السبت، 2 سبتمبر 2023
خاطرة بقلم الكاتب محمود البقلوطي
مَن أنا !!!؟ بقلم الأديب عبد الكريم احمد الزيدي
مَن أنا !!!؟
خريف قبل الأوان بقلم الكاتبة نهلة دحمان الرقيق
خريف قبل الأوان
الشاعرة التونسية السامقة د-فائزة بنمسعود...حضور شعري جليّ وفاخر يسعى لإثبات الذات.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن
على هامش..التسمية الإشكالية "“الكتابة النسائية” أو “الإبداع النسائي”..!
الجمعة، 1 سبتمبر 2023
قصيدة (كُلٌّ سَوَاءْ) شعر الأديب سامي ناصف
قصيدة (كُلٌّ سَوَاءْ)
عرض /سامي ناصف.
..........
كُلٌّ سَوَاءْ
نَبَتَتْ أَرَاضِيِنَا الدَّوَاءْ..
وَتَحَوَّلَ النَبْتُ الطَّرِيُّ..
إِلَىٰ مَسَامِيِرٍ وَدَاءْ
كُلٌّ سَوَاءْ
*****
مَوْلُودُنَا فِي عَيْنِهِ لَمْعُ الذَّكَاءْ
هِيَ فِطْرةٌ جُبِلُوا عَلَيْهَا..
حِيِنَمَا رَشَفَ اَلتَّعَفُّنَ
مِنْ مَطَبَّاتِ اَلعَنَاءْ
فَلَا تَلُمْهُ إِذَا تَسَاقَطَ فِي اَلغَبَاءْ
كُلٌّ سَوَاءْ
*******
اَلْشِّعْرُ بَرْقٌ مِنْ بَيَانْ..
تَاجٌ عَلَىٰ رَأْسِ اَلزَّمَانْ..
وَبَهَاؤُهُ نَجْمٌ عَلَىٰ شَرَفِ القَصِيِدةِ لَا يَنَامْ
وَحُرُوفُهُ مٌنْ حُوِرِ عِينٍ
نَبْتُهُنَّ مٌنْ الجِنَانْ
أَسَفِي عَلَىٰ دُخَلاءَ
غَالُوا الشِّعرَ وَالشُّعَرَاءْ
وتَسَللَ الْغَوْغَاءُ يَسْتَرِقُونَ سَمْعَ الشِّعرِ مِنْ كَبِدِ البَهَاءْ
يَتَسَوَّلُونَ القَوْلَ..
مَا فِي قَوْلِهِمْ إلَّا غُثَاءْ
كُلٌّ سَوَاءْ
*******
اَلعَالَمُ المَأْزُومُ يَبْكِي سَاخِطًا..
آهٍ فَمَا جَدْوَىٰ اَلْبُكَاءْ؟
حَرْبٌ ضَرُوسٌ فِي اَلْفَضَاءْ..
وَبَوَارِجٌ مِنْ غَوْصِهَا
يَطْفُو اَلبِلاءْ..
وَاَلأَرضُ تَلْعَنُ كُلَّ مَنْ زَرَعَ اَلفَنَاءْ..
فَتَحَوَّلَ اَلأَمْنُ اَلْمُبَاعُ إِلَىٰ دِمَاءْ..
كُلٌّ سَوَاءْ.
*****
نَغَمُ اَلسَّوَاقِي هَارِبٌ..
فَالْمَاءُ بِئْرٌ غَارِبٌ ..
وَاَلسَوْسَنَاتُ تَشَقَّقَتْ
وَاسَّقَطَتْ فِي جُبِّ عَيْنٍ لَا تَرَىٰ رَشْحًا لِمَاءْ..
وَتَرَبَّعَ اَلْمَوْتُ اَلذِي غَشَّىٰ اَلفَضَاءْ..
وَتَعَطَّلَتْ أَرْضُ اَلْنَمَاء
كُلٌّ سَوَاءْ..
مَا بَيْنَ أَنٔ تَحْيَا ذَلِيلًا
أَوْ تُكَابِدَ فِي شَقَاءْ
كُلٌّ سَوَاءْ..
******"
يَا صَوْتُ بُوحَّتْ فِيِكَ أَنْغَامُ اَلحَيَاةْ فَلَا غِنَاءْ..
رَتِّلْ مَزَامِيرَ الفَنَاءِ
وَعَلَىٰ مَوَاتِ اَلتِّيِنِ وَاَلْزَيْتُونِ صَلِّ
وَاسْكُنْ قَمِيصًا كَانَ فِيِهِ اَلْحُلمُ يُبْصِرُ سُنْبِلاتِ اَلخَيْرِ
فِي غَسَقِ اَلرَجَاءْ
يَا صَوْتُ مُتْ..
هَذَا زَمَانٌ ..
نَاسُهُ مَهَرُوا اَلجَفَاءْ
كُلٌّ سَواءْ
كُلٌّ سَوَاءْ
*******
اَلقَارِعَةْ
فَطُبُولُهَا مِن زَلْزَلَاتٍ مُرسلَةْ ..
وَاَلْنَازِعَاتُ الرُّوحِ مِنَّا عَاتِيةْ
نَقَشُوا عَلَىٰ وَجْهِ اَلخَرِيطةِ
أَنَّنَا نَبْتٌ عَلىٰ أَرْضٍ لَهُم
قَدْ حَانَ وَقْتُ القَاضِيةْ..
قُدْسٌ لَهُمْ
نِيلٌ لَهُمْ
بَرَدَىٰ لَهُمْ
وَفـرَاتُ دِجْلةَ عِزُّهُمْ.
قَدْ حَانَ وَقْتُ اَلقَارِعَةْ..
فَبَقَاؤُنَا دِرِعٌ لَهُمْ
وَإِذَا تَكَسَّرَ
هَدَّدُونَا بِالفَنَاءْ
كُلٌّ سَوَاءْ
كُلٌّ سَوَاءْ
*******
اَلْنَخْلُ خَاصَمَ طَلْعَهُ
وَبَدَا جُذُوعًا خَاوِيةْ..
يَبْكِي عَلَى نَهْرِ اَلْحَيَاةِ..
حَضَارةَ الْبَشَرِ اَلْظَلُومِ العَاتِيةْ
رَشَّتْ عَرَاجِينَ اَلتُّمُورِ بِسُمِّهَا
فَإذَا بِهَا حَشَفٌ
وَصَارَتْ بَالِيَةْ..
وَتَسِيلُ دَمْعًا فَوْقَ خَدِّ الجِذْعِ
مَا جَدْوَىٰ البُكَاءْ؟
كُلٌّ سَوَاءْ.
****
الْنحْلُ خَاصَمَ أَرْضَنَا
فَمُلَوِّثِاتُ اَلكَوْنِ غَالَتْ شَهْدَهُ
فَبَدَا كَمَاءٌ مَائِعٍ..
مُنِعَ اَلشٌّفَاءٍ
كُلٌّ سَوَاءْ
كُلٌّ سَوَاءْ.
*****
صَمْتٌ .. بُكَاءْ.
غِشٌّ .. ثَرَاءْ.
جَشَعٌ .. نَمَاءْ.
لِبْابُ مَيْنٍ صَاعِدٍ.. يَبْغِي اَلعَلَاءْ.
وَتَدَحْرَجَ اَلشَّرَفُ السَّنِيِّ بِدَرْكِ بِئْرٍ غَائِرٍ
كَي يَبْدُو طَعْمَ المِلْحِ.. كَالشَهْدْ
وَطُولُ الأَرضِ.. بِالعَرَضْ.
وَدِفْءُ الشَّمْسِ.. بِالبَردْ .
وَحُمْقُ الجَهْلِ.. بِالعِلمْ.
وفَجْرُ اليَوْمِ بالظُّهرْ.
وَلا نَدْري..!
أَنَسْكُنُ فِي بِيُوتٍ ..
أَمْ رُمِيِنَا بِالعَرَاءْ
صِرْنَا كَمَا شَاؤا
وَصِرْنَا لا نَشَاءْ
كُلٌّ سَوَاءْ
كُلٌّ سَوَاءْ
شعر /سامي ناصف
- (من مخطوط: عتبات القيروان). بقلم الأديب (كمال العيّادي الكينغ)
- (من مخطوط: عتبات القيروان):
في بار سبلانديدْ،
كنتُ وحدي.
وصلت القيروان متأخّرًا قليلا.
ثلاثون عام هيّ أو تزيد.
سألتُ النّادل عن منصف الوهايبي
فردّ بيديهِ، هكذا…
ثمّ تذكّر البقشيش
فزاد: - الله أعلم..
ربّما في مزرعتهِ
أو في ضيعتهِ
سألتُ:
- وهل يأتي كلّ يوم ؟؟
- هوّ أغلب الوقت هنا،
مع شقيقهِ المُعِزّ فقط
- وماذا يقول شقيق لشقيقه في بار
ولا ثالث بيْنهمَا، يلهب ويطفىء النّار
أو يسبّ الأمّ والأجداد
ولو ضاحكًا…و هوَ صديقٌ أو قريبْ ؟!
- يتحدّثون عن صابة الزّيتون و غلاء العلف
وبواخر السّكّر الواقفة منذ شهر في الرّصيف.
وعن المحاصيل… وعن التّلف.
- وسالم بُوخدّاجة الدّكتور ؟!
- يظهر أحيانا…يجلس معهما،
لكنّة يظلّ واجمًا مهمومْ
منشغلا هوّ
بالشّرق الأوسط وثقب الأوزون.
- وجميلة الماجري ؟!
- هيّ لا تجلس في البارات،
وهيّ لا تشرب ما يشربون.
- نعم…نعم، أفقتُ من شرودي
هيّ العادة أن أسأل عنهم معًا،
فهم القيروان
ولم يبق من القيروان الكثير
- والآخرون؟…سألتُ بشرود
- يأتون أحيانا، يجلسون فرادى.
ولا يتكلّمون
-إعطني قنينة آخذها للغرفة فوق.
الغرفة 109
وافتحها الآن للإحتياط…
- ومحمد الغزّي ؟
- لم يعد يحتمل القيروان
أصبح ينثر ومضات نثريّة
ويزور القيروان في المواسم والأعياد.
ولكنّك تعرف
هوّ لا يرتاح للبارات والكلام دون عقود
يقول: أنّ أصل التّفّاح الحامض، دود.
- وحمادي الوهايبي، هل يأتي كلّ يوم؟!
سألتُ، كمّن يلوذ بخيط دخان
فردّ بيديهِ، هكذا…
ثمّ تذكّر البقشيش
فزاد: - الله أعلم..
ربّما في مزرعتهِ
أو في ضيعتهِ
فقاطعته، قبل أن يصل باخرة السّكّر وصابّة الزّيتون:
- غرفة 109، قلتُ مُكفهرّا
و هات قنينتين.
في فندق سبلانديدْ،
بغرفتي الباردة
كنت أشرب وحدي.
وصلت القيروان متأخّرًا جدّا.
ثلاثون عام هيّ أو تزيد.
والمطر رذاذ أبيض
يقطر شاحبًا، كالحليب
فينحرف عن ضوء الفوانيس
والطّقس ملبّد وبليد:
أوّلْ كَاسْ:
ارتاحَتْ شِوَيَّهْ رُوحِي…
ثاني كَاسْ:
نسيتْ كلّ جرُوحِي…
ثالِثْ كَاسْ، سألتْهَا:
- آشْبِيكْ، يا عْينْ، تنُوحِى؟!…
رابع كاسْ
تكسّرْ، في يدّي،
كيْ شُفْتْ فيه رُوحِي…
قُمْتْ جبْتْ كاسْينْ،
وِسْهَرْتْ نضحكْ للفجرْ،
مع رُوحِي.
(كمال العيّادي الكينغ)
تَعلّمْ بقلم الشاعر محمد الدبلي الفاطمي
تَعلّمْ
تعَلَّمْ فالمَعارفُ كالسُلاحِ***بها الإنْسانُ يَفْلحُ في الكِفاحِ
تَسيرُ بها العُقولُ إلى ارْتِقاءٍ***يُعَزِّزُهُ التّفوُّقُ بِالفلاحِ
ألمْ تُدْرِكْ بِأنّ العلْمَ نورٌ***يُشَعْشِعُ بالإنارَةِ كالصّباحِ
يَزيدُ بهِ الطُّموحُ هُدىً ورُشْداً***فَيُبْدِعُ في البِناءِ وفي الصّلاحِ
وما الإِلْمامُ بالعِِرْفانِ صعْبٌ***إذا ما العَزْمُ قادَ إلى النّجاحِ
محمد الدبلي الفاطمي
وهَذَا القَمَر.. بقلم محمد التوني
وهَذَا القَمَر..
في كَبِدِ السَّمَاءِ مُسْتَعِر
يَقُولُ لِي أَطِلْ النَّظَر
دَاوِمْ عَلَىٰ سَرْدِ العُمُر
ولا تَعتَذِر
فاليَوْمُ مُنْتَصَفُ صَفَر
وفِي صَفَر..
بَعْضٌ مِنْ المُقَلِ تُقَرّ
وبَعْضٌ مِنْ القُلُوبِ تُسَرّ
وبَعْضٌ مِنْ الأَرْوَاحِ تَسْتَتِر
فَقَطْ دَاوِمْ أنْتَ عَلَىٰ النَّظَر
ولا تَعتَذِر
محمد التوني
عيون الحبيب .. !! بقلم الشاعر / منصور أبوقورة
عيون الحبيب .. !!
عيون الحبيب تساقى فؤادى
عبير الهناء وخمر الوداد
بنهر الحنين وعشق دفين
يروى فؤادى ويمحو سهادى
أبيت الليالى قرير العيون
بجنى القطاف ونيل المراد
فأحيا وقلبى أمير الليالى
وأعزف لحنى بكل البلاد
يجوب هوانا بكل البرايا
ويسمو بشوق أعالى النجاد
عيون الحبيب جدائل ورد
خمائل عشق فوق الوساد
إذا ما أهل علينا مساء
سهرنا الليالى بجنى الحصاد
أسافر فيها ليالى طوالا
بين النجاد وفوق النهاد
فأرقب فيها نجوم السماء
وعطر هواها لقلبي يهادى
عيون الحبيب حدائق زهر
تطل علينا وتسبى فؤادى
فأهدى إليها عبير اشتياقى
ونعلو سويا ظهور الجياد
نطوف البلاد شرقا وغربا
ودرب الهوى شرف الجهاد
الشاعر / منصور أبوقورة
غزل الكبرياء بقلم عادل العبيدي
غزل الكبرياء
——————————-
أغازل فيك كبرياء النساء
ويمنعني عنك هذا الحياء
وأعلم إنك حلم
ورواية كتبت في زمن
تساقط فيه الرجاء
حبك طيف غادر النجوم
وإضمامة من ضياء
أعجز القلب هواك والاحتواء
ودهرًا يحيا فينا الهوى ويعمّـر
واطلقْ يدِي تداعب الثغر والشفتين
سيري على جمر القلوب
والسعي بنار الجوى عيناك
أفقْ أيها القتيل
فاليوم نشور
فحبيبة قلبي على السراط
تسير
مكفنة بثوب الزاهدين
ونوم القفار
الموت والحياة بكفيها
ومالي عذر غير الحذر
تلاطم الند كالأمواج
أكذوبة من كل وهم والافكار
أسراب
سلام لجرح يدمي الروح
لوى به الزمان
——————————
بقلم عادل العبيدي
مجرد رقم بقلم الكاتب خالد جويد
لا أدري ما الذي يدفعنا لنغمض أعيننا في لحظة صمت ثم نتوارى خلف غبائنا من أجل ان لا نستوعب ان فكرة رحيلهم عنا َلم تكن يوما في قاموس حياتنا وهما .... ما الذي يدفعنا لأن نختلق لغيابهم الف سبب لتظل صورهم حاضرة في عمق ذاكرتنا ونرفض أن نواريها الثرى او أن نلقي بها فوق قارعة الطريق.....
أتراهم كانوا يشكلون لنا تلك البذرة التي اعتادت ان تزهر دائما في أرض أرواحنا.... أم لأننا نخشى دائما أن نعيش الحياة بدونهم رغم قناعتنا ان الحياة لا يمكن أن تكون يوما حكرا على أحد ...لا أدري كيف ملتنا مقاعد الانتظار.... ودفعتنا حماقتنا ان نحارب ذواتنا بسيف منكسر وندعي حينها الانتصار....
نعلم يقينا أننا قد تعودنا وجودهم في كل درب من دروب خطانا.... ونعلم اننا أدمنا في كل ليلة أن نحقن قلوبنا بجرعات من حبهم كي تستمر نبضاتها.... لكننا الأن.. ها نحن نتمنى لو أن للحب عمرا ننتظره ليكبر يوما بعد يوم ثم يصيبه الوهن و الهرم .....
ها نحن نتمنى لو أن للشوق وترا نقطعه كلما حاول أن يعزف لقلوبنا اجمل النغم ....
لو ان للحنين جسدا نحترف فيه فنون الطعن كي يسقط امام ناظرينا جثة هامدة دون أن يعترينا الندم ....
لعلنا... لعلنا ندرك حينها أن الحب في حقيقته أكبر من أن تتعلق فيه أرواحنا ونحن في دائرة حساباته لسنا اكثر من مجرد رقم.....
بقلمي / خالد جويد
حدثت الرواية على لسان الكاتبة هادية آمنة
حدثت الرواية على لسان هادية آمنة فقالت......
حقول صفراء على إمتداد البصر, يتصاعد منها وهج لامع, يتأمّله في نشوة المُقبل على حياة جديدة طالما حَلُم بها, مبتعدا ببصره عن جوف القاطرة المزدحمة بالرجال والأطفال والبعض من النساء المختبئات تحت طيّات ألحفتهن الباهتة,دجاجات مغلولات القوائم تطل من تحت المقاعد المشروخة تقوق محتجّة فتجيبها بمأمأة معزاة هزيلة مخنوقة الرقبة بين يدي طفلة منكوشة الشعر, كبيرة العينين, أخرجت رأسها ورأس معزتها من نافذة العربة تتأمّل الوهاد والفضاء الراكض أمامها إلى الخلف ,متحديّة ضربات وقرصات أمّها لها لتُرغمها على الجلوس في حجرها .
رغم التصاقه بالسكّة تأرجح القطار في حركاته الصاعدة الهابطة مرجرجا الركّاب القابعين على أرضه و على مدارج أبوابه المفتوحة على مصراعيها, قزقزقت مفاصله وعوى حين لمح السائق كتلتان تتصارعان بين القضبان الحديديّة المتوازيّة الإمتداد .
حمار حَرِن وفتى غضّ يلسعه بعصاه الرقيقة ليُبعده عن موت محتوم .
بعد يأس من عناد الدابة أطلق الشاب ساقيه إلى الريح مبتعدا غير مدرك للحمار اللاحق به مفزوعا من الوحش الحديديّ الذي كاد أن يفرمه .
فرمل السائق فترنحت العربات متشبثة بالسكة, حينها أطلق وابلا من الشتائم على الشاب وحماره حاشرا بعض الكلمات من معجم الوقاحة الفرنسيّ الذي اكتسبه من رؤسائه في الشغل .
دلف الكمسريّ ببدلته الضيّقة و سرواله القصير ووجهه المتجهم مناديّا .
ـ تِسْكرَة ….تِسْكرَة ….تِسْكرَة .
اشرأبت نحوه الرقاب وجِلة كلما اقترب من أحدهم .
أحسّ أحمد ولد التليلي بدوار يغزو رأسه من الغوغاء المحيطة به خاصة من الجالسين أمامه تمنى لو يرغماهما على الصمت لتفاهة ما يلوكانه من أحاديث في صوت هادر فلم يفعل متمالكا نفسه متحمّلا .
تنفّس الصعداء عندما رآهما يلملمان قفافهما ويدفعان بالمرأة وببنتها ومعزاتها أمامهما .تماوجت غفور العربة في تدافع وصياح منها النازل ومنها الصاعد نأى ببصره متفرسا الجانب الآخر من المحطّة, ركّاب الدرجة الأولى.يرفلون في أثواب أنيقة يوزعون الابتسامات على الحسناوات الأوروبيات المتأففات في قرف وتعال من مناظر الفقر والقذارة الغير بعيدة عنهن
ـ أوووف من هؤلاء "الأنِْدِجين " كلمة أطلقوها على السكّان الأصليين لكلّ الأراضي التي استعمروها .
هؤلاء هم السبب في تجاربه المُتجهمة لذلك آثر أن لا تنفتح مشاعره على جمالهن .
تمتم في غيض
ـ حتما ستغادرون هذه الأرض دون أسف منّا .
قذف القطار بما في جوفه على رصيف آخر محطّة .
رفع أحمد رأسه إلى السماء فوجدها رماديّة ,داعبت وجهه نسمة بحريّة أنعشته بعد عناء ,استنشق هواء العاصمة في همّة المستجدّ في مضمار الحياة .التفت محملقا في المارة, في كلّ الإتجاهات, باحثا عن صديق قريبه .
تتسع حدقتاه كلّما رأى وجها في إختلاجاته بَحْثٌ , عندما يتمّ اللقاء يخبو أمله وينتابه يأس , اختلطت عليه وجوه السابلة ,كلّها تقريبا بنفس المواصفات,الطول والنحافة والطربوش الأرجواني على الرأس .
يستند على جدار مقرفصا منتظرا ,تطلّع إلى المحطّة فوجدها مقفرة
" ليس مجديّا أن أبقى هكذا يجب أن أجد طريقي بنفسي "
همّ بالنهوض بعدما إكتشف أنّه هناك من يراقبه توجّس خيفة وتعوذ من شرّ الطريق ووقف في همّة .بيده حقيبة ملابسه وبالأخرى قفاف السّعف.
لمح هامة فارعة الطول تعدو نحوه ,سمع أنفاسها اللاهثة قبل أن يتبيّن ملامح صاحبها .
ـ أحمد ولد التليلي
مثل يد مُدّت إلى غريق انتشله الصوت من انتظار طال لزمن خاله دهرا قَفُرَ معه المكان وداهمته هواجس الظلام بأهدابها السميكة .
تقدّم الرجل نحوه معانقا معتذرا عن تأخره .
ـ والله ياسيد أحمد عزمت على الحضور إلى المحطّة لإنتظارك قبل موعد وصول القطار ,الله يسامح من كان سببا في تأخيري ,الجندرمة أولاد الكلب,تفتيش وتعطيل وإهانات .المهمّ سامحني سامحني…. سي الصادق الخنّوسي صديقي أوصاني بك في رسائله .
مَرْحَبا ..مَرْحبا برائحة أحبابنا وطفق يسأل عن أخبار سي الصادق في جُمل مكرّرة المعنى بصيّغ مختلفة .
ثمّ أحنى رقبته المديدة والتقط القفاف عن الشاب المُمَانع .سارا يتحسسان طريقهما على هدى الأنوار الباهتة من المطاعم و المقاهي الساهرة في شارع البحريّة الفرنسيّة متحاشين العسكر الماشين في طوابير, قارعين الأرض بأحذيتهم الغليظة في إيقاع موزون لإشعار السكارى في الحانات و الراقصات في الملاهي بالطمأنينة والأمن من المخرّبين من الأهالي المتطفلين على هذه القطعة الأوروبية المتاخمة للمدينة العتيقة.
باب فاصل بين عوالم مختلفة ,انفتح على ساحة فسيحة شبه دائريّة تفرّع عنها طريقان رئيسيان متوازيان يصل إحداها باب البحر بجامع الزيتونة سلكاه في صمت .
كلّ الدكاكين والمحلّات مغلقة ,مرقا تحت رواق مسقوف بأقبيّة برميليّة تعكس ضوء القمر الباهت ومنها وقفا في فضاء تلألأت فوقه النجوم دون عازل ,وقفا يستردان أنفاسهما أمام واجهة جامع الزيتونة أحسّ أحمد بنشوة عارمة وهو ينظر في إجلال إلى الصرح العظيم ببابه العريض العالي المتوسّط لرواق مستطيل مرتفع ,انفلقت من بين أقواسه أنوار القناديل المتراقصة .
ردّد حسّونة عبارات الترحاب ثمّ عرج ناحية اليسار في ممرّ طويل منحدر تفرّعت عنه أنهج ملتويّة موصولة بغيرها ,غاصا في إحداها كانت أبواب المنازل على الجانبين غير واضحة الملامح مصطفة غير متقابلة .
جاسوا في زقاق أجبرهم على السير الواحد تلو الآخر لشدّة ضيقه وعلوّ حيطانه الحجريّة التي زادته عتمة ووحشة إنتهى المسلك بهم إلى باب هو المنفتح الوحيد في هذه الطريق المسدودة . تشوّق أحمد لمعرفة شكل المبنى الذي يسعى إليه شوقه لمدّ جسده المنهك بعد سفر استغرق من الزمن يوما بأكمله .
طرق حسونة الباب بمطرقة نحاسيّة على شكل يد مقبوضة فانزاح مقزقزا مصرصرا منفتحا على نور فانوس . سُلّط على الوجهين .ناظرا إليهما العملاق الماثل أمامهما بعيون متّقدة متحفّزة قائلا بصوت أجش كهزيم الرعد
هو أنت يا حسّونة ؟ من معك ؟
ـ هذا صاحبي. هو طالب علم .جاء من الجنوب من قفصة . فسح لهما الطريق ثمّ جلس على الدكّة الإسفلتيّة مقهقها دافعا الباب برجله الطويلة فطرطق وإنغلق .مرّر إبهامه على شاربه الكثيف متذكّرا شقاوة الفتوّة .
ـ بلاد الصناديد والرجال والله يا حسونة أعزّ الناس . بعدها مدّ يده فأودع حسونة فيها قطعة نقديّة عجّل محروس بدسّها تحت وسادة تبدو لصلابتها كصخرة .نفذا من السقيفة المُتربة المستطيلة إلى فناء الوكالة المتوسط الاتساع رُبطت على جوانب هديم به أحمرة كما رُكنت عربات يد خشبيّة على البعض منها خُضروغلال . رغم أن الوكالة هي بؤرة للولدان المشردين واللصوص والشحاذين و المكدودين
فلا أحد يجرؤ على السطوّ على ممتلكات غيره فيها. فمحروس هو الحارس والقاضي والجلاد لا رحمة لقبضته ولا حدود لطول ذراعه إن حاول أحدهم الفرار والاختفاء في تعاريج وتجاويف المدينة الكثيرة .
جملة ما فتئَ يكرّرها.ملوحا بقبضته خانقا الهواء بجُمع يده صارا على أسنانه الصفراء .
" والله اللّي يعمل عملة خائبة مشومة .هنا عندي في الوكالة لن يفلت منّي ولو تخبّأ في كرش الحوت .
يسرقون يعبثون بأجسادهم كما يحلو لهم خارجها لكن داخلها فهناك حدود لا يجب تجاوزها "
هادية آمنة
تونس
رَثَاءُ نَفْسِي.. بقلم الأديب سامي ناصف
رَثَاءُ نَفْسِي..
........
قَلَمِي يُرَتُّل فِي مَمَاتِي يُصدَمُ.
وَأَرَىٰ الأَحِبَّةَ نَحْوَ قَبْرِي تُقْدِمُ...
هَذَا فُؤَدِي يَحْتَوِيِه تجَهُّمٌ..
وَعَلىٰ شِفَاهِ الوَجْدِ نَارٌ تُضْرَمُ.
وَرَأَيْتُ چُلَّ النَّاسِ عِنْدَ تَوَدُّعِي..
يَبْكُونَ دَمعًا إنَّهُ مُتجشِّمُ..
يَلْهُونَ فِي حُزْنٍ بَدَا مِنْ وَجْهِهِمْ..
لكِنَّه سِتْرٌ هَتِيكٌ أشأمُ..
هُوْلُ المُصابِ - بلا تأثرِ - لحظةٌ..
لَكنَّهم مَهَرُوا التَّجَمُّلَ يُرْسَمُ.
فِيمَ المِرَاءُ بِمَشْهَدٍ مُتَعَاظِمٍ ..؟!
فَالمَوْتُ يِدْعُو ،أَنَّنَا نَتَعَلَّمُ..
يا قَبرَ (سَامي) لا حُرُمْتَ مَحَبَّةً..
مِنْ كُلِّ مَنْ خَبَرُوا أمَانَكَ تُكْرِمُ
مِنْ كُلِّ أَهْلِكَ والأحبةِ چُلِّهِمْ..
يَبْكُونَ حُزْنًا لَيْسَ فِيهِمْ يُذْمَمُ .
دُنْيَا تُبَاعُ وتُشْتَرىٰ بخَسِيسَةٍ.
وَعَلىٰ الأَسَافِي طَلْعُها مُتَوَرَّمُ .
أخُدِعتَ (سامي.؟) لا تلُم أَوقَاتَنا
عُذْرًا فِإنَّ الحَقَ شَوْكٌ يَلْجُمُ.
وَأَقَمْتُ فِي قِلْبي عَزَاءً لِلدُّنَا
وَأَتَي يُعزِّي كلُّ مَنْ يَتَفَهَّمُ.
جُرْحِي عَمِيقٌ لا يَكَلُّ تألمًا
لَكِنَّه عَرَّابُ حزنِيَ يَحْلُمُ.
الأديب سامي ناصف
ما هو سرك بقلم المختار/ زهيرالقططي
ما هو سرك
أسأل...
ماهو سرك
دخلت دنياك..فأمليتها حب
وأشهرت القمر والنجوم
وأنت أجمل منهما
لأن إبتسامتك جميلة
وقلبك طاهر
هذا أنت
فمنذ أن أحتل قلبك كوني
لا أريد ولا أطلب شيء
غير أيامك معي
فأنت قريب مني
فأين أنت من دنيا لأحلم بك
وهنا السؤال ؟
هل كنت أستحقك
بعد أن إلتقيتك
-----
المختار/ زهيرالقططي
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته. بقلم الكاتب نايف ثامر الكعبي
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
الكاتب نايف ثامر الكعبي
حج هشام بن عبد الملك (توفى سنة 125هجرية) في خلافة أخيه الوليد بن عبد الملك (توفى سنة 96هجرية) ومعه رؤساء أهل الشام.فجهد أن يستلم الحجر فلم يقدر من ازدحام الناس.فنصب له منبرا وجلس عليه ينظر إلى الناس وأقبل الأمام السجاد علي بن الحسين (توفى سنة97هجرية) وهو أحسن الناس وجها وأنظفهم ثوبا وأطيبهم رائحة.فطاف في البيت.فلما بلغ الحجر الأسود تنحى الناس عنه كلهم وأخلوا له الحجر الأسود ليستلمه هيبة وجلالا.فغاظ ذلك هشاما وبلغ منه. فقال رجل شامي لهشام:- من هذا أصلح الله الأمير؟
فقال هشام:- لا أعرفه
وكان به عارفا,ولكنه خاف أن يرغب فيه أهل الشام ويسمعوا منه.فقال الشاعر الفرزدق (توفى سنة110 هجرية) أنا أعرفه يا شامي
قال الشامي: من هو؟
قال الشاعر الفرزدق:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم
أذا رأته قريش قال قائلهم إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
فليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجم
البطحاء: مسيل واسع من الرمل والحصا
الحطيم:حجر الكعبة
الفرزدق:شاعر كوفي من محبي أهل البيت وجده فادي الموؤدات وهو كبير تميم الكوفة
وأطيرُ بقلم الأديبة ... جميلة بلطي عطوي
.......... وأطيرُ.........
مذ سباني الحلم طرتُ
وجناحي مركبي
من شمال لجنوب
كنسور خافقات
وعلايَ صاحبي
واغنّي
كحمام الأيك لمّا
يعتريه شوق انوار النّهار
يملأ الدنيا شرار
يُعمر الأفق نجوما
وأنا فيه أناغي
وانادي
إنني المهووس دوما
بالطّريق
لا ابالي
شًقّ دربي
أو كواني عصف كربي
إنني مذ كنتُ طينا
شمتُ في نبضي حنينا
للسّماء
للبقاء
في مدارات النّجلّي
أسكبُ الشّوق عطورا
أشربُ الأقداح نورا
لا أبالي إن ثملتُ
لا أبالي إن مللتُ
في الختام
سأصير الطّير بعلو
وأنال مأربي .
تونس .... 29 /8 / 2023
بقلمي ... جميلة بلطي عطوي