......تحرش
كلما تعاظمت غطرستها ،كلما ارتفع صوتها، كلما احتدت قسوتها، كلما تراجع وجوده وتضاءلت شخصيته، هذا هو العم.... رجل سبعيني، ترك زمام الأمور لزوجته حتى يتجنب اذاها، حتى محل العطارة الذي فتحته ليشرف عليه بعد احالته على المعاش كان يعرف باسمها، كان نكرة إلى أن ارتفع صياح إحدى الجارات معلنة أنه تحرش بها وهي ليست المرة الأولى، ساعتها فقط انتبه الجميع لهذا الشيخ بين مكذب ومصدق....
الجميع أصبح يفتي في أمر هذه الحادثة، الجميع شهد زورا او صدقا أنه لاحظ عليه بعض علامات الشذوذ، الجميع وقف في صف الجارة رغم ما يحيط بها من شبهات أخلاقية.........
إلا زوجته استبسلت في الدفاع عنه خشية على سمعة بناتها المتزوجات، خشية الفضيحة، لم ينتبه أحد أن هذا الشخص كان بدروه ضحية، ضحية لجبروت زوجة ولجشع أبناء، ضحية لمجتمع يميل لا إرادياً لنشر الفضائح
اكيد ان الشيخ لم يكن متحرشا بطبعه او مريضا جنسيا، من لا يعرفه، يجب أن يعلم أنه كان فتى شجاعا حين قدم بزوجة حسناء من قرية نائية إلى العاصمة واستقر بأحد احيائها، في بيت قصديري، كان يعمل بالميناء حمالا، كان لا يكل ولا يمل يقبل بكل المهن المهم أن يوفر قوت عائلته، مرت بعض السنوات الكبيسة، لتنتقل العائلة إلى بيت احسن وانظف، وشاع في الحي انه اشترى قطعة أرض صغيرة ليبني عليها بيتا يجمعه باسرته ويستر عورتها التي تنهشها الرياح والأمطار
لكن سرعان ما تحول حال الأسرة إلى رخاء اذاعت زوجته أنها ورثت عن أبيها الذي لا يملك من متاع الدنيا غير جبة و(حقة النفة) التي يدمنها.....
لكن بعض الواشين ذكروا أنه اختلس من مكان عمله، والبعض الآخر ذكر انه وجد في قطعة الأرض الصغيرة عندما كان يحفر أسس بيته بعض الآثار التي باعها لبعض الأجانب في الميناء...
لكن لا أحد استطاع أن يصل إلى مصدر الثراء المفاجئ، فهو قد أثبت انه يوم السرقة كان في قريته يحضر جنازة إبن عمه، فسجن زميله في العمل رغم تمسكه بالبراءة، أما عن الآثار فقد سخر من الجميع ولم يستطع احد تأكيد الحكاية...
لينطلق في حياة جديدة من البذخ......
و القروية البسيطة تحولت إلى إمراة يعتد برأيها في الحي وتتسابق النساء للتقرب منها، واتقنت الدور الجديد، لكنها مسكت بكل الأمور المالية وابعدت الزوج الذي تراجع لايمانه بقوتها وقدرتها ان ترد على نوائب الدهر إن كشرت له الحياة عن انيابها.....
تزوج الأبناء، وزاد الرزق، إلى أن وصل الزوج إلى سن التقاعد، كره تحكم الزوجة، نفر من جشع الأبناء، وطمع أزواج بناته، بدأ يطالب بمعرفة كل كبيرة وصغيرة، لكن الزوجة لم تترك له مجالا، فتحت له محل العطارة لينشغل عنها وعن مراقبة ابنائه، إلى أن حصلت الفضيحة........
استبسلت الزوجة في الدفاع عن الزوج، خافت الفضيحة، سمعة الأبناء على المحك، ذكرت أنه لا يفوت فرضا ويستحي ان يرفع عينه في إحدى الجارات....
لكن كل الحكايات القديمة عادت لتطفو على السطح، من أين له كل هذا المال،.... من يسرق، هل يستحي أن يتحرش بجارته........ .
بقلمي لطيفة البابوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق