الثلاثاء، 9 سبتمبر 2025

في عش الدبابير بقلم طارق غريب

 في عش الدبابير

صرخة العاجز وشوشات وأنين
"أنا وعرائس الماريونيت"
كأنني وجدت نفسي فجأة في مسرح بلا جدران،
مسرح يمتد في فراغٍ بلا سقف،
وتنتصب فيه خيوط شفافة لا تُرى إلا حين يلامسها ضوء بعيد.
كنتُ واقفًا في المنتصف،
أراقب العرائس المعلّقة وهي تتحرك بانسجام غريب،
كأنها تعرف طريقها أكثر مما يعرفه مَن يحرّكها.
وجوهها جامدة، لكن عيونها تبرق بوميض ميت،
يشبه وميض أحلام لم تولد بعد.
كنتُ أسمع وقع خطواتها الخشبية على أرضية غير مرئية،
وكل ضربة كانت ترتدّ في داخلي كأنها دقّات على جدار روحي.
سألت نفسي: من يحرك هذه العرائس؟
أي يدٍ خفية تسحب الخيوط لتمنحها حياةً مؤقتة،
ثم تتركها تتدلى كجسدٍ بلا معنى؟
اقتربتُ من إحداها،
ووجدتُ أن خيطها يمر عبر صدري أنا.
أدركت أنني لست مشاهدًا فقط،
بل جزءًا من المسرحية.
أنني العروس الأخرى، أتحرك حين يشدّ الخيط، وأصمت حين يرخيه.
ما ظننته حرية لم يكن سوى ارتعاشة بين قبضتين مجهولتين.
في لحظةٍ غامرة،
شعرت أن العرائس ليست خشبًا،
بل صورًا مجسدة لوجوه البشر من حولي:
هذا الذي يتكلم بلسان غيره،
وذاك الذي يحلم بما بُذل فيه،
وتلك التي تسير بخطى رسمها آخرون.
كلهم يرقصون بخيوطٍ غير مرئية،
يظنونها قدرًا،
وهي في حقيقتها شبكة متشابكة من أهواء، مصالح، وموروثات متصلبة.
حين حاولت أن أقطع الخيط الذي يخترقني، لم ينقطع.
لكن شيئًا تغير : لم أعد أستجيب له.
اكتشفت أن الخيط بلا قوة إن لم أمنحه أنا قوتي.
حينها فقط، توقفت العرائس من حولي،
وتجمّد المسرح، كأن الصمت انسكب من الأعلى.
عندها فهمت:
الحرية ليست أن تُقطع الخيوط،
بل أن تتحول إلى يدٍ لا تُرى،
تصنع حركتك بقرارك، لا بإملاء من فوق.
وهكذا بقيتُ واقفًا وحدي،
بين عرائس معلّقة في صمت،
أدرك أنني لم أعد عروسًا بينها،
بل الناجي الذي تعلّم كيف يعزف من داخله،
لا من خيطٍ يشدّه من الخارج.
طارق (بصوت مرتجف وهو يتأمل العرائس):
من أنتم؟
أشباح أم ظلال؟
ما الذي يجعلكم تتحركون بهذه الطاعة الصماء؟
عروسة عجوز بوجة متشقق (بصوت خافت متقطع):
نحن أنت ، وأنت نحن.
لسنا سوى مرآة لخيطك الممدود.
طارق: مرآتي؟
لكنني أحيا، أتنفس، أختار…
كيف أكون خشبًا محمولًا بخيط؟
العرائس معا :
الاختيار وهمٌ يا طارق.
أنت تتحرك لأن خيطًا شدّك،
تضحك لأن أحدهم أوحى لك بالضحك،
تبكي لأن خيطًا آخر همس للحزن أن يقطر فيك.
طارق يصرخ : لا!
أنا ! أنا لست خشبًا. أنا من يقرر
العروسة بالزي الملكي تضحك ببرود:
جرب أن تتحرك الآن دون أن يلتفت الخيط إليك.
جرب أن تصمت حين يُطلب منك الكلام.
ستعرف عندها أنك لا تملك إلا ما يُمنح لك.
طارق (متمهلًا، يضع يده على صدره):
لكنني أشعر بالتمرد ،
أشعر أنني أستطيع أن أرفض.
العرائس معا :
الرفض نفسه خيط آخر،
مُعدّ لك من قبل أن تفكر فيه.
طارق (بصوته الداخلي):
هل أنا محكوم حتى في لحظة رفضي؟
أم أنني قادر أن أتحرر لو توقفت عن الاعتراف بالخيط؟
إحدى العرائس (تقترب منه، عيونها تلمع كجمر):
لا تنخدع، يا طارق.
الخيط ليس في السماء، بل في داخلك.
ما يربطك ليس اليد العليا،
بل خوفك، طمعك، ذاكرتك المثقوبة.
طارق بصوت متصاعد :
إذن إن قطعتُ الخيط من داخلي، أكون حرًا!
العرائس (تضحك وتنتحب في آن):
الحرية ليست قطعًا ،
الحرية أن ترى الخيط وتعرفه،
ثم تختار أن تعزف لحنك الخاص فوق ارتعاشاته.
طارق (بصوت هادئ، حاسم):
نعم ، لن أكون خشبًا.
سأكون اليد التي تحرّك ذاتها.
لست تابعًا لصدى، بل صانعًا لصوت.
تسقط العرائس فجأة صامتة، تتدلى بلا حياة.
يظل طارق وحده في المسرح،
محاطًا بخيوط تتلاشى في العدم.
يمد ذراعه نحو السماء،
وكأنه يمسك بخيطه الأخير،
ثم يتركه يسقط.
طارق (همسًا) : ها أنا أخيرًا ، أنا.
يسود المسرح صمتٌ مطبق.
فجأة، يبدأ صوت خافت يشبه تنفسًا متقطعًا ينبعث من الخلفية،
يتصاعد تدريجيًا ليتحوّل إلى دقات ثقيلة كدقات قلبٍ كوني.
العرائس المعلقة ترتجف،
تتحرك لا إراديًا،
كأن الخيوط تعصف بها بعنف لم تعرفه من قبل.
طارق (مرعوبًا وهو يحدق في العرائس):
ما هذا؟ لقد أسقطت الخيط ،
فلماذا تعودون للحركة؟!
الإضاءة تتشظى:
ضوء أبيض حاد يسقط من الأعلى،
يقسم الخشبة نصفين،
بينما العرائس تتأرجح كأنها تحاول الإفلات من قيودها.
أصوات صرير الخشب،
ثم أصوات بشرية تتداخل،
صراخ،
ضحك،
بكاء في آن واحد.
العرائس (بصوت جماعي متفجر) :
لن تهرب منا يا طارق!
نحن داخلك ،
نحن كل قرار لم تُدرك أنه وُجه من قبل!
طارق يضع يديه على رأسه،
يتراجع للخلف،
ثم فجأة يصرخ بكل قوته:
طارق : لا!
لستُم أنتم من يحرّكني!
أنتم بقاياي، أشباحي، قيودي القديمة!
(مع الصرخة،
تُطفأ الأنوار كلها لحظة خاطفة،
ثم يندفع شعاع ذهبي وحيد من أسفل الخشبة نحو طارق،
كأنه يخرج من داخله.
العرائس تسقط جميعها أرضًا في لحظة واحدة،
تتكسر أصوات خشبها في انفجار مدوٍ يشبه انهيار جدار).
(الموسيقى تنفجر كعاصفة:
طبول، صفارات، دوي رعد.
يتزامن مع ذلك اهتزاز المسرح البصري:
أضواء متقطعة، ضباب يملأ الخشبة،
ثم صمت مطبق مرة أخرى).
(طارق يقف وحده في المنتصف،
مرفوع الذراعين، يتنفس بصعوبة،
لكن النور الذهبي يغمره تدريجيًا حتى يبتلع المسرح كله).
طارق (بصوت هامس أخير):
الآن ،
أنا لست خشبًا
أنا النار التي تحرك ذاتها.
تسقط الستارة ببطء على ضوء خافت يتلاشى،
فيما تظل أصداء الانفجار المسرحي ترنّ في آذان الجمهور.
تمت
وليس للنمرود سوى خُفي حُنين
وخليك يا شعب غلبان ، عامل زي شخشوبان ، بجسم خشب وعيون زجاج ، منين تشوف؟
يا إدريس : جهز جلسة الكهربا
طارق غريب

قراءة تحليلية-عجولة-لشعر الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير *: (بكاء الغربة..وترانيم للوطن) بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 قراءة تحليلية-عجولة-لشعر الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير *: 

          (بكاء الغربة..وترانيم الوطن)


قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت أن شعر الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير يُمثل ظاهرة أدبية فريدة،حيث تلتقي عدة أبعاد وجودية في بوتقة الإبداع: الهوية الفلسطينية،وجع الغربة،لسعة الإغتراب،ووعي لغوي وجمالي عميق.هذا المزيج ينتج شعراً هو أقرب إلى سيرة ذاتية جماعية ممزقة بين مكانين: وطن مفقود بالذاكرة ومنفى ملموس بالجسد.

هذا الوطن ككيان أسطوري( فلسطين) لم يعد في قصائد الأستاذة عزيزة بشير مجرد مكان جغرافي. بل نستشعره كـ"جنة عدن" مفقودة،كأم حنون،أو كحبيب بعيد المنال.هذه الصورة المُثلى هي نتاج الذاكرة التي تنتقي ألمع التفاصيل (رائحة الزعتر، صوت الأذان،شجر الزيتون..عطر جنين..ترانيم حيفا..ودموع غزة..) وتُضفي عليها طابعاً قدسياً.هذه سمة دفاعية ضد محاولات طمس الهوية.كما أن الاغتراب ليس مجرد العيش في بلد آخر،بل هو حالة من اللاانتماء والانشطار.فالشاعرة تعيش في "هنا" جسدياً لكن روحها ووعيها في "هناك". هذا يخلق إحساساً دائماً بالغربة حتى في أكثر أماكن المنفى أماناً،سيما وأنها تعيش-على حد قولها- بدولة الإمارات العربية المتحدة-في كنف الأمن والأمان..

جل قصائدها تنبجس من رحم فلسطين،إذ تذكرنا بمطر القدس وشمسها،فتصبح عناصر الطبيعة محفزاً للألم والحنين.أما كلماتها،فهي مرآة صادقة تنعكس عليها صورة الوطن،إذ نراها تحمل آلامه وندوبه.وهذه المواجع المتخفية بين السطور ليست ضعفاً،بل هي مصدر للقوة والصمود والحماية،مثل الأرض التي تمنح الحياة.

هذه القصائد غالبا ما تكون تأملية-سردية،تنتقل بين الماضي والحاضر،بين الذكرى والواقع المعاش، مما يخلق إحساساً بتداخل الأزمنة وهو ما يعكس تشظي الهوية،لكن القارئ يشعر أن القصيدة قادمة من أعماق تجربة إنسانية حقيقية،وليست مجرد تمرين بلاغي.هذا العمق العاطفي هو أقوى أسلحتها.

لقد نجحت الشاعرة في تحويل المعاناة الشخصية إلى قضية إنسانية عالمية،وأبدعت أيضا في تحويل قصتها الخاصة مع الغربة والإغتراب إلى ترنيمة لكل منفى،لكل إنسان يشعر بالغربة،مما يوسع من قاعدة التلقي والتأثير.ولعل الأهم في خطابها الشعري،هو المقاومة بالكلمة،ففي غياب السلاح،تصبح القصيدة وسيلة للمقاومة وجودياً وثقافياً.وهي طريقة للحفاظ على الهوية وإثبات الوجود ورفض النسيان.بمعنى آخر الشعر هو "بطاقة الهوية" كما قال محمود درويش،وهنالك تتقاطع معه الكثير من الشاعرات.

ختاما أقول :شعر الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير،هو ضرورة شعرية وتاريخية. هو وثيقة إنسانية تؤرشف لجرح شخصي وجماعي،وتحول الألم إلى جمال.وعلى الرغم من التحديات الفنية التي قد تواجهه،إلا أنه يظل صوتاً لا غنى عنه،ليس فقط في المشهد الأدبي الفلسطيني،بل والعربي والعالمي،لأنه يذكر العالم بأن القضية الفلسطينية هي،قبل كل شيء،قضية إنسان شُرد من أرضه،وحلمه،وتفاصيل حياته اليومية،ولم يجد سلاحاً سوى الذاكرة والكلمة ليدافع بهما عن حقه في الوجود والحلم.

وهنا،لا بد أن أشير الى أن الشعر هو عمل لغوي بالأساس و من لا يكون له حس مرهف باللغة  وعشق لها،لا يمكن أن يتعاطى فعل الكتابة  والشاعرة الفذة أ-عزيزة بشير تسعى دوما الى الإنفتاح على أفاق تعبيرية جديدة تفصح من خلالها عن تجربتها الإبداعية و تقول غائر مشاعرها بأناقة لغوية لافتة..

تُمثّل الأستاذة عزيزة بشير نموذجاً للمثقف الفلسطيني الملتزم الذي يستخدم موهبته كسلاح للمقاومة والبقاء،مساهمة في الحفاظ على الهوية الفلسطينية ونقل صوت شعبها إلى العالم. هي صوت شعري مؤثر يجسد بصدق وألم جمالية المقاومة والصمود في وجه المحن.

ختاما : أجراس موسيقية تدق (بضم التاء) فتنبجس من تموجاتها قصيدة رائعة،لكنها مترعة بالمواجع بإمضاء الشاعرة الفلسطينية السامقة أ-عزيزة بشير،أراها تداعب الذائقة الفنية للمتلقي،وتدغدغ مشاعره..فأستمعوا إليها -دون بكاء ولا نشيج-ولكم-في الأخير-حرية التفاعل والتعليق :

"بعد أن قذف النّمرودُ سيّدَنا إبراهيم عليهِ السّلامُ في النار كان طيرٌ يملأ مِنقارَهُ ماء ويُلقي بهِ على النار فهل يَعتقدُ أنَه سيُطفئُها ؟ لا..ولكن لِيعملَ شيئاً يقدرُ عليه لإنقاذه..!

 ألطّيْرُ فكّرَ أن يُساعِدَ مُبتَلًى

يَصْلى بِنارٍ علّهُ…………….....يتَقرّبُ!


كيفَ السبيلُ ويعرُبٌ ملءُ الفضا

والنّار تعصِفُ والدّماءُ ……..تُخَضِّبُ ؟!


كلٌّ  (بغزّةَ) يستغيثُ  لِنجْدَةٍ

والدّمُّ يُسفَكُ والأسارَى ……….. تُعَذَّبُ 


مَن لمْ يمُتْ بالسيْفِ ماتَ لِجوعِهِ

 والعُرْبُ ترقُبُ،مسلِمونَ …… تَغيّبوا


لا أُذنَ تسمعُ،لا عيونَ بصيرَةٌ

لا ماءَ يُطفئُ،لا حمِيّةَ …………..تُرْعِبُ


ألطّيرُ  فكّر  وهوَ  غيرُ  مُكَلَّفٍ 

ليتَ العُروبةَ تقتَدي بِهِ ………….تغلِبُ


وتُساعِدُ الغزّيَّ ، تُنقِذُ  أهلَهُ

وتَدُُكُّ صَرْحاً للعدُوِّ………….وَتضرِبُ!


       عزيزة بشير


هذه القصيدة،إبحار في سراديب الذات،ومصباح في زجاجة من الأرق والألم،والوجع،والسؤال،إنّها ايغال في  واقعنا العربي الأليم،لا يملأه إلا الفضاء،وهي أيضا بحث عن دفء الرغبة..للخلاص من عقال الظلم والظلام..و..كفى..


محمد المحسن


*نبذة عن الشاعرة الفلسطينية الكبيرة الأستاذة عزيزة بشير

تعتبر الشاعرة الفلسطينية عزيزة بشير ( أصيلة مدينة جنين الشامخة) واحدة من الأصوات الشعرية المؤثرة في المشهد الأدبي الفلسطيني والعربي،حيث تتميز أشعارها بالعمق الإنساني والروحي والتعبير عن معاناة الشعب الفلسطيني وتطلعاته نحو الحرية والعدالة.

تكتب الشعر العمودي والحر،وتركز في أعمالها على القضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية.

تتناول في شعرها

الصمود،المقاومة،الأمل،التحرر،المشاعر الإنسانية العميقة المرتبطة بالوطن والهوية..كما يتميز شعرها بقدرته على خلق حالة من الحوار الوجداني مع القارئ،مما يجعله وسيلة فعالة لنشر الوعي بالقضية الفلسطينية.ولا يقتصر على السياسة فقط،بل يتناول أيضًا المشاعر الإنسانية مثل الحزن،الألم،الحنين،والأمل..،مما يجعل قصائدها قريبة من القلب ومؤثرة في الوجدان.

هذا،وتتميز لغتها بالجزالة وقوة التعبير،مع مزج بين العمق الفلسفي والبساطة العاطفية.فهي تدمج بين الروح الثورية واللمسات الجمالية التي تجعل قصائدها مؤثرة وسهلة الانتشار.

تستخدم الشاعرة الأستاذة عزيزة بشير رمزية قوية في وصفها للمكان والإنسان،مثل تشبيه غزة بالعروس والعزة،واستخدام مفردات مثل "النار"، "الدم"، "التراب".. لتعزيز فكرة المقاومة والصمود..

تحظى الأستاذة عزيزة بشير بتقدير كبير في الأوساط الأدبية العربية،حيث يصفها النقاد بأنها "شاعرة تكتب بحبر الروح ودم القصيدة" .

· يعتبر نقاد كثر،أن شعرها يجسد الهوية الثقافية الفلسطينية المقاومة،ويحمل رسالة أمل وإصرار على التحرر..

تقيم بالإمارات العربية المتحدة،وتؤسس لغد مشرق يومض فيه النصر في سماء فلسطين،حيث ستعود كل " الطيور المهاجرة إلى أوكارها"..



أكاديمية فرسالّا: منارة للعلم والثقافة في قلب تساليا اليونانية بقلم الكاتبة دنيا صاحب – العراق

 أكاديمية فرسالّا: منارة للعلم والثقافة في قلب تساليا اليونانية


بقلم: دنيا صاحب – العراق


تُعد أكاديمية فرسالّا (Ακαδημία Φαρσάλων) مؤسسة أكاديمية مرموقة تقع في مدينة فرسالّا، إحدى أكبر مدن منطقة تساليا في اليونان. تأسست الأكاديمية لتكون مركزًا للتعليم والبحث العلمي، ولتعزيز التبادل الثقافي بين اليونان والعالم.


يقود الأكاديمية البروفيسور يانيس فيكاس، المؤسس ورئيس الأكاديمية، وهو أكاديمي وصحفي مرموق ذو خبرة واسعة في مجالات التعليم والبحث العلمي والثقافة. وقد منحني شرف القبول الرسمي للانضمام إلى الأكاديمية، ما يمثل فرصة ثمينة للمشاركة في برامجها الأكاديمية والثقافية المتميزة.


تقع مدينة فرسالّا في الجزء الجنوبي من منطقة لاريسا، وتتميز بموقعها الاستراتيجي الذي يربط سهل تساليا بجنوب اليونان. تاريخيًا، كانت المدينة مسرحًا لعدة معارك هامة، أبرزها معركة فرسالوس بين القادة الرومانيين يوليوس قيصر وبومبي في عام 48 قبل الميلاد. كما يُعتقد أنها مسقط رأس البطل الأسطوري أخيل.


تسعى أكاديمية فرسالّا إلى أن تكون منارة للمعرفة والحكمة، من خلال تنظيم فعاليات أكاديمية وثقافية متنوعة، مثل "أسبوع هيبوقراط"، الذي يتضمن جولات إرشادية في معالم تاريخية مثل صخرة الأكروبوليس ومعبد أسكليبيوس، إلى جانب زيارات للمجلس اليوناني وفعاليات علمية وثقافية أخرى.


تحتضن فرسالّا العديد من المعالم الثقافية والتاريخية، أبرزها:


متحف مدرسة فيرسيا: نموذج حي للتعليم التقليدي في المنطقة.


المجموعة الأثرية لفرسالّا: متحف حديث يعرض اكتشافات أثرية تعكس تاريخ المدينة الطويل.


قلعة فرسالّا: تقع على تلة إيليا وتوفر إطلالة بانورامية ساحرة على المدينة وسهولها المحيطة.



تعتبر أكاديمية فرسالّا مركزًا حضارياً وثقافياً وعلمياً بارزاً في اليونان، تسعى إلى تعزيز المعرفة والتبادل الثقافي، وتلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للمنطقة.

Academy of Farsala: A Beacon of Knowledge and Culture in the Heart of Thessaly, Greece


By: Donia Sahab – Iraq


The Academy of Farsala (Ακαδημία Φαρσάλων) is a prestigious academic institution located in the city of Farsala, one of the largest cities in the Thessaly region of Greece. The academy was established to serve as a center for education and scientific research, as well as to promote cultural exchange between Greece and the world.


The academy is led by Professor Yannis Fikas, the founder and president, a distinguished academic and journalist with extensive experience in education, research, and cultural affairs. I had the honor of receiving official acceptance to join the academy, which represents a valuable opportunity to participate in its distinguished academic and cultural programs.


The city of Farsala is located in the southern part of the Larissa region and is distinguished by its strategic location, connecting the Thessalian plain to southern Greece. Historically, the city was the site of several significant battles, most notably the Battle of Pharsalus between the Roman leaders Julius Caesar and Pompey in 48 BC. It is also believed to be the birthplace of the legendary hero Achilles.


The Academy of Farsala aims to be a beacon of knowledge and wisdom by organizing a variety of academic and cultural activities, such as the “Hippocrates Week,” which includes guided tours of historical landmarks like the Acropolis Rock and the Asclepius Temple, in addition to visits to the Greek Parliament and other scientific and cultural events.


Farsala is home to many cultural and historical landmarks, including:


Versia School Museum: A living example of traditional education in the region.


Farsala Archaeological Collection: A modern museum showcasing archaeological discoveries reflecting the city’s long history.


Farsala Castle: Located on Iliya Hill, offering a breathtaking panoramic view of the city and surrounding plains.



Today, the Academy of Farsala stands as a prominent cultural, academic, and scientific center in Greece, striving to promote knowledge and cultural exchange, and playing a key role in preserving the cultural and historical heritage of the region.




الاثنين، 8 سبتمبر 2025

الملتقى العربي لشعر المقاومة في قليبية(يومي 7/6 سبتمبر (2025) في دورته 46 (دورة الزين الصافي)

 الملتقى العربي لشعر المقاومة في قليبية(يومي 7/6 سبتمبر 

(2025) 

في دورته 46 (دورة الزين الصافي)


 نظّم الملتقى العربي لشعر المقاومة بالشّراكة مع نادي الألحان وجمعيّة أسبيس الثّقافيّة بسيدي عبد السلام قليبية مساء السّبت 06 سبتمبر 2025  أمسية شعرية فنية. احتوى اللقاء تكريم الشاعرة حليمة بوعلاق والشاعر أبو وجدان مع قراءات شعريّة أثّثها مجموعة من شعراء وشواعر من الجهة ومن مختلف ربوع الوطن، و تخلّلت هذه القراءات الماتعة وصلات موسيقيّة قدّمها كلّ من الأستاذين يوسف الجريتلي وعمر بوثور. 

نشّطت اللّقاء الشّاعرة زهيرة فرج اللّه. 

تصوير وتوثيق مراسل مؤسّسة الوجدان الثّقافيّة ومجلّة حوريّة الأدب الفوتوغرافي فاروق بن حوريّة






















الملتقى العربي لشعر المقاومة في قليبية(يومي 7/6 سبتمبر 2025

 الملتقى العربي لشعر المقاومة في قليبية(يومي 7/6 سبتمبر 

(2025) 

في دورته 46 (دورة الزين الصافي)

اليوم الثاني 2025/9/7


 نظّم الملتقى العربي لشعر المقاومة بالشّراكة مع نادي الألحان وجمعيّة أسبيس الثّقافيّة بسيدي عبد السلام قليبية صباح الأحد السّبت 7 سبتمبر 2025  أمسية شعرية فنية. احتوى اللقاء تكريم الشاعرة حليمة بوعلاق والشاعر أبو وجدان مع قراءات شعريّة أثّثها مجموعة من شعراء وشواعر من الجهة ومن مختلف ربوع الوطن، و تخلّلت هذه القراءات الماتعة وصلات موسيقيّة قدّمها كلّ من الأستاذين يوسف الجريتلي وعمر بوثور. 

نشّطت اللّقاء الشّاعرة زهيرة فرج اللّه. 

تصوير وتوثيق مراسل مؤسّسة الوجدان الثّقافيّة ومجلّة حوريّة الأدب الفوتوغرافي فاروق بن حوريّة












أعمارنا والذكربات بقلم _زيان معيلبي(أبو أيوب الزياني)الجزائر

 أعمارنا والذكربات 


لقد عشنا أطفال بالحب 

وعشنا أحلام السنين 

رأينا في الام أحلام الصبا 

والصدر الحنون . ..

وجئنا الى الدرب نحمل 

الأحلام وعذب الحياة 

والماضي الجميل 

و جئناه نُمجد مجد الراحلين 

ويمضي العمر بعد السنين 

يتساوى الحزن والفرح 

بعدالرحيل ... 

وكم عاش فينا نبض الأمل

وحزن وفرح كظل نخيل 

عرفنا الحياة بكل ألوانها 

والفرح فيها قليل  قليل 

الحزن يقتل  كل جميل 

ويقتل فينا زهور الربيع  

وهذا زمن زمان رهيب 

بقايا ألوان لحلم عتيد 

يمرّ قطار العمر سريع 

ويبقى لنا ظل و أغنيات 

ترددها حناجرنا مع كل عيد !


_زيان معيلبي(أبو أيوب الزياني)الجزائر



وقبلــــت بقلم الأديب سعيد الشابي

 وقبلــــت


أنا...ما كتبت على جبيـــني

أنـــني أحبّك...

وما أخبرت الناس عنك بأنني

أعيش ، على رحيق عشقك

ولا أعلمتـــهم بأنّي...

أصطــلي ، تحت نار جمرك

واحتفظـــت بك ســــرّا

عليه أعيش ، وبه أتحـــرّك

مهما طـغى اليــــــمّ

أو ، فار تنور موجـــك

أنا من حملتك ، تحت صمتي

في دمي سنين ، وسنين

وصغتك من خلاياه امرأة

شئتها أن تكون ، فكانت

وكنت ، وكان الأمر أمرك

يا امرأة ، أتعبتني فيها الأنوثة

وراقني فيـــها ، دلالها

وراقني أن تكون سيــــدتي

وكم تلــذذت ـ سيدتي ـ

أن أكــــون عبدا لــــك

وأنا سيد بطبـــــعي ، ولا

سيادة تعلو فوق سيادتي

لكــــنني ، تــــنازلت

تحت سيف الهيـــام بك

وقبلـــت أن تكــوني ، لي

شمــس نـــهاري المشرق

كلــــلما طغى الكسوف ...

عـــلى شمـس ســعادتي

وأن تكوني بيت قـــصائدي

اذا ما ضاع شعري....

وطغت عليــه النـــوائب

فوجـــدتك نقطة غريبة

تحـــت حرف مبــــهم

لا يوجد حلّ للغــــــزك


سعيد الشابي


رحلة في شعاب القصيدة بقلم الشاعر عامر حامد المطيري

 رحلة في شعاب القصيدة


قصيدتي جمرٌ قديمٌ يختبئ في حبر يدي

كهمسٍ يتردّدُ في تجاويفِ الورقِ


أوقظُ في داخلي شاعرًا لم يعرفْ المعنى

يمشي بين الحروفِ حائرًا كطفلٍ في الدجى


أأنا الذي ينحتُ من الصمتِ صورتهُ؟

أم الذي يلهثُ خلف المعنى فلا يمسكه؟


أم أنا ظلٌّ تتشظّى فيه الكلمةُ

وتنفرطُ على الطرقاتِ بلا قرارٍ؟


المعنى نهرٌ يفرّ من كفّي

كلّما أمسكتُه تلاشى في هواءٍ بعيدٍ


لكن صدى القصيدة يبقى في صدري

كصوتِ وترٍ مشدودٍ يرفضُ الانطفاء


علّمتني الليالي أن الشعرَ جرحٌ مضيءٌ

وأن الكلمة لا تُولد إلا من صراعٍ خفيٍّ


فالحرفُ نارٌ، والمعنى طائرٌ عصيٌّ

لا يسكن إلا حين يفنى الجسدُ في طلبه


أعودُ إلى نفسي مثقّلًا بصمت الأوراقِ

أبحث عن قصيدةٍ لم تكتب بعد


فأجد أنني أنا نفسي قصيدةٌ

ممزّقةُ المعنى، متّحدةٌ بالغياب


وحين يحينُ موعدُ اللقاء الأخير مع الشعرِ

أمشي وأحمل قلبي كعودٍ يحترقُ


كأنني استمعتُ إلى همسِ اللغةِ

لكن لم تسعفني الحروفُ لتبوحَ بما في داخلي


قصيدتي لحنٌ يتوهّجُ في العتمةِ

ينهضُ في الروح كسيمفونيةٍ ناقصةٍ


أنا لست ما كتبتُ، بل ما ظلَّ عالقًا في الصمتِ

ظلٌّ يمشي إلى البياضِ الذي لم يُكتب


قصيدتي مطرٌ لا ينتهي،

يسقي عطش المعنى، ويقول للروح: اكتبي.


عامر حامد المطيري



إيرين دورا كافاديا تعزز الدبلوماسية الثقافية بين الدول من خلال مساهماتها في المشاريع الفنية والمهرجانات حاورها الإعلامية دنيا صاحب – العراق

 إيرين دورا كافاديا تعزز الدبلوماسية الثقافية بين الدول من خلال مساهماتها في المشاريع الفنية والمهرجانات

حاورها: دنيا صاحب – العراق

إيرين دورا كافاديا، الأكاديمية والكاتبة والمترجمة والناشطة الثقافية اليونانية، تسهم في بناء جسور بين الثقافات العالمية عبر الأدب والفنون تعمل على تعزيز التواصل الثقافي والفني من خلال قيادة المشاريع والمؤسسات الدولية، وتسعى أيضاً إلى تقوية الدبلوماسية الثقافية بين الدول عبر الأنشطة التنموية، وتنظيم المهرجانات، والمشاركة في المؤتمرات العالمية.

وبفضل هذه الجهود، أصبحت إيرين شخصية محورية تسعى لدمج الفنون والأدب بالمعرفة من أجل تعزيز قيم الحوار والتفاهم والسلام بين الشعوب ومن خلال مسيرتها المتميزة في التعليم والثقافة، ومناصبها البارزة مثل الأمين العام لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية ونائب رئيس مهرجان بانوراما الدولي للفنون، تمكنت من ترك أثر ملموس في المشهد الثقافي العالمي

في هذا الحوار، نسلط الضوء على رؤيتها الفنية والثقافية، وتجاربها في الأدب والفنون، ودورها في إلهام الأجيال القادمة من المبدعين حول العالم.

---

1- في بداية هذا اللقاء، نرحب بالسيدة إيرين دورا كافاديا من أثينا، اليونان الأمين العام لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية. نود أن نتعرف على بدايات نشأتك في أثينا، وكيف أسهمت تلك النشأة في تغذية شغفك المبكر بتعلم اللغات الأجنبية والكتابة، وكيف انعكس ذلك في تشكيل شخصيتك الثقافية ورسم مسارك المهني في الأدب والتعليم؟

ولدت في أثينا، المدينة الأبدية حيث تتحاور العراقة والحياة العصرية كل يوم. نشأت بين الأطلال القديمة التي ما تزال تتحدث، والشوارع التي تضج بالطاقة الحديثة، فشعرت أن اللغة تحيط بي كالهواء—حتمية، حاضرة في كل مكان، وواهنة للحياة. منذ طفولتي كنت منجذبة irresistibly للغات الأجنبية، كل واحدة منها تنفتح كعالم سري ينتظر أن يُكتشف. وبطبيعة الحال، كان والداي أول من زرع فيّ حب اللغات الأجنبية؛ فوالدي الذي سافر عبر البحار لسنوات كان شاهداً حياً على أهميتها. وهكذا أصبحت الكتابة طريقتي في نسج هذه العوالم معاً في نسيج واحد من المعنى. وكما أقول دائماً: "نحن جميعاً مواطنو اللغة قبل أن نكون مواطني الأمم." هذه القناعة وجهتني بثبات نحو الأدب، واللغويات، والتعليم كمسار حياتي.

ومع ذلك، جاء نداء الكتابة أبكر من ذلك، ملحّاً وحنوناً، قدراً أعلن نفسه قبل أن أتمكن حتى من تسميته. أتذكر بوضوح محبّب أولى قصصي الغامضة—حكايات بسيطة عن مجموعة من التلاميذ وكلبهم الوفي وهم يحلون الألغاز في قلاع مهجورة أو في أركان حيهم المألوفة. كانت مستوحاة من كتب المغامرات الشبابية التي أحببت قراءتها، لكنها حملت بصمة خيالي الخاص. كنت في الثامنة فقط حين تجرأت على رسم تلك المغامرات الأولى على الورق، أشكل الشخصيات وألون وجوهها بعيني روحي

وعند الثانية عشرة، طلبت من أمي آلة كاتبة—لم تكن هناك حواسيب آنذاك أصبح "تك تك" مفاتيحها موسيقى أحلامي الأدبية الأولى، مؤكداً قراري بالسير في درب الكتابة. لم تكن الكتابة بالنسبة لي تسلية، ولا هواية عابرة؛ كانت أول همسة لرسالة، الشرارة الأولى لنار أبدية ما تزال مشتعلة
وكما أتأمل دائماً: "كتبت قبل أن أعرف ثِقل الكلمات — ومع ذلك حملتني مثل أجنحة."

---

2- كيف انعكست دراستك في اللغويات الحاسوبية والأدب الألماني على هويتك الثقافية وأسلوبك في التعبير الإبداعي بلغات العالم؟

قد تبدو هذه الدراسات مختلفة جداً عن بعضها، لكنها في الحقيقة اجتمعت بشكل جميل. فقد علمتني اللغويات الحاسوبية أن أرى البنية الخفية للغة وأناقتها الرياضية، بينما كشف لي الأدب الألماني عن روح الكلمات—شِعريتها، فلسفتها، إنسانيتها العميقة—القريبة من جذورها في الفلسفة اليونانية والتي انعكست أيضاً في بنية اللغة. إن اندماج الاثنين شكّل هويتي التعليمية والثقافية: دقيقة وخيالية في آن، منطقية وموسيقية معاً. وما يزال ذلك يحدد طريقتي في الكتابة والتعبير بعدة لغات، دائماً باحثة عن الانسجام بين العقل والإلهام.

لكن وراء ذلك قصة أعمق. بعد الأدب الألماني، اخترت التخصص في اللغويات التقابلية. فمنذ طفولتي، كنت أحمل حبّين عظيمين: الأول لأسرار الكلمات، والثاني للمجهول—التكنولوجيا، العلوم، الفضاء، الفيزياء الكمية، وآفاق الاكتشاف. لكن في ذلك الوقت، كان لا بد من اختيار مسار واحد لدخول الجامعة، واخترت اللغويات. ومع ذلك، للحياة طرقها الخاصة في جمع ما نظن أنه منفصل.

بعد إتمام الماجستير في اللغويات التقابلية، انفتح الباب: فرصة في الجامعة الوطنية، قسم اللغويات، بالتعاون مع الجامعة التقنية الوطنية قسم الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي. وهناك التقت شغفيّ الاثنين أخيراً—اللغة والتكنولوجيا—ومنذ تلك اللحظة، يسيران جنباً إلى جنب.
ومنذ ذلك الحين، أقول دائماً إنني أحمل بداخلي "حبّين في واحد". فهما لا يتنافسان؛ بل يكمل أحدهما الآخر معاً يغنيان كل كلمة أكتبها، وكل مشروع أعمل عليه، وكل انخراط ثقافي أتبناه.

---

3- كيف أثرت هذه التجارب في منظورك الفكري والثقافي، وكذلك في أنشطتك ومشاركاتك الدولية لاحقاً؟

حظيت بامتياز العمل كمتطوعة في المعهد الوطني للبحوث "ديموقريطوس"، في قسم الإلكترونيات الدقيقة، حيث كانت مهمتي وسم وتسجيل اللغة الطبيعية البشرية وتحضيرها للترميز في الآلة بالنسبة لي، كان ذلك تجربة مدهشة—أن أشهد كيف يمكن لشيء إنساني عميق كاللغة أن يُترجم إلى نظام. في ذلك الوقت، كان مجرد التفكير بأن الآلات قد "تفهم" الكلمات البشرية يبدو غير معقول لمعظم الناس، لكنني شعرت بأن أفقاً جديداً يفتح أمامنا. وفي نفس الفترة جاء إنجاز حاسم آخر: عرض ورقتي البحثية (إيرين دورا وآخرون) كجزء من الفريق اليوناني المكوّن من أربعة باحثين في المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي عام 2004، الذي عُقد في جزيرة ساموس باليونان. كان تقاسم البحث في مجال ما يزال في بداياته تجربة متواضعة وملهمة.

وبالنظر إلى الوراء، كانت تلك السنوات مُفعمة بفتح البصائر. جعلتني أدرك أن العلم والقيم الإنسانية يجب أن  يسيرا جنباً إلى جنب—فالتقدم بلا أخلاق خطير بينما الأخلاق بلا تقدم تبقى عقيمة. شعرت بقوة كيف أن العالم يتغير بسرعة مذهلة، وكيف تتكشف إمكانيات جديدة على نحو مدهش؛ وبكلمات الفيلسوف اليوناني القديم هيراقليطس: "τα πάντα ῥεῖ"—"كل شيء يتدفق، كل شيء يتغير." يرن صداه القديم دائماً في ذهني، لأننا نشهد التدفق نفسه للتاريخ وهو ينحرف نحو عصر جديد. كل هذه التجارب شكّلتني بعمق. علمتني ألا أخاف من التقدم، بل أن أوجّهه؛ وألا أرفض الابتكار، بل أن أُنسنه. لقد وسّعت رؤيتي وأعدّتني لمشاركتي الثقافية الدولية اللاحقة.

4- تشغلين حالياً منصب الأمين العام لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية ونائب رئيس مهرجان بانوراما الدولي للفنون. ما هي استراتيجياتك لتعزيز العلاقات الدولية وتحقيق التعاون المشترك في المشاريع والأنشطة الثقافية والأدبية والفنية حول العالم؟

بصفتي الأمين العام لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية منذ عام 2020، ونائب رئيس مهرجان بانوراما الدولي للفنون، فإن المبدأ الذي أسترشد به كان دائماً بسيطاً لكنه عميق: بناء الجسور، ملتزمين بشعارنا "جسر الثقافات، توحيد الأمم". الحوار، والثقة، والتعاون هي جوهر كل ما نقوم به. الهدف هو خلق منصات يستطيع من خلالها الكتّاب والفنانون والمفكرون من كل أركان الأرض مشاركة أصواتهم—عبر المختارات الأدبية، المهرجانات، المنشورات والبرامج الثقافية التي تذيب الحدود وتجمعنا في هدف مشترك.

إن مؤسسة كتاب رأس المال العالمية كما تعلمين، هي أكثر من مجرد منظمة؛ إنها حركة حيّة. مؤسسة غير ربحية غير سياسية، وغير دينية، تسعى لجمع الكتّاب والمفكرين والمبدعين تحت مظلة واحدة، مانحة إياهم فضاءً للتعبير الحيّ، ومشجعة إياهم ليكونوا محركات للسلام، وقيم الإنسانية واحترام الطبيعة. لذلك فإن استراتيجيتنا ذات بعدين: الأول تغذية الروح الأدبية والفنية للأفراد، والثاني تنمية وعي ثقافي جماعي يرسّخ السلام والوئام.

نحقق ذلك من خلال إرشاد الشباب وتشجيع الحوار الحر حول قضايا السلام واللاعنف، وتنظيم المهرجانات الدولية، ودعم التعاون مع الجامعات والمكتبات والهيئات الثقافية حول العالم. ومن خلال تبادل الأفكار مع نظرائنا عبر القارات، نوسع الآفاق ونخلق فرصاً للنمو المشترك. وهكذا يصبح كل مشروع ليس مجرد حدث بل خطوة نحو بناء عالم أكثر رحمة ووعياً ثقافياً.

وفي هذه النقطة، لا يسعني إلا أن أعبر عن خالص امتناني واحترامي العميق لرئيسنا الفخري، المؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية ورئيس مهرجانات بانوراما البروفيسور باريث بادم نابهان نامبيار الذي أولاني هذه المسؤوليات—مسؤوليات أعتبرها ليست مجرد مناصب، بل أمانات مقدسة، تحمل قيمة عميقة ومسؤولية جسيمة. إن رؤيته، وإخلاصه، وإيمانه الذي لا يتزعزع بأن "الإنسانية تزدهر عندما تُرعى الفنون والثقافة بلا حدود" تلهمنا جميعاً. وتحت قيادته، أصبحت WCIF وبانوراما منارات عالمية—تذكّرنا بأن الأدب والفن ليسا كماليات بل أدوات حيوية لترسيخ القيم الإنسانية، وحماية كوكبنا، وتكريس السلام ذاته.

---

5- كيف تصفين رؤية مهرجان بانوراما الدولي للفنون؟ وما الأهداف التي يسعى المهرجان لتحقيقها على الصعيد الدولي؟

إن مهرجان بانوراما الدولي للفنون، إلى جانب مهرجان بانوراما الدولي للأدب الحائز على الجوائز، هما من البرنامجين الأساسيين لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية. مستوحى من رؤية رئيسنا الفخري، المؤسس والرئيس التنفيذي للمؤسسة ورئيس مهرجانات بانوراما، البروفيسور باريث بادم نابهان نامبيار، فإن بانوراما هو أكثر من مجرد حدث؛ إنه في الحقيقة حوار حي بين الثقافات. رؤيته هي الاحتفاء بالتنوع مع تأكيد إنسانيتنا المشتركة، ونسج أصوات المواهب الصاعدة مع أصوات المبدعين الراسخين، ليقفوا جميعاً جنباً إلى جنب على مسرح التعبير ذاته. وهكذا يعزز بانوراما الوحدة من خلال الفن مذكّراً إيانا أن اللغات قد تختلف، لكن قلب الإنسان يتحدث لغة كونية واحدة.

هنا لا بد لي أن أبرز رؤية والتزام الرئيس نامبيار، الذي يضخ عمله الدؤوب الحياة في بانوراما، ويغذي رسالته العالمية. قيادته هي النور الهادي الذي يحوّل كل موسم من مهرجاناتنا العزيزة إلى حركة حقيقية من أجل الحوار والتبادل الثقافي وكذلك التغيير الاجتماعي—حركة توحّد الأصوات عبر القارات وتجعل الثقافة ليست ترفاً، بل ضرورة لوجود الإنسان.

على الصعيد الدولي، كانت أهدافنا دائماً تسعى لوضع الثقافة، والأدب والقيم الإنسانية في صدارة الحوار العالمي. يطمح بانوراما لخلق بيئة يصبح فيها الفن لغة كونية للسلام والأمل والتضامن—حيث يغذي احترام الطبيعة، ويقوّي المبادئ الإنسانية ويُلهم الكتّاب والفنانين ليكونوا مشاعل للرحمة والوئام.

نحن لا نرى الثقافة كزينة تُعجب من بعيد. بل نؤمن أن الثقافة يجب أن تتدفق، يجب أن تُعاش، فهي ضرورة لوجود الإنسان. بانوراما يحتضن هذا التدفق، مذكّراً العالم بأنه في أوقات الانقسام، فإن الفن والأدب هما اللذان يملكان القوة لإعادة جمعنا، لشفائنا ولإرشادنا نحو الأمام.

---

6- ما الرسالة التي تودين إيصالها إلى قرائك من خلال أعمالك الأدبية والثقافية ومشاركاتك في الأنشطة الدولية؟

"أمشي على الشاطئ أجمع أصداف الحقيقة، كل واحدة كلمة، نغمة، درس وكل واحدة صلاة."

إذا كان هناك رسالة واحدة أود أن أقدمها للقراء، فهي: إن الفن، والأدب والتعليم ليست هروباً—إنها لقاءات جسور بين العقول والقلوب والعوالم. من خلال أعمالي، ومبادراتي الثقافية وتعليمي، أسعى إلى إيقاظ الأحلام وزرع التعاطف، وإضاءة الجمال والحكمة التي تحيط بنا.

أنا شغوفة بالمعرفة، حساسة وعطوفة بعمق، حالمة تسعد بالطبيعة، وصمت البحر، وفرحة التواصل الإنساني. أنا باحثة لا تكل عن الحقيقة، والنور والجمال، ومحامية مخلصة للقيم الخالدة للإنسانية—المساواة والتضامن، والأخوة، والعدالة، والسلام.

من خلال الكلمات، والألوان، والأفكار أسعى—في حدود قدرتي ومن خلال دوري كجسر بين الثقافات والتخصصات والشعوب—لنسج مسارات وروابط غير مرئية للعين لكنها أقوى من الحجر أو الفولاذ.
آمل أن يحمل كل أديب، وقارئ، وطالب وعاشق للفن معهم ذلك الإحساس العميق بالارتباط، والبصيرة، والإلهام الذي لا توقظه سوى المعرفة، والإبداع والتأمل.

---

7- كيف تنظرين إلى تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على تطور الثقافة الأدبية والفنية في العصر الحالي؟

"دع التكنولوجيا تنير الطريق، ولكن دع القلب البشري يقود المسير."

إن التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي بشكل خاص، أشبه بالنار: يمكن أن يضيء، ويُلهم، ويُحوّل، أو يمكن أن يطغى ويفتك إذا استُخدم بلا رعاية في العالم المعاصر، هو بالفعل يعيد تشكيل ملامح الأدب والفن، مانحاً المبدعين أدوات لم تكن لتُتخيّل سابقاً يمكن للكتّاب أن يجربوا هياكل سرد جديدة، ويمكن للفنانين أن يستكشفوا أبعاداً بصرية مبتكرة، ويمكن للأفكار أن تعبر الحدود فوراً، لتصل إلى جماهير حول العالم.

ومع ذلك، مهما بلغت الآلات من تقدم فهي تبقى عاجزة عن إتقان الإيقاعات الدقيقة للمشاعر الإنسانية—الضحكة، الحزن، الأمل، والحنين التي تنبض في كل عمل فني أصيل. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد، أن يقترح، أن يكرر أنماطاً، لكنه لا يستطيع أن يشعر بالنبض الذي يمنح الشعر صداه، ولا بالتجربة المعيشة التي تملأ لوحة بالعمق.

إن التحدي والفرصة في عصرنا يكمنان في تحقيق التكامل: احتضان الإمكانيات الاستثنائية التي تقدمها التكنولوجيا، مع ضمان بقاء الروح الإنسانية في مركز الخَلق.

---

8- كيف ترين مستقبل الثقافة والفنون في اليونان والعالم اليوم، وما الاتجاهات التي تتوقعين أن تشكّلها في السنوات المقبلة؟

أعتقد أن مستقبل الثقافة سيتشكل من خلال العولمة والرقمنة معاً، لكنه سيقوم على عطش عميق للأصالة. في اليونان، أرض غارقة في آلاف السنين من الإرث الفني والفكري، أرى نهضة جديدة تتشكل—نهضة تلتقي فيها الحكمة القديمة مع الابتكار الحديث فتبعث الحياة من جديد في الأدب والفنون البصرية، والأداء المسرحي وهذا ليس حلماً بعيداً؛ لقد شهدته بوضوح من خلال برامجنا، حيث تزدهر الإبداعات، ويكتشف الفنانون والجماهير معاً طرقاً جديدة للتفاعل والتأمل والإبداع المشترك.

وعلى الصعيد العالمي، أتوقع أن تصبح الفنون بشكل متزايد هجينة، عابرة للثقافات، ومتاحة للجميع. ستستمر الحدود بين التخصصات، والتقاليد والجغرافيات في التلاشي، مما يعزز حوارات تتجاوز الحدود واللغات. في مؤسسة كتاب رأس المال العالمية، من خلال برامجنا الفريدة، نحن ملتزمون بتحويل هذه الرؤية إلى واقع—بجمع الناس تحت مظلة واحدة، ورعاية الإبداع، وتقوية الروابط التي توحدنا جميعاً، مع كوننا مدافعين عن الطبيعة والحفاظ على كوكبنا.

لكن، فوق كل ذلك، ستبقى الفنون ضمير الإنسانية، مرآة تعكس أفراحنا وأحزاننا، وتطلعاتنا المشتركة. لقد اختبرنا هذا بعمق خلال فترة جائحة كوفيد، حين هدد العزلة التواصل. كان الأدباء والفنانون، الأكثر عرضة للوحدة، ممتنين بشكل خاص للدعم والترويج الذي قدمته لهم مهرجانات بانوراما، حيث ضمنت تواصلهم مع بعضهم البعض عبر القارات. ومن خلال المنصات الرقمية لمؤسسة كتاب رأس المال العالمية، تمكنوا من الوصول إلى جماهير عالمية، والمشاركة في حوارات مباشرة، والشعور بأنهم جزء من مجتمع إبداعي أوسع—مجتمع كان أكثر حيوية من أي وقت مضى، حتى عندما كان القرب الجسدي مستحيلاً بفضل رؤية وبعد نظر الرئيس البروفيسور باريث نامبيار. لقد دعم ذلك وألهم المبدعين من كل الأنواع حتى خلال تلك الأوقات الصعبة حقاً للبشرية جمعاء. وهذا هو جوهر فائدة التكنولوجيا، التي تستفيد منها مؤسستنا بشكل واسع لتمكين كل هذه التبادلات الثقافية على نطاق عالمي.

وكما كتب يورغوس سيفيريس—أحد الحاصلين على جائزة نوبل في الأدب من اليونان: "أينما سافرت، تجرحني اليونان." آخذة الخيط من اقتباسه أضيف: "أينما تزدهر الثقافة، تشفى الإنسانية." إنها المُلهِمة ما تزال هنا لنا دائماً، تثبت أنها لم تترك جانبنا قط، ما زالت تقدم لنا عطاياها وتقود الطريق لنا لنسير في عالم الفن والثقافة. إنها هذه الرؤية وهذه الرسالة—الأصالة والحوار، والقوة الدائمة للتعبير الإبداعي—التي يجب أن نحملها معنا في السنوات القادمة، راعين الفنون ليس فقط كمرآة لما نحن عليه، بل كمنارة للضوء ترشدنا إلى ما نصبو ونستحق أن نكون.



في رثاء مغترب لمحمد مطر

 في رثاء مغترب

 

    لمحمدمطر 


هجرت الديار لغربتي قسرا املا لي برغيف خبز


 كريم فعدت الديار وانا صندوق وممزق  أشلاءا


ولا ذنب لي إلا اني كفرت بوطني سوءمعيشتي


 فهجرت.  لغربتي لكن بقلبي أحمل للديار ولاءا


واما الحياةفما تركتني من لعناتهافقد افطمتني


 ثديهاوكأنني طفل للبغاء أو كنت بالحياة. وباءا


فلقد افردتني الحياة.  بظلمها وتركتني بغربتي


 ألاقي المظالم وفي كسب الرغيف تعنتاو غباءا 


فلكم صوبت لصدري فوهات بنادق وكم شهقت


 روحي قرب المراكب ولكم لقيت بالبحار. عناءا


والانترنت.   شجيرة.  غضة. احلم   ان  يقطف


وطني ثمار زهورها اعودصندوقا ممرقا أحشاءا


و. مكتوب.  على.  الصندوق الكسير هذا مجرم 


لفظته بلاده خلف الرغيف فكان الرصاص جزاءا


ألما. ما. تعاطف   معي حين عدوتي  إلا عروسا


بالبلاد كنت قد أوعدتها فكان اللقاء الكسيربكاءا


وأم ثكلى تعالج دمعها فيخونها الدمع ويهزمها


 حتى يكون دمعها لوطني الجحود رية وسقاءا


وكأن الوطن كان مجدوبا ينتظر دمعها  ليسقي


 نهم  المظالم  قهرالها فاتخد  دمعها رية ورواءا


وهرب الوطن  من العزاء إلا من بعض الصحاب 


حملوني  لحفرة.  لي.  فيها  كان التراب غطاءا


فكم  أخفى  التراب  جريمة  الأوطان وكم كان 


التراب  للبسطاء  منا  بالحياة  وسادة.  وكساءا


وجيران مصواالشفاه وكانوا من قبل اغمطوني


 بغربتي فكان الصندوق لحسدالحاسدين شفاءا


ووطن نساني حين غادرته فالوطن جاحد  إلا


بالاغنياء وهاهو ما أجزأني بتوفير المؤون ثناءا


فما أملكه بوطني بعد العناء مقبرة طولها أشبار


وعرضها. كخزانة. وضع.  بها المتنطعون حذاءا


فغربتي كانت   من اجلك ياوطن لأوفر  للنشء


 الصغيرمكاني وحياةكريمةوطعمةلهم وغذاءا


فياوطن لم لفظتني ألست أبنك كأبناء اللصوص


 أم  أجزيتني  بالحب  غربة و رصاصة وشقاءا


وحتى اكفاني ضتنت علي ياوطن بها  فكفنني 


من حمل لي حين  وطئت دياره ضغينة وغباءا


ولو  خيروني يا وطن قبل الممات لدفنت بدار


 الشقاء.  فلا   اجد لي  فيك بعد الممات  عزاءا


وستنساني  ياوطن  الجحود كما نسيت الآلاف


 طوتهم غربة ولاقوا فيها منك بالجحود.  بلاءا


فوفر دموع التماسيح  ياوطن لووضعواتابوتي


 فارضك اقسى من غربتي فلسنا. فيك سواءا


محمد مطر

حتى تصان كرامة المثقف في وطنه..وتحترم كلمته..! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حتى تصان كرامة المثقف في وطنه..وتحترم كلمته..!

 

تصدير:

” المثقفون يأتون لحل المشاكل بعد وقوعها، والعباقرة يسعون لمنعها قبل أن تبدأ” (البرت أينشتاين)


“المثقفون لديهم مشكلة:عليهم تبرير وجودهم.”(نعوم تشومسكي)


لا تغيب تجليات الأزمة العربية الراهنة ثقافيا عن رجل الشارع العربي البسيط،في ظل عصر الفضاءات المفتوحة والمباشرة،فكيف بالمراقب الخبير والمطلع على تفاصيل المشهد الراهن وتعقيداته ببلادنا،التي على وشك أن إن تمادت في نهج المزايدات السياسية والمناكفات الفجة إلى المربع الأول،مربع الظلم والقهر والاستبداد بعد أن كناعلى وشك تجاوزه نهائيا،وإلى غير رجعة.

فقد مثلت-ما يسمى-ب”ثورات الربيع العربي”المفاجأة واحدة من اللحظات التاريخية العربية الفارقة،التي بنجاحها قد تعيد تعريف كل مفردات هذه اللحظة العربية والإنسانية من جديد،بعد أن فقدت الكثير من هذه المفردات دلالاتها الاصطلاحية كاملةً،ولهذا كُثر المتآمرون داخليا وخارجيا على هذه الثورات التي تونس ليست إستثناء من تداعياتها..

والثقافة هي التي تعطى للحياة البعد الجميل وهي التي تشعرنا بجمالية الإنسان في كل أبعادة وبجمالية الكون أيضا.والعلاقة بين الإنسان والثقافة علاقة قديمة للغاية بل هي ملازمة له منذ ميلاد الإنسان الأوّل،ومنذ اللحظة الأولى للإنسان تأسسّت معادلة مفادها أنّه لا إنسانية بدون ثقافة،ولا ثقافة بدون إنسان،ولا إزدهار ثقافي بدون الحوار بين كل الرؤى و الأفكار المتعددة .

ولأجل ذلك كانت الثقافة هي السلاح الذي إعتمده الإنسان في تأكيد ذاته وحريته،وتأكيد أنّه خلق ليعيش حرّا.

وعلى إمتداد التاريخ البشري أستخدمت الثقافة لمواجهة الظلم وإحقاق العدل،لمواجهة الديكتاتورية وإحقاقالديموقراطية والحريّة،ويؤكّد التاريخ تاريخ الإنسان مهما كان لونه وشكله ودينه وقوميته أنّ المبدعين والمثقفين هم الذين قادوا التغيير وهم الذين مهدّوا للتطورات الكبرى التي عرفها التاريخ،والفلاسفة والأنبياء والشعراء والكتّاب والروائيون ما هم إلاّ بشرا من نوع خاص.هم بشر يحملون همّا ثقافيا ويهدفون إلى تغيير حياة الإنسان نحو الأفضل.

إن مصير البشرية سيكون مظلما بدون ثقافة تعددية،و القصائد والأشعار والروايات والأفكار التي تحدّت العسكريتاريا في العالم الثالث ستتحوّل إلى منارات لأجيال الغد.

وأكبر دليل على ذلك أنّ الأفكار والثقافات كانت وراء كل التغييرات الكبرى الإيجابية التي عرفها التاريخ..

و هنا نقول جازمين أن الثقافة الوطنية هي إرث يجب أن نعتز به نضيف إلى سياقها ومساراتها و لا يمكن أن يتأسس الحوار على إستئصال هذه الثقافة لتحل محلها ثقافة أخرى فرضتها الكوكبية و العولمة وأفكار أخرى موغلة في الدياجير ..

وإذن؟

المثقف إذا،الذي يشكل عاملا إضافيا و رقما صعبا في معادلة التكامل الثقافي هو ذلك المثقف العضوي (مع الإعتذار لغرامشي) الذي يضحي من أجل أن تسود أفكاره و أفكار الآخرين،وينطلق عقله من قاعدة التحاور مع عقول الآخرين لصناعة دولة ومجتمع الرفاهية للإنسان العربي الذي تخبط في تجارب فردية ساهمت في تراجع مشروع التنمية و النهضة..

و الثقافة في مطلقها الحضاري هي التعددية وتشريك المثقف في بناء حضارة بلاده..

والمثقف لا يمكن أن يكون أسير فكرته ومنطلقاته فذاك سيؤدي إلى تحجيم العقل و تطويقه، والمثقف الحضاري هنا..أو هناك هو ذلك الذي يتشاور و يتحاور و يتجادل ويتبادل الأفكار،لكن في نهاية المطاف ينصاع للفكرة البناءة العملاقة التي تردف الدولة والمجتمع بأسباب القوة والمناعة و الحصانة من عوامل التعري و التآكل .

كما أن المثقف-أولا وأخيرا-هو ذاك الذي يكرس ثقافة الحوار كمبدأ و يجيد السماع والنقاش وإستخلاص المعادلات من الأفكار البناءة.

و الحوار هنا : هو الحوار بين أبناء الشعب الواحد حول آليات تسيير الدولة أو النهج السياسي المتبع أو الثوابت و المتغيرات التي يجب إتباعها في مسرح دولي متعدد تهب رياحه العاتية من الجهات الأربع،كما أن الحوار قد يكون بين الشعوب والحضارات و التشاور والتفاعل الثقافي بين الشعوب من سمات الراهن البشري و مجالات الحوار الحضاري تشمل الحوار المتفتّح في المجال الديني و المجال السياسي و الاقتصادي وغير ذلك من مجالات الحوار ..

وتونس اليوم تتهودج في ثوب الديموقراطية الذي خاطته أنامل ضحّت بحياتها في سبيل أن ننعم بكلمة”لا”حين يقتضيها المقام-..في زمن كانوا يريدونها بالأمس-دوما-“نعم”.

وبالأمس القريب-ما قبل إنبلاج فجر الثورة البهيج-قلت:لا..بملء الفم والعقل والقلب والدم و”أدنت” تبعا لهذا-الموقف الرافض-بجسارة من لا يهاب لسعة الجلاد بكل عقوبات جهنم من”إقصاء..تهميش..تجاهل،نسيان..ومراقبة أمنية لا تخطئ العين توحشها الضاري..إلخ

وهنا أختم بكلمة أخيرة منبجسة من خلف شغاف القلب: التكريم الحقيقي للمثقف..هو أن تصان كرامته في وطنه..وأن تحترم كلمته..ومن هنا تجدر الاشارة إلى أن الكرامة التي أقصد إلى إثارة الانتباه إليها ها هنا، ليست تلك الكرامة التي يربطها البعض برغد العيش وهناء البال،والتي يحققها التمتع بأزاهير الحياة من مطالب طينية،حيوانية،رخيصة،إنما الكرامة التي أقصدها هي مُعْطًى فطريٌّ جاء مع الإنسان إلى هذه الحياة، وليس لأحد أن يَمُنَّ به على أحد. فالتكريم ثابت في حق الإنسان “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ” (الإسراء،70)،وهو “ملكية فردية” له،لا يحق له أن يتنازل عنها.ومن فرَّط فيها ضلَّ الطريق،وسار إلى إهانة نفسه،لذلك لا أعتبر الكرامة “مطلبا” بالمفهوم النقابي للكلمة،لأنه لا أحد قادر أن يمنحها لك،ولكنها "مِلْكٌ" من فرَّط فيه،أهان نفسه،وأوردها مهالك الاستغلال،والإهانة،والعبودية.

إن ثورة الكرامة إذاً،هي ثورة الحكم العادل الذي يحترم حقوق الإنسان وقدرة الأفراد على تقرير مصيرهم واختيار نمط الحياة الذي يريدون.

وأرجو أن تستساغ رسالتي جيدا..وأن لايقع إخراجها عن سياقها الموضوعي..


محمد المحسن



ذكرى سجناء جلبوع وقهرهم للسجان بقلم الشاعر محمد علقم

 ذكرى سجناء جلبوع وقهرهم للسجان

.....................................................

انتــزعنــا الحـريــة

وذلينـا الصه/يونيـة

مــن جلبوع خـرجنا

والستـــة فـــدائيـــة

انتظـرنـا الضمـائـر

مــا فـي لنـا أهميــة

عـالـم ظالـم وكـافـر

مـا فـي قلبـه حنيـّـة

بـالقضيــة يتــاجــر

اكـرهنــا العبـوديــة

والحــاكــم يتفـاخــر

بالمطـالـب الشرعية

هيئــة اللمـم تعـادينـا

وتنـاصرالصه/يونية

نحن شعب الجبارين

مــا نخشـى المنيـــة

لعيـونك يـا فلسطيـن

نطــوع بـالجهـاديــة

والاقصى مـا انسينا

ويـافا وحيفـا عربية

ثورة شعب مستمرة

ضد الدولـة العبـرية

قسمـا قسما لن نحيد

عـن مبـادئنا الثورية

عـودتنـا لا بـد منهـا

لأرضنـا الفلسطينية

محمد علقم/٩/٧/٢٠٢١


الحبُّ مسألةٌ ومساءلة بقلم محي الدين الحريري

 الحبُّ مسألةٌ ومساءلة


سألونـي هـل تُـكلّم الّـليـل؟ قلت 

     بلىٰ سلوا ذياك الـحب واسألوا القمـر

حينَ يأتي سابحاً فـي حلك الظـ

     ـلام متلفعاً في سـواده يُعانق السحر 

سألوني عن الربيعِ والأزهار تفوح و

    العصافير تشدوا بألحان تراقص الشجـر                                                    وكيف سافَرَت مع الغيومِ أحلامي 

   وكـيف عـادَت مـضمخـة تصطحبُ المطر                                                   

كيف كانت تنشرُ  للحبِّ ..اشرعـة

   كـأن الـشّـوقُ بِـهــا لـبحـار الـعـشقِ عـبــر 

تـاركـاً علـىٰ مـرِّ الأيـام بـصـمـاتـه 

   بعد أن ولّـى .. الــشبـاب والـعمـر انحسر

ومات الحبُّ القديم مسربلا بقيمٍ

   مسحتهـا الـسنيـنُ الـعجاف آحـاداً وزمــر                                             

سألوني هل يـعودُ الحبّ بعـدَ موت

   قـلتُ بـلـىٰ حتـىٰ لـو .. قـضىٰ وانـدثًــر                                                  

تـجلت قدرة الله في حِفـظـهِ فأعـ

    ـطـاه إسمـاً مـن أسمائـه ودعـاهُ الـقـدر 

وزَّعه  وأحسنَ  توزيعهُ  فالطـفــلُ

    والـشبـابُ والكـهـلُ ، كـلّ فـيــه استـتـر

خلده في الحياة والـممـات فمـا من

    أحـدٍ إلا ولــه مــن آيـاتِ الـحب ســور    


                 محي الدين الحريري



في حمام سوسة اختتام الدورة الثانية من تظاهرة :" تراث أجدادنا كنز لأحفادنا " ▪︎ تثمين الموروث التقليدي في المحفل الحمامي وتعزيز السياحة التونسية متابعة الكاتب :جلال باباي

 في حمام سوسة

اختتام الدورة الثانية من تظاهرة :" تراث أجدادنا كنز لأحفادنا " 

▪︎ تثمين الموروث التقليدي في المحفل الحمامي وتعزيز السياحة التونسية 

متابعة الكاتب :جلال باباي 

 

    

عاشت مؤخرا مدينة حمام سوسة  تحت شعار:" تراث أجدادنا كنز لأحفادنا " على إيقاع اختتام الدورة الثانية من تظاهرة: “ المحفل الحماٌمي " التي نظمتها بامتياز الجمعية التونسية الإنجليزية للتربية والسياحة و الثقافة الإجتماعية "So Cute " برئاسة السيدة: روضة بن هنية ، متضمنة لعديد الفقرات التي تحتفي بالتراث المحلي و الذاكرة الشعبية وكل ما تعلق بخصوصيات العادات الغذائية والأزياء التقليدية الحمامية إضافة إلى المحفل الحمامي الذي شهدته زنقة قاسم القلي، بحضور ضيوف من تونس وخارجها من بلدان صديقة و شقيقة من أوروبا  والمغرب العربي على غرار: ( البرتغال ، الجزائر ، رومانيا ، مصر ، تركيا ، ألمانيا ، ليبيا ، فرنسا  و الأردن.ثم المغرب و تونس بالطبع.).   هذا وتخللت المحفل التقليدي بحمام سوسة أجواء فولكلورية رائقة و انتصاب ورشات تثمٌن الحرف التقليدية و تحيي بالتالي ذاكرة السابقي وتعزٌز الموروث القديم في حمام سوسة ، كما  اقام على هامش هذا العرس التراثي بامتياز الفنان التشكيلي : الهادي زاوية أصيل الجهة معرضا للرسوم نال إعجاب الزوٌار و استمتعوا بلمسة فرشاة وقلم الرصاص و فحم ال:fusain  الذي طوٌعه باقتدار لافت لرسم شخصيات تاريخية بارزة ( الحبيب بورقيبة ) و المراة في أبهى ومختلف تجلياتها دون التغافل على وهج المكان و أحقية أن تكون لقبٌة الأقصى موقعا في مخيٌلة الفنان فتمثلها كابهى ما يكون لتفتك زاوية مضيئة في المعرض

      كما كانت لحصة المذاقات الغذائية للكسكسي والخبز المغمٌس بزيت الزيتون حظوة كبيرة للزوٌار وضيوف تونس حتى يستزيدوا من التعرٌف على تقاليد وعادات الجهة .

    بذلك يمكن ان نصنٌف بادرة الجمعية وحرصها على تنظيم مثل هاته التظاهرات التراثية خطوة إيجابية لدعم السياحة الثقافية والإسهام من موقعها في التعريف بمميزات جهة حمام سوسة في المجال التراثي .

    لا نملك إلاٌ ان نحيٌي  رئيسة الجمعية التونسية الانجليزية للتربية والسياحة والثقافة الاجتماعية (So CuTE) ، صاحبة الفكرة والمدير التنفيذي للتظاهرة التي وفٌقت إلى ابعد الحدود هي والفريق العامل معها في تأثيث المشهد الثقافي بحمام سوسة  واستمرارية التظاهرة لتثمين تراث الجهة والمحافظة على مكتسبات الأجداد وتعزيز السياحة الوطنية .








ذكرى عابرة بقلم الشاعر محمود خليل رزق

 ( ذكرى عابرة )   بقلمي 6/9/2025


1_بياني دعاني لروضِ الأماني .....توشَتْ حروفي بأندى المعاني .

2_سقاني التّذكرُ كأسَ التصابي ......فأحيا فؤادي بذاكَ المكانِ .

3_مراراً قطفتُ زهورَ التّلاقي ......وعشتُ ربيعي بتلكَ الجنانِ .

4_حضنتُ خيالاً نديّاً نقيّاً ........ فأزهى شعوري شذا البيلسانِ .

5_توردَ خدٌّ بهيٌّ شهيٌّ ...................فألقى فؤادي بشطِّ الأمانِ.

6_فملتُ إليه فماست قدودٌ ........ وغنتْ ضلوعٌ جميلَ الأغاني.

7_ولمّا هممتُ بلثمِ الثغورِ.... .....بكى كلُّ حرفٍ وحظّي رثاني .

8_خيالُ الحبيبةِ فرَّ بعيداً .............. ......كماءٍتسربَ بينَ البنانِ

9_هوَ الحُبُّ يحيي فؤاداً جريحاً ........  ...مُعنَّىً كليماً بأيِّ زمانِ

10_ولكنَّ حظّي قليلٌ بخيلٌ ...........لأجلهِ دوماً حروفي تعاني .


محمود خليل رزق  / سورية


صَمْتُ الجُدرَان بقلم الشاعر سليمان بن تملّيست

 صَمْتُ الجُدرَان


تُطلُّ الكَلِماتْ

مِن نافِذَةِ المَعْنَى...

مَحْفوفَةً بِغُرْبَتِها!!!

في واقِعٍ...

يَحْتَفِي باغْتِيالِها!!!


تَتَعثَّرُ في أفواهِنا...

متَوارية في صَدى القَولِ،

مبتلّة بالحِبْرِ،

لكنْ لا تُفَسِّرُها العُيونُ،

وتكتمُ بوحها الجُدْرانْ!!!


تَصِيحُ،

ولا صَدى...

تَنزِفُ،

ولا شَفَقٌ يُضَمِّدُ نُطقَها!!!


فَمَنْ يُعيدُ لِحُرُوفِها المعنَى؟

ومَنْ يَفُكُّ قُيودَها...

ويُهديها الزَّمانَ... كما تَشاءْ؟!


بقلم  سليمان بن تملّيست 

جربة - الجمهورية التونسية



سيد الثقلين بقلم الشاعر غازي ممدوح الرقوقي

 .......... سيد الثقلين ...........

بحب رسول الله محمد تخشع القلوب والأرواح 

وتنجلي الهموم والأحزان ويعم السرور والأفراح 

جاء ليمحو الجهل عن أعيننا ونذيرًا هاديًا 

ومختارًا تضوع عطره وفاح مسكا وعنبرا 

صلى الله عليك يا سيد الأكوان ونور للعالمين 

يا رسول الله وخاتم الأنبياء وخير المرسلين 

يا بدر الدجى وقمر منير ذي القدر الرفيع 

كللت وجه الأرض بنورك وحسنك يا أحد بديع 

زرعت مكارم الأخلاق فينا ونشرت دين الإسلام 

وأديت الرسالة وعرجت للسماء وصليت بالأنبياء 

يا سيد الثقلين والصادق الأمين وحبيب الرحمن 

نهيت عن الشرك والبغي والآثام وعبدة الأوثان 

ورفعت راية الحق شامخة بين كل الأنام 

وأتيت بدين عزيز القوى وكتاب اسمه القرآن 

مسحت دموع اليتيم وصنت حرمة الناس 

وكنت رؤوف رحيم وشمس حق ومنبع الأخلاق 

وسراج أمتنا وشفيعنا مكسو بالجمال والكمال 

وعظيم الهيبة والوقار تكحلت المدينة من سناك 

ذكراك تروي القلوب عجزت بوصفك الكلمات 

دعوتك التوحيد ومنهجك الرحمة جئت بالبينات 

تفوح عبقا اتصفت بالجود والكرم والإحسان 

وجعلتنا أمة كرام نسأل الله الشرب من يمناك 

نقتدي بك يا نبي الرحمة وإمام الأنبياء الأتقياء 

ما خاب من سار على نهجك واتبع هواك 

غازي ممدوح الرقوقي 

سورية


" ايلول وأنا" بقلم الكاتبة فاطمة حرفوش - سوريا

 " ايلول وأنا"

              

             بقلم فاطمة حرفوش - سوريا 


ايلول يتهادى بمشيته، 

ويمشي الهوينا متأبطاً ذراع غيومه، ومسرجاً صهوة الرياح.

يرمى أوراقه الميتة، على رصيف الأيام،

وينقش الحزن بقلبي على وقع الخطوات،

عابثاً بمرح الأوقات.

يرافقني متكأً على جنوده، 

ويرمي ثقله في أفقي، فيغمر ذاتي،

غير مبالٍ بحالي. 

فأتعثر بوقع خطواته، 

وتكتحل عيوني بغبار أوقاته.


يمر بقربي متباهياً، 

فأحتسي مرارة الخيبات.

أُلملم ما تيسّر من أحزانٍ معتقةٍ،

لمست وجهي بقدومه، 

وسكنت عمق أحداقي.

لكني لا ألبث بعد برهةٍ،

أن أعيد تدويرها لصالح وخير الأعمال، 

وأرمي بعضها بحكمة الأيام، 

وأعلق ما تبقى منها على مشجب النسيان.

 

أنا .. ياأيلول ابنة الربيع،

لن يقرب خريفك من جميل أثوابي.

اهدر بموجك، واعصف كما يحلو لك

ماعادت تُرهبني صوت رياح أحزانك،

حتى لو أيقظت من سباتها العميق أشجاني.

سأعانق ما يأتي منها بصمت ناسك،

يتقن فن تأويل الأحداث.

وأعتقها في محراب صبري،

وأحرقها في آخر المطاف في موقد الشتاء. 

فمن رماد نارها ينهض، 

وينطلق محلقاً في عالي سمائي، 

فينيق فرح أيامي.

وتزهر مجدداً في رياض روحي 

حدائق الضوء، 

ويعود الهناء سريعاً رفيقاً دائماً لحياتي.



أكتب حبٌك بحبر الدم يا وطني ☆ شعر : جلآل باباي ( تونس)

 ☆ أكتب حبٌك بحبر الدم يا وطني ☆


         • شعر : جلآل باباي ( تونس)


أعطٌر  جبهة الوجه من رَحِم ترابه

أرمٌمها عثرتي

لا اكترث بالريح والحصى الشديد 

انفض غبار الطريق

ملتصقا بشبابيك الشمس

انتفض على الشيطان 

أوجٌه بوصلة عتقي للزوايا 

بِوَافِر كُهولتي وطفولة الشريد 

اخشى هشاشتها 

أصابعي النائمة يسار الجسد

ذا وجهتي لا غير

ترشدني إلى مطاف الحلول

عند تلٌته العالية و فجر المواعيد

يجتاحني ماء الورد احمر 

مثل دمي اكتب به ملحمة الطاعة 

لي وطن...يزدان بنجمة   

وهلاله يتطاول على الغيم العنيد

أزرعني سنبلة في اقاصيه

ازرعني صهيل سيف صلاح الدين 

في المعركة  

أعتصر من ملح صبابتي

إعصارا يقهر  الطغاة

أنحني للراية ، اغترف من سندسها

غضب الشهيد

ثم أعتزل الصمت

واعلن تهيامي للبلد

الذي طالني بالجموح 

من الوريد إلى الوريد

على أرض هذا الوطن

فوق كل شبر من واحاتها 

ما يستحق الفخر والتمجيد.


                      ▪︎ خريف 2025



إلى إمراةً تسكنني تكسرُ ضعفي وتعلن العصيان بقلم الكاتبة نجوى_بن_عرفة

 إلى إمراةً تسكنني  تكسرُ ضعفي وتعلن العصيان

تهرول مني هرولةَ طائفٍ وسط الزّحَام

 تصيح في  مقبرةَ صمتي 

تبحث عن أثرِ الفراشةِ العالق بي 

تقول لي  فلتنهضي  من رمادِكِ 

إن ما تكتّمتْ عنه الأسطورة أن إمراةٓ من نارٍ أعادت الروحَ لطائرِ العلقاء

  أبحثي  عن نورَك في الوجهِ الآخر للمرآهْ

ِفأمتثلُ إمتثالَ جوادٍ يكبحُهُ اللّجام ْ


تجوب في لحظاتِ خلوتيِ مدنا وبحارْ

أقول لها قد لا يكفيكِي مجموع َما بمتجرِ احذيةٍ لليلةٍ واحدة َ

لو سرت بأقدامِكِ ما تسيرينَهُ بالافكارْ 

إمراةٌ  تضعُ مساحيقَ زينةٍ والوانٍ فوق جرحٍ نازفٍ ما نفعَ معهُ قطبٌ ولا ضمّادْ


تحملُ أكاليلَ صبرٍ من ضوء النجمات ْ


خبأت   اوجاعها بين  وسادة مضجعِها ومناديلُ الدمعِ وبعضُ قصائدِ النيسانْ


 لقد كابدتْ لتظلٌَ الرّوحَ عالقةً بالحياةِ

فإتهموها بالمكر شهرزادْ


ِوما ركنتْ يوما قصتَها الي دفاترِ النسانْ

وصارت روايةٌ ترويها  أجيالا وأجيالْ

إمراةً بعثرت تاريخَ رجلٍ شرقيٍ بحكمة وإتقانْ

ووقفت بثبات فكانت أشدّ ذراوةً من سيفه المسلولْ 

وجعلته يرى الألوان زاهيةً رغم إصابتِهِ بعماءِ الالوانْ


فلتتحلى بمكرِ شهرزادَ جميعُ النساءِ

فالتاريخ لا يمجّدُ غير الابطالَ العظماءْ

نجوى_بن_عرفة