الـبَـدْرُ يَـحْـلِـفُ وَالـمَـحَــاسِـنُ تُـقْـسِـمُ
دَوْمــاً بِـأَنَّـكَ يَـا حَـبِـيـبِـي الأَكْـــرَمُ
وَالصُّـبْـحُ يَـجْـحَـدُ وَالعُـيُـونُ شَـوَاهِـدٌ
وَالشَّـمْـسُ غَـارَتْ وَالضِّـيَا وَالأَنْجُمُ
عَيْنِي تَـشُـوفُ الـنُّـوْرَ وَالـفَـمُ أَبْـكَـمُ
كَـذَبَ الشُّـهُـودُ وَلَـيْـسَ فَجْـرُكَ كَـاذِباً
بَـلْ أَنْـتَ لِـلْأَفْـــلَاكِ قَـطْـعــاً مُـلْـهِـمُ
يَـا ذَا الــدَّلَالِ مَــلَاحَـــةً وَتَـجَــمُّــــلاً
صِـلْـنِي فَــدَيْـتُـكَ إِنَّـنِـي بِـكَ مُـغْـرَمُ
كَـيْـفَ السُّـؤَالُ عَـنِ اسْـمِهَا يَا سَادَتِي
وَالـبَـوْحُ فِـي شَـرْعِ الـغَـرَامِ مُحَـرَّمُ
حَـسْـبِي جَـوَاباً عَـنْ سُـؤَالِـكَ يَـا فَـتَى
إِنِّــي لَأَعْــلَـمُ أَنَّ رَبِّـــيَ أَعْــلَــمُ
وَأَخَـافُ أَنْ يَـجْـرِي اللِّـسَـانُ بِذِكْـرِهَا
أَوْ أَنْ يُـتَـعْـتِـعَ أَوْ بِـهَـا يَـتَـلَـعْـثَـمُ
جُـرْحِـي عَـمِـيـقٌ لَـيْـسَ يُسْـبَرُ غَوْرُهُ
مَـا أَخْـطَــرَ الــدَّاءَ الَّـذِي لَا يُـؤْلِــمُ !
وَلَـكَـمْ أَبِـيْـتُ عَلَى الجَـوَى مُـتَـسَـهِّـداً
وَالـنَّـارُ فِـي الأَحْـشَاءِ شَوْقاً تُضْـرَمُ
أَهَـجَـرْتَـنِـي وَالـوَصْـلُ فَــرْضٌ لَازِمٌ
وَوِصَـالُ غَـيْـرِكَ بِـدْعَــةٌ لَا تَـلْـزَمُ ؟
كَـمْ ذَا تَـجُـورُ عَلَى الهَـوَى بِقَطِيعَـتِي
لَـكِــنَّ مِـثْـلِـي قَــدْ يُـضَــامُ فَـيَـحْـلُـمُ
يَـا ذَا الـوَسَـامَــةِ وَالقَـسَـامَــةِ وَالنَّدَى
رِفْــقــاً بِـصَــبٍّ فِـي هَــوَاكَ مُـتَـيَّـمُ
مَــا لِـي وَلِـلــدُّنْـيَـا إِذَا أَنَـا رَاحِــلٌ
عَـنْـهَــا إِلَى رَبٍّ كَــرِيـمٍ يَـرْحَـمُ
وَالـمَـرْءُ فِـي شُـعَـبِ الحَـيَـاةِ مُـكَـابِدٌ
وَالـمَـرْءُ فِـيْـهَـا كَــمْ يَـمَــلُّ وَيَـسْــأَمُ
وَلَـقَـدْ عَـجَـمْـتُ كِـنَـانَـتِـي فَـوَجَـدْتُهَا
مِـنْ أَصْـلَـبِ الأَعْـوَادِ نِـعْـمَ الأَسْـهُمُ
فَـرَمَـيْـتُ فِـي نَـحْـرِ الـزَّمَـانِ بِأَسْهُمٍ
طَـاشَـتْ سِـهَـامِي وَالمُـجَـازِفُ يَنْـدَمُ
مَـا صَـارَ لِـي إِلْـفٌ يُـؤَانِسُ وِحْدَتِي
فَـكَـأَنَّـنِـي وَالـحُــزْنَ طِـبْـقـاً تَــوْأَمُ
ضَـاقَـتْ بِـنَـا كُــلُّ الـبِـلَادِ بِـرَحْـبِهَا
وَمَـصَـائِـبِـي مَــا قَـدْ حَـوَاهَـا مُـعْـجَمُ
أَفَـلَـتْ نُـجُــومِي وَالظَّــلَامُ يَـلُـفُّـنِـي
بِـسَــوَادِهِ لَـيْــلٌ بَـهِــيـمٌ مُـعْــتِـمُ
قَـدْ أَقْـفَـرَ الـرَّبْـعُ الخَـصِـيبُ مُعَطَّلاً
وَالـغَــمُّ فِـي الـجَـنَـبَـاتِ بَـاتَ يُـخَـيِّـمُ
وَهَوَى الزَّمَـانُ عَلَى الغَرِيبِ بِكَلْكَلٍ
لَـوْ كَـانَ مِـنْ صَـخْـرٍ ـ أَخِي ـ يَتَهَـدَّمُ
لَـكِـنَّـنِـي رَغْــمَ الـمَـصَـائِـبِ صَـابِـرٌ
وَالـنَّـفْـسُ تُـحْـجِــمُ مَــرَّةً أَوْ تُـقْــدِمُ
لَا حَــوْلَ لِـي إِلَّا الـدُّعَــاءُ لِـخَــالِـقِي
وَتَـصَـبُّـرِي وَالـصَّـبْـرُ مُــرٌّ عَـلْـقَـمُ
إِيْــهٍ لَـعَــمْـرِي إِنَّـنِـي رَغْـمَ الأَسَــى
مُـتَـمَـاسِــكٌ وَاللهُ مِـنْـهَـا يَـعْصِـمُ
مَـا هَـمّـَنِي رِزْقِـي وَلَـيْـسَ بِـشَـاغِلِي
وَاللهُ يَـقْـضِـي مَــا يَـشَــاءُ وَيَـقْـسِـمُ
لَـكِـنَّـهَـا الأَسْـبَـابُ ضَـاقَ سَـبِـيـلُهَا
وَالـحُــرُّ يَـا أَهْـلَ الـمَـكَــارِمِ يُـكْـــرَمُ
إِنَّ الـكَـرِيـمَ إِذَا حَـبَـاكَ بِـفَـضْـــلِـهِ
نَــفْــسٌ تَـجُــودُ وَثَـغْــرُهُ مُـتَـبَـسِّـمُ
أَمَّـا الـبَـخِـيـلُ وَلَا عَــدِمْـتَ كَــرَامَةً
مِـنْـهُ يَـعِـــزُّ وَلَا يُـنَــالُ الــدِّرْهَـمُ
إِنَّ الـدَّرَاهِــمَ كَـالـلِّـسَــانِ فَـصَـاحَـةً
أَنْـطِــقْ بِـهَــا مِـنْ صَــامِـتٍ يَـتَـكَـلَّـمُ !
وَلَـقَـدْ أَشَــرْتُ إِلَـيْـكَ غَـيْرَ مُصَـرِّحٍ
" إِنَّ الـلَّبِـيـبَ مِـنَ الإِشَـــارَةِ يَـفْـهَــمُ "
دَعْ عَـنْـكَ نُـصْـحِي أَنْ تَـزِيـدَ بَلِـيَّتِي
فَـالـنُّـصْـحُ إِنْ قُـضِـيَ القَـضَاءُ مُذَمَّمُ
شَـجَـنِـي قَــدِيـمٌ لَا يُـفَــارِقُ طَـبْـعَــهُ
قِــدَمَ الـوُجُــودِ بِـعَـيْـنِـهِ بَـلْ أَقْـدَمُ
قَـاسَـيْـتُ مِـنْ كُـلِّ العُـصُـورِ شَدَائِداً
فَـكَـأَنَّـنِـي فِـي ذَا الـعَــذَابِ مُـخَضْرَمُ
وَرَضِيْتُ مِنْ زَمَنِي بِبَعْضِ سَلَامَتِي
إِنَّ السَّــلَامَـةَ مِـنْ زَمَـانِـكَ مَـغْـنَـمُ
وَعَـجِـبْـتُ مِـنْ هَــذَا الـزَّمَـانِ وَأَهْلِهِ
حَـتَّـى الـمُـسَـالِـمُ مِـنْـهُـمُ لَا يَـسْـلَـمُ
يَـا لَـهْـفَ نَـفْـسِـي كَـيْـفَـمَـا وَجَّـهْـتُهَا
عَـــادَتْ عَـلَـيَّ بِـحَـسْـــرَةٍ تَـتَـبَـرَّمُ
أَوَكُــلَّـمَـا حَــدَّثْـتُـهَـا عَـنْ مَــنْـبَـعٍ
أَوْ مَــوْرِدٍ تَـأْبَـى عَـلَـيَّ وَتُـحْجِــمُ ؟
لَا غَــرْوَ أَنَّ الـنَّـفْـسَ زَادَ جُـمُوحُهَا
فَـمَـرَاتِـعِـي يَـكْـبُـو عَـلَـيْـهَـا الأَدْهَـمُ
وَهَـرِمْـتُ مِـنْ قَـبْلِ الأَوَانِ لِشَقْوَتِي
وَالـنَّـفْسُ تَـبْـلَى فِـي الـشَّـقَـاءِ وَتَهْرَمُ
وَالـشَّـيْـبُ يَـغْـزُو جُـمَّـتِي فَكَـأَنَّهُ
جَـيْـشٌ مِـنَ الـمُـتَحَـالِـفِـيـنَ عَـرَمْـرَمُ
وَتَـشَـابَـهَـتْ أَيَّـامُ عُـمْـرِي نُـكْـــرَةً
حَـتَّـى غَــدَتْ كَالـشَّـيءِ مَـا لَهُ مَطْعَمُ
مَـا فَـارَقَ الـدَّمْـعُ الـغَـزِيرُ مَدَامِعِي
فَـكَـأَنَّ لِي فِـي كُـلِّ يَــومٍ مَــأْتَـمُ
وَمَـلَامِـحِـي تَـبْــدُو أَشَـدَّ صَـرَاحَـةً
مِـنِّـي عَـنِ الأَسَـفِ العَـمِـيـقِ تُـتَرْجِمُ
طَـبْـعِـي رَقِـيـقٌ لَا يُـطِـيـقُ جَـلَافَةً
مِـثْـلَ الـزُّجَــاجَـةِ بِـالـجَـفَــا يَـتَـحَـطَّمُ
لَا تَكْـسِـرُوا بِخَـوَاطِـرِي يَا سَادَتِي
أَقْـسَـمْـتُ بَـالـرَّبِّ الـعَـظِـيـمِ عَـلَـيْـكُـمُ
يَـأْبَـى الأَبِـيُّ عَـلَـى العَـزِيـزِ مَذَلَّـةً
بِـالـعِـزِّ صِـــدْقـاً تُـسْـتَـطَــابُ جَـهَـنَّـمُ
مَنْ لِي إِذَا مَـا كُـنْتَ لِي فِي فَاقَتِي؟
وَعَـطَـاؤُكُـمْ بُـرْءُ الجِـرَاحِ وَبَـلْـسَمُ
وَلَـسَـوْفَ أَمْـضِـي لِلْمَحَـامِدِ طَـالِباً
مِـنْ فَــاضِـلٍ فِـي جُــودِهِ يُـتَـعَـشَّـمُ
هَـلْ شَـاهَدَ الفُضَـلَاءُ مِثْلَ حِـكَايَتِي
أَمْ غَـادَرَ الـشُّـعَــرَاءُ مَـنْ يَـتَـرَدَّمُ ؟
نَـادَيْـتُ فِـي صَـخَـبِ الحَيَاةِ أَحَبَّتِي
وَنَـظَـمْـتُ دُرّاً فَـاسْـمَـعِـي يَا مَـرْيَمُ
أَعْـرَبْـتُ عَـنْ نَـفْـسِي فَـصِيحاً إِنَّمَا
هَـيْـهَـاتَ يَـفْـهَـمُ أَوْ يُـجِـيـبُ الأَعْـجَمُ
شعر الطبيب الأديب/ يوسف صافي الجيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق