الأحد، 23 يناير 2022

على عتبة الذكرى بقلم الشاعرة الرسامة سليمى السرايري

 على عتبة الذكرى



حين يأتي الخريف متسلّلا دون سابق انذار

تصفرّ الأوراق وكأنّها تستعدّ لموتها وسقوطها
ثم فتفتتِها تحت نعالِ المارة
حينها ندرك أن العمر أيضا يمر مرور الكرام
ولا يترك سوى ما أنجزه من خيرات ومن كلمات طيّبة
مازالتْ تجلس على عتبة الزمن
تلوّح لأجسادنا الباردة قبل أن تتوارى نهائيا

وأحيانا يتأزّم القلب ونفتح نوافذ عديدة لنتنفس
بل نطلق أصواتنا في المدى
نئن..
نصرخ
ضدّ كل هذه التيارات المميتة
نزفر كثيرا ومرارا
ولعلّنا نبتسم في غفلة الزمن الذي يعدّ حتى ضحكاتنا
ويعدّ علينا المرات القليلة التي كنا فيها سعداء
أو هكذا تخيلنا...........

لمحت في ثنايا السنين تلك الضحكات حول فناجين القهوة
تلك التي تجهزها أمّي في سهرة كل سبت
وهي تسترق النظر إلى والدي الوسيم
أذكر عينيه الخضروان
اللتين تشبهان أعشاب حقلنا البعيد
وزيتوننا الناعس على الهضاب
كيف كانتا تشتعلان حبا....

هناك في الصورة المعلّقة على جدار غرفة نومها
كثير من زقزقة العصافير
كثير من رسائل الحب
كثير من الفرح العائليّ

فجأة رحلت كلّ اللحظات السعيدة
وبقيت الحسرات ترقص في الصورة
وطعم القهوة مازال حارقا

شيء يغنّي في ركن البيت
وشيء يبكي في خزانة ملابس أبي

والخريف يتّسع يتّسع
معلنا نهاية الأشياء الجميلة...
-
-
سليمى السرايري
Peut être un gros plan de 1 personne


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق