السبت، 6 نوفمبر 2021

بلا روح/نجود جانات/جريدة الوجدان الثقافية


 بلا روح.......

................
بجزء من روح اعيش
بلا مؤشر اسير
بعيد عن العيون
أقص زوايا الطريق
اواكب حركة النجوم
دون رغبة في المسير
أذرف عاصفة الدموع
مع عكس اتجاه الريح
اسلسل جروحا بنصف حياة
ألون نهايات الفصول
قبل تخبط أكوام الورق
فوق منصة القدر
او بعد جملة قرار منفي
أتخطى حروفا متعرجة
خارج نطاق القلب
تستعمرها الأوهام
ترممها ايقونة الذكرى
تقلقل خطى الحبيب
نجود جانات

ينابيع الخير/عبده هريش/جريدة الوجدان الثقافية


 (( ينابيع الخير)) على البحر الوافر

ينـابيـع الهدايـة والثقافـة
وأهل السبق في كـرم الضيافة
وصنَّاع الحياة بكل عصرٍ
وأهل الذوق في زمن السخافة
ونحن لكل ذي هـمٍّ كـأنـا
نجومٌ كنَّسٌ تهوى النظافة
نفوح بحسن أخـلاقٍ وذوقٍ
وندحض باليقين صدى الخرافة
إلينا الحكمة الغـراء دوما
مع الإيـمان تنسب لا الجلافة
ومازلنا أشد الخلق بـأسـا
وإن أبدى الزمان بنا خلافـه
عن الأحقاد أنفسنا تسامت
وتـزجـرنـا مـن الله المخافـة
توارثنا عن الإجداد عزما
يفت الصخر يمحو كل آفـة
ونأبى في مبادئنا انكسارا
وأن تنساق في سوق الصـرافة
وفي الخيرات سباقون دوما
وفي الأمجاد أصلٌ لا إظافة
على مر العصور لنا رصيدٌ
بـه الأشعار تشدو والصحافة
ومازلنا نـواكب كـل شئٍ
بعالمنا على رغم الكثافة
على وسطية الإسلام نحيا
ووفق هدى النبوة والخلافة
ومن يرجو زيارة قبر طـه
فبالصلوات تقريب المسافة
((عبده هريش 30/10/2021))

كاتمة الحرفين/عزاوي مصطفي/جريدة الوجدان الثقافية


 ---كاتمة الحرفين---

مُنْذُ مَتَى وَأَنْتِ تَحْفَظِينَ السِّرَّ الدَّفِين
وَتَخْشَيْنَ البَوْحَ فِي مَحْكَمَةِ الْمُحِبِّين
وَقَدْ أَقْسَمْتِ بِأَغْلَظِ الْأيْمَانِ
مَالِي إِلَّا أَنْ أَرَاكِ تَحْنَثِين
وَفِي قَرَارِة نَفْسِكِ نَارٌ تَغْلِي
هِي نَصِيبُكِ مِنْ إِرْثِ المتَيَّمِين
إِسْنِدِي هَوَاكِ عَلَى حَائِطٍ الذِّكْرَيَات
قَد يَرْتَاحُ النَّبْضُ وَلَوْ لِحِين
واحْلمِي بِأَنَّكِ غازِيَّةُ القِلاعِ
تَأْتِيكِ الْقُلُوبُ صاغِرَةً تَلِين
تَصْرخينَ بِمِلْءِ نبَضاتِكِ
وتُحَرِّرِينَ الْقلب السَّجين
وتَبوحينَ فِي الْأَسْرَى لاتبالين
تُزِيحِينَ عَنْكِ عبء الْغَرَام
بِاعْتِرافاتٍ تَفُكُّ قُيُودَ الهَائِمين
هَلْ يَكُونُ لِاسْمِي حَظٌّ فِي هَمْسِ هَوَاكِ
فِي صُراخِكِ يَعْلُوَ عَلَى الْأَنِين
أَمْ أنَّنِي تَائِهٌ بَيْن رِحَابِ التَّمَنِّي
وَبَيْنَ بَاقاتِ الْوَرْدِ وَالرَّيَاحِين
مُنْذ مَتَى وَأَنْتِ تَخْشَيْنَ البَوْحَ
مُنْذ مَتَى يَاكَاتِمَةَ الْحَرْفَيْن
عزاوي مصطفي

غفلة فقسوة /مصطفى يوسف إسماعيل الفرماوي القادري/جريدة الوجدان الثقافية


 (( غفلة فقسوة ))

غفلة عن ربي ترصرص قلبي
قسوة القلب كالرصاص الصلب
هي ما زالت تهرس اللين؛ ما
ذوبها إلا الله، أي ذكر ربي
فإليه قلبي منيب، وأوا
ب بتوب من غفلة، أو ذنب
(البحر الخفيف)
مصطفى يوسف إسماعيل الفرماوي القادري

الجمعة، 5 نوفمبر 2021

رِحْلَة بقلم الشاعرة نزهة المثلوثي تونس

 رِحْلَة


تَنْهَلُّ مِنْ قَبَسِ المَدَارِ نَدِيَّةً
نَشْوَى تُعَانِقُ بِالرُّؤَى مَرْآك

تَنْهَلُّ حُبْلى بِالسَّنَاءِ كَقَطْرَةٍ
مِنْ أَلْفِ عَامٍ نجْمَةٌ تَهْواَكَ

تَرْوِي ثَنَايَا الخِصْبِ من إِطْلَالِهاَ
أَرْضٌ تَفَتَّحَ زَهْرُهَا نَاداك

فِي حُلمِها مَطَر يُوَشِّحُ رِحلَةً
للحبِّ والأفراحِ فِي دُنيَاكَ

رَحَلَتْ فَهَلْ تَلْقَاكَ يَوْمًا..تَحْتَفِي
وَتُقِيمُ فَوْقَ ضُُلُوعِكَ الأملاكَ

لَمْ تنْطَفِئْ لَمّاَ اخْتَفَتْ فِي خِفَّةٍ
دَارَت بِمَجْرَى جَرَّت الأَفلَاكَ

مَا قُلْتُ فِيكَ الشِّعْرَ غَيْرَ مَحَبَّةٍ
مَاهَمّني صَعْبٌ إِذَا ألْقاكَ

اللَّيْلُ يَأْخُذُني وَيَسْحَرُنِي المَدَى
لَمّاَ تُرِيني سِحْرَهَا عَيْنَاكَََ

لَاتَنْتَظِرْ...عِنْدَ الزَّوَالِ مَقَالَتِي
عَبَرَتْ وَ كَانَتْ لحْظَةً إِذَّاكَ

عَبَرَتْ رَبيعًا كُنْتُ فيه فَرَاشَةً
طَارَتْ إلى نُورٍتُقَبّلُ فاكَ

مَا زلت أَهْفُو للنُّجومِ بِلَهْفَةٍ
مَا زِلْتُ أَقْطِفُ في الدُّروبِ بهاكَ

كُن كَيفَ شِئتَ فَأَنْتَ أَيامي التي
أَحيا بها شَمْسًا بَدَتْ برباكَ

مَازِلْتُ وََحدي كُلَّما فاجأتني
طَيَّرْتني كالطَّيْفِ في مَرْساكَ

أَهْواكَ ياوطني وَسِرُّ تولُّهي
وَصبَابَتي سُبحَانَ مَن سَوّاك
نزهة المثلوثي تونس


تجليات قصيدة الومضة..في شعر الشاعر التونسي القدير جلال باباي بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 تجليات قصيدة الومضة..في شعر الشاعر التونسي القدير جلال باباي

قد لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ القصيدة الومضة تعد نمطا جديدا من أنماط القصيدة العربية،فهي قصيدة النضج والاكتمال؛لأنها القصيدة التي تستفز عقل المتلقي وفكره،وهي تُبنى في الغالب على عدد محدود جدا من الكلمات،وسطور بسيطة مختزلة ومختصرة،لكنها مفتوحة على عالمٍ مترامٍ من التأويل والتحليل والشرح..
جاء في «لسان العرب» أن الومضة لغةً من وَمَضَ البرقَ وهي قصيدة البيت الواحد،لها تعريفات كثيرة تلتقي كلها في الإيجاز والتكثيف.جرّب كتابتها شعراء وشاعرات نجح بعضهم في كتابتها بتمكّن،واعتبرها آخرون مجرد تجربة في كتابة نوع جديد بالنسبة له على الاقل.وبين إتقان اللعبة واستسهالها تبقى قصيدة الومضة عصية على من لم يصل إلى حدود الإبداع الشعري.
قصيدة التكثيف: يمكن أن نسميها(قصيدة الومضة) قصيدة التكثيف،أو المركب الصعب،هي أسهل ما تكون كتابة وأصعب ما تكون ملامسة لجوهر التكثيف الشعري.يعدها البعض سهلة بسيطة،ويراها آخرون صعبة،بل لتكاد تكون معجزة.الكثيرون يكتبونها،ولكن القليلين من يلامسون جوهرها النقي،الذي يصح أن نقول عنه إنه ومضة شعرية،لأن مصادر الجمال الفني في هذا النوع الأدبي ينبع بالدرجة الأولى من جدة الموضوع والقدرة الإيحائية والصدمة المتولدة عبر تشكيل الثورة الفنية المصاحبة،وكل ذلك منسكب بأسلوب لا يلامس المباشر،ولا يماشي المعتاد..
واليوم..مازال السؤال-اليوم-مستمرا رغم اختلاف الرؤى الشعرية بين الشعراء،إلا أن اللحظة الشعرية تجمعهم بهاجسها المشترك،هذه اللحظة المفتوحة والمشرعة على العالم،تضيف أحياناً الجديد للمشهد الشعري،وترسم أبجدية إبداعية تزيح الاحتباس الإبداعي وتنتشله من تحت ركام الارتهان والتقييد،ليكون الشعر لكل الناس في إشراقات إبداعية تلامس الوجدان وتدغدغ المشاعر..
ما أريد أن أقول؟
من الجدير بالذكر أن أؤكّد على أن الذين يتصدون لكتابة هذه القصيدة(الومضة/التوقيعة) يجب أن يتخرجوا أولا من كل المدارس الشعرية المختلفة قديمها وحديثها،بدءا من المدرسة العمودية وحتى ما يسمى الآن بقصيدة النثر،وللحق أؤكد أن الشاعر التونسي الخلاّق جلال باباي قد تصدى لكتابة هذا النوع من الشعر ببراعة واقتدار-بمنأى عن المجاملة والمحاباة-إذ تحتل قصيدة الومضة مساحة لابأس بها،من تجربته الإبداعية المتميّزة منذ بداية تجربته الكتابية الأولى،سواء أكان ذلك من خلال ميل نصوصه -في الأصل -إلى التكثيف،إلى جانب وجود نصوص متراوحة من حيث الطول:متوسطة،أوطويلة..إلخ
ويمكن النظر،إلى قصيدة الومضة،لدى الشاعر جلال باباي،ضمن هذا الإطار- تحديداً -حيث إن كتابتها تأتي متكئة على إرث خاص،من التجربة،فهي لا تأتي مجرَّد طفرة،بل إنها نتاج رؤية واضحة للحياة،والفنِّ،كما أنها تجيء من خلال إدراك مسبَّق،من قبل الناص لوظيفة النص،مادام هكذا نص،يعدُّ الأصعب في تجربة الشاعر المتمكن،حيث لهذا النص أهميته بالنسبة إلى المرسل والمرسَل إليه،في آن،
يقول -جلال-في نص:” أنا متعَب..حد الوَجَع”أرهقتني أقدامي..ارتديت آلامي.. ثمٌ نعيت المطر قبل مرور الغمام .."
تأتي الجملة الشعرية المتشحة بالزي الفني بعد الصورة الذهنية،وأبرز ما يميزها التكثيف في اللغة،والتسلسل في السرد الشعري وصولاً إلى لحظة الذروة والإدهاش فتكون رسالة الشاعر (جلال باباي) ذات سمة انفعالية مولدة للوظيفة الإنتباهية لدى المتلقي.
إن الإنسجام بين محوري الإختيار والتأليف،يكشف شعرية خطاب التوقيعة.وهو خطاب يضج بالثنائيات الضدية،والجمل المحولة من الصور الذهنية إلى الصور الخطية المنفية والمؤكدة.فجدلية الحياة لا تكون إلا من خلال ثنائيات الممكن والمستحيل،الرغبة والخوف..فالومضة شكل من أشكال الإنزياح الذي يباغت المتلقي ويخيب أفق انتظاره.فاللامنتَظَر هو تلك التركيبة الأسلوبية المتميزة القائمة على مصاحبة لغوية غير عادية.والكتابة خطاب لا يمكن أن يتمرد دون وجود الآخرين.وهذا القلق يجعل الشاعر يمدّ يده إلى الآخرين محترقاً بالجمر،وقابضاً عليه.ولعل أهم ما يخرج به قارئ توقيعات -جلال باباي-أنها تركّز على رد فعل قارئها،لتصل به إلى مرحلة القارئ المثالي الذي يشكل جملة قراءات ناجمة عن قدرة تأويلية لديه،محاولاً إبراز الوظيفة الأسلوبية “الومضة” التي تظهر أدق تشعبات الفكر.
“ما ادراني باقتراب هذا الدخيل!
ما الذي مرٌغ قدمي في هذا الطين !
سوى الفوضى وسيل من أسئلة حارقة…
..أعدو بنصف الجسد
وأصابعي تلهو بها تلك الرياح الموسمية
ساخنا اقتفي فوق الرماد خطى الهدهد
مثل عاشق قديم اجترٌ عزلتي
أنتبذ صحبة آخر المتصوفة
أهزوجة الخطاف الماردة..
ترتبك يسراي وأتهاوى أمنية طائرة
أقرب من ورقة التوت الأخيرة .” (جلال باباي)
إن الهاجس المعرفي،لدى الشاعر،يترجم بسلاسة،على امتداد شريط النص،لاسيما أن هذه الترجمة لا تجيء حرفية،وإنما في إطار يتم فيه التزاوج بين الجمالي والمعرفي، وهي خصيصة،تسجل للعمل الإبداعي مكانته،لأنها تأتي كنتيجة لوعي عال،في كلا المجالين:الجمالي،والرؤيوي،
يقول الشاعر-جلال- في نص:“أوكفانغو”*...بركة ماء وزاوية صلاتي الاخيرة“أوكفانغو”*…بركة ماء وزاوية صلاتي الاخيرة
“هي سحابة ماء شحيحة
عابرة لا تأبه هذا الامتداد
تروي الشجيرات وجزيرة معزولة
هو النهر نفسه أمعن في التقدٌم
صامتا …كعادته ينحت مجراه المتقادم
“اوكفانغو”.. درب الطيور المهاجرة
خبير جديد بأحزاني الموسمية
للماء ساقية وبوصلة
لفرحي مولد نسيانولجراحي نار حطب مجلجلة
يلزمني بالقوٌة خيمة احتمي بها
من رياح الشمال
ازرعها عند الوادي زاوية صلاتي الأخيرة.”
ختاما،أؤكّد أن من يجرّب في أي جنس أدبي عليه أن يتمتّع بتجربة متكاملة وغنية،تخولّه تجاوز المرحلة الإبداعية،إلى آفاق التجديد..
وهذا ما حدث في حالة الشاعر التونسي جلال باباي مثلاً،وتجربته الشعرية الغنية التي لم تنفصل عن حقيقة امتلاك الشاعر لرؤيا فلسفية متكاملة،مكّنته من التجريب في نموذج القصيدة الومضة بنماذج متألقة تسجَّل له.
بعد هذه الدراسة الخاطفة ألا يمكن القول إن نمط قصيدة الومضة هو أسلوب حداثي ليس إلا..؟
أترك للقارئ حرية التفاعل
محمد المحسن
*أوكافانغو يعد رابع أكبر أنهار جنوب القارة الأفريقية،يبلغ طوله نحو 1600 كم ينبع من انغولا شمالا ويتجه جنوبا محاذيا جزئيا الحدود مع ناميبيا ،وينتهى في بوتسوانا حيث يشكل مستنقعات اوكافنغو المليئة بمختلف مظاهر الحياة البرية وحياة السفاري.وقد أبدع الشاعر جلال باباي في اختيار-هذا النهر-كعنوان لقصيدته المشار إليها أعلاه.


*بحر غريق* بقلم الشاعرة ملاك نورة حمادي

 *بحر غريق*

عاصفة تتحدث لغة الماء
وبحر يغرق بزرقة سماء
موج منتحر بسكين ملح
ينشد النجاة
يشبهني البحر .
يطعن ذكرياته
بمعزوفة موسيقية
ويحترف الهدوء
كلما غمره الفجر
وأفاقت الشمس على سطحه
يتعالى صراخ الشياطين
في أزقة السماء
تفاحة الحسرة تقضم نفسها
من هول نكبات
عبرت جسور الأشواك
بأقدام خائفة
فيلفظ الكفاح أنفاسه الباقية
ويشهق في وجه البقاء
من رعشته الأخيرة
وهو يفجر لغم القلق
يناقضني الضعف
يحارب العالم بسلاح.الشك
لتنتفض الحقيقة بوجهه
يرمي بيقينه المجروح
فريسة للواقع
يشبهني صوت الذاكرة
يتعكز على الأمكنة
ويعيش سرابا
في دهشة الأخيلة
يرتدي أصفاد المفاهيم
ويربي العزلة
تحت جلد الأفكار
أنسلخ عن ظلي الآن
أحفرني قبرا
أختزل شخصا يسكنني
اعقد.هدنة معي
لأمضي في هيئة واحدة
ملاك نورة حمادي
٥/١١/٢٠٢١
Peut être une image de 1 personne et texte qui dit ’malak’


متى ما دبت روحك بقلم طارق محمد عبد الجواد

 متى ما دبت روحك

أرض المدينة
متى ما رميت رمحك
بجسد السفينة
غاز أينما حل ظلك
حيرة
غيرة
لا حيلة
غرق ببحر خجلك
وعيون صمت غفيرة
زامنت كل الفصول
بعثرت بالأماكن
الظلماء
الوميض
حل محل القمر
وجهك الهادئ السكينة
تسلكين كل الدروب
وكأنك من صمم
وكأنك من سمى شوارعها
وكأنك من ملك
ومن سواك ملك
إياك والرحيل
فإياي والفضول
أينما دبت روحك
ألفت لغتك اللغات
محوت كل الذكريات
فعدت أحبو
أتعلم أن أخطو
أو كيف أعد الخطوات
طارق محمد عبد الجواد
طارق بليلو


حين تعجز الكلمة..ويبكي الصمت..تنهمر الحروف ابداعا خلاقا من أنامل الشاعرة التونسية السامقة منجية حاجي بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حين تعجز الكلمة..ويبكي الصمت..تنهمر الحروف ابداعا خلاقا من أنامل الشاعرة التونسية السامقة منجية حاجي

نـص مـشبع بـالنزعـة الـروحـية والوجدانية،شاعرة متمـكـنة مـن أدواتـها الــفنـية،لـغة وأسلـوباً سـلساً،وبنـاءً معمارياً وصورة رائعة مذهلة،فقد نجحت الشاعرة فــي تجسيد مــا يعتمــل فــي صدرهــا مــن شظايا انفـعالات مضطربة ومتحركة بأسلوبها الواعي الـذي يجعلـك تـحس بجمالـيات الـنص وإيحـاءاته.
لقد اعتمدت الشاعرة في الكشف عن انفعالاتها وآلامها الذاتية على التشخيص،فالتشخيص ذو قدرة كبيرة على التكثيف العاطفي،وعلى الإيحاء والإيجاز ..
وهذا من سمات الشعر الرومانسي .
حدثتني الشاعرة التونسية السامقة منجية حاجي عـن المكـابـدة والـجـهد الـمـبذول فـي كتابة النص الشـعري والمـخـاض الــذي يـجـتاح الكـاتـب،بـحثـا عــن الـفـكــرة والموضوع،يقول أفلاطون :“إنه يستحضر الفكرة أحياناً مــن اللافكرة ” إشــارة للـمعانـاة والصـعـوبة التي تواجه الكاتب .
في مشهد تئن فيه الحروف وتتوجع،تسافر بنا الشاعرة عبر دروب الإبداع وتنتقل لمشهد فيه لمسة من الوَجد والعاطفة الفياضة،فالحبر يتدفق من قلمها وينهمر ابداعا خلاّقا لا يعترف بالتابوهات وإكراهات-المجتمع الذكوري-"ووصايا القبيلة"تاركة العنان لصوت القلم يخط حشرجته وأنينه وتأوهه في انفلات ملحوظ من عقال التحفّظ ودبلوماسية-الكلام- .
وأخيرا أتمنى مزيدًا من العطاء والإبداع والتألق المتواصل لهذه الشاعرة المنبجسة من ضوع عاصمة الأغالبة : القيروان
تقول الشاعرة التونسية منجية حاجي :
توق
على صفحات قلبي
تغمسني رغبتي
في كأس نبيذٍ
أشتهيني في
الجناح رعشة
في النّسيم عطر
بصوت الرّبابةِ
مع اِنهمار المطر
و ضوء النجوم
كما تتراشق تحتها
كل الوعود دون ضجيج
أقول..
أكتَفي..
ولا .. أكتفي
***
أسألك..
حبيبتي ..
ألم تملّي ..بعدُ
كذب الوعود
ف .. انا
على نافذة الإنتظار
يشتاقني حبر الكلام
كما الجسارةُ للقلمْ
تبًّا للحرف
حين من عقاله يخرج
ينفث ريحه ..روحَهُ
بين ضلوع الورق
ليكون طوقا للحنين
كتوق حبال الشّمس
لخدّ الأصيل.!
***
منجية حاجي
في هذه القصيدة،يتجلى انصهار الروح بالكلمة،من خلال لغة القصيدة،وسَرَيانها بين شقوق الروح التي انفتحت على ذكريات غَمَرها النوى.
إن كانت القصيدة التي بين أيدينا تغرف من قاموس الشعر الرومنسي،فإن الشاعرة المتألقة لا تستسلم لانثيال اللغة وانهما رها،ولا تكتفي بالسطحي من الكلام،فالروح اللائبة في البحث عما لا يحتمل التفسير تستوقفنا مع أسئلتها الحائرة،الوجودية...
وإذن؟
بهذه الانسيابية والتآلف بين البلاغة واللغة إذا،يسري القصيد جدولاً رائقاً متهادياً،يجعلنا نتحسّس موسيقاه من صورٍ منسجمةٍ مع مفرداتٍ و تراكيب بيانيةٍ،ومضفورةٍ ببراعةٍ واقتدار، فهذا الجمال والبناء المحكم،لا يبدعه إلا شاعرةٌ مسكونةٌ بالشعر،لها رؤيتها،وتملك من الإبداع ما يجعلها توصل لنا رؤيتها بغاية الألق والجمال.
وأخيرا أتمنى مزيدًا من العطاء والإبداع والتألق المتواصل للشاعرة الفذة ”منجية حاجي التي تكتب بحبر الروح..ودم القصيدة.
محمد المحسن