الاثنين، 9 يناير 2023

جِرْجِيسُ ذِاكِرَتِي وَ نَشِيدِي بقلم الأديب بوراوي بعرون

 

جِرْجِيسُ ذِاكِرَتِي وَ نَشِيدِي


 جِرْجِيسُ في بَحْرِ الْفَجيعةِ مَوْكِبٌ

يكوي المواجع بوحه ويُصِيبُ

 

يا موْكَبًا  في الْبَالِ يَحْرِقني كَمَا

حَشْدٌ يُدَاهِمُنِي .. لَظًى ولَهِيبُ

 

 

تَنْهَضُ الْوَجِيعَةُ عِنْدَ صَهِيلِ الْغَيْمِ وَتَبَدُّلِ الْأَحْوالِ وَارْتِجَافِ الْكَلِمَاتِ .. وَيُطِلُّ الْبَوْحُ مِنْ بَيْنِ الْأَمْوَاجِ الْعَاتِيَةِ .. تِلْكُمْ رَاحِلَتِي تَعْبُرُ كُثْبَانًا مِنْ لَهَبٍ .. تَغْرَقُ فِي أَخْيِلَةٍ مِنْ جَمْرِ الْكَلِمَاتِ .. تَرْكُضُ خَلْفَ حَقَائِقَ لاّ تُدْرِكُهَا الْأَقْلاَمُ .. هَلْ غَابَ الْيَمُّ وَاخْتَفَتِ الْأَطْيَافُ أَمِ الْبَحْرُ الْغَاضِبُ مَازَالَ يَرْغِي تَتَقَاذَفه الْأنْوَاءِ؟ .. عِنْدَ انْخِطَافِ الضَّوْءِ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ قَاعِ الْبّرْقِ تَمَلْمَلَتِ الْأَشْلاَءُ وَانْدَاحَ الْمَدُّ .. يّا قّارَبِيَ الْمَوْجُوعُ .. مَاذَا دَهَاكَ؟ .. هَلْ أَدْرَكَكَ التَّعَبُ .. أَمْ أَضْنَاكُ الْوَجَعُ؟

 

حَشْدٌ يُغَالِبُ نَارَ مَرْكَبِنَا هُنَا

حَشْدٌ وَبَحْرٌ نَوًى وَخُطُوبُ

 

مَاذَا لَقِيتُ مِنَ الْخَطْبِ وَمَا ذّا ..

دَمْعٌ يُغَالِبُنَا .. ضَنًى وَشُحُوبُ 

 

تِلْكُمْ سَرْدِيَّةُ الْغَالِبِ وَالْمَغْلُوبِ .. حِكَايَتُهُ .. بَحَّارَتُهَا يَشُقُّونَ الْيَمَّ يَشْطُرُونَهُ .. قِبْلَتُهُمْ إِسْفَنْجَاتٌ فِي قَاعِ الْقَاعِ .. وَالْأَشْرِعَةُ أَلْوَاحٌ مِنْ لِيفٍ يَابِسٍ .. كَمِ السَّاعَةُ الْآنَ؟ .. أَيْنَ تَمْضِي بِنَا هَذِي السَّرْدِيَّةُ؟ .. مِنْ أَيْنَ تَتَدَفَّقُ هَذِي الْكَلِمَاتُ؟ تَتَرَاءَى لِلْأَعْيُنِ أَطْيَافٌ تَتَقَاذَفُهَا الْأَمْوَاجُ .. جُزُرٌ تَمْخُرُ عُبَابَ الذَّاكِرَةِ .. زَيْتُونٌ مَمْتَلِئٌ .. وَاحَاتٌ خُضْرٌ .. وَ أَكْوَابٌ مِنْ عَرَقِ النَّخْلِ .. وَطُبُولٌ تُسْكِرُهَا الرَّدَهَاتُ ..

 

دَمْعٌ يَفِيضُ عَلَى شَفَا وَجَعٍ هُنَا

دَمْعٌ بُبَلِّلُهُ النَّدَى مَسْكُوبُ

 

دَمْعٌ عَلَى قَلَقٍ يُرَاوِغُنِي كَمَا

بَوْحٌ يُرَاوِغُهُ الصَّدَى مَعْطُوبُ 

 

وَيحُلُّ الْمَوْعِدُ تَدْفَعُهُ الرَّعَشَاتُ .. أَمْوَاجٌ تَتَقَاذَفُهَا الْأَمْوَاجُ .. وَهَدِيرٌ يَرْغِي مِثْلَ بَرَاكِينَ تَنْفُثُ نِيرَانًا حُبْلَى .. لُغَةٌ تُجَادِلُنِي .. تَقُضُّ مَضَاجِعِي .. مِنْ أَيْنَ أَبْدَأُ تِرْحَالِي؟ .. مَتَى أَنْطَلِقُ؟ .. أَيَّ رَاحِلَةٍ أَخْتَارُ؟ .. كَيْفَ أَتَعَرَّفُ عَلَى بَوْصَلَتِي؟ .. أَيَّ طَرِيقٍ أَرْكَبُهَ؟ .. مَنْ يَصْحَبُنِي؟ .. ثُمَّ مَاذَا أَقُولُ؟ .. الْبَحْرُ وَالْبَرْقُ وَ آهَاتُ غَريقٍ فِي مَتَاهَاتِ الْحُلُمِ تَجْذِبُنِي إِلَى قَاعِي هُنَا .. بِمَ؟ .. مَتَى؟ .. وَكَيْفَ أُجِيبُ؟ ..

 

بَوْحٌ تُحَاوِرُهُ الْمَدَافِنُ هَاهُنأ

بَوْحٌ يُحَاوِرُ .. لاَ لاَ  مُجِيبُ

 

بَوْحٌ يَقُضُّ مَضَاجِعًا لاَ لاَ تُرَى  

بَوْحٌ يَجَادِلُ .. لاَ لاَ يَخِيبُ

  

قَدَرٌ لاَ يَلْوِي عَلَى قَدَرٍ .. نَخْلٌ يَشُدُّ تُرْبَتَهَا .. رَمْلُ يُجَابِهُ مَوْقِعَةً هُنَا .. أَشْلاَءُ أَشْرِعَةٍ وَ أَطْيَافُ تَطْفُو عَلَى ظَهْرِ اللُّجِّ .. عَوَاصِفُ هَوْجَاءُ .. لاَ أَثَرَ لِلْغَيْمِ .. لاَ مَاءَ نَشْرَبُهُ .. لاَ أَلْوِيَةَ نَحْمِلُهَا .. جَمْرٌ يَتَلَظَّى .. عَطَشٌ لاَ قَاعَ لَهُ .. يَا فَاتِنَةَ الْعُشَّاقِ أَيُّ الْمَنَازِلِ نَزَلْتِ؟ .. وَأَيُّ الْأَقْوَامِ حَلَلْتِ؟ .. هُنَا فِي رِحَابِ الْبَوْحِ مَا بَيْنَ وَمْضَاتِ الذّكْرَى تَنْكَتِبُ الْمَلْحَمَةُ وَيَنْبَلِجُ الضَّوْءُ مِنْ غَيَاهِبِ الْعَتَمَةِ وَيَبْتَدِئُ التَّجْدِيفُ ..

 

وَالزَّيْتُ يَسْقِي شَمْعَ غُرْبَتِنَا هُنَا

زَيْتٌ يُضِيءُ لاَ لآَ يَذٌوبٌ

 

هَذِي مَنَازِلُنَا هُنَا يَا صَاحِبِي

نَخْلٌ هُنَا فِي بَوْحِنَا مِرْغُوبُ

 

مَطْمُورَةُ التَّمْرِ هُنَا يّا صَاحِبِي

تَمْرٌ عَلَى تَمْرٍ هُنَا وَ سُهُوبُ

 

                                                      تونس /   خريف  2022 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق