الثلاثاء، 15 نوفمبر 2022

حَيَّ على الفلاحِ بقلم الأستاذ محمد جعيجع

 حَيَّ على الفلاحِ

ــــــــــــــــــــــــــــــ
وأسمعُ صَوتَ حَيَّ على الفلاحِ فَراقَ أضلاعي
وتُطرَبُ منه أسماعي
وحَيَّ على الصلاةِ ثلاثَ مَرَّاتٍ للُقياها
وتَوحيدُ الإلهِ وذِكرُ أحمَدَ ذابَ أوجاعي
فبوركَتِ الصلاةُ مع النداءِ وبورِكَ الدَّاعي
لخَمسٍ كلَّ يَومٍ فَرضُها يأتي ويَسقيني
فأشربُ من عُصارَةِ نَحلَةٍ عَسَلًا ليَشفيني
بصُبحٍ ركعتانِ بمُتعَةٍ جَهرًا بقُرآنِ
وسُنَّةِ أحمدَ الهادي قُبَيلَ الفجرِ ثِنتانِ
لظهرٍ أربَعٌ ركعاتُهُ سِرًّا بإمعانِ
وبعدَهُ أربَعٌ بالعَصرِ في سِرٍّ وكِتمانِ
وثُمَّ ثلاثَةٌ في مَغرِبٍ جَهرًا بفُرقانِ
وأربَعَةُ العِشاءِ الجَهرُ فيها راحَةٌ ثاني
صلاةٌ في كتابِ المُؤمِنينَ تُقامُ في الآنِ
تُؤدَّى فيه ليلًا أو نهارًا دونَ تأخيرٍ ولا شانِ
وسُنَّتُها قُبَيلَ وبَعدَ فَرضٍ راتِبٍ.. نَفلٌ فأخفاهُ
له فيها المُنى رَوحٌ وريحانٌ
لوَقتٍ قادِمٍ يَومَ المُنى والزادُ تَقوى زانَ تَقوَاهُ
بدنيا مازَ أصحابًا وخِلَّانا
يَلوحُ علَيهِمُ الظلُّ الظليلُ وفِيئُهُ الجاها
تُعانِقُهُ جِنانُ الخُلدِ، رُمَّانٌ وخَوخٌ، لحمُ أطيارِ
وفاكهَةٌ بأشجارِ
فراقَت جَنَّةٌ لهُمُ بأكلَتِها وسُقياها
بأعنابٍ وألبانٍ وأعسالٍ وخَمرٍ فوزَ أخيارِ
وماءٍ حُلوَ أنهارِ
وساءَت في جَهَنَّمَ عيشَةٌ والهَولُ أشقاها
فيا وَيحَ المُسافِرِ دونَ زادٍ للمُنى قد خابَ مَسعاهُ
بدنيا ساءَ أصحابًا وخِلَّانا
تَرَجَّى رَجعَةً فيها ليُنجِزَ ما تَمَنَّاهُ
وتَلفَحُ في وُجوهِهِمُ السعيرُ بزَفرِها الآها
تُطَعِّمُهُ مِنَ الزَّقُّومِ أثمارٌ.. ضَريعٌ أكلَةَ الدارِ
ومن صَهَدٍ يُغنِّي فيه أوَّاها
شَرابُهُ من حَميمٍ آسِنٍ ومنَ الصديدِ عُصارَةُ النارِ
على أيَّامِهِ الخضراءِ أهدَرَها وواراها
غَفولٌ كانَ يَلعَبُ لاهِيًا عن وَقتِهِ الساري
مَعاوِلُ قَبرِهِ حفَّارَةٌ في يَومِهِ الجاري
وها هِيَ أشهُرٌ تَمضي مُسارِعَةً بأعمارِ
ومَوتٌ في انتِظارِ نَفادِ أرزاقٍ بأقدارِ
فحَيَّ على الفلاحِ تَفي وحَيَّ على الصلاةِ تَفي
وبسمِ اللهِ مجراها ومرساها
فلا أرتاحُ إلّا حينَ ألقاها
ــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد جعيجع من الجزائر – 13 نوفمبر 2022
Peut être une image de texte

وشوشات روحية بقلم زينب لحمر

 وشوشات روحية

عدنا من جديد إلى مربع الوحدة و كم يؤسفني أن أقفل باب غرفتي ليلا و أشرع في خط بعض الكلمات علها تكون شفاءا لروحي و يسيل الحبر على الورق و يكتب ما يجول في خاطري و ينقل الصورة كما هي و يبقي قلبي صامتا .
لقد انكسر شيئا ما بداخلي و نزف قلبي كثيرا لذلك لا تنتظر مني ان أمنحنك ثقتي من جديد فالثقة كالروح إن غادرت الجسد من المستحيل أن ترجع إليه مرة أخرى.
أشعر أن دروب نسيانك صارت كثيرة و الطرق إليها قصيرة جدا لقد باتت نقطة الوصول إلى النهاية واضحة و جلية و أصبح قلبي متعلق أكثر بعقلي و كل القرارات التي تدور بعقلي هي من إختيار قلبي و طبعا انا سعيدة جدا لهذا التأقلم بين قلبي وعقلي خاصة أنه جاء بعد سنين من الصراع الداخلي و الآن ها قد حققت ذاتي و تركت سنين الاشتياق تمضي و قطعت صلتي مع الماضي عسى أن يكون المستقبل أفضل.
تمنيت أشياء كثيرة و أعطاني الله أشياء أكثر فالقدر يضع في طريقنا ما لا نتوقعه و لئن ابكانا مرات اسعدنا مرات و مرات .
من الصعب ان أسامح كل انسان سلبني ثقتي في الدنيا و الناس و كيف لي ان اعفو عن شخص خلف بداخلي جرح و هدم سور ثقتي و جعلني أعاني عقد نفسية اضعت سنين عمري الجميلة في معالجتها و لم أستطيع الشفاء منها.
النسيان أجمل احساس انعم به الله علينا هذا امر محسوم لكن اين الضمير حين كسرتني و لم تجبر بخاطري اين ضميرهم حين استغلوا ضعفي و هدموا ثقتي بنفسي حقا لا تطلبوا مني النسيان فانا اتعود لكن لا أنسى اضحك في وجوههم لكن لا اسامح فاكبر الذنوب هي نهب ثقتي مني.
يخيل لمن يراني انني ضعيفة و ساذجة و غير مسؤولة لكن من يعلم الحقيقة لا يستطيع ان يطيل النظر في عينايا لأنني مشعة بالحياة و كالمرآة اعكس حقيقة من يقف أمامي و لي ميزة اخرى فانا اعكس ما بداخله ايضا حتى يرتابهم الخوف كلما وقفوا في مواجهتي.
الطيبة إحساس رائع كلما كبرت يكبر معي رغم أن الدنيا حاولت مرارا أن تسلبني إياه و تزرع مكانه الحقد والكراهية الا أنني كلما انهرت و ضعفت عزيمتي و قررت التخلي عن الطيبة أجد ضميري يحاربني و ينتصر بجدارة و أبقى أنا صامتة و كأنه قدري ان اعاقب من استغلني بالصمت و من محاسن الصدف أن الصمت أكبر عقاب لكل خائن لأنه مهما تحدثنا لن نجد مبرر لما قام به في حقنا.
إبحث بداخلك عن ذلك الشيء المسمى ضمير ستجده في غيبوبة ستحاول إنعاشه و لكن دون جدوى لأنك كسرت قلب إنسان .
زينب لحمر

عتابا وميجنا بقلم الكاتب غانم ع الخوري ..

 . عتابا وميجنا

دخلوا البيت طلبن مني حِماتهن
صابني حُمى وحرارة من حُماتهن
يا دين اللي مايحلل أمي حَماتهن
بدل جمع الشمل يفرق بيناتنا
عديتهم بالأجنبي و العشر تين
بنات صغار ويا محلا عشرتين
لاعبني الزهر وغلبني عشرتين
طيبة الخسارة مع وجوه الهنا
.. غانم ع الخوري ..

نَطَقَ الكلام ... شعر : يونس عيسىٰ منصور ...

  نَطَقَ الكلام ...


تلومُ ... ومثْلُ ( يونُسَ ) لايُلامُ
فتاةُ الشامِ ... والشامُ الملامُ
وقد يُعطىٰ لها حقٌّ ولكنْ
عصيَّاتُ الخيالِ لها ارْتطامُ
وقد تبكي وأبكي مقلتيها
فأدمعُنا علىٰ الماضي سِجامُ
تعاتبني وتندُبُني ضياءً
وهل بعد النوى إلا الظلامُ
وقد أحتاطُ من ليلىٰ بحتْفي
علىٰ عِلْمِيْ بأنْ ليلٰىٰ الحِمامُ
فلا وأبيكِ لم أغرسْ خصاماً
طواني البينُ إن غُرِسَ الخصامُ
تَغارُ عليَّ من همْسِ الليالي
ومن طيفٍ يطوفُ بهِ المنامُ !!!
وتلك طبيعةٌ ... فالعمرُ قيسٌ
وليلىٰ ... والبقيّاتُ احْتلامُ ...
وقد فَطُرَتْ بقيسٍ ألفُ ليلىٰ
وفي ليلايَ لم يفطرْ صيامُ
إذا ابتسمتْ بشامِ المجدِ ليلىٰ
يُرَىٰ قُرْبَ الخليجِ الإبتسامُ !!!
وإن تبكي فبصرتُنا عويلٌ !!!
وإن تضحكْ فبغدادُ اَلسَّلامُ !!!
قرأتُ عتابَها شعراً مُقَفَّىٰ
فأمسىٰ في عكاظِنا الاصْطِلامُ
وربَّ شرارةٍ من شامِ ليلىٰ
لها في قيسِ بغدادَ اضْطرامُ ...
تقولُ بأنني سالٍ غراماً
رماني اللهُ إن يُسْلىٰ الغَرامُ
وتَطويني السنون وليت عينيْ
تَرىٰ ليلىٰ إذا قَرُبَ الحِمامُ
ومانظرتْ لليلىٰ قَطُّ عينيْ
ولم أشهدْ لها خِيَماً تُقامُ
عدا صورَ الخيالِ وليتَ شعريْ
أأبقىٰ فيكِ يطربني الكلامُ !؟
وتلك حقيقةٌ وهيامُ عشقٍ
وقد يحلو لعُشّاقٍ هيامُ
عليكِ سلامُ بصْريٍّ سليمٍ
يراكِ السِّلْمَ إنْ فُقِدَ اَلسَّلامُ ...
خُذي القسمَ العظيمَ عليَّ عهدٌ
بأنْ أبكيكِ ماناحَ الحَمامُ ...
ولسْتُ بهاجرٍ حزنيْ ونوحيْ
إلىٰ أنْ يَهجرَ البشرَ الحِمامُ ...
شعر : يونس عيسىٰ منصور ...

أمسيات شعرية وندوات نقدية وفعاليات فنية..بمهرجان الأقصر للشعر العربي متابعة الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 أمسيات شعرية وندوات نقدية وفعاليات فنية..بمهرجان الأقصر للشعر العربي

تنطلق بمدينة الأقصر التاريخية بصعيد مصر،اليوم الثلاثاء،فعاليات النسخة السابعة من مهرجان الأقصر للشعر العربي،وتستمر على مدار ثلاثة أيام بمشاركة نخبة من الشعراء والنقاد والمثقفين وفناني الخط العربي بمصر.
وتقام فعاليات المهرجان تحت رعاية الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة،وبحضور عبد الله بن محمد العويس،رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، وهشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة بمصر.
وقال الشاعر حسين القباحي، مدير بيت الشعر بالأقصر، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن المهرجان يشارك فيه 40 شاعرا من مختلف محافظات مصر، و 25 من فناني الخط العربي، ونخبة من النقاد والمثقفين.
وأضاف القباحي أن أجندة المهرجان تتضمن إقامة سبع أمسيات شعرية، وندوة نقدية يديرها الدكتور محمد أبوالفضل بدران،ويشارك فيها الدكاترة أبو اليزيد الشرقاوي،وأحمد عفيفي، ويوسف نوفل، وتحمل عنوان: ” تحولات القصيدة العربية”.
وأشار إلى أن المهرجان سيشهد أيضا افتتاح الملتقى السابع لفنون الخط العربي، بجانب معرض للدوريات الصادرة عن دائرة الثقافة بإمارة الشارقة وحفل لتوقيع ستة دواوين شعرية صدرت حديثا عن الدائرة، إضافة إلى فعاليات فنية متنوعة،وحوارات مفتوحة بين المشاركين حول حاضر ومستقبل المشهد الشعري العربي.
يُذكر أن المهرجان يتزامن مع مرور سبع سنوات على تأسيس بيت الشعر بالأقصر، الذي أقيم بمبادرة من الشيخ سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لإنشاء بيوت الشعر في الوطن العربي، وذلك بهدف احتضان المبدعين، وخلق فضاء ثقافي يلتقي فيه أرباب الكلمة.
متابعة محمد المحسن

شيراز بقلم الشاعر أحمد يمان قباني

 شيراز

دون تحضير ْ
من دون ِ استئذان ْ
دون َ موعدٍ و تعليل ْ
دون شرحٍ
و حجة ِ و حوار ْ
حاصرتني بسيف التأجيل ْ
رقصةٌ بدون موسيقا
صعبة ٌ للروح
في غياب ِ التقبيل ْ
…………………
فضولي يشتي …
دون غمام … مطر اهتمام
و عجزي يفيض ُ بالأسئلة
دعتني لركن ٍ …
قديم ِ الزوايا … غزير المرايا
تراقب ُ مني الأخيلة
قالت ْ : تعال
نقضي هذا الليل خيال ْ
فأي احتمال ْ
لجنوني محال ْ.. … في هذه المرحلة
وعطفت تشكو
ذئاب َ عيوني … و غول َ جنوني
و هرم َ ظنوني
و تذكر ُ العقاب َ و المقصلة ْ
لماذا المتاهة ؟
بقلبي أراها … و بريقُ لماها
زاد اضطراب َ المسألة
……………………………
فيا ضحكات ممتعة
كل سواها مفجعة … أبصرت ُ عيناً لامعة
أبصرت ُ أذناً سامعة
و الشفاه الأربعة
جنودُ تلك المعمعة
فيا جميل َ الأقنعة
يا جذور الأغنيات … اتركيها مرصعة
تلك الجبال العاليات
آهك ِ ترنيمة ٌ
أم هي عزيمة ؟ … أم هي تهويمة ؟
أم حانة ٌأم صومعة ؟
للعقول الراسيات
بل إنها زوبعة
قد تجمعنا معا … و ألف شيطان وعى
رفض َ لنا المبايعة
يال النهود العاريات
……………………
فيا قارئي اصبر و إن
تعذبت َ بليل الهوى
تقرحت َ بطول الجوى
و تعطلتْ منك النوى
فلا تطلق حكماً و زن
عيناءُ
مُعَذرة ُ َ الهوى … بلحظها قد اكتوى
هجين القلب و ارتوى
من الغرام فلا تضن ْ
هاتها خلسةْ
قبلة خرسى … رقصة و لمسة ْ
لعل َ القلب ينسى
انسياب َ زمن ِالخطر
هاتها معانقة
بل هاتها غرسا … كأنها همسةْ
أصابعي الخمسة
نسيتها من الحذرْ
على أزرار المنحدر ْ
مؤكد …. … نسيتها
على النهود ِ و الدرر ْ
……………………………
بقلمي أحمد يمان قباني


صـــبـــا.. طـــويّ الاعـــماق بقلم الكاتب المفرجي الحسيني

 صـــبـــا.. طـــويّ الاعـــماق

------------------------------
الصبا اشبه بأزاهير الربى، كالورد في نظرته
خلّف ذكراه في قلبي وذهب
ذبل غصن حياتي
اطيب عيشي، شبابي
عشت احوالا مختلفة، كنهر جار تغير سريانه
بدئت ضحضاحا، صرت بحرا مزبدا
جريت بانعطافات، ثم تمطيت واستويت
مرّة منحنيا، واخرى كالقنا
بحر في مسراي، حيث المنتهى
زال الشباب
حزن وشقاء وضنى
هكذا بعد العيش فتى
شيب اختّط المفرق
اصير هلالا ثم ارجع بدرا
او اكون شجرة، أُورق صيفا
واتعرى شتاء
اتمنى الشيب قبل الصبا
لكن انّى ذلك يكون
الشيب بدائع الآمال تجتلى
الشيب وقار لكن به لوثة، وأيّ لوثة؟
طويت الاعماق طيّ الورق
جريت منسرحا، كالماء في السفح
انساب مسرعا، كأنما امشي بخفي نوق
امرّ كالريح في الشدائد
لا يسمع مني سوى الحفيف
تنكرني الخيل إن جارتني
قبة هامي كالشوامخ
ابيض القلب كالصبح
يرنو الفجر لي الحاظ مرعوب
نسيم إن سريت
انعش الروح من طيبي
ابصر حولي الارض جارية
كالبحر في تياره وهو يجري
إن بلغت الأقاص كالسراجيبي
شبت في السير صاعدا مصوبا
لا اتعب احس من يتبعني
اجري في مسالكي طالاً في الثنايا من عراقيب
**********
المفرجي الحسيني
صبا.. طويّ الاعماق
العراق/بغداد
15/11/2022

حبل الوصال الحلقة 4 بقلم الكاتب رشدي الخميري/جندوبة/تونس

 حبل الوصال

الحلقة 4
عند ضفّتي النّهر، بقيت زينب تنتظر على أحرّ من الجمر نتيجة زيارة حبيبها إلى المدينة. كانت كمن ينتظر نتيجة امتحان مصيريّ، أو كمن تحت أقدامه نار لا تستطيع أقدامه أن تستقرّ فوقها. ومن حين لآخر كانت تدندن ببعض الأغاني أو تتمتم ببعض الدّعاء وهي تبعث بعينيها في تلك الجهة أو في أخرى علّها تلمح خبرا قادما من المدينة تلوح منه الفرحة أو لا قدّر الله الحزن.. فالأمر ليس هيّنا بالمرّة مع ما تعرفه زينب عن عائلتها و خاصّة أبيها. ولكي تهدأ زينب أو تهيّئ لنفسها أنّها هدأت ، تخلق لنفسها أيّ عمل يلهيها ويبعد عنها عذاب الانتظار الممزوج بالخوف ممّا قد يحدث لأحمد سواء كان ذلك من أفراد عائلتها أو من تلك المجموعة الّتي سلبت مسكنه في المدينة وهي تترصّده لتنتهي منه وتغلق ملفّه الّذي سبّب لها مشاكل لم تعد تحتملها. ثمّ راحت مرّة تجمع البيض من المدجنة وأخرى تتجوّل بين مزروعاتها ومغروساتها في منزل أقاربها، وقد تبتدع لنفسها عملا لم تبرمجه من قبل حتّى يشغلها ويخرجها من دائرة التّفكير فيما سيجلبه أحمد من المدينة. فقد تشعل نار الموقد وتضع فوقه إناء تملأه ماء ولا حاجة لها أصلا في ماء ساخن. وحين تفرغ زينب من كلّ ما شغلت به نفسها تعود لتقف أمام البيت مرّة ووراءه مرّة أخرى لتتقصّى الأخبار عن بعد فحياتها مع أحمد في كفّة وما دون ذلك في كفّة أخرى لكنّ الكفّة الأولى أثقل ميزانا وأزهى ألوانا. رغم ما لاقته زينب من تكبيل لحريّتها وغطرسة من طرف أهلها وهي واعية بذلك إلاّ أنّها تعلّمت منهم ما يحفظ كرامتها ويصون عرضها وتربّت على الشّرف واحترام المقامات وهذا الّذي جعلها تصرّ على موافقة أهلها في هذا الزّواج . ثمّ إنّ إقامتها قريبة من أحمد ورغم خلوّ المكان ورغم توفّر الفرص للتّنصّل من كلّ ما تربّت عليه لم يكن هناك بينهما ما يخلّ بأخلاق آمنت بها هي واحمد أيضا. وهي تنتظر عودة أحمد عادت بها الذّاكرة إلى ماضيها مع أهلها والمحيطين بها. فزينب لم تكن معزولة عن العالم. إذ أنّ لها جيران تتعامل معهم وصديقات تتبادل معهنّ الحكايات. تذكّرت أيضا خروجها إلى المدينة لقضاء شؤون المنزل وشؤونها وما كان يعترضها من مشاكسة بعض الشّباب لها وكيف أنّها أعجبت بالبعض ونفرت من آخرين وعندما تلتقي بصديقاتها كانت تحدّثهنّ عن مغامرتها تلك ويحدّثنها عن مغامراتهنّ. نعم مغامرات بالنّسبة لهنّ فبمجرّد أن ينتبه الأهل إلى أيّ تفاعل لفتاة مع شابّ فقد تقع كارثة و مساءلة...تذكّرت زينب أيضا أنّ كلّ مغامراتها باءت بالفشل ولكنّها ظلّت قائمة ولم تتزعزع لأنّها كانت دائما واثقة في أبناء تربتها الّذين تربّوا على ما تربّت عليه وأحمد اثبت لها ما آمنت به. كان الانتماء إلى أحمد صدفه، لم يكن له أو لها يد فيه ولكنّ هذا الانتماء عبارة عن هديّة أو جائزة تنالها لنجاحها في المحافظة على قيم تربّت عليها وهي مطالبة بتوريثها لأولادها وأحفادها حتّى يستمرّ الشّعور بالانتماء والأصل.
رشدي الخميري/جندوبة/تونس