الثلاثاء، 11 نوفمبر 2025

ذَاكِرَةُ الْيَبَابِ بقلم الكاتبة: هادية السالمي دجبي _ تونس _

 ذَاكِرَةُ  الْيَبَابِ

اركضْ بوجهكَ، فإنّ الْوحْلَ في الأذقانِ

للّذي به تَرَفٌ 

فالنّخلُ قد سمَّجَه الْغيمُ 

و ما طابت سماؤه و ما هَطَلَتْ.

كأنّ صَمْغَ الْقَحْطِ  عنه غيَّبَ القمرَ 

فاكتفى به سَعَفًا 

واتّسَعَتْ في نُسْغِهِ قصائدُ الْجَدْبِ و في المطرِ . 

قد شَحَّتْ أعذاقُهُ

 مُذْ أرضُه عَقِرَتْ

و سكنت أقواسُه 

مُذْ غَلَّها الْقَرَفُ.


اركُضْ بوجهكَ 

فَصَكُّ الغفران للَّذي بالْوجهِ قد ركض، 

و إنَّهُ أزمنةٌ للصَّبِّ  في الصَّبَبِ.

صكُّ الغفران رذاذٌ مِن ظِلالِ الصّمتِ و التِّيهِ 

بلا صَخَبٍ.

يأتيكَ بالْمَنِّ و أطواقٍ مِنَ الْغَمامِ 

كالصَّدَفِ.


اركُضْ بوجهكَ 

تَجِدْ مُغْتَسَلا مِن كَدَرِ الطّينِ، 

و فيه أنتَ تعْتَكِفُ.

سيَنْزَعُ  التُّفّاحُ منْكَ ظُفْرَهُ 

و وَخْزَةَ الْقَشَفِ، 

و ستُصَفِّقُ لكَ الْمِرْآةُ 

والْجُدْرانُ تبتَسِمُ.

ستَتَعَلَّمُ هناك 

كيف تُنْسَى سِدْرَةٌ بالرَّمْلِ تَلْتَصِقُ… 


اركُضْ بوجهكَ إلى الْهُناكَ 

تَنْعَمْ بِهَوَى الْقِيعةِ و الظُّلَمِ.

تلك الْفاتِنَةُ ، 

في وجهكَ يَلْتَمِعُ غَيْمُها و ينْتَثِرُ.

في كفِّها الْقَدَحُ و الْأَعْنَابُ تَخْتَمِرُ.

مَفْتُونٌ بِثَوْبِها بَحْرُكَ و الْبَصَرُ.

في أقداحِكَ 

صَبَابَةُ الّتي شَغَفَها يُوسُفُ حُبًّا، 

وبهِ كَلِفَتْ… 


اركُضْ بالْوَجْهِ  إلَيْها و الْوَجْدُ فيكَ يَتَّقِدُ 

و لكَ في ذاكِرَةِ الطّينِ 

مَنَافِذُ لِأَوْجَاعٍ تَضْطَرِمُ . 

و لَكَ في ذاكِرَةِ الْيَبَابِ،

 مِعْرَاجٌ لِلْحَيَاةِ والسَّكَنِ… 


       بقلمي : هادية السالمي دجبي _ تونس _



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق