظار بقلم: زهير جبر

 ☕ مقهى الانتظار


بقلم: زهير جبر 


لا زال بيني وبينها

وطنٌ، وحدودٌ، وسماء...


بين رفوفِ مكتبةٍ قديمةٍ

تصدّعت جدرانُها،

كانت أصداءُ صوتِها تلتفُّ حولي،

أتنفّسُ عبيرَها نسمةً من ياسمين،

ولحظةً من دعاء...


في مدينتي الغافيةِ

على ضفافِ نهرِ الفرات،

كانت شجيراتُ الغربِ الفراتيِّ

ترسلُ لي منها

ألفَ تحيّة،

وألفَ قبلة،

وألفَ سلام.


في أوقاتِ العصرِ كانت تأتي

بقربي حمامةٌ،

على جناحيها جزءٌ من عطرٍ باريسي،

ورسالةٌ مكتوبٌ فيها:

«سوف آتي، لا ترحل».


وها أنا — منذُ سنواتٍ —

أنتظرُ تلك الأمنية

في مقهى قديمٍ

يصدحُ بأغاني أمِّ كلثوم.



فاطمة أسامة محمّد غَنْمة تخرّجتْ في كلّيّةِ الآداب قسم ِ اللغة العربيّة بامتيازٍ مع مرتبة الشّرَفِ الأولى والأولى على التّخصّص ما شاء الله! بقلم الشاعرة عزيزة بشير

 فاطمة أسامة محمّد  غَنْمة تخرّجتْ في كلّيّةِ الآداب قسم ِ اللغة العربيّة بامتيازٍ مع مرتبة الشّرَفِ الأولى والأولى على التّخصّص ما شاء الله! 


أللهُ أكبرُ ! فالجُهودُ تُقَدَّرُ

 ِستُّ البناتِ بِذِي النّتائجِ ..…. تُبْهِرُ


ألضّادُ تَسْمو والعُروبةُ تزْدَهي

فالأولَى(فاطِمَةُ) … اشْكُروا واستَبْشِروا :


مَنْ جَدَّ ،يلْقَ ثمارَ جُهدهِ، مِثْلَهَا

 فالجِدُّ فوْزٌ  لِلجُهودِ………..مُقَدَّرُ


ألفا مُبارَكِ قدْ أتيْتِ مَكارِماً

أحْلى اللُّغاتِ بفَوْزِكُمْ………تَتَبَخْترُ


بِالضّادِ أصْلُنا فَالْزَميهَا ،تَحَدُّثاً

وَقِراءةً ، وكِتابةً…….……..لَكِ تُذْكَرُ 


فَبِها الهوِيّةُ والأصالةُ والحِجا

لُغَةُ الكتابِ على اللُّغاتِ ……تَصَدََرُ


كوني المُعَلِّمَ للورى ،عربيّةً

افْلِسطينُ أرضُنَا،(غزّةٌ) لَنَا ….تُنْصَرُ

 

والقُدسُ عاصِمةٌ  وأوّلُ قِبلةٍ مِنْ (أقصَى)،مِعْراجُ الرّسولِ ……يُحَرَّرُ


حُييّتِ بنتاً  لِلْعُروبةِ فاشْكُري،  

(غزّا) سَتُجْلى مِنْ يَهودَ …….نُبَشَِّرُ!


                تيتا/عزيزة بشير





دار الثقافة علي الزواوي بحاجب العيون جائزة احسن ممثل تغطية الكاتب الإعلامي محمد علي حسين العباسي

 دار الثقافة علي الزواوي بحاجب العيون 

جائزة احسن ممثل 

ضمن فعاليات المهرجان الجنوبي المسرح بدور الثقافة ودور الشباب والذي انتظم مؤخرا بالمركب الثقافي الأسد بن الفرات بالقيروان بمشاركة دور الثقافة ودور الشباب بالقيروان.

هذا ولقد شاركت دار الثقافة علي الزواوي بحاجب العيون بمسرحية " الوجه الأخر" وهي من تاطير الاستاذة امال وهايبي موسيقى وسينوغرافيا الاستاذة ايمان شيحاوي واداء وتقديم  الممثل عمار تاغوتي وذلك ضمن مسابقة مسرح المونولوغ .وتباعا تحصلت دار الثقافة علي الزواوي بحاجب العيون على جائزة احسن ممثل الواحد والاداء على الركح ...هذا ولقد علمنا انه ستتواصل تمارين عرض مسرحية الوجه الأخر بدار الثقافة علي الزواوي بحاجب العيون لتكون قريبا جاهزة للعرض في مختلف المهرجانات 

برافو للممثل المبدع عمار تاغوتي وشكرا للاستاذتين ايمان شيحاوي وامال وهايبي على حسن التاطير والمساعدة مع التذكير ان دار الثقافة علي الزواوي بحاجب العيون تحتفى دائما بالفن الرابع من خلال ايام مسرح المونولوغ بحاجب العيون قريبا 

 محمد علي حسين العباسي






مقال رقم ٤ حول: دور الصورة الشعرية ،في النص الحداثي. يكتبها الشاعر الناقد /سامي ناصف.

 مقال رقم ٤

حول:

دور الصورة الشعرية ،في النص الحداثي.

يكتبها الشاعر الناقد /سامي ناصف.

..........

     .من المعلوم أن التصوير الفني عنصر أساسي وأصيل من عناصر القصيدة العربية، وخاصة الشعر الحر.

بل هي الحدّ الفاصل بينه وبين العلم.

     .قال أرسطو:إن أعظم شيءأن تكون سيد الاستعارات،فالاستعارة علامة العبقرية .

     .ويقول المنفلوطي:إن التصوير نفسه أجمل المعاني  وأبدعها،وإذا استاحل وجود الصورة الشعرية؛ أدى ذلك إلى غموض في فهم النص  بشرط أن يعبر ذلك عن تمازج الرؤى، والأفكار،وأن الخيال هو الروح، وأن القدرة الفنية تستجيب لها إمكانات اللغة  في تناغم موسيقي، وتصويري.

   .وقد يكون الغموض الذي يلف النص الحداثي، ويخفي جوهره  وعلاقاته  بأشقائه في دنيا الأدب،وزاد الفجوة التي تفصل بين كثيرين؛ نتجت عن أمور منها :

أ-الغموض الدلالي.

ب-استحالة الصورةالفنية.

ج- غموض الرمز .

    .ومن المعلوم أن كثيرًا من الشعراء اعتمدوا في تركيبة الصورة من خلال الشعر الحر على عدة عناصرمنها :

الكناية،التشبيه،الاستعارة،المجاز،الرمز .

   .وقد كانت الصورة الشعرية في الشعر الحر مجالا لتأدية المعنى،وليست عنصرًا من عناصر الزخرف، أو التزيين فحسب.

    .وإن من يقرأ الشعر الحديث،يجد أن الصورة الفنية فيه: إما جزئية معتمدة على المفهوم التقليدي للصورة الشعرية القديمة.

وإما صورة كليةيرسم الشاعر من خلالها صورة مركبة تتضافر فيها كل العناصر الجزئية؛لترسم لنا  صورة كلية ذات مشهد كامل الأركان.

      .ونرى أن لغة الشعر تعتمد على الإشارة، في حين أن لغة النثر هي لغة الإيضاح.

     .ولابد للكلمة في الشعر أن تعلو على ذاتها،وأن تزخر بأكثر مما تعنيه عبر إدارك الشاعر لقدرات المجاز ،في منح اللغة مساحة أوسع من دلالتها المعجمية، ويزيدها قوة.

      .فالشاعر يستنفذ في المفردات كل طاقاته  التصويرية، والإيحائية، والموسيقية.

      .وتتجدد دائما دعوة الرمزيين،أن تُستعمل الكلمات بمعانٍ جديدة بعد أن تآكلت واستهلكت من فرط الاستعمال.

     .وَسَعَوا لإيجاد حل لمشكلاتهم فاهتم " بودلير " بجمالية القبح.

وشُغِلَ "رامبو" بِلون الكلمة وإيقاعاتها الداخلية، وروائح الشعور المنبعث من الألفاظ .

     .وأجهد نفسه "ما لارميه "بأن يُحمِّل اللغة ما لم تستطع القيام به من قبل.

واجتهد في أن يدعي لغة ينبثق منها شعر جديد، شعر لا يدور على وصف الشيء، بل على تأثيره، وهذا ما أوصله إلى نظرته الشهيرة، في طبيعة الشعر التي انبعثت منها دراسات حداثية وهي:  أن الشعر كلمات

شاعرة.

وإليكم هذه اللفتة !

يروي لنا الرسام "دانيال لوير " موقفا دار بينه وبين الشاعر "مالارميه " أنه ضاع منه النهار وما استطاع أن يكتب قصيدة،رغم أن عقله مزحوم بالأفكار، وأنه مفعم بها ؛ فردّ عليه "مالارميه" ليست الأفكار تصنع قصائدا يا"ديغا"وإنما الكلمات، فيُبْنى النصُ الشعري على نحو دلالي  جديد من خلال استعمال اللغة الانزياحية.

      .ومن المعلوم أن الانزياح اللغوي هو خرق المألوف، والخروج على قواعد اللغة،أو هو احتيال من المبدع على اللغة النثرية لتكون غير عادي ،عن عالم عادي .

     .ومن هنا أقرّ "چاك كوهين"أن الانزياح شرط أساسي في النص الشعري،على أن الانزياح ليس هدفا في ذاته وضروري في النص الشعري،وإلا تحول النص إلى عبث لغوي، وفوضى في الرسالة الشعرية ذاتها، وإنما هي وسيلة  الشاعر إلى خلق لغة شعرية داخل لغة النثر.

وقديما قال الشاعر العباسي الفحل البحتري 

(والشعر لمح تكفي إشارته... وليس بالهذر طُوِّلت خطبة)

كتبها لكم الشاعر الناقد /سامي ناصف



" بستان النرجس و الياسمين " الطبعة المصرية للشاعر عبد الله القاسمي

 " بستان النرجس و الياسمين " الطبعة المصرية 

الكتاب  في 426 صفحة و يضم 8 مجموعات شعرية ، 

هذا الكتاب سيجيب على اهم سؤال ظل يرافقني لسنوات طويلة و اعني بها كلمة " شاعر مختلف " ، والتي سبق لي ان نشرت حولها تدوينات كثيرة ، حتى  وصل الامر ببعض الاصدقاء الشعراء الى القول لي " اكتب مثلنا " ، لكن للامانة لم تكن كلمة شاعر مختلف تزعجني بل كانت ترضيني كثيرا و تطمئنني كثيرا و تؤكد اني اسير في الطريق الصعب الذي اخترته لتجربتي 

في الواقع وصلتني اراء كثيرة لكني احتفظ برايين اعتبرتهما قد ادركا ما اقوم به ، الراي الاول للصديق الشاعر عبدالوهاب الملوح عندما قال لي " انت تغامر ، تقوم بمغامرة خطيرة " و الراي الثاني منذ سنوات سمعته من الصديق عبدالفتاح بن حمودة عندما كنت معه و سأله احدهم عن تجربتي فقال " هو مختلف عني هو يبحث عن تجديد المعنى " ، قد تبدو عبارة تجديد المعنى غريبة ، فتراثنا الادبي مع الجاحظ يقول " المعاني ملقاة على قارعة الطريق يعرفها العربي و الاعجمي " فكيف يجدد المعنى ،   ،، وهل من الممكن تجديد المعنى ؟ نعم ، بشرط ان تفرغ المعاني من محتاوها المتعارف و تشحن بطاقات ايحائية جديدة وهنا لا بد ان تتحول الكتابة الى رسم بالكلمات ، و القصائد لوحات تقدم انطباعا لا معنى بل معاني

عموما هذا الكتاب سيجيب على الاختلاف الف الذي وسمني به الكثير و ستقرأون :

-------------------------------------------------------------------

عبد الله القاسمي: شاعر ما بعد الحداثة في الشعر العربي المعاصر


يُمثّل عبد الله القاسمي نموذجًا فريدًا للشاعر العربي الذي تجاوز حدود الحداثة الكلاسيكية نحو آفاق ما بعد الحداثة، حيث يتحوّل النص الشعري عنده إلى فضاءٍ مفتوحٍ للتأويل، وإلى تجربة إنسانية عابرة للزمن والحدود. فهو شاعر لا يكتفي بتجديد الشكل أو اللغة، بل يسعى إلى إعادة بناء العلاقة بين الشاعر والعالم من منظور جديد تمامًا.


أولًا: تفكيك اللغة وبناء الدهشة

تتّسم قصيدة القاسمي بلغةٍ متحرّرة من القوالب التقليدية، ترفض النمطية وتكسر التراتب اللغوي المعتاد. فهو يستخدم المجاز المفتوح والرمز المتحوّل ليُنتج نصًّا متعدد الطبقات، يتيح للقارئ أكثر من قراءة ومعنى. وهذا التنوّع في الدلالات يُعدّ سمة أساسية من سمات شعر ما بعد الحداثة.


ثانيًا: تعدّد الأصوات والذات المتشظّية

في نصوص القاسمي، تختفي الذات المركزية لصالح أصوات متعددة تعبّر عن القلق الإنساني والوجودي. فالشاعر لا يتحدث من موقع العارف أو الواعظ، بل من موقع الكائن الباحث عن المعنى في عالم مضطرب. هذه الذات المتشظّية تُعبّر عن رؤية ما بعد حداثية، حيث لا حقيقة مطلقة، بل رؤى متعدّدة ومتداخلة.


ثالثًا: كسر الحدود بين الأجناس الأدبية

من خصائص شعر القاسمي أيضًا انفتاحه على الفنون الأخرى — كالموسيقى، والفلسفة، والتشكيل — ما يجعله نصًا عابرًا للأنواع الأدبية. فالقصيدة عنده ليست وحدة مغلقة، بل بنية مفتوحة تتفاعل مع الإيقاع واللون والفكرة. بهذا المعنى، يصبح شعره فضاءً فنيًا جامعًا يعكس روح ما بعد الحداثة التي تُؤمن بتداخل الفنون وتفاعلها.


رابعًا: نقد الواقع والسلطة والمعنى

يتعامل القاسمي مع الواقع لا بوصفه موضوعًا خارجيًا فحسب، بل كمنظومة من الخطابات القابلة للنقد والتفكيك. فهو يشكّك في الثوابت الثقافية والسياسية والاجتماعية، ويعيد مساءلتها بلغة رمزية عميقة. وهذا الوعي النقدي الجمالي يضعه في قلب المشروع ما بعد الحداثي الذي يسعى إلى كشف الأنساق المضمَرة خلف النصوص والوقائع.


خاتمة

إن تجربة عبد الله القاسمي الشعرية تُجسّد روح ما بعد الحداثة العربية في أنقاها صورها، حيث تتشابك اللغة والفكر والجمال في نصٍّ مفتوح على العالم، يرفض الانغلاق ويحتفي بالاختلاف. فهو شاعر لا يكرّر الماضي ولا ينسخه، بل يعيد إنتاجه في ضوء وعي جديد بالعالم والذات. لذلك يمكن القول بثقة إن عبد الله القاسمي شاعر ما بعد الحداثة بامتياز — شاعر يتجاوز الشكل ليؤسّس لرؤية شعرية تحتفي بالتنوّع، التعدد، والحرية.



مقال بعنوان *** في البحث عن الراحة بقلم الشاعر / محمد الليثي محمد

 مقالي بعنوان *** في البحث عن الراحة

معنى الراحة هي الوصول إلى تلبية رغبات الإنسان الكثيرة والمتجددة .. وقد كان أبو البشر سيدنا آدم عليه السلام قد عاش بعض من عمره في مكان الراحة الوحيد وهي الجنة .. قبل أن يأكل من الشجرة يقول الله تعالى في كتابه العزيز ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) من سورة البقرة
وكلمة رغدا هنا كما قال المفسرون تعنى الأكل المتوفر والغنى بالنعمة والراحة .. إذا كان سيدنا آدم ينعم بالراحة ، التي منحها الله إليه .. وبعد المعصية في أنه خالف أوامر الله .. نزل إلى الأرض .. وهنا يبدأ العالم يتغير ، من الراحة .. إلى البحث عن الراحة .. لقد عاش الإنسان على الأرض وهو يبحث عن الراحة المفقودة في هذه الحياة .. والبحث كان لهو ولجميع البشر من بعده .. إنه يبحث دائم عن شعور الراحة الذي فقده .. لذلك حاول الإنسان من لحظة وجوده على الأرض إلى يوم القيامة .. إن يخترع من الأشياء التي تقربه من الشعور المفقود .. ومن عطايا الرب ، أنه سخر له كل الأشياء الموجودة على الأرض لخدمة الإنسان .. كما أوجد داخله عقلا يفكر به ويخترع به ما يقربه من حلمه .. فعاش الإنسان وأخترع ما يضره وما ينفعه .. ولكن هذه الاختراعات بقدر من الله تعالى وهو القدير الذي يقول للشيء كن فيكون حتى لا ياتى الإنسان بنهاية هذا العالم .
هنا يأتي دور عنصر أخر كان في الجنة لكنه عصى أوامر الله بإرادته الحرة .. هو كان فى الجنة وهبط مع سيدنا آدم إلى ألأرض ورأت حكمة الله عز وجل أن يكونا أعدا ، وهنا يبرز السؤال : هل للشيطان سلطان على الإنسان ؟ .. الإجابة في جميع الكتب السماوية .. وما ذكره الله تعالى فى كتابه القران الكريم بان الشيطان ليس له سلطان على البشر ولم يكن له سلطان على أبو البشر سيدنا آدم .. ولكنه هو يوحى ويوسوس وإذا رغب الإنسان في أن يفعل الفعل أو يتبع هواه .. فلهوا مطلق الحرية فى ذلك .. لأنه بعقله الواعي قد عرف الطريق إلى الراحة .. عن طريق ما وضعه الله فيه وكذلك ما أنزله من أديان وكتب سماويه .. ومن آيات ربانية .. في كل وقت يذكره بأن العودة لها طريق واحد .. هو طريق العبادة .. وأن ما تصنعه الحضارة الغربية ما هو إل أشياء .. تأخذ منك الوقت وتشغلك عن هدفك الأساسي والوقت هو سلاحك للوصول الى حلم العودة .. أن الإنسان أخترع كل ألأشياء في هذا العالم ليقترب من شعور الراحة الأبدية المفقودة .. ولكنه لم يستطع أن يخترع دواء للموت .. والموت ليس موت الإنسان نفسه .. ولكن موت الأشياء من حوله .. كل الأشياء يدركها الموت .. حتى مشاعر الإنسان ناحية ناس كانوا في القلب .. أنها سنة الحياة التي لم يستطع الإنسان أن يتغلب عليها ..حتى أنه لو تأملنا مسائلة التغير هي في الأصل موت للقديم .. على أمل أن يكون الجديد ينعم بحياة طويلة .. تتغلب على الموت ولكن أدراك الحياة بالطريق الذي رسمه الله تعالى للإنسان .. وإذا أرت أن تحيد عن الطريق فلكا مطلق الحرية .. في أن تفعل ما تشاء ولكن كل ما تفعله هباء .. شيء لن يكون مرددوه على حلمك في أن تعود إلى منطقة الراحة .. ولكن سوف تعيش الحياة بمالك وجمالك .. بما اخترعته من اختراعات وما تحصلت عليه من أشياء كنت تظن أنها سوف تقربك من الشعور بالراحة .. أن ما تحصل عليه لهو مقدر لك .. وأن الموت يدرك كل الأشياء من حولك .. وان الحياة في العبادة التي ما خلقت أل لها .. لهو الشيء الصواب كما جاء في الآية (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) من سورة الذاريات (56 ) لشيء عجيب ما يفعله الإنسان على الأرض ليس له قيمة .. كم فعل الإنسان السابق .. وما حاذه من أشياء حاول من خلالها أن ينعم بالراحة ولكن أدركه الموت .. الذي يتسرب إلى كل شيء من حولك .. أذا كيف نتغلب على موت الأشياء من حولنا بالعبادة .. هى التي تعيش وتروي شجرة الراحة .. وتصل بك إلى الجنة مكان الراحة فى الآخرة .. أنظر إلى الضعف الإنسان في سن الكبر .. لا يطلب أي شيء .. غير أن يتخلص من جملة ألام الجسد الذي أصبح ثقيلا عليه .. عندما ينتهي شغف الحياة .. ونظرة الناس من حوله التي تحمل الكثير من الشفقة .
بقلم الشاعر / محمد الليثي محمد
أسوان
Peut être une image de 1 personne, lunettes et texte

الجمعة، 3 أكتوبر 2025

من ألمي أهديك فرحا بقلم د/آمال بوحرب

 ——

من ألمي أهديك فرحا 

من جرحي أعطيك شفاء 

املأها الكأس من دمعي 

وارفع للنصر أقداحا 

يا فيض الروح بأوصافي 

يا صوت العشق بأعرافي 

أنزله العشق لنرتاح 

يا آدم روحي حوائي 

أنبتها القدر تفاحا 

د/آمال بوحرب



القَطِيعُ وَالذِّئْبُ. بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)

 القَطِيعُ وَالذِّئْبُ.

زَعَـمُـوا أَنَّ قَـطِـيـعًـا 

  مِـنْ خِـرَافٍ مُسْتَقِرَّهْ.

بِـــفَــــلَاةٍ ذَاتِ فَـيْءٍ 

 بَـيـْنَ أَنْـهَارٍ وَخُـضْـرَهْ.

نَعِمَتْ بِالعَيْشِ حِينًا 

 وَحَــيَـاةٍ مُــسْـتَـــمِـرَّهْ.


مَـرَّ عَـامٌ بَـعْـدَ عَـامٍ 

 ثُـمَّ عَــامٌ مَـرَّ إِثْــرَهْ...

حَدَثَتْ يَوْمًا خِـلَافَا 

 تٌ فَـعَادَتْ بالـمَضَرَّهْ:

نَـطَـحَ الكَـبْـشُ أَخَــاهُ 

 نَطْـحَةً أَلْـقَـتْـهُ ظَـهْـرَهْ.

حَقَدَ الــمَنْطُوحُ حِقْـدًا

مُضْمِرًا فِي القَلْبِ شَرَّهْ.

رَاحَ لِلْـغَــابِ حَزِيـنًــا 

يَشْتَكِي لِلذَّئْـبِ أَمْـرَهْ.

سَعِدَ الذِّئْبُ وأَبْدَى

 فِي خَـفَـايَاهُ الـمَسَـرَّهْ.

أَظْهَـرَ العَطْـفَ عَلَـيْـهِ 

 وَأَتَـى فِـي حِيـنِ غِـرَّهْ.

صَـحـِبَ الذِّئْبُ صَديقًا 

 فَصَدِيـقًا ... ثُـمَّ كَـثْـرَهْ

هَاجَمُوا الكَبْشَ جهَارًا 

 مَزَّقُـوهُ عِــنْـدَ صَـخْـرَهْ

ثُـمَّ عَـادُوا لِــقَـطِيـعِ الــ

ــضَّــأْنِ مَـرَّاتٍ وَمَــرَّهْ.

رَوَّعُـوهُ ... قَـطَّــعُــوهُ 

 وَأَذاقُوا الكُلَّ حَسْـرَهْ.


مُخْطِئٌ مَنْ ظَنَّ يَوْمًا 

 أَنَّ لِلْأَعْـدَاءِ نُـصْـرَهْ.

حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)



مدينة إرَم بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف... تونس

 .. مدينة إرَم 

في أوائل 1990 ، نشرت عدة صحف معروفة ، إعلانات عن "اكتشاف المدينة العربية المختفية"، و"اكتشاف المدينة العربية الأسطورة "، و"أتلانتيس من الرمال، أوبار". والذي جعل هذا الاكتشاف يسبب المزيد من الدهشة هو أن هذه المدينة هي أيضا مذكورة في القرآن. وكان كثير من الناس يعتقدون في السابق أن قوم "عاد"  المذكورين في القرآن الكريم هم محض أسطورية وأن المدينة سوف لن يعثر عليها أبدا. ولذلك ، فأنهم لم يستطيعوا إخفاء دهشتهم من هذا الاكتشاف الرائع.

وكان "نيكولاس كلاب" ، المخرج الوثائقي البارز والأستاذ المحاضر في علم الآثار ، هو الذي سلط الضوء على المدينة الأسطورة المذكورة في القرآن. هو متكلم للعربية ومدير أفلام وثائقية ناجح، انجذب "كلاب" إلى دوامة البحث في التاريخ العربي ، و وقع على كتاب مثير جدا للاهتمام. هذا الكتاب ،بعنوان "فيليكس العربية "Arabia Felix، كتبه الباحث البريطاني "بيرترام توماس" في عام 1932. ويعني هذا العنوان "العربية السعيدة" هو الاسم الروماني لجنوب الجزيرة العربية ، التي تشمل اليمن اليوم و الكثير من سلطنة عمان. وأطلق اليونانيون على هذه المنطقة تسمية Eudaimon Arabia. (العربية المباركة) ، وأطلق العلماء العرب في القرون الوسطى على هذه المنطقة (اليمن سعيد)، لأن الناس الذين يعيشون هناك يقومون بدور الوسيط في تجارة التوابل المربحة بين الهند وشمال شبه الجزيرة العربية. علاوة على ذلك ، فإن سكان هذه المنطقة معروفون بإنتاج البخور وبيعه ، والعطور المنتجة من الأشجار النادرة.

تحدث الباحث البريطاني"توماس" مطولا عن هذه القبائل وحتى أنهم عثروا على آثار مدينة قديمة أسستها واحدة منها. وكانت هذه المدينة معروفة لدى البدو باسم "أبر" "Ubar" . وخلال إحدى  رحلاته إلى المنطقة ، أراه بدو الصحراء المسارات القديمة(الطرق) وذكروا أن هذه المسارات التاريخية تؤدي إلى مدينة Ubar. وتوفي توماس ، الذي كان متحمسا لهذا الموضوع ، قبل أن يتمكن من استكمال تحقيقاته.

انغمس كلاب في كتابات توماس واعتقد في وجود المدينة المفقودة التي ورد وصفها في الكتاب. ودون إضاعة الوقت ، بدأ بحوثه الخاصة في محاولة لمواصلة العمل الذي بدأه توماس. واستخدام "كلاب" نهجين مختلفين لإثبات وجود Ubar. أولا ، وجود المسارات التي أشار إليها البدو. ثم الانتقال إلى وكالة "ناسا" للحصول على الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية للمنطقة.

 وبعد جهد كبير ، تمكن من إقناع السلطات المحلية بالتقاط صور للمنطقة على النحو المنشود.

درس "كلاب"، بعد ذلك ،المخطوطات القديمة وخرائط مكتبة "هنتنغتون" في كاليفورنيا. وكان الهدف إيجاد خريطة للمنطقة. ومكنه بحث قصير من اكتشاف واحدة : كانت الخريطة التي رسمها الجغرافي المصري- اليوناني بطليموس في القرن 2 ( ميلادي). وأظهرت الخريطة مكان مدينة قديمة عثر عليها في المنطقة وتؤدي إليها المسارات.

في غضون ذلك ، قفز بحثه إلى الأمام قفزة هامة عندما تلقى أنباء بأن وكالة "ناسا" قد وفرت له الصور التي يريدها. هذه الصور تدل على وجود مسارات قوافل يصعب كشفها بالعين المجردة من الأرض ، ولكن يمكن تحديدها بوضوح من الفضاء. ومن خلال مقارنة الصور مع خريطة بطليموس ، توصل "كلاب" سريعا جدا إلى هذا الاستنتاج : مسارات الوثيقتين تتوافق ، وتنتهي إلى موقع كبير يبدو كموقع  لمدينة.

وأخيرا ، وبفضل عمل "كلاب" ومن قبله "توماس" ، والمساعدة التي قدمها باحثون من "ناسا" ، حدد موقع هذه المدينة الأسطورية ، التي كانت موضوع الروايات الشفوية للبدو ، واكتشفت. 

وبعد فترة وجيزة ، بدأت أعمال الحفر، فقد كشف الرفات المدفونة تحت الرمال. وبذلك ، عرفت هذه المدينة التي يطلق عليها اسم "اتلانتيس الرمال ، Ubar"

ولكن ، ما من أدلة لإثبات أن هذه المدينة القديمة كانت حيث كان قوم عاد يعيشون غير المذكور في القرآن الكريم؟ 

منذ بداية البحث ، أدركنا أن ما تبقى من هذه المدينة ينتمي إلى قوم  عاد وأصبحت المنافسة بلا منازع من لحظة اكتشاف بقايا أعمدة "إرم" وأبراجها المذكورة بالتفصيل في القرآن الكريم. 

صرّح أحد المسؤولين عن الحفريات ، الدكتور Juris Zarins ، أنّ الأبراج واحدة من السمات المميزة لـ"أبر أو "إرم". وظهور دعائم الأبراج والأعمدة يكفي من الأدلة لإثبات أن موقع الحفر ليس سوى   Iramإرم ، المدينة المدفونة  التي ورد ذكرها في القرآن الكريم:

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)

الفجر.

ولذلك علينا النظر إلى أن المعلومات التي قدمها القرآن عن أحداث الماضي تتسق تماما مع مصادر المعلومات التاريخية ، التي هي دليل آخر على أن القرآن الكريم كلام الله. 

حمدان حمّودة الوصيّف... تونس

من كتابي : القرآن والعلوم الحديثة



أميرة الضباب بقلم الكاتبة زينب عياري / تونس

 ♣︎♣︎.   أميرة الضباب  ♣︎♣︎


تخبطت الأنامل بين أمواج الحروف

تجدف الحبر الهائج سيولا 

يشق سواقي الأشواق 

يسرق دمع المطر من آهاتي 

 ومن زجاج مرآتي 

لمحت شعاع ضجيج 

يطلب مني تأسيس عاصمة للضياء ...

تغدغ سهادي 

وإن أكون أميرة الضباب ..

بيدي الحكمة وفي فمي مفتاح الصابرين ...

♣︎♣︎

على صدري تنهيدة الرضيع 

أبحث عن بصر لكفيف

أطلق قيود العبيد 

في حديقة المستحيل 

أصنع ابتسامة للشقاء ..

بين كثبان الرمال أعد المواسم 

بلهفة اللقاء ، بحضن ارتعش عند الفراق..

في آخر مساء موعد للرحيل

 تناثرت فيه كل الأوراق 

صفراء اهتز غصنها قبل الوداع ....

تبا لهذا الخريف الرمادي 

تمضي الصورة تغرد كالحمام 

♣︎♣︎

في أحلام اليقظة أسكن العراء 

وكفي ملطخة بدماء الحناء

والوشم الأخضر لا يفارق موائد الذكريات

يتسلل عبيره على أعتاب الضباب 

يعلو كبخور الأحزان 

يشتهي السفر وضميدة للآلام ..

كل تراتيل الغياب اندست تحت لحاف الغصة الماطرة 

ضمت وشاح القبور 

وجفاف السعادة في قاع التراب 

تشققت الأرض وتعذبت سنابل الغبار 

♣︎♣︎

نامت الفرحة بلا وسادة وصار الفراش أطلالا 

انقطع حبل الوصال خلف الأبواب 

حديث صوت يربك الفراغ ..

تأملتْ القصيدة جبلا   يملأ المدى يشاهد السماء 

أنظر من هناك .  . ..؟

انها النجمة البعيدة .. التي ضاعت ..

ترسل إشارة لكنها لا تنزل الأرض..

إنها ليست سعيدة وهي في أعلى مكان .....

♣︎♣︎

غريبة أنت أيتها العواصم  ليس لديك عيد ولا صيام

اذن كيف سأشتري البالونات ..والنجوم لا تبيعها ..؟

علقت كل الحكايات بين اللسان والقلم 

سخر الحرف  من الورق 

دار السؤال في الروح والشفق 

زارني الغروب في المنتصف يبحث عن جواب في الأفق 

أين صور العيد يا أبي . ؟

لقد صاحت الديكة قبل الفجر 

قبل حلول أيام العشر ..

اصابتها الدهشة في وقت الاذان 

♣︎♣︎

كل الفساتين باهضة الثمن 

الا فستانا واحدا احمر اللون 

وقصيرا جدا رفضته دميتي الشقراء 

تبحث عن آلة تصوير وأين يسكن ساعي البارد 

هل ضاع في المنعرج أم إلتقط الصورة وهرب ..

وعجزتَ أنت عن الطيران 

هل فاضت الأنهار.  .

كل الأجوبة تعطبت وذابت كالضباب 

على عتبة الطرق القديمة تحتفل بالكعكة الصفراء ..

♣︎♣︎

إنقضى العيد وتصلبت الأيام 

واقتنيت فرحة بحجم الأحلام 

غمرني عزاء الزقاق 

أصيد الفراشات أجففها بين أصابع الأطفال 

وفي خلوتي أغرس وردة بيضاء 

انشرها بعدد اللحظات ..

وانتظر ساعي الباريد في المحطات ..

إنه يسير خلفي يلعب كالصبيان 

كلما اتفتُ ورائي.. إختفى ..يخاتلني ..

وجدتُ الصورة في المحفظة بلا عنوان 

♣︎♣︎

أخذت لحلمي المستساغ ..

فضاع الكلام من غير وداع 

صار لحنا وفيا يصفق للعابرين بجناح واحد 

جلست الصورة من الأمام مخلصة بهية 

حين يدركها المخاض ترشف معي 

العزف الموجع في غسق اليل ..

فرنا الطير بين رذاذ الطريق يشتهيان ظل السهر 

يستفيق النوم بين جفنيه وحلق في الصباح 

يبحث عن شهرزاد وكيف نام شهريار 

وكيف صاح الديك ؟ 

وكيف عشقت الأميرة الحياة 

واختفت في الضباب 

ونسيت الدمية والفستان .....

♣︎♣︎

بقلمي زينب عياري / تونس



الخميس، 2 أكتوبر 2025

أنا ظل في مرآة مكسورة بقلم سعيد العكيشي/ اليمن

 أنا ظل في مرآة مكسورة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هكذا أنا

كلما مررت في طريق النسيان

تمرين أنتِ فوق رأسي

أحاول الإمساك بأصابعك 

تسقط

وتبقى أصابع الندم

في قبضتي

تصرخ

من فجوة الصمت

وتتنهد

من حنجرة الحنين


هكذا أنا

وحدتي… أنا وحيدها

وابنها العاق

تبحث عني فيَّ 

فلا تجد إلا الصبر

جالساً 

على مشارف روحي

يروِّض حنيناً لا يُروَّض

فأنزف ألماً

حتي يغفو الحزن

إعياءً 

على خديَّ


هكذا أنا

كلما حنيت للطين

تمزقت الخرائط 

كلما همست للغيم…

لا تنصت السماء،


ألوك الكلام المتعثر 

بفم البلاغة

فيتسلقني الشعر

من نافذة الأنين

فيكتبني

قصيدة حزينة

لا يقرؤها أحد 


هكذا أنا 

يناديني الغياب

بفم الفراغ…

فتختفي ملامحي

ويرد ظلي

من مرآة مكسورة

ما من أحدٍ… سواي

وكأني

 لم أكن.


سعيد العكيشي/ اليمن

المهجر بقلم الكاتب صالح مادو

 ✦ المهجر ✦

بلا أملٍ

سأودّع وطني

صمتُّ شهورًا طويلةً

البعوضة تمتصُّ دمي

سأرحل عنها بعيدًا

وراء البحر والجبل


سأرحل عن وطني

لا دارَ لي فيه

لكن فيه شعبٌ

لا يزال يناضل

يسكن قمّة الجبل


لم أعد أشربُ الشاي

ولا أدخّن السيجارة

لن أرى الشارعَ الملتوي في الجبل أبدًا

لن أتذوّق تينَك من جديد

ولا عسلك العذب مرة أخرى

ولا أدخّن من تبغك بعد الان


لن أسمع صوتَ الحجل في الجبل

ولا صداه في الوادي إلى الأبد

ولن أرى حبيبتي الأسيرة

بيد الغزاة

من هذا اليوم فصاعداً


أنا أسهر

أنا لا أنام

حياتي أصبحت كلّها انتظارًا


أعطني طفولتي

أعِد لي مدينتي!

لأبقى…

أُهديكَ دموعي

وأشعاري

يا وطني


…… صالح مادو ……


---


قصيدة بعنوان *** هو الذي كان بقلم الشاعر // محمد الليثي محمد _____ مصر _____ أسوان .

             قصيدة بعنوان  ***     هو الذي كان

يغض الطرف عن روحي المعذبة

ويلملم أجزائي المبعثرة

كأنه يهبط من على كتفي

إلى قبره

يدخل إلى التراب

أو يدخل التراب فيه

في صمت أيضا

يسحب الشعرة المتبقية

بين الخارج والداخل

في الداخل أصوات كثيرة

في الخارج صمت الوحدة

شاهدة مرآة بجانب الباب

دخلت فيها

رأيتك ترتدي بعض أخطائي

بعض ذنوب الماضي البعيد

حلمت بأني أخرج من جلدي

كثعبان يبحث عن وطن

عند الفجر  ، أيقظني

قال لي  :

سوف يجيء يوم آخر

يبيض الحمام على باب البيت

وتنسج الجدة خيوط العنكبوت

بلا نظارة طبية أرى العالم

وبلا حقائب يتسع القطار

يطير حافر الفرس

بين حروف الكلمات

وأنت مستند إلى ركنك المجهول

تحب أن تعيش الحياة  .. انتظار

ماذا تنتظر  ؟

لم يبقي غير الموت

في المحطة القادمة

ذهبت الصحة

وذهب الحب

وجاء طائرك المكسور

ليجلس على بقايا نافذتك

هل لديك رغبة في الحياة ؟

أم عدت تحمل رائحة الطيبين

أحذر العربات في شارع الإسفلت

وأنت تمشي على صوت زفيرك

صاح بي ليس القبر قبرك

وأنما أسرج حصانك

وأسبح في مهب الريح

لقد غادر المتفرجون

أرضك

وأصبحت المراكب متعبة

ما ياهمك هو ؟

ماذا سيحدث بعد ساعة ؟

نداوي جراحا الأمس

ونكتب أن الموت لن يأتي

حتى لو مات الناس جميعا

وإن الموت يخطأ الطيبين

ونحن من الطيبين

يفعلون الذنوب

ويظنون أنها إعمال حسنه

سقط الحصان

وأخذنا النفق الرمادي

لتتسع البحيرات

وترتفع السنابل

ويعود المطر الخفيف

ليطبطب مجرى الروح

ونعود نولد .. من جديد

وفي داخلنا رائحة الخطايا

أهبط من على كتفي

 إلى قبرك

تلك نهاية الرحلة

--------------------*********-----------------------------

بقلم الشاعر // محمد الليثي محمد  _____ مصر _____ أسوان  .



تشرين… بقلم الكاتبة لينا_ناصر

 تشرين…


ذلك الزائر الذي يعرف كيف يطرق الأبواب بخفّة،،،

لكن وقع خطاه يزلزل الأفئدة ويتصدر في الأحاديث العناوين..!


تشرين،،

يعلّل برد مطلعه بارتعاشة وجد

كأنه يذكّرنا أن بعض المواسم

لا تأتي بالريح فقط،،،

بل تعود محمّلة بذاكرةٍ كاملة من الحنين...!


في تشرين،

تتشابك الأرصفة بظلال العابرين،،،

وتلمع العيون برعشة عشقٍ

تنهض من سباتها،

بعد عمرٍ من السكون...!

كأن النفوس تستفيق على موعدها 

والأرواح لا تنجو من امتحان العودة،،

ولا من ارتجاف القلب حين يلمح 

ماضيه يتجسد أمامه مقترنًا باليقين..!


تشرين…

ذلك الشاعر البارع الذي يجعل من

أوراقه المتساقطة رسائل صغيرة،

ممهورة ببقايا كلمات لم تُكتب..

وبرعشة لم تُكتمل...!


في صوته حفيفٌ يشبه الهمس،،،

وفي رائحته شجنٌ يملأ الرأس،،

حتى الغيوم فيه تحمل ملامح أحبّة قد لا نراهم مجددا ولكنه يحتفظ بهم بين طيات أوقاته ،،

حتى تكاد سماؤه تصبح أفقًا ممتلئًا بالصور...!


برده الأول

يزاحم الصمت فينا،،،

ثم سرعان ما يطلق العنان

لضجيج قلوب ما زالت تؤمن بالعشق،،

وما زالت ترتعش كلما مرّت بها ذكرى،،،

أو تسلّل إليها اسمٌ قديم...!


تشرين…

موسم الاعترافات المؤجّلة،،،

ومرايا القلوب التي تتعرّى أمام 

قوافل الشغف المقبلة،،،

فإما أن نتدفأ بعشقٍ متأخر،،،

أو نرتجف معه كلما أقبل 

وكأنه العاشق الذي لا يتغير...!


فياعشاق تشرين

آن الأوان لاطلاق حملة دفء المشاعر..

إملأوا كفوف أحبتكم بالأمان من كفوفكم 

واجعلوا من كل رعشة برد

موعدا  لقبلة

ومن كل جنون مطر 

جنون معاكس يبعث حرارة العشق 

في الاوردة

لتكتمل معادلة تشرين...!


لينا_ناصر



** ((قَليلُ أَدَب))ِ../1/ - سلسلة قصص عن أبي - قِصَّة: مصطفى الحاج حسين.

 ** ((قَليلُ أَدَب))ِ../1/

- سلسلة قصص عن أبي - 

 

    قِصَّة: مصطفى الحاج حسين. 


كانَ (جدّي) في سَنةٍ واحدةٍ قد دَفعَ عن أبي "خَمسَ مئةِ ليرةٍ"، ليُعفيَهُ من "الخِدمةِ العسكرية"، ثمّ صرفَ في ذات السّنةِ "خَمسَ مئةِ ليرةٍ أخرى" على زواجِه من أُمّي.


كان (جدّي)، في غايةِ القَسوةِ عندما يغضب، يُريد ويَطلُب من أبي، ومن جميع أفرادِ أسرتِه، أن يَلتزموا بالأُصول، وألاّ يَخرُجوا عنها، وإلّا لَقُوا منهُ ما لا يُتَوقَّع.. وهذا ما حدثَ بالفعل، مع أبي.


كان أبي منصرفًا من شُغله، عند المساء.. فوجد (جدّي) وعددًا من رِجال الحارةِ جالسين، يُسنِدون ظهورَهم إلى الحائط، عند الزّاوية.


سلَّم والدي على جميعِ الجالسين، ثم تقدَّم من (جدّي)، وأخذ يدَهُ، وقبَّلها "ثلاثَ مرّات" ، وفي كلّ مرّة، كان يَضعُ يدَ (جدّي) على رأسِه، بعد أن يُقبّلَها.


فقال له (جدّي) بسعادةٍ بالغة:


– الله يرضى عليك، يا ابني (محمّد).


ثمّ وقف أبي يتأمّل الرّجال العجائز، أصحاب (جدّي) وجيرانه.. وأراد أن يُمازح أباه، ليتباهى أمام هذا الجمع من الحضور، فقد كان قابضًا مبلغًا من المال، لا بأس به، هي أُجرته، وربّما تكون "المرّة الأولى" التي يقبض فيها أبي أُجرته بيده!


إذ عادةً ما كان ابن عمّه (أبو حسن) يُسلّمها إلى (جدّي)، لكنّه في هذه المرّة، تكرّم على أبي، وأعطاه الأُجرة بيده شخصيًّا.


وكان مقدارها" خَمسُمِئةِ ليرةٍ"، حصيلةَ عملِ" مئةِ يومٍ"، من شُغلِ أبي، لأنّ أُجرته في اليوم الواحد كانت "خَمس ليراتٍ" بالكامل.


وكان (جدّي) يمنح أبي "خَمسَ ليراتٍ" في الأسبوع، تمثّل أجرةَ يومٍ واحدٍ فقط.


وكان على أبي، أن يُنفق على نفسه، وعلى أمّي، وأخي (سامي) الذي سبقني إلى هذه الحياة.  

أمّا أنا، فبقي لأمّي ما يُقارب "السنتين والنصف" لتنجبني.


وكان أبي، يدفع من هذه" "الخمس ليرات" ثمن الدخان، ومصاريفه الشّخصيّة، وما يتطلّبه تصليح درّاجته، التي لا تنتهي متطلباتها، بالإضافة لما تحتاجه أمّي من أشياء كالألبسة، و(المكياجات)، والعُطورات، وغيرها…


كذلك أجرة (حمّام السّوق)، إذ كان لا بدّ لها أن تذهب إلى (حمّام السّوق) ولو لمرةٍ واحدةٍ في الأسبوع.


إلى جانب بعض النّفقات على رضيعها، مثل (البودرة) و(الكولونيا).


قبض أبي أُجرته، "مبلغ خمسمئة ليرة" ، وكانت عبارة عن "خمس قطع ورقيّة" من فئة (مائة ليرة).


وبعد انصرافه من عمله، وهو في طريقه إلى الدّار، عرّج على السّوق الكبير المكتظ بالمحلّات والمتبضّعين، والذي يحتوي على جميع الأصناف والطّلبات، من مواد غذائيّة، وموالح، وحبوب، وسُكّر، وشاي، وبُنّ، وزيوت، وسَمن، إلى كافّة أنواع اللحوم، والأسماك، والدّجاج.. وغيرها من الأحذية، والألبسة، وصولاً إلى المنظّفات، والمكياجات، والسّاعات المتنوّعة، إلى الفِضّة والذّهب.  


كان أبي بحاجةٍ إلى حزامٍ جلديّ لِخَصرِه (قِشاط)، فمرّ على محلٍّ يحتوي على طلبه.. انتقى أبي (قِشاطاً) يُناسبه، وحين سأل عن ثمنه، قال له البائع:


- ثمنه نصف ليرة.


فأخرج له ورقةً من فئة (المئة ليرة)، وأعطاه إيّاها، ليردّ له البائع البقيّة، بعد أن يَقطع من (المئة) ليرة، ثمن القِشاط.


ولأنّ أبي كان يُريد أن يتباهى أمام الحاضرين من الجيران، أهل حارته، من العجائز، والمسنّين، والرّجال، والشباب، وفِتيَة، وأطفال من كلّ الأعمار، كانوا متواجدين قُبيل غروب الشّمس بدقائق قليلة..


مدّ أبي يده إلى جيب شرواله، وأخرج ما يحمل من نقود، وقدّمها بزهوّ إلى (جدّي)، وهو يقول:


- تفضّل يا أبي.. خُذ، هذه أُجرَتي.


تطلّعت عيون كلّ من كان حاضراً، فالمبلغ ليس بالقليل، إنّه أجرة عمل (مئة) يوم، من الأيّام الشّاقّة، والطّويلة، والمُضنية، بالنّسبة لأبي، الواقف أمام النّاس، وهو مغترّ، يشعر بالزّهو، والفخر، والكِبر، والكِبرياء.


تلقّف (جدّي) من أبي حُزمة النّقود، كانت أربع قطع من فئة (المئة) ليرة، والباقي نقود (فراطة)، فيها أنواع عدّة، ورقيّة ومعدنيّة.


عدّها (جدّي) بعَجَلة، والعيون تُراقبه وتُشاركه العدّ.. كرّر (جدّي) العدّ مرّات ومرّات.. ثمّ رفع رأسه صوب أبي، وقال:


- يُوجَد نقص نصف ليرة!


ابتسم أبي، وكشف عن بطنه، وأشار إلى (قشاطه) المحزَّم به، وقال:


- مررتُ إلى السّوق، واشتريت هذا..


وكان يُشير بيده إلى (القشاط) الجديد.


بان الغضب على وجه (جدّي).. ارتسمت عقدة حاجبيه، التي يخشاها أبي، واتّسعت حدقتا عينيه المُرعبتين، وحاول أن يكظم غيظه، أمام النّاس المُندهشين من انقلاب مزاجه المُباغت، فقد كان منذ لحظات، يتمتّع بالهدوء، ويُمازحهم، ويضحك معهم بصوتٍ عالٍ فيه رنين.


عاد وسأل أبي، والدهشة والاستغراب باديتان عليه:


- أتصرف "المئة ليرة".. من أجل "نصف ليرة*؟!


ردّ أبي، مُرتبكاً وفي حرجٍ

.. فقد أراد أن يزهو ويتباهى أمام الحاضرين، فإذا به يجد نفسه قد وضع ذاته في موقفٍ حَرِج للغاية.  

قال مخاطبًا أباه:


- أبي، لا (فراطة) عندي.. أُجبرتُ على الصّرافة.


فردّ عليه (جدّي) بانفجار غاضب:


- ولماذا لم تأتِ لعندي لتأخذ منّي النصف ليرة؟!  

ثمّ هل تريد أن تقطع مصروفك من تلقاء نفسك، دون أن أعطيك أنا؟!  

قل لي: ما هذه الوقاحة، وقلّة الفهم، والذوق عندك؟!  

هل أنا ربّيتك على هذه الأخلاق؟!  

أم ظننتَ نفسك صِرتَ رجلاً، لأنّك أصبحتَ أبًا؟!  

اللعنة عليك، وعلى ابنك، وأمّه، يا ابن الكلب!


قال (جدّي) هذا الكلام، ثمّ أخذ جميع النّقود التي تناولها من أبي، وجمعها في يده، ورماها بكلّ قواه في الباحة الترابيّة، حيث العشب اليابس الباقي من الحصاد...


فتراكض الصبية، والأطفال، والشباب، والرجال، وحتّى الكهول..

يتسابقون لالتقاطها والبحث عنها، وكان الزّحام، والصّياح، والزّعيق...  

في حين كان أبي، يمسح دموع قهره، التي انسابت من عينيه رغمًا عنه،  

فهو الآن في أفظع موقفٍ تعرّض له في حياته حتى تلك اللحظة.


جمعوا النقود التي قذفها (جدّي)، فكانت ناقصة "ليرةً ونصفًا"، وبقي الأطفال مستمرّين في البحث عنها.


تقدّم (أبو عبّاس)، صديق (جدّي)، وقال بصوتٍ متّزنٍ وهادئ:


- طوّل بالك يا (أبو حسين)، الله يخليك.. ابنك (محمد) من أروع وأعقل شباب الحارة.


لكنّ (جدّي) لم تهدأ ثورته بعد،  فها هو يقسم أمام الجميع، قائلاً:


- أُقسم بالله العظيم، لن تدخل الدّار، ولن تنام فيها، لا أنت، ولا امرأتك، ولا حتّى ابنك!


وتعالت الأصوات من كلّ مكان:


- لا.. لا.. يا (أبو حسين).. طوّل بالك، وتعوّذ من الشّيطان الرّجيم.


وأفلتت من أبي شهقةُ بكاءٍ مرّ، حين التفّ الرّجال حوله، ودفع بيده (بسكليته) على الأرض بقوّةٍ وحنق، وقعت الدراجة، ونهض (جدّي) من جلسته، وغادر مكانه، متّجهًا إلى داره، مخلّفًا وراءه أبي، المخنوق في بكائه، والمحاصر بالرّجال الذين راحوا يعرضون عليه. أن يقبل ويذهب مع أحدهم، لينام عنده إلى أن تنقضي هذه الليلة المشؤومة.


لكنّ أبي لم يستجِب لأحد. انحنى فوق درّاجته، جلّسها، ومضى بها بعيدًا عن الحارة.  

وكان الليل قد سيطر على الأرض والسّماء،. بينما القمر يرفض الظهور، فوق مدينةٍ يبكي فيها أبي… وأمّي التي أمرها (جدّي)، فور دخوله البيت، أن تغادر، وتذهبَ إلى بيت أهلها. وبعد أن بكت أمّي بشدّة،. شاركتها في البكاء كلٌّ من "جدّتي" وعمّتي "حميدة"،. حتّى عمّي "عُمر"، لم يستطع أن يُخفي حزنه.  


جهّزت أمّي نفسها،  

لبست "مِلحفتها"،  

وحملت رضيعها، أخي "سامي"، ثم غادرت برفقة عمّي "عُمر"، الذي أوصلها إلى دار أهلها:  

بيت "جدّي عبيد" و"جدّتي عَيّوش".


أمّا "جدّي سامي"،  

فقد دخل غرفته،  

وأغلق على نفسه الباب،  

دون أن تجرؤ "جدّتي" أو عمّتي "حميدة"  

على الدخول إليه.


وما زال الليل يخنق المدينة، وما زال القمر مختبئًا عن سماءٍ بكى فيها الأب، وغادرتها الأم… وحُمِل فيها الطفل الرضيع

، بعيدًا عن دفء البيت…  

لأجل "نصف ليرة".*


 مصطفى الحاج حسين.



ها أنتِ أمامي بقلم د. محفوظ فرج المدلل

 ها أنتِ أمامي 


ها أنتِ أمامي

يَتمثَّلُ لي وجهُك زاهٍ

في عينين بهالاتٍ 

تهتُ بها 

أنّى أتمعَّنْ

حسنُك يذهب بي

نحوَ محطاتِ للحب 

على مَرّ السنواتِ 

التمَّتْ حولَ الهدبِ

كأنّي في زهو صبايَ أسيرُ 

شباكِ السمراءِ القورينية

في منعطفاتِ الجبل الأخضر

طَبعَتْ أوسمةً في قلبي 

ظلَّتْ حرقتُها تتجدّدُ 

في كلّ زمانٍ ومكان ألقى

فيها إيماءةَ حُسْن تشبهُ

بعضَ ملامحها 

تبهرُني والأصلُ  

شباكَ السمراءِ القورينية

الله على بسمةِ عينيْ فوزٍ

إمّا التفتتْ نحوي

وأنا منشغلٌ عنها 

فيما يلقيه الاستاذُ

تُوقِفُ نبضَ القلبِ 

 إذا وقعتْ عيني 

فوقَ أثرٍ محفورٍ تحت

الجفنِ وفرَّ إليهِ

كأنّي أهوي من ألسنةِ 

السدِّ العلويّة في سامراء

بعرضِ الماء الجاري

تَتشَبثُ أحرفيَ الظمأى   

بتلابيبِ الموج الحاني

 وتغطسُ في أرادانِك

أو جيبك 

كقلادةِ حبٍّ في نحرك 

تأوي في عَبقِ طياتِ 

الشعرِ المسدول

على كتفيكِ

أقولُ لها : رِقِّي حينَ تجوسينَ

إهابَ السمراءِ الدورية 

التمسي منها أنْ تتقبلَ منكِ الصور 

 المجنونة 

تهيمُ بما لم تألفْهُ 

من الحسْنِ الأخّاذ


د. محفوظ فرج المدلل