حين تعجز الكلمة..ويبكي الصمت..تنهمر الحروف ابداعا خلاقا من أنامل الشاعرة التونسية السامقة منجية حاجي
نـص مـشبع بـالنزعـة الـروحـية والوجدانية،شاعرة متمـكـنة مـن أدواتـها الــفنـية،لـغة وأسلـوباً سـلساً،وبنـاءً معمارياً وصورة رائعة مذهلة،فقد نجحت الشاعرة فــي تجسيد مــا يعتمــل فــي صدرهــا مــن شظايا انفـعالات مضطربة ومتحركة بأسلوبها الواعي الـذي يجعلـك تـحس بجمالـيات الـنص وإيحـاءاته.
لقد اعتمدت الشاعرة في الكشف عن انفعالاتها وآلامها الذاتية على التشخيص،فالتشخيص ذو قدرة كبيرة على التكثيف العاطفي،وعلى الإيحاء والإيجاز ..
وهذا من سمات الشعر الرومانسي .
حدثتني الشاعرة التونسية السامقة منجية حاجي عـن المكـابـدة والـجـهد الـمـبذول فـي كتابة النص الشـعري والمـخـاض الــذي يـجـتاح الكـاتـب،بـحثـا عــن الـفـكــرة والموضوع،يقول أفلاطون :“إنه يستحضر الفكرة أحياناً مــن اللافكرة ” إشــارة للـمعانـاة والصـعـوبة التي تواجه الكاتب .
في مشهد تئن فيه الحروف وتتوجع،تسافر بنا الشاعرة عبر دروب الإبداع وتنتقل لمشهد فيه لمسة من الوَجد والعاطفة الفياضة،فالحبر يتدفق من قلمها وينهمر ابداعا خلاّقا لا يعترف بالتابوهات وإكراهات-المجتمع الذكوري-"ووصايا القبيلة"تاركة العنان لصوت القلم يخط حشرجته وأنينه وتأوهه في انفلات ملحوظ من عقال التحفّظ ودبلوماسية-الكلام- .
وأخيرا أتمنى مزيدًا من العطاء والإبداع والتألق المتواصل لهذه الشاعرة المنبجسة من ضوع عاصمة الأغالبة : القيروان
تقول الشاعرة التونسية منجية حاجي :
توق
على صفحات قلبي
تغمسني رغبتي
في كأس نبيذٍ
أشتهيني في
الجناح رعشة
في النّسيم عطر
بصوت الرّبابةِ
مع اِنهمار المطر
و ضوء النجوم
كما تتراشق تحتها
كل الوعود دون ضجيج
أقول..
أكتَفي..
ولا .. أكتفي
***
أسألك..
حبيبتي ..
ألم تملّي ..بعدُ
كذب الوعود
ف .. انا
على نافذة الإنتظار
يشتاقني حبر الكلام
كما الجسارةُ للقلمْ
تبًّا للحرف
حين من عقاله يخرج
ينفث ريحه ..روحَهُ
بين ضلوع الورق
ليكون طوقا للحنين
كتوق حبال الشّمس
لخدّ الأصيل.!
***
منجية حاجي
في هذه القصيدة،يتجلى انصهار الروح بالكلمة،من خلال لغة القصيدة،وسَرَيانها بين شقوق الروح التي انفتحت على ذكريات غَمَرها النوى.
إن كانت القصيدة التي بين أيدينا تغرف من قاموس الشعر الرومنسي،فإن الشاعرة المتألقة لا تستسلم لانثيال اللغة وانهما رها،ولا تكتفي بالسطحي من الكلام،فالروح اللائبة في البحث عما لا يحتمل التفسير تستوقفنا مع أسئلتها الحائرة،الوجودية...
وإذن؟
بهذه الانسيابية والتآلف بين البلاغة واللغة إذا،يسري القصيد جدولاً رائقاً متهادياً،يجعلنا نتحسّس موسيقاه من صورٍ منسجمةٍ مع مفرداتٍ و تراكيب بيانيةٍ،ومضفورةٍ ببراعةٍ واقتدار، فهذا الجمال والبناء المحكم،لا يبدعه إلا شاعرةٌ مسكونةٌ بالشعر،لها رؤيتها،وتملك من الإبداع ما يجعلها توصل لنا رؤيتها بغاية الألق والجمال.
وأخيرا أتمنى مزيدًا من العطاء والإبداع والتألق المتواصل للشاعرة الفذة ”منجية حاجي التي تكتب بحبر الروح..ودم القصيدة.
محمد المحسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق