الاثنين، 18 سبتمبر 2023

اودّ لو ــــــــــ الأستاذ عبد الستار الخديمي


 **اودّ لو **

ليت الذكريات تقتطع تذكرة ذهاب بلا إياب
وتنتهي نوبات من الأسى والعذاب
ونتسامر في ودّ دون عتاب
ويصبح العشق خطيئة دون عقاب
وتستقبل البيوت زوّارها دون ستائر ولا أبواب
وترحل مرافئي نحو اليابسة
نحو قمّة جبلية متعرّجة
ليت المدى يقصر فأرى بريق عينيك المطمورتين في كومة قشّ بائسة
إبرتي الصغيرة ضاعت دون خيط يدلّ عليها
بماذا أرقع الزمن المبعثر على ضفاف العيدان اليابسة؟
بماذا أخيط ثوب النور الأزرق شققته في لحظة وجد يائسة؟
ليت شمس الصباح تشرق مبتسمة في قلبي
وليت قطي الصغير يحسّ بالأمان
حين أداعبه
تحمرّ وجنتاه خجلا
او ربّما لجاجة ووجلا
وحين أبوح له بما فعل الزمان
وحين تنزلق دمعتي فتحدث زلزالا
رأيت زهرة يانعة خلابة تبدّل جلدها كالأفاعي
وأخرى واقفة على عودها المتيبّس تنتظر فما نزقا يحررها
وثالثة تجمع أخريات حولها
تروي لهن بقايا عشقها المتناثر كحبات البرد
ليتني أجمع شرقي بغربي
وأوقد النار في فناء الطائيّ
وأجعل كلابي وديعة تردّد غنائي
واغرس عيدان التوت لتنمو بلونيْها في فنائي
لم ابح بعد بانني متيّم بعطرك
وأنني أحبّ كالريح العبث بخصلات شعرك
وأنني أتوه في إشارات غزلية لا أفهمها
وأنني أهوى الوقوف على تخوم ظلك
وأراقب طيفك يرسم الخطو على دقات قلبي
أليس هذا كافيا ليشرق الصبح في قلبي!!
بقلم:الأستاذ: عبد الستار الخديمي - تونس

بكى القلم ــــــــــ فهمى محمود حجازى


 بكى القلم

بكى القلم أحرف تتساقط منها دموعنا
فوق أسطر لا تقدر حمل أنيننا
وأرحام الورق تجهض من أعبائنا
أحيانا تغتصب الفكرة من بنات أفكارنا
ويصرخ الصمت لماذا أحبس هاهنا
ولما تلد الكلمة سفاحا وهي من حل أقلامنا
ولما يحتبس النور في مصباحنا
أتخاف العتمة من ضياء أقلامنا
وأن تهجر كل طريق لنا
عجبا لشعوب تتغنى بصبحنا
و قد غضت الطرف عن شمسنا
وضياء الفجر يشرق من عندنا
وجفون تتكاسل أن تفتح والأخرى
تغمضها أكف الذل فتنصت فقط لصرير أقلامنا
فإن صحنا وسمعوا علو أصواتنا
صاحوا وتوارت أصواتهم بين أصواتنا
واذا حجب الصوت أغلقوا الجفون
وقالوا تكفينا أحلامنا
بقلم فهمى محمود حجازى

بعمق الاحساس ـــــــــــ غزلان البوادي حمدي


 بعمق الاحساس

عشقتك
وبعمق الوجع هويتك
وبعمق الانكسار
تمنيتك
وبعمق الصبر
انتظرتك
وبعمق الحنين
استذكرتك
وبعمق الشوق
اشتهيتك
وبعمق الغيرة
حميتك
وبعمق الولاء خليتك...
غزلان البوادي حمدي 

لأنك متعب مثلي ــــــــــ صفاء بوبكر


 لأنك متعب مثلي

لأنك متعب مثلي
كلوم الفؤاد مثلي
لأنك في شارع اخر
لأنك في بلد اخر
لان السلام لم يعد سلاما
لأن الحرب لم تعد
موسما للشعراء
لانك صديقي
سأعطيك شارتي
برؤنا لا تكفيه ...
كلمات ..
صفاء بوبكر
تونس

المغرب ــــــــــــ نعمه العزاوي


 المغرب:

المَغربُ لا تَغرِبُ
جثامينُها السّطوع
ولا الشّمسُ دوّارةٌ
ضَفائِرُها الشّموع.
المَغربُ لا تُهدمُ
قصورُها الشّروع
العَودُ أحَمدُها
تَضافُرُها الجُموع
عارضٌ مرّ وراحَ
حَصادُها الخُشوع
بَلسمًا ينتابُ الجراحَ
للهِ بَانَ الرّكوع
المَغربُ بارِدٌ ضِياؤُها
للزّهورِ عابِقةٌ الرّبوع
ضُحًى بانت سماؤٌها
ساريةٌ وعلمٌ مرفوع
جحافلُ بانَ حِفظُها
بالكتابِ لُبِّستْ دُروع
منارة لله درّهُا
باقيةٌ دون صدوع
مَرّت لعلّها لن تعودَ
للبلاءِ عدّةُ فروع
دُعاؤنا بِلا ركودٍ
رزقا دونَ قُطوع.
العراق.
نعمه العزاوي.

قهرُ السرطانِ بقلم الشاعر محمود بشير

 قهرُ السرطانِ


أنا قاهرُ السَّرَطانِ بالإيمانِ

            مُذْ أنْ بُلِيتُ لجأتُ للرحمنِ


ناجَيْتُهُ ورجَوْتُهُ مُتَوَسِّلاً

                  ألاّ يُخَيِّبَ مَنْ أتاهُ يُعانِي


وحملتُ أوجاعِي وجُلْتُ مُناشِداً

               مَنْ يُهْرَعُونَ لِهالِكِ الأبدانِ


فوجَدْتُ في(صَرْحِ الحُسيْنِ)مَظَلَّةً

               مُثْلَىٰ وترفعُ قيمةَ الإنسانِ 

        

ف"جمالُ*" جاوَلَنِي وبيَّنَ عِلَّتِي

                وقَضَىٰ بأنَّ دواءَهَا جُوَّانِي


فيهِ "الأشعَّةُ" في المكانِ ضَرورَةٌ

         ". هُرْمُونُ" يتْبَعُ في مكانٍ ثانِي


فخَضَعْتُ مغْلُوباً أُدارِي مِحْنَتِي

          وأخَذْتُ أشكُرُ كُلَّ مَنْ يرْعانِي


ومضَيْتُ في درْبِ العِلاجِ مُوَكِّلاً

          أمْرِي لِأَوْحَدَ إنْ دعَوْتُ وَقانِي


سارَ العلاجُ ورُحُتُ أَغْتَرِفُ الشِّفَا

                 قد رُدَّ جَرَّاءَ الشِّفاءِ كِيانِي


رباَّهُ تَمِّمْ في عُلاكَ مسَرَّتِي

        واجعَلْ عطاءَكَ إن تَشَأْ نِيشانِي


أنتَ المُشافِي أنتَ وَحدَكَ بارِئي

           تُؤْتِي الخلاصَ بِفِعْلِكَ الرَّبانِي


محمود بشير

2023/9/18


* "جمال": هو الدكتور جمال خضر رئيس عيادة الأشعة العلاجية 



خَلُّوا طيورَ الحُبِّ ــــــــــ الدكتور راغب العلي الشامي


 خَلُّوا طيورَ الحُبِّ

عن شجري
وأغْصاني
ماعادَيعْنيني
الهَوی أَوعَادَ عنواني
في ما مضی
طَرِبَتْ لَهُ روحي
ولكنْ
زادَ أحزاني
ماعُدتُ أذْكُرهُ
إلّا مُصادَفةً
فكيفَ إذا ما جَاءَ
أحياني
ذَرَفتْ عيوني
كُلَّ دَمْعَاتٍ لها
ولَقدْعَزَفْتُ
جَميعَ ألْحاني
أنا مَنْ تَتَيَّمَ
في حُبِّهِمْ زمناً
ومازالوا بوِجْداني
هُمْ فارقوا
من غيرِ مَعْذِرَةٍ
أَيَرْجَعُ حُبُّهُمْ
مِن بعْدِ هجرانِ
كَم قاسموني عَهْدَ
مُلتَزِمٍ وخانوا
عُهُوداً كُنَّ إيماني
كَيفَ ارتَضيتُمْ لوعَتي
مَن ثُمَّ طاب لكمْ
تَركي وحِرماني
لولا التَصَبُّرُ عن فِراقٍ
كَاد يقْتُلُني
لَهِمْتُ بِهِمْ لأَزْمانِ
كَم عُذتُ قلبي
من تَبارِيحِ الهوی
لَكِنَّ قلبي شَاءَ خِذلاني
ما غادروا قلبي
وهُمْ سكنوا بهِ
من بَعْدِهمْ
أَغْلَقْتُ بيباني
لا تَهْجُروني يا أحِبَّةَ
مُهجَتي عَمداً فأنْتُمْ
كُلَّ خِلّاني
بقلمي الشاعر
الدكتور راغب العلي الشامي

غيث الرّضاء ـــــــــــــ جمال الشوشي


 

🌹🌹غيث الرّضاء🌹🌹
غيث الرّضاء لعظيـــــــــــم
نور من اللّه يرفعك الأعالي
خير القلوب سليــــــــــــــم
سواد اللّيل تأكله اللّيــــالي
طيّب القلب رحيـــــــــــــم
سامق بين الأحبّة و الأهالي
لا يستقيم خائنا و عديـــــم
لا سيّدا بين الثّرى و الغوالي
بقلم ✍️ جمال الشوشي 🇹🇳

ولات حين ندامة ــــــــــ جاسم محمد الدوري


 ولات حين ندامة

جاسم محمد الدوري
يا امرأة
دعيني أقول لك بصدق
أنا لا أحبك كما أنت تشائين
ولكن كما انا أريد أو أشاء
فأنا احبك بكل هذاالجنون
فأنت فراشة عمري التي
تنث رحيق عبيرها
فوق خدي صباح مساء
وأنت التي تسكن أحداقي
كي لا أرى غيرك من النساء
وأنت قصيدة شعري التي
يغار من أبياتها الشعراء
وأنت.. أنت التي
ورغم النوى تظلين
نجمتي التي تزين
بحسن طلعتها السماء
وانت التي يظل اسمها
عندي أجمل كل الأسماء
فخلي عنك غرورك
وتعالي بقربي
ف بيني وبينك
عهد مودة وحنين
بيني وبينك
حلم كان يراودني
منذ سنين
فهل تناسيتي وعدك
وغرتك الحياة الدنيا
بعد حين.....وحين
يا امرأة
انا رجل شرقي
قبل ان القاك
أحمل وشما بالجبين
أنا الحر مثل صقر
طليق الجناحين
يحلق في الفضا
منذ ستون ربيعا
يبحث عنك
بين الماء والطين
وأنت كما أنت تبقين
تناظرين الطريق
لعل الغائب
ذات يوم يعود
ودمعك ما زال طريا
يهطل مدرارا جليا
فهلمي....هلمي
نغزل العمر سويا
ونعود كما نشاء
طفلين صغرين
نهدهد بالحب غناء
ونصون العهد
من قبل ان
تأخذنا الدنيا
في صمتها بغباء
ويموت الحب ساعتها
ولات حين ندامة
بعد كل هذا الرخاء
وقبل ان يضيع العمر
في زحمة الوقت هباء
تعالي نجدد الماضي
ونقتل الخوف
ونعيش مثل كل السعداء
فما عاد لنا عمرا
نخاصم بعضنا
فكل الذي مضى
صار سواء
فلا نأخذك العزة بالأثم
فالنفس ما زالت
تحمل فوق متونها
في طبعها الكبرياء

زفرات حرف ـــــــــــ رؤوف بن سالمة


 زفرات حرف ..

رؤوف بن سالمة/تونس
هذا الحرف المسكون بالحنين
آثر السكون وانزوى مستكين
وكلّ الدفاتر ٱحترقت شوقا
منذ زمن طواه النسيان
وعفّر ملامح عباراته شحوب
تخاله حين تُقْرأُ زفرات وأنين
لا تلمني إن نفخت فيك
من روح سرّ طلسم
كنه سطوة الوجود
لزمن فات عساه يعود ..
أيّها الماضي
وشلاّل الذكريات
أين تراك ..؟
ولما ٱنطويت
ونسيت العهود؟
فالشوق يسابق الحرف
ويغلب الفِكرَ
وصورا ظلت بالبال
وما شابها قطّ النسيان
ومواقف مرَقتْ
وٱخْتُزِنتْ فالوجدان
وٱستوطنت الخاطر
وما ظلّت العنوان..
رؤوف بن سالمة/تزنس

باثور رئيس المخفر قصة لـــــ مصطفى الحاج حسين


باثور رئيس المخفر ...

قصة : مصطفى الحاج حسين .
في صباحٍ مشمسٍ ، وبينما كان رئيس المخفر ، ( أبو رشيد ) يجلس على كرسيه ، فوق المصطبة ، عند باب المخفر ، حيث كان يدخن ، ويتلهى بمراقبة القرية القريبة ، عبر منظاره الجديد ، وإذ به يلمح رجلاً قروياً يتّجه إلى العراء ، وحين ابتعد عن الأنظار ، تلفت يمنة ويسرة ، ثمّ رفع ( كلابيته ) على عجلٍ ، قرفص ، وخلال دقيقة تناول من قربه حصوة
مسّح بها ثمّ نهض .
استرعى هذا المنظر ، اهتمام رئيس المخفر وفضوله ، فصرخ على الفور ينادي ( الرقيب خليل ) ، ولمّا خرج إليه ( خليل ) ، أمره قائلاً :
- إذهب إلى هناك .. وأشار بيده صوب القرية ، ناحية القروي :
- أحضر ذاك البدوي بسرعة .
امتطى( الرقيب خليل ) حصانه
وانطلق صوب القرية مسرعاً .
كان الرجل القروي ، قد اقترب من قباب القرية ، حين ناداه الرقيب :
- قف .. عندك .. لا تتحرك .
انبعثت رعشة عنيفة في أعماق القروي ، تلعثمت كلماته :
- خير ياوجه الخير !! .. ماذا تريد ؟!
- امشِ قدامي إلى المخفر .. هيّا تحرك .
تضاعف الخوف في أعماق القروي ، وأراد أن يستفسر :
- ولكن لماذا ياوجه الخير .. أنا لم أفعل شيئاً ؟! .
صاح( الرقيب خليل ) من فوق حصانه ، الذي لم ينقطع لهاثه ، بعد :
- تحرّك ياكلب .. قسماً سأنزل وأدوسك بحذائي .
- لكن ياسيدي ...
لم يتركه يكمل كلامه ، فقد اقترب منه ، وهوى عليه بسوطه .. صارخاً :
- تحرّك .
كان القروي يتعثّر بخطواته بين الفلاة ، والرقيب من فوق حصانه ، يحثّه مرّة على العجلة ، ويسوطه مرّة أخرى .
اقترب من رئيس المخفر ، فتطلّع الرجل إلى ( أبي رشيد ) بهلع ، بينما كانت مفاصله ترتعش ..
رمقه رئيس المخفر بنظرة صارمة ، ونهض :
- الحق بي إلى مكتبي .
حين أغلق رئيس المخفر الباب على الرجل ، المرتعد الفرائض ، أيقن أن جريمة فظيعة ، سوف تنسب إليه .
غير أن رئيس المخفر ، نظر إليه وابتسامة لزجة ارتسمت تحت شاربيه :
- ما اسمك ؟ .
- أنا ياسيدي .. اسمي .. ( خميس ) أبو حسين .
- أريدك يا أبا حسين ، أن تحدّثني بصراحة .
واندفع ( خميس ) ليقسم لرئيس المخفر ، وكان الخوف قد بلغ ذروته :
- أنا والله لم أفعل شيئاً .
ابتسم رئيس المخفر ، أدرك أنه رجل ذو هيبة ، يخافه الجميع :
- لقد شاهدتك وأنت تقرفص ( وتفعلها ) بسرعة .
علت الدّهشة وجه ( خميس ) همس كمن يقر بذنبه :
- نعم .. فعلتها .. لماذا أكذب ؟! .. ولكنني لم أكن أعرف أن هذا ممنوع .
صرخ رئيس المخفر :
- اسمعني ياغبي .. لا تقاطعني .. الحكومة لا تمنع مثل هذه الأمور ، لأنها لا تعتبر من الأعمال السياسية .
ثم استدرك محاولا شرح الموقف ، للمواطن ( خميس ) ، الذي لم يزايله الخوف حتى الآن :
- أنت - فعلتها - بسرعة ، وأنا أمضي أكثر من ساعة في المرحاض ، أريدك أن تساعدني حتى أستطيع أن - أعملها - مثلك ، بعجلة .. أنت لا تعرف كم أنا أعاني وأتعذّب كلّ يوم .
بعد جهدٍ استطاع المدعو ( خميس ) أن يفهم مايريده منه رئيس المخفر ، ولأول مرّه يزايله
خوفه ، ويتجرأ ويرسم على شفتيه اليابستين شبه ابتسامة :
- أمن أجل هذا أرسلت في طلبي ؟! .
- نعم .
- بسيطة .. ياسيادة رئيس المخفر .. القضية في غاية السّهولة .
وهنا استبشر رئيس المخفر ، خيراً ، فهتف بفرحة :
- كيف ؟؟؟؟؟ .. قل لي .. أرجوك .. فأنا أتعذّب .. وأضيع معظم وقتي داخل المرحاض .
تضاعف شعور ( خميس ) بثقته بنفسه ، فها هي الحكومة بكلّ جبروتها وعظمتها وهيبتها ، تلجأ
إليه وتستشيره ، في قضية على غاية من الأهمية .. لذلك أجاب :
- أنا ياسيدي .. عندما أتضايق ، أحاول أن أؤجلها ..
وكلما تضايقت أضغط على نفسي ، حتى - أحمّصها - ، وعندها أهرع إلى البريّة ، وخلال دقيقة أكون قد
انتهيت .
ابتسم رئيس المخفر .. شعر بالراحة والسعادة ، أخيراً سيضع حداً لهذا العذاب المضني ، وأقسم في
أعماقه ، أن يكافئ ( خميس ) إن نجحت وصفته هذه :
- إذاً عليّ أن - أحمّصها - ، أليس كذلك ؟ .
- نعم سيدي .
في اليوم التالي ، رفض رئيس المخفر أن يدخل دورة المياه ، قبل أن يغادر ببته . توجه إلى المخفر ،
وهو يشعر بالضيق بعض الشيء ، لكنه سينفذ ماطلبه منه ( خميس)، - سيحمّصها - .
وحين دخل إلى مكتبه ،استدعى كافةعناصره ، كعادته ، ليشربوا الشاي .. لكنه سرعان مابدأ يتململ
في قعدته ، فوق كرسيه ، ومع هذا كان يردد بداخله :
- ليس الآن .. عليّ أن أنتظر ، حتى - أحمّصها - ، ( خميس ) قال لي هذا .
مضى كثير من الوقت ، وهو يثرثر مع عناصره ، محاولاً كبح مؤخرته ، عن الانفجار .
أخيراً ، شعر بمغصٍ شديد ، مغص لا يقاوم ، كأنه الطّلق .. نهض عن كرسيه ، حاول أن يتجاوز
كراسي عناصره بسرعة ، لكنّ صمام الأمان أفلت منه ، فها هو وقبل أن يفتح الباب يفرقع بقوة ، كانت ( ضرطته ) بقوة انفجار قنبلة .. أحسّ بالخجل الشديد ، لم يلتفت صوب عناصره ، الذين تغامزوا ، وضحكوا بعد خروجه .
وفي الممر .. ممر المخفر الطويل ، وقبل أن يصل إلى بيت - الخلاء-حدث ما لم يكن في الحسبان
لقد - فعلها - في بنطاله .. ياللعار .
أقسم أنه - سيفعلها - في فم ( خميس) ، حلف أنه - سيخصيه - ، سيدق رأسه ، سيرميه في الزنزانة ، وسيجعله عبرة لكلّ الناس .
وبعد أن غير بذته العسكرية ، رمق عناصره بنظرات حادة وصارمة ، أخرست ضحكاتهم
المكتومة ، أمر الجميع ، باحضار المجرم ( خميس ) .
خرجت كوكبة من رجال الشرطة
هرعوا إلى الاسطبل الملاصق للمخفر
امتطوا جيادهم بسرعة ، لكزوا الخيول ، فانطلقت محمحمة باتجاه
القرية .
حاصروا بيت المدع( خميس ) ، صاحب النصائح الكاذبة ، المخادعة ، داهم ( الرقيب خليل ) ، وبعض العناصر ، القبّة الكببرة ، انطلقت
صرخة ذعر من امرأة ، كانت تغتسل عند العتبة ، حاولت أن تستر عريها ، لكنّ ( الرقيب خليل ) الذي حاول أن يتراجع ، كان يحدّق بانشداه تام ، إلى هذا الجسد العاري المثير ، والذي تفوح منه رائحة الصابون ، وبخار الماء السّاخن ..وتحيّرت عيناه أين
ستركزان النطر ، على النهدين الصاعقين ، أم على الفخذين المكتنزين .
صاحت المرأة ، لتوقظه من دهشته ، واشتعال شهوته :
- ماذا تريدون ؟! .
زأر ( الرقيب خليل ) ، المتأجج بشهوته :
- نريد .. المجرم ( خميس ) . صاحت وهي تحمي نفسها ، بثوبها :
- هل صار زوجي ( خميس ) مجرماً
.. ماذا فعل .؟!
ثم أردفت :
- هو ليس هنا .. غير موجود .. نزل إلى حلب .
مدّ ( الرقيب خليل ) رأسه أكثر ، ليستجلي المكان بدقة ، وكانت نطراته تنهشان الجسد العاري ، رغم تستر المنطقة المهمة بالنسبة له ، واستطاع رفاقه أن يدلفوا جميعهم ودفعة واحدة ، إلى القبة الطينية ، تسبقهم شهواتهم المتقدةبقوة .
فصرخ ( الرقيب ) بوجه المرأة ، ليطيل الوقت أكثر :
- إذاً فعلها زوجك ( خميس ) وهرب
.. ولكني سأجده ، وحق المصحف .. سأجده .. لن أتركه يفلت منّي .
شعرت المرأة بذعر شديد .. وكانت قد نسيت ماعليها من عريّ .. سألت :
- ماذا فعل ( خميس ) ..أخبروني ؟!.
- المجرم خدع رئيس المخفر .. وهرب .
عندما عاد عناصر الشرطة ، بقيادة الرقيب ، إلى المخفر ، وكان قائدهم بانتظارهم مصطحبين معهم
غريمه القروي ، ثار عليهم وراح يوبخهم ، لأنهم عادوا من دون ( خميس ) ، مبالغاً بغضبه، لكي
يواري خجله منهم ، ولأنه لم يعد يطيق أية نظرة توجه إليه ، من أحد عناصره ، فقد عاد وأمرهم أن يخرجوا إلى الطريق ، وينصبوا كميناً ، بانتظار ( خميس ) ، وأقسم لهم بأنه سيعاقبهم إن لم يستطيعوا القبض عليه اليوم .
حين وصل ( خميس ) مكبلاً ، مدمى الوجه ، وممزق الجسد ، وكان هو الآخر قد - فعلها - من شدّة خوفه وهول ماتلقاه من ضرب مبرح ، حين
قبضوا عليه ، بعد أن نزل من السيارة ، العائدة من حلب .
ولمّا صرخ رئيس المخفر بوجهه الشديد الشحوب :
- أتضحك عليّ ياصعلوك ؟! .
رد بصوت منكسر ، فيه من الخوف والرجاء الشيء الكثير :
- ولكن ياسيدي .. أرجوك أن تدعني أشاهد البنطال .
استغرب رئيس المخفر طلبه هذا ، لكن ( خميس ) أصرّ وكرر رجاءه .. باحضار البنطال .
فأمر رئيس المخفر عناصره ، و على مضض منه ، باحضار البنطال فوراً .
وحين أمسك ( خميس ) بالبنطال المبلول ، والكريه الرائحة ، نظر إليه ملياً .. قربه منه .. تفحصه بشدة ، تشممه .. وعاود الشمّ ، ثمّ مدّ أصبعه ، وأخذ من البنطال عينة ، ورئيس المخفر وعناصره ، يراقبونه ، باندهاش وحيرة ، ثم فاجأهم
( خميس ) حين وضع أصبعه وما عليها من براز ، في فمه ، حيث لحس أصبعه ، تذوق ماكان عليها ، ثم التفت إلى رئيس المخفر ، وقال:
- أنا قلت لك ياسيدي ، أن - تحمّصها - ولكنك ياسيدي .. أنت للأسف الشديد ، قد أحرقتها ، وهذا ليس ذنبي .
مصطفى الحاج حسين .
حلب