الأربعاء، 19 يناير 2022

مسافر دون زاد/حبيبة المحرزي/جريدة الوجدان الثقافية


 * مسافر دون زاد *

الكل يسرع، الكل مستعجل، هذه النقطة من الأرض هي الأغرب إطلاقاً... ترى الأسود والأبيض، الكبير والصغير، الجاهل والمثقفين، المغادر الباكي والعائد المبتسم... الحياة لها لون آخر... لا دوام ولا ثبات... أمتعة تجر مشحونة ببعض من أرض البلاد وأشيائها... البلاد التي وإن جارت فخيراتها تظل ذكرى تجسم حنيناً لن يخفت مهما تكدست الضغائن والمآسي.
شيخ متهدم بجواز سفر فرنسي، لكنه يستجدي الشباب كي يملؤوا له استمارة السفر والعنوان ورقم الهاتف... قضى شبابه وحياته أصم أبكم لا يفهمهم ولا يفهمونه، لكن بصمته محفورة في البنايات الشاهقة، أو في الحقول الشاسعة، أو في الطرقات المعبدة.
مضيفة الاستقبال بجبين مقطب تجاهد كي ترسم بسمة باهتة لكل مسافر يمد لها جواز السفر.
النوافذ البلورية تكشف بلاداً تغرق في الظلام، بعض الفوانيس المتفرقة تذكر بشبه حياة لأغلبية مقصاة وأقلية جشعة نهمة لا تشبع... سيطلع النهار، من يدري ستصحو على نقيب أو رقيب أو شريف معلقاً هنا أو هناك، لا ذنب، لا جناية، وإنما لأنه أحب البلاد كما لم يحب البلاد أحد.
حبيبة المحرزي.
تونس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق